جماعة إرهابية تابعة لـ«داعش - خراسان» تستقطب نصف مجنّديها من طاجيكستان

تساؤلات حول اتهام أحد المشتبه بهم بالتطرف والعنف

تجمّع الناس خارج قاعة مدينة كروكوس خارج موسكو بعد الهجوم الإرهابي الذي وقع هناك الشهر الماضي. حيث اتهمت روسيا 4 عمال مهاجرين من طاجيكستان بالاعتداء (نيويورك تايمز)
تجمّع الناس خارج قاعة مدينة كروكوس خارج موسكو بعد الهجوم الإرهابي الذي وقع هناك الشهر الماضي. حيث اتهمت روسيا 4 عمال مهاجرين من طاجيكستان بالاعتداء (نيويورك تايمز)
TT

جماعة إرهابية تابعة لـ«داعش - خراسان» تستقطب نصف مجنّديها من طاجيكستان

تجمّع الناس خارج قاعة مدينة كروكوس خارج موسكو بعد الهجوم الإرهابي الذي وقع هناك الشهر الماضي. حيث اتهمت روسيا 4 عمال مهاجرين من طاجيكستان بالاعتداء (نيويورك تايمز)
تجمّع الناس خارج قاعة مدينة كروكوس خارج موسكو بعد الهجوم الإرهابي الذي وقع هناك الشهر الماضي. حيث اتهمت روسيا 4 عمال مهاجرين من طاجيكستان بالاعتداء (نيويورك تايمز)

يواجه مهاجرون شباب من الجمهورية السوفياتية السابقة اتهامات بشنّ هجوم على قاعة للحفلات الموسيقية في موسكو أدى إلى مقتل 145 شخصاً. وظهرت والدة أحد المشتبه بهم في الهجوم الدموي على قاعة للحفلات الموسيقية بالقرب من موسكو الشهر الماضي وهي تبكي بينما تتحدث عن ابنها، وتساءلت كيف انتقل ابنها من الطرقات الترابية الوعرة في قريتهم بطاجيكستان، الواقعة في آسيا الوسطى، إلى الجلوس كسيراً وقد ملأت الكدمات جسده في قاعة محكمة روسية متهماً بالإرهاب؟

 

ورغم أنه أمضى 5 سنوات في سجون طاجيكستان عندما كان مراهقاً، فإنها تقول إنه لم يبدِ أي علامات على التطرف والعنف. قالت الأم، مويسار زارجاروفا: «نحتاج إلى أن نفهم - من يجنّد شباب الطاجيك، لماذا يريدون إبرازنا كأمة من الإرهابيين؟»، وهو السؤال الذي تطرحه الكثير من الحكومات وخبراء الإرهاب.

قالت ميسر زارغاروفا والدة أحد المشتبه بهم الطاجيكيين في الهجوم الإرهابي الذي وقع خارج موسكو إن ابنها لم تظهر عليه أي علامات التطرف (نيويورك تايمز)

ولعب الموالون الطاجيك لتنظيم «داعش» - وبخاصة داخل فرعها في أفغانستان المعروف باسم «ولاية داعش - خراسان» دوراً بارزاً بشكل متزايد في سلسلة من الهجمات الإرهابية الأخيرة.

وخلال العام الماضي وحده، تورط طاجيك في اعتداءات في روسيا وإيران وتركيا، بالإضافة إلى مخططات أُحبطت في أوروبا. ويعتقد خبراء أن لـ«داعش - خراسان» آلافاً عدة من الجنود، يشكل الطاجيك أكثر من نصفهم. في هذا السياق.

 

وقال إدوارد ليمون، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة «تكساس إيه آند إم» المتخصص في الشأنين الروسي والطاجيكي والإرهاب: «لقد باتوا يشكّلون أهمية كبيرة لحملة (داعش - خراسان) الخارجية التي تسعى إلى لفت الأنظار وجلب المزيد من المجندين».

سوق في إحدى ضواحي موسكو حيث يعمل أشخاص من طاجيكستان ودول أخرى في آسيا الوسطى. رسمياً... يوجد نحو 1.3 مليون عامل طاجيكي في روسيا على الرغم من أن الخبراء يعتقدون أن مئات الآلاف يعملون هناك بشكل غير قانوني (نيويورك تايمز)

ويقول محللون إن تعرّض الطاجيك لضربة مزدوجة جعلتهم عُرضة للانجذاب لمثل هذه الجماعات. تعدّ طاجيكستان، وهي جمهورية سوفياتية سابقة، من بين أفقر دول العالم؛ مما يؤجج السخط ويدفع الملايين من العمال المهاجرين إلى البحث عن حياة أفضل في الخارج.

وفي بلد يبلغ تعداده 10 ملايين نسمة، يسعى غالبية الرجال في سنّ العمل، الذين يقدر عددهم بأكثر من مليوني شخص، إلى العمل خارج البلاد في أي وقت.

