تقارير محلية ودولية تكشف استمرار الانتهاكات بحق أطفال اليمن

بالتزامن مع تدشين الجماعة الحوثية معسكراتها الصيفية

طفلة يمنية بين مجموعة نساء ينتظرن الحصول على مساعدات غذائية (إ.ب.أ)
طفلة يمنية بين مجموعة نساء ينتظرن الحصول على مساعدات غذائية (إ.ب.أ)
TT

تقارير محلية ودولية تكشف استمرار الانتهاكات بحق أطفال اليمن

طفلة يمنية بين مجموعة نساء ينتظرن الحصول على مساعدات غذائية (إ.ب.أ)
طفلة يمنية بين مجموعة نساء ينتظرن الحصول على مساعدات غذائية (إ.ب.أ)

بينما كشفت منظمة دولية عن مقتل وإصابة عشرات الأطفال اليمنيين بالألغام والذخائر المتفجرة خلال العام الحالي، تحدث تقرير محلي عن وقوع مئات الأطفال ضحايا انتهاكات شملت الجرائم الست الجسيمة ضد الأطفال خلال العامين الماضيين، وأسفرت عن وقوع قتلى وجرحى ومشوهين وتجنيد واستغلال جنسي واختطاف.

وقالت منظمة «حماية الطفولة» إن 28 طفلاً يمنياً قتلوا وأصيبوا في حوادث ألغام وذخائر متفجرة منذ بداية العام الحالي، كان آخرها الأسبوع الماضي الذي قتل فيه طفل في محافظة مأرب (شرق العاصمة صنعاء)، وإصابة أربعة آخرين في الحديدة (غرب البلاد) والضالع (وسط)، داعية إلى حماية أطفال اليمن، وتوفير مستقبل أكثر أماناً لهم.

وذكرت المنظمة في تحليل بيانات لها حول مراقبة الأثر المدني والدراسات الاستقصائية للألغام والذخائر المتفجرة أن ارتفاعاً مقلقاً في الضحايا من الأطفال بسبب الذخائر المتفجرة في اليمن حدث ما بين يناير (كانون الأول) 2018 ونوفمبر (تشرين الثاني) 2022، محذرة من الأثر المؤلم الذي تركته 8 سنوات من الحرب، إلى جانب عقود من الصراع التاريخي في اليمن.

خطر الألغام يحاصر الأطفال اليمنيين وشهد العام الحالي مقتل وإصابة 28 منهم وفق تقارير دولية (مسام)

من جهته كشف التحالف اليمني لرصد الانتهاكات عن حدوث 127 واقعة انتهاك، شملت الجرائم الست الجسيمة ضد الأطفال، تعرض لها 157 ضحية بينهم 26 فتاة، بجانب قتلى ومشوهين، ومجندين، وضحايا عنف جنسي، ومختطفين، في تقرير لا يعكس عنف وبشاعة تلك الانتهاكات بصورة شاملة، بل يكتفي باستعراض الحالات التي استطاع توثيقها في فترة زمنية قصيرة.

ويستند التقرير على معلومات جمعها باحثون في ثلاث عشرة محافظة يمنية بين فبراير (شباط) وأكتوبر (تشرين الأول) 2023، ويرصد نماذج تمثيلية لانتهاكات ارتكبتها أطراف النزاع كافة.

ومنذ أيام دشّنت الجماعة الحوثية معسكراتها الصيفية لطلبة المدارس في مناطق سيطرتها، ونفذت حملات ترويجية واسعة، تضمنت وعوداً بجوائز وسلال غذائية، وسط تحذيرات حكومية ومجتمعية من مخاطر هذه المعسكرات، واستغلالها لتجنيد الأطفال للقتال.

طفل يمني يحمل سلاحاً ويردد شعارات الجماعة الحوثية خلال مسيرة في العاصمة صنعاء تحت اسم مناصرة غزة (أ.ف.ب).

