عام على حصار ماريوبول والكابوس لا يزال يطارد ناجية أوكرانية في موسكو

بين مطلع مارس ونهاية أبريل 2022 عاشت أليونا «حياة الكهوف» في قبو مع نحو 60 طفلاً

أليونا بشقة في ضواحي موسكو حيث تقطن مع زوجها وطفليهما مؤكدةً أنهم نجوا جميعاً بمعجزة من المجزرة (أ.ف.ب)
أليونا بشقة في ضواحي موسكو حيث تقطن مع زوجها وطفليهما مؤكدةً أنهم نجوا جميعاً بمعجزة من المجزرة (أ.ف.ب)
TT

عام على حصار ماريوبول والكابوس لا يزال يطارد ناجية أوكرانية في موسكو

أليونا بشقة في ضواحي موسكو حيث تقطن مع زوجها وطفليهما مؤكدةً أنهم نجوا جميعاً بمعجزة من المجزرة (أ.ف.ب)
أليونا بشقة في ضواحي موسكو حيث تقطن مع زوجها وطفليهما مؤكدةً أنهم نجوا جميعاً بمعجزة من المجزرة (أ.ف.ب)

نجت أليونا وطفلاها وزوجها من حصار الجيش الروسي لمدينة ماريوبول الأوكرانية، وبعد مرور عام لم تفارق المشاهد المروعة المرأة التي قررت الانتقال إلى روسيا. تتحدث الأم الشابة البالغة 35 عاماً بصيغة الحاضر عندما تتذكر عشرات الجثث في مداخل المباني وعلى الأرصفة في المدينة الساحلية الواقعة في جنوب شرقي أوكرانيا والتي استولت عليها موسكو في 20 مايو (أيار) 2022، بعدما ألحقت بها دماراً كبيراً.

وقالت أليونا وقد اغرورقت عيناها بالدموع «الروائح وهذه المشاهد، وبطون (الموتى) المنتفخة، لا يمكن نسيانها أبداً. خصوصاً ابنتي. ترى كلباً يأكل جثة. وتسألني: أمي ماذا يجري؟ لماذا يأكل كلب رجلاً؟ وما زلت لا أعرف بمَ أجيبها».

تعرضت المدينة المحاصَرة طوال شهرين لوابل من القذائف (أ.ف.ب)

استقبلت أليونا مراسلي وكالة «فرنس برس» في شقة في ضواحي موسكو، حيث تقطن مع زوجها وطفليهما، مؤكدةً أنهم نجوا جميعاً بمعجزة من المجزرة. وتبكي أليونا وتضحك وتتكلّم كثيراً.

فضّلت التحدث من دون الكشف عن هويتها ونشر اسمها الكامل، لأنها تخشى مواجهة متاعب في حال اكتشف أوكرانيون أنها قررت البقاء في روسيا.

وكانت أليونا تعيش مع عائلتها في مبنى سكني في شمال ماريوبول عندما حوصر مئات الآلاف من المدنيين مثلها جراء الاجتياح الروسي في 24 فبراير (شباط) 2022، وتعرضت المدينة المحاصَرة طوال شهرين لوابل من القذائف. واختبأ السكان في الأقبية من دون ماء ولا كهرباء ولا تدفئة في خضمّ برد قارس، ومن دون اتصالات فعُزلوا عن العالم.

كانت أليونا تسمع أنين الجرحى، وقالت: «لم يكن بوسعنا الاستجابة، لم نكن قادرين على الخروج من الأقبية، كنا سنُقتل». وأكدت أنها «لم تبكِ ولو لمرة واحدة» أمام طفليها. وأضافت: «كنت ذئباً، امرأة حديدية. لكن خلال الليل كنت أبكي، كنت أبكي كثيراً، كان الأمر مروعاً، أردنا أن نعيش».

بين مطلع مارس (آذار) ونهاية أبريل (نيسان) 2022، عاشت «حياة الكهوف» في قبو مع نحو 60 طفلاً. وأحياناً كان سكان يخرجون للبحث عن طعام، والبعض لم يعد. وصمدت أليونا الأرثوذكسية، مكررةً مقاطع من الإنجيل (المزمور 90) «أقول للرب: أنت ملجئي وحصني».

