وسط ترقب لرد إسرائيلي انتقامي من الحوثيين إثر انفجار صاروخ باليستي قرب مطار بن غوريون، توعدت الجماعة بالمزيد من الهجمات، وأصدرت حظراً جوياً على تل أبيب، بالتزامن مع استقبالها عشرات الضربات الأميركية ضمن حملة الرئيس دونالد ترمب المتصاعدة في أسبوعها الثامن، حيث طالت صنعاء، وضواحيها، وصعدة، والجوف، والحديدة، ومأرب.
وكانت الجماعة المدعومة من إيران قد أطلقت صاروخاً باليستياً، الأحد، فشلت إسرائيل في اعتراضه لأول مرة، قبل أن ينفجر في محيط مطار بن غوريون، محدثاً حفرة ضخمة، وهو الأمر الذي زاد من خطورة أسلحة الجماعة، ودفع تل أبيب إلى التهديد برد انتقامي على غرار ما حدث في خمس موجات سابقة من الضربات.
ومنذ منتصف مارس (آذار) الماضي، أمر ترمب بحملة ضد الجماعة أطلق عليها «عملية الفارس الخشن»، ومنذ ذلك الوقت استقبلت مواقع الحوثيين نحو 1200 ضربة جوية وبحرية، إلا أن ذلك لم يحل دون استمرار هجماتهم بالصواريخ والمسيرات باتجاه إسرائيل، والقوات الأميركية في البحر الأحمر، وخليج عدن.
وتقول الجماعة الحوثية إن هجماتها تأتي دعماً للفلسطينيين في غزة، في حين تهدف الولايات المتحدة إلى إرغام الجماعة على التوقف عن تهديد الملاحة، وعن مهاجمة إسرائيل.
#عاجل في وقت سابق اليوم ترأس قائد سلاح الجو التحقيق الاولي في حادثة سقوط الصاروخ الذي أطلق من اليمن صباح اليوم في منطقة مفتوحة بالقرب من مطار بن غوريون.⭕️ يتبين من الاستنتاجات الاولية انه لم يطرأ أي فشل في عملية الرصد وتفعيل أنظمة الاعتراض والإنذارات إلى الجبهة الداخلية....
— افيخاي ادرعي (@AvichayAdraee) May 4, 2025
وبحسب الإعلام الحوثي، ضربت الغارات مساء الأحد ويوم الاثنين مواقع في مدينة صنعاء، وضواحيها، وفي مأرب، والجوف، وصعدة، والحديدة، دون الحديث عن تفاصيل المواقع المستهدفة، أو الخسائر العسكرية.
وأوضح إعلام الجماعة أن الضربات في العاصمة المختطفة صنعاء استهدفت موقعاً في حي سعوان شرقي المدينة، وموقعاً في حي الروضة في مديرية بني الحارث شمالها، وموقعاً في جبل عطان غربها. ويُعتقد أن الضربات استهدفت مخابئ عسكرية محصنة في جبل عطان، ومستودعات ومقار عسكرية في حي سعوان، إضافة إلى مخابئ لقادة الجماعة في حي الروضة.
وبحسب القطاع الصحي الخاضع للحوثيين، أدت الضربات في حي سعوان التابع لمديرية شعوب إلى إصابة 15 شخصاً، وإصابة شخص واحد في الغارة على حي الروضة.
إلى ذلك، أفاد إعلام الجماعة باستقبال ست غارات في مديرية بني مطر، حيث الضواحي الغربية لصنعاء، وغارة على منطقة الملكة التابعة لمديرية بني حشيش في الضواحي الشرقية، دون التطرق إلى أثر هذه الضربات.
Crews embarked on USS Carl Vinson (CVN 70) and USS Harry S. Truman (CVN 75) resupply at sea and operate 24/7, targeting Iran-backed Houthi terrorists within Houthi controlled areas of Yemen.#HouthisAreTerrorists pic.twitter.com/TgT1dKEVcr
— U.S. Central Command (@CENTCOM) May 2, 2025
كما توالت الغارات الأميركية على محافظة الجوف (شمال شرق)، حيث طالت خمس غارات مواقع الجماعة في مديرية خب والشعف، وامتدت إلى محافظة مأرب المجاورة، حيث استهدفت غارتان مديرية رغوان.
وفي صعدة، حيث المعقل الرئيس للجماعة، أقر الإعلام الحوثي بتلقي ثلاث غارات شرقي المدينة، وهي مواقع سبق استهدافها منذ بدء حملة ترمب، حيث يُعتقد أنها تحوي مواقع محصنة لتخزين الأسلحة.
في السياق نفسه، اعترفت الجماعة الحوثية بتلقي غارات ليلية في الحديدة، حيث استُهدف ميناء رأس عيسى النفطي، وجزيرة كمران في البحر الأحمر، حيث تفرض القوات الأميركية حظراً على دخول الوقود إلى مواني سيطرة الجماعة منذ الخامس من أبريل (نيسان) الماضي.