ويرصد تقرير التحالف اليمني لرصد الانتهاكات نماذج تمثيلية لانتهاكات ارتكبت خلال فترة إعلان الهدنة بداية أبريل (نيسان) 2022، وحتى إعلان التوقيع على اتفاق مبادئ لإنهاء النزاع في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

ويقدر التقرير أن ما يقارب 26 ألفاً و761 طفلاً تأثروا بفعل الهجمات على المدارس والمستشفيات، ومنع وصول المساعدات الإنسانية من طرف الجماعة الحوثية، بينهم 14 ألفاً و457 فتاة.

وبحسب التقرير؛ مثَّل القتل والتشويه الانتهاك الأكثر تسجيلاً بسبب الاستخدام المفرط للأسلحة، خصوصاً من الجماعة الحوثية؛ إذ شكلت الأرقام المحققة من ضحايا تجنيد الجماعة للأطفال أمراً صادماً، مرجعاً ذلك لاستغلالها الوضع الاقتصادي للأسر اليمنية بشكل لافت، إلى جانب دور الدعاية والإعلام في التأثير على الأطفال واستدراجهم.

وأكد أن الأرقام المتدنية لضحايا العنف الجنسي والاختطاف لا تعكس واقع الحال، بسبب خشية ضحايا هذا النوع من الانتهاك وعائلاتهم من العار الذي سيوصمون به في مجتمعهم حال الإفصاح عنه، إلى جانب العيش في حالة من الخوف والترهيب التي يكرَّسها الجناة على نفسياتهم، ما يمنعهم عن الاستجابة لعمليات التحقيق والتوثيق التي أجراها الباحثون.

ولم يحصل الضحايا كافة من الأطفال على العدالة، طبقاً للتقرير، بفعل عجز وانقسام آليات العدالة والمساءلة الوطنية الذي شجعت على مزيد من الهجمات ضد الأطفال، منوهاً إلى أن الحد من هذه الانتهاكات لن يتحقق إلا بوجود آليات للمساءلة الجنائية.

وأضاف التحالف أن أطفال اليمن كابدوا خلال تسع سنوات صنوفاً من الصراع والآلام، ووقعوا تحت جحيم حرب شُنت عليهم بلا هوادة، مشيراً إلى أنه استند في تقريره على معلومات جمعها باحثون في ثلاث عشرة محافظة يمنية بين فبراير وأكتوبر من العام الماضي.

آليات الحماية

طالب معدو التقرير الحكومة اليمنية الشرعية بالإسراع في إنشاء محكمة ونيابة حقوق الإنسان، ومنحها الاختصاص للنظر في الانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال، وتمكين ودعم قدرات المنظمات المحلية بشكل واسع من قبل الوكالات والمنظمات الدولية المعنية بحماية الأطفال، لتقوم بدور مركزي في توثيق الانتهاكات، وتوفير الدعمين المادي والنفسي للضحايا من الأطفال.

وشدّد مطهر البذيجي المدير التنفيذي للتحالف اليمني لرصد الانتهاكات في حديث لـ«الشرق الأوسط» على عدم سقوط الانتهاكات بالتقادم، داعياً إلى عدم السماح لمرتكبيها بالإفلات من العقاب الذي يسمح لهم باستمرار جرائمهم، والتي لوحظ أنها لم تتوقف رغم توقف الأعمال العسكرية، إذ لا تزال الجماعة الحوثية تواصل تجنيد الأطفال وممارسة الأعمال العدائية بحقهم دون رادع.

وفي اتصال هاتفي أجرته معه «الشرق الأوسط»، وصف أحد معدي التقرير، الانتهاكات التي وقعت بحق الأطفال خلال السنوات الماضية بجرائم الحرب التي امتدت لتشمل الحقوق كافة، وجميع مناحي الحياة.

