«اجتماع لندن»... إلى أي مدى يمكن حلحلة أزمة «هدنة غزة»؟

بلينكن يلتقي وزراء عرباً (الجمعة)... ومصر تحذّر من حرب إقليمية

أشخاص يحملون جثمان أحد العاملين في وكالة «الأونروا» خلال تشييعهم في مستشفى شهداء الأقصى وسط غزة (أ.ف.ب)
أشخاص يحملون جثمان أحد العاملين في وكالة «الأونروا» خلال تشييعهم في مستشفى شهداء الأقصى وسط غزة (أ.ف.ب)
TT

«اجتماع لندن»... إلى أي مدى يمكن حلحلة أزمة «هدنة غزة»؟

أشخاص يحملون جثمان أحد العاملين في وكالة «الأونروا» خلال تشييعهم في مستشفى شهداء الأقصى وسط غزة (أ.ف.ب)
أشخاص يحملون جثمان أحد العاملين في وكالة «الأونروا» خلال تشييعهم في مستشفى شهداء الأقصى وسط غزة (أ.ف.ب)

اجتماع وزاري عربي - أميركي مرتقب، الجمعة، في لندن، يختتم به وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، جولته الحالية، يتناول ملفات إنهاء الحرب بغزة، وإطلاق سراح الرهائن، وخفض التوترات في المنطقة.

ويتوقع خبراء تحدّثوا لـ«الشرق الأوسط»، أن يعرض بلينكن نتائج جولته على نظرائه العرب، بهدف بلورة تصورات مبدئية لحلحلة الأزمة في غزة ولبنان، وستشمل النقاشات أيضاً خطط اليوم التالي للحرب، وكذلك الضربة الإسرائيلية المحتملة على إيران، وخصوصاً في ظل مخاوف عبّرت عنها القاهرة بقوة أكثر من مرة، وتتمثّل في احتمال اندلاع حرب إقليمية حال لم يتم التوصل لوقف إطلاق نار فوري.

وجولة بلينكن إلى الشرق الأوسط التي شملت زيارة إسرائيل، الثلاثاء، والسعودية، الأربعاء، تستكمل في قطر، الخميس، ثم يغادر إلى المملكة المتحدة، الجمعة، وتهدف إلى «مناقشة أهمية إنهاء الحرب في غزة، وتأمين إطلاق سراح جميع الرهائن، وتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني، بجانب التوصل إلى حل دبلوماسي للصراع بين إسرائيل و(حزب الله)»، حسبما ذكرت وزارة الخارجية الأميركية، الأربعاء.

وسيجتمع بلينكن بنظرائه من دول عربية في لندن، الجمعة، للبحث في حربَي غزة ولبنان، حسبما أفاد به المتحدث باسم وزارة الخارجية ماثيو ميلر، الأربعاء.

وسيبحث ذلك الاجتماع المُدرَج ضمن أجندة جولة بلينكن، وفق مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير محمد حجازي، ترتيبات اليوم التالي للحرب، وإحاطة الوزراء العرب، خصوصاً ممن لم يَزُر بلدانهم، كمصر والأردن، بنتائج جولته، وما تتوقعه الإدارة الأميركية بشأن الضربة الإسرائيلية لإيران.

وسيكون العائق الوحيد لخروج الاجتماع بنتائج ملموسة هو نتنياهو، حسب تقدير السفير محمد حجازي، لافتاً إلى أن رئيس وزراء إسرائيل لا يريد منح إدارة بايدن مكاسب تعزّز فُرَصها في الانتخابات الرئاسية أمام حليفه الجمهوري ترمب.

وبتقدير المحلّل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، فإن الاجتماع سيبحث ترتيبات اليوم التالي للحرب في غزة، وكل ما يتعلق بلبنان أيضاً، بجانب ترتيبات مستقبل المنطقة في ضوء الضربة الإسرائيلية لإيران.

وباعتقاد مطاوع، فإن حدود الضربة الإسرائيلية لإيران هي ما سيحدد فرص حدوث الهدنة في غزة من عدمها، موضحاً أنه «لن تكون هدنة قبل الرد الإسرائيلي على الضربة الصاروخية الإيرانية، والذي حتماً سيأتي قبل الانتخابات الأميركية».

