انتخابات سيراليون... اقتراع متوتر ومنافسة رئاسية «مكررة»

الناخبون يدلون بأصواتهم وسط مخاوف من «أعمال عنف»

سيراليونية تدلي بصوتها في فريتاون السبت (أ.ف.ب)
سيراليونية تدلي بصوتها في فريتاون السبت (أ.ف.ب)
TT

انتخابات سيراليون... اقتراع متوتر ومنافسة رئاسية «مكررة»

سيراليونية تدلي بصوتها في فريتاون السبت (أ.ف.ب)
سيراليونية تدلي بصوتها في فريتاون السبت (أ.ف.ب)

وسط أجواء متوترة، ومخاوف من اضطرابات ممتدة، بدأ الناخبون في سيراليون (غرب أفريقيا)، السبت، الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات العامة، التي يسعى من خلالها الرئيس جوليوس مادا بيو (59 عاماً)، للفوز بولاية ثانية، أمام منافسه الشرس سامورا كامارا، الذي يقود حزب «المؤتمر الشعبي العام» المعارض، في سيناريو مكرر لانتخابات 2018، التي فاز فيها بيو بفارق ضئيل بعد جولة إعادة.

ووفق المتحدث باسم مفوضية الانتخابات في سيراليون، فإنه يحق لنحو 3.4 مليون ناخب مسجل التصويت في الانتخابات، التي يتنافس فيها 12 مرشحا بينهم امرأة واحدة على منصب الرئيس، في حين سيختار الناخبون نواب البرلمان وأعضاء المجالس البلدية أيضا بنظام التمثيل النسبي.

الرئيس جوليوس مادا بيو يدلي بصوته في فريتاون السبت (أ.ف.ب)

ويتعين على المرشحين لشغل منصب رئيس البلاد، تأمين 55 بالمائة من الأصوات الصالحة للفوز في الجولة الأولى من التصويت، وإلا فستجرى جولة إعادة بين المرشحين الحاصلين على أعلى عدد من الأصوات.

ويعول حزب المعارضة الرئيسي «المؤتمر الشعبي العام» على استغلال حالة الإحباط المتزايد ضد الرئيس بيو بسبب الصعوبات الاقتصادية الشديدة، حيث ارتفع التضخم في سيراليون إلى أعلى مستوى له منذ أكثر من 20 عاما في عام 2022، في حين تراجعت قيمة عملة ليون الوطنية بنسبة 60 بالمائة.

وتعد سيراليون واحدة من أفقر دول العالم، على الرغم من موارد الماس الوفيرة وغيرها من المعادن. وقد أدى الاتجار غير المشروع في هذه الأحجار الكريمة، الذي يشار إليه عادة باسم «الماس الدموي» بسبب ارتباطه بتمويل الصراع، إلى تفاقم حرب أهلية عام 2002.

وقبيل الانتخابات وعد الرئيس بيو بمعالجة المشكلات الاقتصادية من خلال خلق نصف مليون وظيفة للشباب إذا أعيد انتخابه، كما دعا إلى «انتخابات سلمية بلا عنف».

المرشح المعارض سامورا كامارا يدلي بصوته في فريتاون السبت (أ.ف.ب)

وشهدت الأيام السابقة للانتخابات حالة من التوتر، بعد اشتباكات بين أنصار الرئيس والمعارضة، أدت إلى إلغاء التجمعات في المراحل النهائية. وفي وقت سابق من الأسبوع الماضي، قالت مصادر محلية إن ضباط الشرطة أطلقوا الرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع على أنصار حزب المؤتمر الشعبي العام، خلال احتجاج في العاصمة فريتاون يطالب رئيس مفوضية الانتخابات، محمد كونيه، بالتنحي بسبب «التشكيك في نزاهته».

وأصدرت المملكة المتحدة والولايات المتحدة وأيرلندا وألمانيا وفرنسا والاتحاد الأوروبي بياناً مشتركاً يحث جميع الأطراف على الحفاظ على السلام. كما أعرب الاتحاد الأفريقي عن «مخاوفه بشأن ما ورد من حوادث عنف وترهيب في أجزاء من البلاد».

وأحصت شبكة «غرب أفريقيا لبناء السلام» في سيراليون، 109 حوادث عنف منذ أبريل (نيسان) الماضي.