وفي مايو (أيار) عندما تحصّن آخر المقاتلين الأوكرانيين في مصنع أزوفستال للصلب، تمكنت من الاتصال بوالدتها فيكتوريا التي كانت تسكن في باخموت، وهي مدينة في شرق أوكرانيا باتت حالياً مدمّرة جراء القتال.

وروت فيكتوريا التي رافقت ابنتها إلى موسكو: «قالوا لي: نحن أحياء! نحن أحياء! كان الأمر كما لو أن ثقلاً سقط عن كتفَيّ». وصوّرت أليونا بواسطة هاتفها أولى عمليات القصف والمباني المدمرة من نافذتها. كما صوّرت طفليها يلعبان بالقرب من صلبان صغيرة تشير إلى مقابر عشوائية.

وفي 4 يونيو (حزيران) 2022، وبعد مئة يوم على بدء الاجتياح الروسي، غادرت أليونا وعائلتها إلى روسيا. مرّوا عبر حواجز عدة حيث أُخضع زوجها للتفتيش على يد جنود روس. وأكدت أن عائلتها لم تقف إلى جانب أي من الطرفين وتمكنت من اجتياز الحواجز من دون مشكلات. وتتهم كييف موسكو بارتكاب أعمال عنف وحتى إعدامات خلال عمليات «تصفية»، لكنّ روسيا تنفي.

تجنّبت أليونا الإجابة عن سؤال بشأن مَن يتحمل مسؤولية المجازر في ماريوبول قائلةً: «لا يمكننا الوصول إلى المعلومات الصادرة عن قادتنا». لكنها انتقدت الحكومة الأوكرانية لعدم إجلاء عائلتها قائلة: «جيشي لم ينقذني، بلدي تخلّى عني». وتريد حالياً إعادة بناء حياتها في موسكو. وعَثر زوجها على وظيفة في مجال الكهرباء. وأكدت أليونا التي تتحدث الروسية أنها تتقاسم مع الروس العقلية والدين واللغة.

المصور أفغيني مالوليتكا من «أسوشييتد برس» الذي فازت صورته لامرأة حامل في ماريوبول خلال الحصار الروسي للمدينة (أ.ب)

وأوضح إحصاء أجرته الأمم المتحدة في أكتوبر (تشرين الأول) 2022 أن أكثر من 2.8 مليون لاجئ أوكراني ذهبوا إلى روسيا. وانتقل كثيرون لاحقاً إلى الاتحاد الأوروبي، لكن بقي آخرون هناك. وأشارت ناتاليا ميتوشيفا (41 عاماً) الموظفة في منظمة «ماياك.فوند» غير الحكومية التي قدمت مساعدة إنسانية وقانونية ونفسية لأليونا، إلى أن الكثير من اللاجئين الأوكرانيين، وخصوصاً العائلات، قرروا البقاء في روسيا لأنه «يسهل عليهم التكيف»، على الرغم من «المساعدة الضئيلة» التي تقدمها الدولة.

وأكدت ميتوشيفا أن الناجين من ماريوبول هم أكثر المصابين بصدمات نفسية، إذ بدأ القتال «عندما كانوا ذاهبين إلى العمل، إلى المدرسة، ولم يصدقوا ما كان يحدث. إنها صدمة غير عادية بالنسبة إليهم».

ما زالت أليونا خائفة. عندما سمعت دويّ ألعاب نارية في حيّها في موسكو ليلة رأس السنة، تذكرت فوراً كابوس ماريوبول. وقالت: «حزمت حقيبتي وأردت المغادرة مع أطفالي». وأضافت: «لم أصدق أنها مفرقعات».


مقالات ذات صلة

زيلينسكي: روسيا تنشر المزيد من القوات الكورية الشمالية في كورسك

أوروبا عربة عسكرية أوكرانية تحمل أسرى يرتدون الزي العسكري الروسي بالقرب من الحدود مع روسيا (أ.ف.ب) play-circle 00:45

زيلينسكي: روسيا تنشر المزيد من القوات الكورية الشمالية في كورسك

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، اليوم السبت، إن موسكو بدأت في إشراك «عدد ملحوظ» من القوات الكورية الشمالية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا جنود أوكرانيون يستعدون لتحميل قذيفة في مدفع هاوتزر ذاتي الحركة عيار 122 ملم في دونيتسك أول من أمس (إ.ب.أ)