عائلات نازحة تفرّ من عمليات الجيش الإسرائيلي في جباليا شمال غزة (أ.ف.ب)

وترجّح الباحثة الأميركية المتخصصة في الشؤون الدولية، إيرينا تسوكرمان، أن يحضر الاجتماع وزراء خارجية مصر والأردن، ودول خليجية، بينها السعودية وقطر، برغم زيارة بلينكن للرياض والدوحة في جولته بالشرق الأوسط؛ لأهميتهما بمسار المحادثات.

وبرأي تسوكرمان، فإنه من الممكن أن يحضر وزير خارجية لبنان؛ نظراً لارتباط المحادثات مباشرةً ببلاده، بجانب المغرب لأهمية دوره المرتبط بالقدس، مستبعِدةً أن يحضر وزيرا خارجية العراق واليمن، «بسبب تأثير إيران على بلديهما والتصعيد العام».

ووسط ترقب الضربة الإسرائيلية المحتملة لإيران، أكّد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع نظيره الإيراني مسعود بزشكيان، خلال لقاء الأربعاء على هامش قمة تجمع «البريكس» في روسيا، «أهمية نزع فتيل التوتر الإقليمي»، مشدّداً على «ضرورة حشد الجهود الدولية لحثّ جميع الأطراف على التعامل بإيجابية مع المساعي الرامية لاستعادة التهدئة بالمنطقة»، وفق بيان صحافي للرئاسة المصرية.

كما اتفق وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، ونطيره البرازيلي، ماورو فييرا في لقاء الأربعاء على هامش قمة تجمع «البريكس» المنعقدة في مدينة قازان الروسية، على «خطورة انجراف المنطقة لحرب إقليمية نتيجةً للاعتداءات الإسرائيلية في المنطقة»، حيث أكّدا ضرورة «وقف فورى لإطلاق النار، وتقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية»، وفق بيان صحافي للخارجية المصرية.

وحسب السفير حجازي، فإن الجهود المصرية المتوالية التي لا تتوقف تستشعر أهمية حدوث تهدئة فوراً بالمنطقة، لافتاً إلى أهميتها في ظل التصعيد المحتمل مع الضربة الإسرائيلية المتحملة.

ويتوقع مطاوع أن يشتري نتنياهو مزيداً من الوقت بالالتفاف حول مساعي بلينكن لإتمام هدنة قبل الانتخابات الأميركية، لافتاً إلى أن رئيس وزراء إسرائيل فعل ذلك على مدار عام، وأفشل كل محاولات الوسطاء لإبرام هدنة.

وبتقدير تسوكرمان، فإنه «لن يكون هناك هدنة في غزة أو لبنان قبل الانتخابات مع رفض (حماس) بوضوح إمكانية إطلاق سراح الرهائن إلا بانسحاب كامل من القطاع، وهذا لن يجعل لدى إسرائيل حافزاً للانخراط في وقف إطلاق النار، حتى مع الحديث المتصاعد عن عقد صفقة مصغّرة لن تتم حال تشدّد (حماس)»، مستدرِكةً: «دون اقتراح عربي أو أميركي يُجبر (حماس) على الموافقة على إطار معقول لوقف إطلاق النار سوف تستمر الأحداث كما هي لما بعد الانتخابات».


مقالات ذات صلة

خدمات الإنترنت تعود إلى غزة بعد انقطاع دام 3 أيام

المشرق العربي قطع إسرائيل لآخر خطوط الإنترنت في غزة دفع كثيرين إلى محاولات استخدام الشرائح الإلكترونية (رويترز)

خدمات الإنترنت تعود إلى غزة بعد انقطاع دام 3 أيام

عادت خدمات الإنترنت إلى قطاع غزة بعد انقطاع استمر ثلاثة أيام، بحسب ما أفاد المدير التنفيذي لهيئة تنظيم قطاع الاتصالات الفلسطينية ليث دراغمة

«الشرق الأوسط» (رام الله )
شؤون إقليمية نازحون فلسطينيون يستلمون مساعدات إنسانية من مؤسسة تدعمها الولايات المتحدة في رفح جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

التصعيد الإسرائيلي - الإيراني يُجمد جهود عقد هدنة في غزة

توارت الأحاديث عن محادثات إبرام هدنة في قطاع غزة التي كانت متوهجة قبل أيام، مع تصاعد الضربات الإسرائيلية على إيران وتبادل طهران الرد معها.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
أوروبا العلم الفلسطيني مرفوع على تمثال الجمهورية في باريس دعماً للفلسطينيين في غزة (أ.ف.ب)

مسيرة تضامن مع غزة تنطلق من باريس إلى بروكسل

دعت نقابات وجمعيات فرنسية إلى مسيرة من باريس إلى بروكسل تبدأ غداً (الأحد) «للضغط على السلطات الأوروبية لفرض عقوبات على إسرائيل».