ولم يخسر أي زعيم في المنصب الرئاسة، في الانتخابات الأربعة الماضية، منذ انتهاء الحرب الأهلية عام 2002.

وأودى الصراع الذي استمر 11 عاماً بحياة ما يقدر بنحو 50 ألف شخص. لكن منذ ذلك الحين، كان للبلاد تقليد إجراء انتخابات سلمية إلى حد كبير، وفقاً لمنظمات حقوقية غربية.

وفي السنوات الماضية واجهت سيراليون أيضاً أوبئة مدمرة، بما في ذلك «الإيبولا» عام 2014 ووباء «كوفيد-19» أخيرا.

ومن المتوقع أن يرجح الشباب نتائج الانتخابات الحالية، حيث يشكل الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 35 عاماً ما يصل إلى 60 بالمائة من السكان في سن الاقتراع.

ويواجه المرشح المعارض كمارا، وهو وزير سابق يبلغ من العمر 72 عاما، محاكمة بتهم فساد ينفيها. وقد تم تأجيل القضية إلى ما بعد الانتخابات العامة. وقد تعززت فرصه في المنافسة على الرئاسة بعد دعم زعيم معارض آخر، هو كانديه يومكيلا، الذي احتل المركز الثالث في 2018 ولم يخض المنافسة هذه المرة. وقال كامارا لـ«رويترز» يوم الجمعة إنه «قلق من احتمال حدوث تزوير في الانتخابات».

وتأتي هذه الانتخابات بعد أشهر من صدور قانون تاريخي ينص على أن النساء يجب أن يشكلن 30 بالمائة من جميع المناصب في كل من القطاعين العام والخاص، بما في ذلك البرلمان. ولذا طرحت الأحزاب نساء في قوائم المرشحين المتنافسين في كل منطقة من مقاطعات البلاد ليتم انتخابهم على أساس التمثيل النسبي. ومن بين 13 مرشحا لمنصب الرئيس هناك امرأة واحدة فقط هي أيي كاكاي.

ومن المقرر أن تنشر نتائج الانتخابات في غضون 48 ساعة من إغلاق الاقتراع.

ووصفت فاطمة محمود، الباحثة المصرية في كلية الدراسات الأفريقية العليا بجامعة القاهرة، والمهتمة بشؤون سيراليون، المنافسة هذه المرة بـ«الساخنة»، وعزت ذلك في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى «تراجع شعبية الرئيس بيو بسبب التدهور الاقتصادي وعدم وفائه بوعوده إزاء تحسن الظروف المعيشية، مقابل تزايد فرص منافسه كامارا، الاقتصادي المعروف في سيراليون، والذي سبق أن شغل منصب محافظ البنك المركزي ووزير المالية ووزير الخارجية بين عامي 2008 و2018».

ولا تتوقع محمود «توسع أعمال العنف» التي سبقت العملية الانتخابية، إلى «وضع خارج السيطرة»، باعتبار أن «الجميع ما زال يدرك مأساة الحرب الأهلية التي انتهت قبل نحو 20 عاما فقط»، ومن ثم «ستسعى جميع الأطراف لاحتواء أي ردة فعل غاضبة عقب النتائج».


مقالات ذات صلة

جدل «الإخوان» في الأردن يعود من بوابة البرلمان

المشرق العربي الجلسة الافتتاحية لأعمال الدورة الجديدة للبرلمان الأردني (رويترز)

جدل «الإخوان» في الأردن يعود من بوابة البرلمان

مع بدء الدورة العشرين لمجلس النواب الأردني، الذي انتخب في العاشر من سبتمبر (أيلول) الماضي، بدأ الشحن الداخلي في معادلة الصراع بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.

محمد خير الرواشدة (عمّان)
شمال افريقيا ممثلو دول أوروبية داخل مركز العدّ والإحصاء التابع لمفوضية الانتخابات الليبية (المفوضية)

ليبيا: إجراء الانتخابات المحلية ينعش الآمال بعقد «الرئاسية» المؤجلة

قال محمد المنفي رئيس «المجلس الرئاسي» إن إجراء الانتخابات المحلية «مؤشر على قدرة الشعب على الوصول لدولة مستقرة عبر الاستفتاءات والانتخابات العامة».