طفلة يمنية بعمر العامين تعاني من سوء التغذية أثناء وزنها في أحد مستشفيات مدينة الحديدة (رويترز)

واتهم نجيب الشغدري الباحث في «تحالف رصد» الجماعة الحوثية بالمسؤولية عن غالبية الانتهاكات التي لحقت بأطفال اليمن، من خلال تعمدها تعريضهم لمختلف مخاطر الصراع، وتجنيدهم وإجبارهم على المشاركة في المعارك، وحرمانهم من التعليم والصحة والتغذية، والوصول إلى المساعدات الإنسانية، مطالباً المجتمع الدولي بالجدية والفاعلية لوقف تلك المعاناة.

وتأتي المعسكرات الصيفية التي تنظمها الجماعة الموالية لإيران هذا العام، بعد أشهر من استغلالها الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة، لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين، أغلبهم من الأطفال، تحت اسم مناصرة الفلسطينيين، إلى جانب هجماتها على الملاحة في البحر الأحمر.


مقالات ذات صلة

روسيا وأوكرانيا تعيدان أطفالاً إلى عائلاتهم بعد وساطة قطرية

العالم أم أوكرانية تعانق ابنها بعد عودته من روسيا إلى أوكرانيا... الصورة في كييف 8 أبريل 2023 (رويترز)

روسيا وأوكرانيا تعيدان أطفالاً إلى عائلاتهم بعد وساطة قطرية

قال مسؤول روسي كبير إن روسيا وأوكرانيا اتفقتا على تبادل 9 أطفال ولم شملهم مع أسرهم في أحدث عملية تبادل إنساني بين الدولتين المتحاربتين.

«الشرق الأوسط» (موسكو - كييف)
يوميات الشرق امرأة مع طفلها المولود (رويترز - أرشيفية)

امرأة تلد في سن الـ61 وتصبح أكبر أم جديدة في مقدونيا الشمالية

أصبحت سيدة تبلغ 61 عاماً أكبر امرأة تلد طفلاً في مقدونيا الشمالية، وفق ما أعلنت السلطات الصحية في الدولة الواقعة في منطقة البلقان الثلاثاء.

«الشرق الأوسط» (سكوبيي (مقدونيا الشمالية))
المشرق العربي طفل يراقب ماذا يحصل حوله بينما تحاول عناصر أمنية طرد النازحين من فندق قديم بمنطقة الحمرا في بيروت (رويترز)

أطفال لبنان عرضة للقتل والصدمات النفسية

أصبح خبر مقتل أطفال في لبنان بشكل يومي، بغارات تنفذها إسرائيل بحجة أنها تستهدف عناصر ومقرات وأماكن وجود «حزب الله»، خبراً عادياً يمر مرور الكرام.

بولا أسطيح (بيروت)
يوميات الشرق من المهم مراقبة مسارات تطوّر تنظيم المشاعر لدى الأطفال (جامعة واشنطن)

نوبات غضب الأطفال تكشف اضطراب فرط الحركة

الأطفال في سنّ ما قبل المدرسة الذين يواجهون صعوبة في التحكُّم بمشاعرهم وسلوكهم عبر نوبات غضب، قد يظهرون أعراضاً أكبر لاضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
آسيا طفل باكستاني يتلقى لقاح شلل الأطفال (رويترز)

وسط ارتفاع معدلات العنف... حالات شلل الأطفال تواصل الانتشار في باكستان

سجلت باكستان اليوم (الجمعة)، حالتي إصابة إضافيتين بشلل الأطفال، مما رفع عدد الإصابات بالمرض المسبب للإعاقة إلى 52 حتى الآن خلال العام الجاري

«الشرق الأوسط» (إسلام أباد)

«الصحة العالمية» تحذّر من «نقص حادّ» في المواد الأساسية بشمال قطاع غزة

منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
TT

«الصحة العالمية» تحذّر من «نقص حادّ» في المواد الأساسية بشمال قطاع غزة

منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)

حذّرت منظمة الصحة العالمية، اليوم الخميس، من أنّ قطاع غزة، ولا سيّما شطره الشمالي، يعاني نقصاً حادّاً في الأدوية والأغذية والوقود والمأوى، مطالبة إسرائيل بالسماح بدخول مزيد من المساعدات إليه، وتسهيل العمليات الإنسانية فيه.

ووفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، وصفت المنظمة الأممية الوضع على الأرض بأنه «كارثي».

وقال المدير العام للمنظمة تيدروس أدهانوم غيبريسوس إنه عندما اندلعت الحرب في غزة، قبل أكثر من عام في أعقاب الهجوم غير المسبوق الذي شنّته حركة «حماس» على جنوب إسرائيل، في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، لجأ تقريباً جميع الذين نزحوا بسبب النزاع إلى مبان عامة أو أقاموا لدى أقارب لهم.

وأضاف، في مؤتمر صحافي بمقرّ المنظمة في جنيف: «الآن، يعيش 90 في المائة منهم في خيم».

وأوضح أن «هذا الأمر يجعلهم عرضة لأمراض الجهاز التنفّسي وغيرها، في حين يتوقّع أن يؤدّي الطقس البارد والأمطار والفيضانات إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية».

وحذّر تيدروس من أن الوضع مروِّع بشكل خاص في شمال غزة، حيث بدأ الجيش الإسرائيلي عملية واسعة، مطلع أكتوبر الماضي.

وكان تقريرٌ أُعِدّ بدعم من الأمم المتّحدة قد حذّر، في وقت سابق من هذا الشهر، من أن شبح المجاعة يخيّم على شمال قطاع غزة؛ حيث اشتدّ القصف والمعارك، وتوقّف وصول المساعدات الغذائية بصورة تامة تقريباً.

وقام فريق من منظمة الصحة العالمية وشركائها، هذا الأسبوع، بزيارة إلى شمال قطاع غزة استمرّت ثلاثة أيام، وجالَ خلالها على أكثر من 12 مرفقاً صحياً.

وقال تيدروس إن الفريق رأى «عدداً كبيراً من مرضى الصدمات، وعدداً متزايداً من المصابين بأمراض مزمنة الذين يحتاجون إلى العلاج». وأضاف: «هناك نقص حادّ في الأدوية الأساسية».

ولفت المدير العام إلى أن منظمته «تفعل كلّ ما في وسعها - كلّ ما تسمح لنا إسرائيل بفعله - لتقديم الخدمات الصحية والإمدادات».

من جهته، قال ريك بيبركورن، ممثّل منظمة الصحة العالمية في الأراضي الفلسطينية، للصحافيين، إنّه من أصل 22 مهمّة إلى شمال قطاع غزة، قدّمت طلبات بشأنها، في نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، جرى تسهيل تسع مهام فقط.

وأضاف أنّه من المقرّر أن تُجرى، السبت، مهمّة إلى المستشفيين الوحيدين، اللذين ما زالا يعملان «بالحد الأدنى» في شمال قطاع غزة؛ وهما مستشفى كمال عدوان ومستشفى العودة، معرباً عن أمله في ألا تحدث عرقلة لهذه المهمة.

وقال بيبركورن إنّ هذين المستشفيين «بحاجة إلى كل شيء»، ويعانيان بالخصوص نقصاً شديداً في الوقود، محذراً من أنّه «دون وقود لا توجد عمليات إنسانية على الإطلاق».

وفي الجانب الإيجابي، قال بيبركورن إنّ منظمة الصحة العالمية سهّلت، هذا الأسبوع، إخلاء 17 مريضاً من قطاع غزة إلى الأردن، يُفترض أن يتوجه 12 منهم إلى الولايات المتحدة لتلقّي العلاج.

وأوضح أن هؤلاء المرضى هم من بين نحو 300 مريض تمكنوا من مغادرة القطاع منذ أن أغلقت إسرائيل معبر رفح الحدودي الرئيسي في مطلع مايو (أيار) الماضي.

لكنّ نحو 12 ألف مريض ما زالوا ينتظرون، في القطاع، إجلاءهم لأسباب طبية، وفقاً لبيبركورن الذي طالب بتوفير ممرات آمنة لإخراج المرضى من القطاع.

وقال: «إذا استمررنا على هذا المنوال، فسوف نكون مشغولين، طوال السنوات العشر المقبلة».