«الشرق الأوسط» (باريس)
المشرق العربي امرأة تبكي أثناء حضورها جنازة فلسطينيين قُتلوا بنيران إسرائيلية في مستشفى «الشفاء» بغزة (رويترز) play-circle

معظمهم قرب موقع توزيع مساعدات... إسرائيل تقتل 23 شخصاً في غزة

قالت السلطات الصحية في غزة إن النيران والغارات الجوية الإسرائيلية قتلت ما لا يقل عن 23 فلسطينياً في أنحاء القطاع معظمهم بالقرب من موقع لتوزيع المساعدات.

«الشرق الأوسط» (غزة)
تحليل إخباري أطفال فلسطينيون ينتظرون الطعام عند نقطة توزيع في النصيرات وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري «هدنة غزة»: إلى أي مدى تؤثر الضربات الإسرائيلية لإيران على المحادثات؟

ضربة إسرائيلية مفاجئة لإيران، جاءت بعد أيام من حديث واشنطن عن أن طهران جزء من مفاوضات قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

دعم سعودي يساند اليمن في مواجهة الكوليرا

اليمن يكافح تفشي الكوليرا منذ عدة سنوات (الأمم المتحدة)
اليمن يكافح تفشي الكوليرا منذ عدة سنوات (الأمم المتحدة)
TT

دعم سعودي يساند اليمن في مواجهة الكوليرا

اليمن يكافح تفشي الكوليرا منذ عدة سنوات (الأمم المتحدة)
اليمن يكافح تفشي الكوليرا منذ عدة سنوات (الأمم المتحدة)

يساهم مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، ومنظمة الصحة العالمية، في مواجهة تفشي الكوليرا والأوبئة الأخرى في اليمن، من خلال مشاريع إنسانية وطبية، بالشراكة مع وزارة الصحة اليمنية، لتخفيف معاناة السكان، وتوفير الرعاية الصحية الأساسية في المناطق المتأثرة.

وذكرت منظمة الصحة العالمية أنها قدمت، بدعم من مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، إمدادات طبية تتضمن محاليل وريدية، وأدوية أساسية، وعتاداً طبياً، ومستلزمات المياه والصرف الصحي والنظافة، للمساهمة في علاج الإسهالات المائية الحادة وتعزيز خدمات الصحة الطارئة في عدن، متوقعة أن يستفيد منها ما يقارب 1000 شخص خلال الشهر الحالي.

ويكافح اليمنيون منذ سنوات تفشي وباء الكوليرا وأمراض وبائية أخرى. وفي شوارع عدن المزدحمة، حيث تستمر الحياة رغم الظروف المعيشية الصعبة، يمثل مركز معالجة الإسهالات المائية شعلة أمل للعائلات التي تواجه آثار الكوليرا المدمّرة.

مركز علاج الإسهالات المائية تحول إلى شريان حياة لأكثر الناس احتياجاً (إعلام حكومي)

ويقف الطبيب خالد جابر، أخصائي الطب الباطني في مركز المعلّا لعلاج الإسهالات المائية، في مقدمة الصفوف في مواجهة الوباء؛ إذ ساعدت جهوده المدعومة بمشروع الاستجابة للكوليرا الممول من مركز الملك سلمان للإغاثة بمبلغ 3 ملايين دولار، في تحويل المركز إلى شريان حياة لأكثر الناس احتياجاً، من خلال تقديم الرعاية المجانية ونشر الوعي حول الوقاية.

ويعدّ جابر علاج مرضى الكوليرا أكثر من مجرد عمل؛ فهو مهنة إنسانية مليئة بالعاطفة، ويقول: «عندما يتعافى المريض، أشعر وكأن أحد أبنائي قد تعافى».

تعزيز النظم الصحية

عزّز مشروع مركز الملك سلمان للإغاثة بشكل كبير قدرة مركز المعلّا على تقديم الرعاية لمرضى الكوليرا، من خلال ضمان توفر العلاجات الأساسية وأدوات التشخيص والرعاية اللاحقة. ويؤكد الدكتور جابر أن هذا الدعم أحدث فرقاً كبيراً؛ إذ تمكن المرضى من الوصول إلى رعاية مجانية لم تكن متوفرة سابقاً، مما خفف العبء المالي عن الأسر، وأتاح للمركز تقديم العلاجات الفعالة في الوقت المناسب.