مسيّرات أوكرانية تهاجم منشأة لتخزين الوقود في وسط روسيا

هاجمت طائرات مسيرة أوكرانية منشأة للبنية التحتية لتخزين الوقود في منطقة أوريول بوسط روسيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (قناته عبر «تلغرام»)

زيلينسكي يدعو إلى  تحرك غربي ضد روسيا بعد الهجمات الأخيرة

دعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الغرب إلى التحرك في أعقاب هجوم صاروخي جديد وهجوم بالمسيرات شنتهما روسيا على بلاده

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف (د.ب.أ)

الكرملين: التصريح الأخير لترمب بشأن أوكرانيا «يتماشى تماماً» مع الموقف الروسي

نوّه الكرملين الجمعة بالتصريح الأخير لدونالد ترمب الذي اعترض فيه على استخدام أوكرانيا صواريخ أميركية لاستهداف مناطق روسية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا القوات الأوكرانية تقصف مواقع روسية على خط المواجهة في منطقة خاركيف (أ.ب)

مسؤول كبير: أوكرانيا ليست مستعدة لإجراء محادثات مع روسيا

كشف أندريه يرماك رئيس مكتب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في مقابلة أذيعت في وقت متأخر من مساء أمس (الخميس) إن كييف ليست مستعدة بعد لبدء محادثات مع روسيا.

«الشرق الأوسط» (كييف)

مخاوف من تفاقم الأزمة في جورجيا مع انتخاب رئيس يميني مقرّب من موسكو ومناهض لأوروبا

رئيسة جورجيا سالومي زورابيشفيلي تتحدث في مؤتمر صحافي بالقصر الرئاسي في تبليسي 30 أكتوبر (أ.ف.ب)
رئيسة جورجيا سالومي زورابيشفيلي تتحدث في مؤتمر صحافي بالقصر الرئاسي في تبليسي 30 أكتوبر (أ.ف.ب)
TT

مخاوف من تفاقم الأزمة في جورجيا مع انتخاب رئيس يميني مقرّب من موسكو ومناهض لأوروبا

رئيسة جورجيا سالومي زورابيشفيلي تتحدث في مؤتمر صحافي بالقصر الرئاسي في تبليسي 30 أكتوبر (أ.ف.ب)
رئيسة جورجيا سالومي زورابيشفيلي تتحدث في مؤتمر صحافي بالقصر الرئاسي في تبليسي 30 أكتوبر (أ.ف.ب)

قد تتفاقم الأزمة في جورجيا مع انتخاب نواب حزب الحلم الجورجي اليميني المتطرف الحاكم مرشحه لاعب كرة القدم السابق ميخائيل كافيلاشفيلي، وهو شخصية موالية للحكومة التي تواجه مظاهرات مؤيّدة للاتحاد الأوروبي.

المرشح الرئاسي ميخائيل كافيلاشفيلي (أ.ب)

وأصبح كافيلاشفيلي القريب من موسكو رئيساً لجورجيا، بعدما اختاره الحزب الحاكم، السبت، في عملية انتخابية مثيرة للجدل، في الوقت الذي يسعى فيه الحزب الحاكم إلى تعزيز نفوذه في مؤسسات الدولة، وهو ما تصفه المعارضة بأنه صفعة لتطلعات البلاد في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، في حين أعلنت الرئيسة الحالية سالومي زورابيشفيلي أن التصويت «غير شرعي»، رافضة التنحي.

وتشغل زورابيشفيلي، الموالية للغرب، رئاسة جورجيا منذ 2018، وتنتهي ولايتها التي استمرت ست سنوات يوم الاثنين المقبل، وهي تصف نفسها بأنها الرئيسة الشرعية الوحيدة، وتعهّدت بالبقاء لحين إجراء انتخابات جديدة.

متظاهرة تحمل علم الاتحاد الأوروبي بمواجهة الشرطة في تبليسي (أ.ب)

وأعلن رئيس اللجنة المركزية للانتخابات، جيورجي كالانداريشفيلي، أن الهيئة الانتخابية التي يسيطر عليها الحزب الحاكم والتي قاطعتها المعارضة، انتخبت كافيلاشفيلي بـ224 صوتاً لمدة خمس سنوات على رأس السلطة.