 

وينتهي المطاف بغالبية المهاجرين في روسيا، حيث يجعلهم التمييز المستشري والأجور المنخفضة والفرص الضعيفة والعزلة عرضة لمجندي الجهاد. رسمياً، ويوجد نحو 1.3 مليون عامل طاجيكي في روسيا، على الرغم من أن الخبراء يعتقدون أن مئات الآلاف آخرين يعملون هناك بشكل غير قانوني.

أحد المشتبه بهم في هجوم على قاعة الحفلات الموسيقية خلال جلسة استماع في موسكو الشهر الماضي (نيويورك تايمز)

وقال محيي الدين كبيري، الزعيم المنفي لحزب النهضة في البلاد، وهي جماعة معارضة معتدلة تم حظرها فجأة بوصفها «إرهابية» في عام 2015: «لقد فقد الجيل الطاجيكي الجديد إيمانه بالمستقبل. ليس هناك سوى خيارين: ديكتاتورية علمانية، وبشكل بديل، (داعش) أو الجماعات الإسلاموية المتطرفة الأخرى».

 

تجنيد «داعش - خراسان»

 

وتوافد ما يصل إلى 2000 طاجيكي إلى تنظيم «داعش» في أجزاء من سوريا والعراق من 2014 إلى 2019. ومع تفكك ما يسمى بالخلافة، وعدم القضاء عليها كلياً – في ظل وجود فروع من إفريقيا عبر الشرق الأوسط إلى آسيا الوسطى – أحيا «داعش - خراسان» بعضاً من الطموحات العالمية للدولة المحتملة.

وينصبّ التركيز على تجنيد المشاة عبر الإنترنت، حيث يدير «داعش - خراسان» عملية إعلامية واسعة النطاق باللغات العربية والإنجليزية والروسية ولغات أخرى.، لكن روسيا تعدّ هدفاً دائماً. تفيد الكثير من الشهادات عبر الإنترنت من الطاجيك بأن الرجال المسلمين الذين يرفضون القتال مع «داعش» ليسوا رجالاً حقيقيين.

 

اتهام روسيا 4

مهاجرين طاجيك

 

وبعد أيام من اتهام روسيا لأربعة عمال مهاجرين من طاجيكستان بالاعتداء على قاعة الحفلات الموسيقية الذي أسفر عن مقتل 145 شخصاً، أطلق «داعش - خراسان» مجلة إلكترونية باللغة الطاجيكية أسماها «صوت خراسان». ووفقاً للوكاس ويبر، الباحث الذي يتتبع وجود تنظيم «داعش» على الإنترنت، فإن إطلاقها بعد أيام قليلة من النسخة التركية الأولى، يبدو أنه يبرز تطلعات الجماعة المتزايدة.

وفي حين أن المجلة ذكرت عداء «داعش» طويل الأمد لروسيا، فإن القصة الرئيسية تنتقد بشدة حكم الرئيس الطاجيكي إمام علي رحمن الذي دام 30 عاماً بقبضة من حديد. وزعمت المجلة في مقال إن «رحمنوف كان أول من بدأ في القضاء على الإسلام مرتدياً عباءة الإسلام». وجدير بالذكر، أن الرئيس غير لقبه إلى رحمن في عام 2007 ليبدو أكثر طاجيكية، لكن «داعش» تستخدم اللقب القديم لإبراز علاقاته الوثيقة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

 

مقاطع فيديو للمعتقلين

 

وبعد ظهور المشتبه بهم الطاجيك في هجوم قاعة الحفلات في قاعة محكمة روسية وعليهم آثار جروح ناتجة من تعذيب واضح، ذكر أحد الملصقات على الإنترنت أن «بث مقاطع فيديو للسجناء الذين يتم تعذيبهم من قِبلكم قد زاد من عطش الآلاف من الإخوة لدمائكم». في حين أظهر منشور آخر ما يبدو أنه رجل يرتدي زيـاً عسكرياً يحدق في شاشات تلفزيون تعرض لقطات للندن وباريس وروما ومدريد، متبوعة بعبارة بالإنجليزية تقول: «بعد موسكو... من التالي؟».

 

ويرى الخبراء أنه ليس هناك معادلة واحدة للتطرف، ولكن بالنسبة لبعض المهاجرين الشباب الطاجيك، فإن المظالم الشخصية تفوق الحسابات الجيو - سياسية. وتعود مشكلات طاجيكستان إلى حرب أهلية وحشية دامت 5 سنوات، بدءاً من عام 1992، بعد استقلالها عن الاتحاد السوفياتي. وقّع السيد رحمن، الرئيس الأسبق لمزرعة عمومية والذي أصبح رئيساً عام 1994، اتفاقية سلام مع المعارضة تضمن تمثيلهم السياسي.

وفي البداية، تم السماح ببعض الانتقادات للفساد الحكومي والمحسوبية، وشغل حزب النهضة مقعدين في البرلمان. ولكن عندما تم إعلان الحزب منظمة إرهابية، قُتل معارضو الحكومة أو سُجنوا أو أُجبروا على المنفى. ولطالما دعم الكرملين حكم الرئيس رحمن من خلال تمركز ما يقدر بـ7000 جندي في طاجيكستان، وهو من الأعداد الكبيرة النادرة للانتشار العسكري خارج روسيا.