جمال جوهر (القاهرة)
الولايات المتحدة​ الملياردير إيلون ماسك (رويترز)

هل يمكن أن يصبح إيلون ماسك رئيساً للولايات المتحدة في المستقبل؟

مع دخوله عالم السياسة، تساءل كثيرون عن طموح الملياردير إيلون ماسك وما إذا كان باستطاعته أن يصبح رئيساً للولايات المتحدة في المستقبل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا وزير الداخلية جيرالد دارمانان (اليمين) متحدثاً إلى الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي (رويترز)

زلزال سياسي - قضائي في فرنسا يهدد بإخراج مرشحة اليمين المتطرف من السباق الرئاسي

زلزال سياسي - قضائي في فرنسا يهدد بإخراج مرشحة اليمين المتطرف من السباق الرئاسي، إلا أن البديل جاهز بشخص رئيس «حزب التجمع الوطني» جوردان بارديلا.

ميشال أبونجم (باريس)
أوروبا جلسة برلمانية في «البوندستاغ»... (إ.ب.أ)

أكثر من 100 برلماني يتقدمون باقتراح لحظر حزب «البديل من أجل ألمانيا»

تقدم أكثر من 100 نائب ألماني باقتراح لرئيسة البرلمان لمناقشة حظر حزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف.

راغدة بهنام (برلين)

بعد تعرّض أنصاره للعنف... رئيس وزراء السنغال يدعو للانتقام

رئيس الوزراء السنغالي عثمان سونكو يتحدث خلال مؤتمر صحافي في داكار 26 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء السنغالي عثمان سونكو يتحدث خلال مؤتمر صحافي في داكار 26 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)
TT

بعد تعرّض أنصاره للعنف... رئيس وزراء السنغال يدعو للانتقام

رئيس الوزراء السنغالي عثمان سونكو يتحدث خلال مؤتمر صحافي في داكار 26 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء السنغالي عثمان سونكو يتحدث خلال مؤتمر صحافي في داكار 26 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)

دعا رئيس الوزراء السنغالي عثمان سونكو إلى الانتقام، وذلك بعد أعمال عنف ضد أنصاره اتهم معارضين بارتكابها خلال الحملة المستمرة للانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها الأحد.

يترأس سونكو قائمة حزب باستيف في الانتخابات التشريعية ويتولى رئاسة الحكومة منذ أبريل (نيسان). وكتب على فيسبوك، ليل الاثنين - الثلاثاء، عن هجمات تعرض لها معسكره في دكار أو سان لويس (شمال) وكونغويل (وسط)، حسب «وكالة الصحافة الفرنسية».

وألقى باللوم على أنصار رئيس بلدية دكار بارتيليمي دياس، الذي يقود ائتلافاً منافساً. وأكد: «أتمنى أن يتم الانتقام من كل هجوم تعرض له باستيف منذ بداية الحملة، وأن يتم الانتقام بشكل مناسب لكل وطني هاجموه وأصابوه»، مؤكداً «سنمارس حقنا المشروع في الرد».

وأكد أنه تم تقديم شكاوى، وأعرب عن أسفه على عدم حدوث أي اعتقالات. وقال: «لا ينبغي لبارتيليمي دياس وائتلافه أن يستمروا في القيام بحملات انتخابية في هذا البلد».

وشجب ائتلاف دياس المعروف باسم «سام سا كادو»، في رسالة نشرت على شبكات التواصل الاجتماعي، «الدعوة إلى القتل التي أطلقها رئيس الوزراء السنغالي الحالي». وأكد الائتلاف أنه كان هدفاً «لهجمات متعددة».

وأشار إلى أن «عثمان سونكو الذي يستبد به الخوف من الهزيمة، يحاول يائساً تكميم الديمقراطية من خلال إشاعة مناخ من الرعب»، وحمله مسؤولية «أي شيء يمكن أن يحدث لأعضائه وناشطيه ومؤيديه وناخبيه».

وكان الرئيس السنغالي باسيرو ديوماي فاي أعلن في سبتمبر (أيلول) الماضي حل البرلمان، ودعا لانتخابات تشريعية.