وفاز كافيلاشفيلي، 53 عاماً، بسهولة بالتصويت، بالنظر إلى سيطرة «الحلم الجورجي» على المجمع الانتخابي المؤلف من 300 مقعد، الذي حلّ محل الانتخابات الرئاسية المباشرة في عام 2017. واحتفظ حزب الحلم الجورجي بالسيطرة على البرلمان في تلك الدولة التي تقع جنوب منطقة القوقاز، إثر الانتخابات التي جرت يوم 26 أكتوبر (تشرين الأول).

وتقول المعارضة إنه جرى تزوير الانتخابات، بمساعدة موسكو. ومنذ ذلك الحين، قاطعت الأحزاب الرئيسة الموالية للغرب الجلسات البرلمانية، مطالبين بإعادة الانتخابات. وتعهّد الحلم الجورجي بمواصلة الدفع باتجاه الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، ولكنه يريد أيضاً «إعادة ضبط» العلاقات مع روسيا.

الرئيسة المنتهية ولايتها سالومي زورابيشفيلي بين مؤيدين في العاصمة الجورجية (أ.ب)

وفي 2008، خاضت روسيا حرباً قصيرة مع جورجيا أدت إلى اعتراف موسكو باستقلال منطقتين انفصاليتين، أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا، وتعزيز الوجود العسكري الروسي بهما.

واتهم المنتقدون «الحلم الجورجي» الذي أسسه بيدزينا إفانيشفيلي، وهو ملياردير جمع ثروته في روسيا، بأنه أصبح سلطوياً على نحو متزايد ويميل إلى موسكو، وهي اتهامات نفاها الحزب.

وقرار حزب الحلم الجورجي الشهر الماضي تعليق المحادثات بشأن محاولة انضمام البلاد إلى الاتحاد الأوروبي زادت من غضب المعارضة وأثارت احتجاجات ومظاهرات.

ومساء الجمعة، جرت المظاهرة أمام البرلمان في تبليسي من دون اضطرابات، على عكس الاحتجاجات السابقة التي تخلّلتها اشتباكات عنيفة منذ انطلقت في 28 نوفمبر (تشرين الثاني).

ومنذ التاسعة صباحاً بدأ مئات المتظاهرين يتجمعون متحدين البرد والثلج ومتوافدين إلى محيط البرلمان قبل أن يُعيّن الرئيس الجديد. وجلب بعضهم كرات قدم وشهاداتهم الجامعية استهزاء بالرئيس المنوي تعيينه. وقال تيناتن ماتشاراشفيلي ملوحاً بشهادة تدريس الصحافة التي حصل عليها: «ينبغي ألا يكون رئيسنا من دون شهادة جامعية، فهو يعكس صورة بلدنا».

مسيرة احتجاجية للمؤيدين للاتحاد الأوروبي بالقرب من مبنى البرلمان في تبليسي ليلة 28 نوفمبر (رويترز)

وبدأت، السبت، مظاهرة أمام البرلمان في أجواء هادئة، واكتفت الشرطة بحظر النفاذ إلى مدخل المبنى. لكنها وضعت ثلاثة خراطيم مياه ونحو عشرين مركبة على أهبة التدخل في ساحة الحرية. وقالت ناتيا أبخازافا، في تصريحات لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «الشرطة في كل مكان... رغم الثلوج والأمطار والطقس البارد في الشتاء، سنناضل من أجل بلدنا». وكشفت صوفي كيكوشفيلي، من جهتها، أنه لم يُغمض لها جفن في الأسابيع الأخيرة. وأخبرت المحامية، البالغة 39 عاماً، التي تركت ابنها البالغ 11 عاماً وحيداً في المنزل: «بات الجميع مهدداً الآن، من الأصدقاء والأقرباء ولم يعد في وسعنا التركيز على العمل». وتوقعت أن تطبّق السلطات نهجاً استبدادياً «سيتفاقم مع مرور الوقت إن لم نقاوم اليوم... هذه هي الفرصة الأخيرة للنجاة».

وأوقفت السلطات خلال المظاهرات الاحتجاجية أكثر من 400 متظاهر، حسب الأرقام الرسمية. ووثّقت المعارضة ومنظمات غير حكومية حالات متعددة من عنف الشرطة ضد متظاهرين وصحافيين، وهو قمع نددت به الولايات المتحدة والأوروبيون.