حظر جوي
وفي سياق التصعيد باتجاه إسرائيل، انتهز الحوثيون انفجار آخر صواريخهم في محيط مطار بن غوريون لتوظيف الواقعة لتهديد شركات الطيران، وأصدر المتحدث العسكري باسمهم، يحيى سريع، بياناً قال فيه إن جماعته فرضت حظراً جوياً على إسرائيل.
وادعى سريع أن هذا القرار بالحظر الجوي جاء رداً على التصعيد الإسرائيلي بقرار توسيع العمليات في غزة، وطلب من شركات الطيران أخذ هذا التهديد بعين الاعتبار، وإلغاء رحلاتها إلى مطارات إسرائيل، حفاظاً على طائراتها، وسلامة عملائها.
وكانت العديد من شركات الطيران الغربية والدولية قد علّقت، الأحد، رحلاتها مؤقتاً إلى مطار بن غوريون الدولي إثر واقعة انفجار الصاروخ الحوثي على مقربة من المطار.
إلى ذلك، قالت الجماعة الحوثية إنها وجهت عبر ما تسميه «مركز تنسيق العمليات الإنسانية» خطاباً لمنظمة الطيران المدني الدولي، والاتحاد الدولي للنقل الجوي بشأن «فرض حظر شامل للملاحة من وإلى مطارات إسرائيل»، وتحويل مسارات الطائرات، كون المطارات معرضة للاستهداف بشكل مستمر من قبل الجماعة.
وأنشأت الجماعة هذا المركز العام الماضي لتولي التنسيق مع شركات الشحن الدولي بخصوص هجمات الجماعة البحرية ضد السفن في سياق ما تسميه «منع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل».
وعبر المركز نفسه، كانت الجماعة قد أصدرت قبل أيام قراراً يحظر بموجبه مرور شحنات النفط الأميركي عبر البحر الأحمر، أو خليج عدن، سواء بشكل مباشر، أو غير مباشر، بما يشمله ذلك من عملية النقل من سفينة إلى أخرى بشكل كلي، أو جزئي، أو عبر طرق أخرى.
وبغض النظر عما إذا كانت الجماعة قادرة على تنفيذ تهديداتها، يخشى المراقبون من أن تعود لاستئناف الهجمات البحرية ضد السفن التجارية بذريعة أنها على صلة بالولايات المتحدة أو إسرائيل.
تصاعد المواجهة
مع تصاعد المواجهة، يتوقع المراقبون رداً إسرائيلياً أكثر عنفاً ضد البنى التحتية المتبقية تحت سيطرة الجماعة الحوثية، بالتزامن مع الضربات الأميركية التي تتولاها حاملتا الطائرات ومجموعتهما الضاربة: «هاري ترومان»، و«كارل فينسون».
وكانت بريطانيا لأول مرة قد انضمت، في 29 مايو (أيار) الماضي، إلى ضربات ترمب ضد الحوثيين، حيث استهدفت في عملية مشتركة مع الجيش الأميركي موقعاً في جنوب صنعاء لتجميع الطائرات المسيَّرة، بواسطة مقاتلات تايفون، وقنابل دقيقة التوجيه.
ولم تتخذ واشنطن تغييراً في استراتيجية حملتها على الحوثيين، إذ باتت الضربات اليومية أمراً روتينياً، لكن لا يستبعد المراقبون أن تدعم واشنطن عملية برية يقودها الجيش اليمني.
ومنذ استأنفت الجماعة الحوثية هجماتها في 17 مارس الماضي، أطلقت 20 صاروخاً باليستياً وعدداً من المسيرات، اعترضتها إسرائيل جميعها باستثناء الصاروخ الأخير. ولم تتسبب في أي خسائر بشرية.
وكان الحوثيون قد أطلقوا منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 أكثر من 200 صاروخ وطائرة مسيرة باتجاه إسرائيل، لكنها لم تحقق أي نتائج مؤثرة، باستثناء مقتل شخص بطائرة مسيرة ضربت شقة في تل أبيب في 19 يوليو (تموز) الماضي.
وردّت إسرائيل على الهجمات الحوثية السابقة بخمس موجات انتقامية، كانت أولاها في 20 يوليو الماضي، وكان آخرها في 10 يناير (كانون الثاني) الماضي، حيث ضربت مواني، ومستودعات وقود، ومحطات كهرباء في صنعاء، والحديدة، كما طالت الغارات مطار صنعاء الدولي.
ويحمّل المجلس الرئاسي اليمني الجماعة الحوثية مسؤولية هجماتها، التي يقول إنها لا تفيد الفلسطينيين بقدر ما تدفع إسرائيل لتدمير البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.
كما تتهم الحكومة اليمنية الشرعية الحوثيين بتنفيذ أجندة إيران في المنطقة، والهروب من استحقاقات السلام التي تقودها الأمم المتحدة لإنهاء الصراع الدامي المستمر منذ انقلاب الجماعة على التوافق الوطني في 2014.