37 % من أطفال جزيرة سقطرى لم يحصلوا على أي جرعة من اللقاحات (الأمم المتحدة)

وأطلقت منظمة الصحة العالمية برنامجاً شاملاً لمكافحة سوء التغذية في محافظة أرخبيل سقطرى، بالشراكة مع حكومة الإمارات العربية المتحدة، وبالتنسيق الوثيق مع وزارة الصحة العامة والسكان اليمنية، وحذرت المنظمة من أن الجزيرة المدرجة على قائمة التراث الإنساني، تواجه تحديات خطيرة بسبب انعدام الأمن الغذائي، إضافة إلى موجات متكررة من تفشي الكوليرا والحصبة وحمّى الضنك.

وأوضحت المنظمة أن مرافق الرعاية الصحية والتغذية في الجزيرة تعاني من نقص حاد في الموارد، مما يعرّض الحوامل والمرضعات والأطفال دون سن الخامسة لمخاطر كبيرة، مثل الوفاة أو الإصابة بأمراض يمكن الوقاية منها.

وأشارت إلى أن الجزيرة التي يزيد عدد سكانها على 83.000 نسمة، لا تضم سوى 32 مرفقاً صحياً، تعمل جميعها تحت ضغط هائل، ولا يتوفر فيها مختبر مركزي للصحة العامة، ولا مستودع فعّال للأدوية، ولا نظام لتخزين المستلزمات الطبية مسبقاً، وهي عناصر أساسية للاستجابة لحالات الطوارئ وضمان استمرارية الرعاية الصحية.

دعم مركز الملك سلمان يساهم في مواجهة الكوليرا باليمن (إعلام حكومي)

ووصفت منظمة الصحة العالمية، في بيانها، النظام الصحي في سقطرى بأنه «هشّ»؛ إذ يعاني من نقص في العاملين الصحيين المهرة، والأدوية الأساسية، ونظم التأهب للطوارئ. وأظهرت مؤشرات صحة الأمهات أن 92.7 في المائة من الحوامل يعانين من فقر الدم، إضافة إلى تدني نسب الحصول على الرعاية السابقة للولادة أو الانتظام فيها.

هشاشة في سقطرى

وبحسب البيانات، فإن 37 في المائة من أطفال الجزيرة لم يحصلوا حتى الآن على أي جرعة من اللقاحات. ويبلغ معدل سوء التغذية الحاد العام 10.9 في المائة، في حين يصل معدل سوء التغذية الحاد الوخيم إلى 1.6 في المائة؛ ما يشير إلى حالة طوارئ صحية عامة خطيرة.

وقالت فريما كوليبالي زيربو، القائمة بأعمال منظمة الصحة العالمية في اليمن، إن هذا البرنامج يعكس التزاماً مشتركاً من جانب المنظمة والإمارات بتحسين صحة السكان المعرّضين للخطر، وخاصة الأمهات والأطفال، وتعزيز نظم الرعاية الصحية في المناطق المتضررة من الأزمات.

«الصحة العالمية» تعمل على إنشاء خدمات أكثر عدالة واستجابة لاحتياجات سكان سقطرى (الأمم المتحدة)

وأضافت أن المنظمة، بالشراكة مع السلطات الوطنية، تعمل على إنشاء خدمات صحية أكثر قدرة على الصمود، وأكثر عدالة واستجابة لاحتياجات سكان سقطرى، بهدف إرساء أساس للأمن الصحي طويل الأمد في الجزيرة. وتعهدت ببناء «يمن أقوى وأكثر صحة».

ويهدف المشروع إلى تقليص الوفيات الناتجة عن سوء التغذية والصحة العامة بنسبة 20 في المائة خلال العامين المقبلين، من خلال تطبيق نهج متكامل لتعزيز النظم الصحية، وتوسيع نطاق التغطية بالخدمات الصحية للأمهات والأطفال لتشمل 80 في المائة من المرافق الصحية خلال 24 شهراً.

كما يهدف المشروع إلى تعزيز التأهب للفاشيات والحد من مخاطر الكوارث، من خلال تجهيز مرافق الرعاية الصحية وبناء قدرات الكوادر الصحية للاستجابة الفعالة للأمراض والأوبئة والطوارئ المرتبطة بالأعاصير، إضافة إلى إنشاء منصة تنسيق متعددة القطاعات للصحة والتغذية تُعقد من خلالها اجتماعات ربع سنوية للتخطيط الاستراتيجي.