والجمعة، قالت منظمة العفو الدولية إن المتظاهرين تعرّضوا لـ«أساليب تفريق وحشية واعتقالات تعسفية وتعذيب».

في المقابل، حمّل «الحلم الجورجي» المتظاهرين والمعارضة المسؤولية عن أعمال العنف، مشيراً إلى أن المظاهرات كانت أكثر هدوءاً منذ أيام، وأن الشرطة ضبطت كميات كبيرة من الألعاب النارية. ويقول المتظاهرون إنهم ماضون في احتجاجاتهم حتى تتراجع الحكومة عن قرارها.

وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في رسالة مصورة، إن فرنسا تقف إلى جانب «أصدقائها الجورجيين الأعزاء» في «تطلعاتهم الأوروبية والديمقراطية». وأضاف ماكرون: «لا يمكن لجورجيا أن تأمل في التقدم على طريقها الأوروبي إذا قُمعت المظاهرات السلمية باستخدام القوة غير المتناسبة، وإذا تعرّضت منظمات المجتمع المدني والصحافيون وأعضاء أحزاب المعارضة لمضايقات».

حشد من المتظاهرين في تبليسي عاصمة جورجيا (أ.ب)

وقالت داريكو غوغول (53 عاماً) لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، في حين كانت تشارك في مظاهرة احتجاجية أمام البرلمان، إن الانتخابات التشريعية التي جرت في أكتوبر (تشرين الأول) «سُرقت، يجب على (زورابيشفيلي) أن تبقى في منصبها، وأن ترشدنا بطريقة أو بأخرى في هذا الوضع المعقد للغاية».

وأكدت هذه الموظفة في منظمة غير حكومية تُعنى ببرامج تنموية، أن ميخائيل كافيلاشفيلي «لا يمكنه أن يمثّل البلاد».

من جهته، أشاد رئيس البرلمان شالفا بابواشفيلي أمام الصحافيين برجل «لا تشوب وطنيته أي شائبة»، و«لا يقع تحت نفوذ قوة أجنبية، كما هي حال» الرئيسة المنتهية ولايتها. وعلّق أحد المارة لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «لم نغادر الاتحاد السوفياتي لتحكمنا واشنطن أو بروكسل أو كييف أو باريس أو أي كان».

وأعلنت واشنطن، الجمعة، أنها فرضت على نحو 20 شخصاً في جورجيا، بينهم وزراء وبرلمانيون، حظر تأشيرات لاتهامهم بـ«تقويض الديمقراطية».

مسيرة احتجاجية للمؤيدين للاتحاد الأوروبي أمام مبنى البرلمان في تبليسي ليلة 28 نوفمبر (أ.ف.ب)

وحتى قبل أن يُصبح كافيلاشفيلي رئيساً، شكّك خبراء في القانون الدستوري في شرعية انتخابه، خصوصاً من أحد واضعي الدستور، فاختانغ خمالادزيه. وحسب هذا الخبير الدستوري فإن سبب هذا التشكيك هو أن البرلمان صادق على انتخاب النواب خلافاً للقانون الذي يقضي بانتظار قرار المحكمة بشأن طلب الرئيسة زورابيشفيلي إلغاء نتائج انتخابات أكتوبر.

وصلاحيات رئيس الدولة في جورجيا محدودة ورمزية. لكن ذلك لم يمنع زورابيشفيلي المولودة في فرنسا والبالغة 72 عاماً، من أن تصبح أحد أصوات المعارضة المؤيدة لأوروبا. وأضاف خمالادزيه أن «جورجيا تواجه أزمة دستورية غير مسبوقة»، مشدداً على أن «البلاد تجد نفسها من دون برلمان أو سلطة تنفيذية شرعيين. والرئيس المقبل سيكون غير شرعي أيضاً».

وتعكس المحادثة الهاتفية التي جرت الأربعاء بين ماكرون وبيدزينا إيفانيشفيلي، الرئيس الفخري للحزب الحاكم، هذا التشكيك بالشرعية، إذ إن ماكرون اتصل بالرجل القوي في جورجيا بدلاً من رئيس الوزراء إيركلي كوباخيدزه؛ للمطالبة بالإفراج عن جميع المتظاهرين الموقوفين المؤيدين للاتحاد الأوروبي. لكن المتظاهرين في تبليسي عدّوا، الجمعة، أن انتخابات السبت لن تغير شيئاً.