 

* «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

بوتين يتباحث مع الرئيس السنغالي حول الإرهاب في الساحل

أفريقيا أنصار مرشح المعارضة باسيرو ديوماي فاي يحضرون مسيرة حاشدة في أثناء فرز نتائج الانتخابات الرئاسية (إ.ب.أ)

بوتين يتباحث مع الرئيس السنغالي حول الإرهاب في الساحل

مباحثات جرت، الجمعة، بين الرئيس الروسي ونظيره السنغالي، وتم خلالها الاتفاق على «تعزيز الشراكة» بين البلدين، والعمل معاً من أجل «الاستقرار في منطقة الساحل»

الشيخ محمد (نواكشوط)
شؤون إقليمية محتجون أشعلوا النار في الشوارع المحيطة ببلدية تونجلي في شرق تركيا بعد عزل رئيسه وتعيين وصي عليها (إعلام تركي)

تركيا: صدامات بين الشرطة ومحتجين بعد عزل رئيسي بلديتين معارضين

وقعت أعمال عنف ومصادمات بين الشرطة ومحتجين على عزل رئيسَي بلدية منتخبَين من صفوف المعارضة في شرق تركيا، بعد إدانتهما بـ«الإرهاب»، وتعيين وصيين بدلاً منهما.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال اجتماع لجنة التخطيط بالبرلمان التركي (الخارجية التركية)

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

حذرت تركيا من جرّ العراق إلى «دوامة العنف» في منطقة الشرق الأوسط، في حين رجحت «انفراجة قريبة» في ملف تصدير النفط من إقليم كردستان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا صورة أرشيفية لهجوم سابق في كابول (رويترز)

مقتل 10 أشخاص في هجوم على مزار صوفي بأفغانستان

قتل 10 مصلين عندما فتح رجل النار على مزار صوفي في ولاية بغلان في شمال شرقي أفغانستان، وفق ما أفاد الناطق باسم وزارة الداخلية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية أكراد يرفعون صور أوجلان في مظاهرة للمطالبة بكسر عزلته (رويترز)

تركيا: أوجلان إلى العزلة مجدداً بعد جدل حول إدماجه في حل المشكلة الكردية

فرضت السلطات التركية عزلة جديدة على زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان بعد دعوة رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي للسماح له بالحديث بالبرلمان

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

انفجار سيارة مفخخة بشمال غربي باكستان يسفر عن مقتل 12 جندياً

جنود باكستانيون (رويترز - أرشيفية)
جنود باكستانيون (رويترز - أرشيفية)
TT

انفجار سيارة مفخخة بشمال غربي باكستان يسفر عن مقتل 12 جندياً

جنود باكستانيون (رويترز - أرشيفية)
جنود باكستانيون (رويترز - أرشيفية)

قال الجيش الباكستاني، اليوم الأربعاء، إن انتحارياً فجّر سيارته المفخخة في نقطة تفتيش عسكرية بشمال غربي باكستان، مما أسفر عن مقتل 12 جندياً، في ظل تواصل أعمال العنف بالبلاد.

وأضاف الجيش، في بيان، أن ستة مسلَّحين، على الأقل، لقوا حتفهم أيضاً في معركة بالأسلحة النارية أعقبت التفجير الانتحاري، واستمرت عدة ساعات في منطقة بانو بإقليم خيبر بختونخوا، وفق ما نقلته «وكالة الأنباء الألمانية».

وأعلنت جماعة تابعة لحركة «طالبان باكستان»، التي تختلف عن نظيرتها الأفغانية، ولكنها تريد الإطاحة بالحكومة، مسؤوليتها عن الهجوم.

وذكرت وكالة «أسوشييتد برس» أن فصيلاً منشقاً عن حركة «طالبان باكستان»، يُعرف باسم «جماعة حفيظ جول بهادور»، أعلن، في بيان، مسؤوليته عن الهجوم.

ولم يردْ تعليق فوري من جانب الحكومة، ولكن مسؤولي أمن واستخبارات قالوا إن أفراد الأمن يتعقبون منفّذي الهجوم.

ووقع التفجير الانتحاري بعد يوم من مقتل ثمانية جنود باكستانيين على الأقل، وتسعة مسلحين، في تبادل لإطلاق النار بالمنطقة نفسها المتاخمة لأفغانستان.

وتُلقي إسلام آباد اللوم على حكام «طالبان» في أفغانستان؛ لأنهم يتساهلون أو يساعدون المسلحين الباكستانيين الذين يشنون هجمات عبر الحدود من مخابئهم الجبلية. وترفض كابل هذه الاتهامات وتقول إنها لا أساس لها.

وتصاعدت أعمال العنف في باكستان منذ عودة «طالبان» إلى مقاليد السلطة في أفغانستان في عام 2021، وأطلقت سراح آلاف المسلحين الباكستانيين من السجون الأفغانية.