«الصحة العالمية»: ربع سكان اليمن يعانون من الصدمات النفسية والتوتر

قالت إن هناك «معركة صامتة» تتطلب اهتماماً عاجلاً

يعاني كثير من اليمنيين في صمت خوفاً من الوصمة المرتبطة بالمرض النفسي (إعلام محلي)
يعاني كثير من اليمنيين في صمت خوفاً من الوصمة المرتبطة بالمرض النفسي (إعلام محلي)
TT

«الصحة العالمية»: ربع سكان اليمن يعانون من الصدمات النفسية والتوتر

يعاني كثير من اليمنيين في صمت خوفاً من الوصمة المرتبطة بالمرض النفسي (إعلام محلي)
يعاني كثير من اليمنيين في صمت خوفاً من الوصمة المرتبطة بالمرض النفسي (إعلام محلي)

ذكرت منظمة الصحة العالمية أن 7 ملايين يمني، يشكّلون نحو رُبع سكان البلاد، يعانون من الصدمات النفسية والتوتر الناجم عن استمرار الصراع.

وأكدت المنظمة الأممية أن 120 ألفاً فقط من هذا العدد يمتلكون القدرة على الوصول إلى خدمات الصحة النفسية، ووصفت الأزمة بأنها «معركة صامتة، وتتطلب اهتماماً عاجلاً».

الحواجز الناجمة عن التمييز الجنسي تؤثر بشكل كبير في الصحة العقلية للنساء والفتيات (الأمم المتحدة)

وأوضح مكتب الصحة العالمية في اليمن أن سنوات الصراع ألقت بظلالها القاتمة على هذا البلد سواء على بنيته التحتية المادية أو على صحة ورفاهية شعبه.

وقال إنه «تم تجاهل الصحة النفسية لفترة طويلة للغاية، وهي الآن تتفاقم بوصفها أزمة خفية، إذ تفتقر أجزاء واسعة من البلاد لخدمات الصحة والدعم النفسي الاجتماعي؛ بسبب نقص المهنيين المدربين ومرافق العلاج. ومع ذلك فإنه وحتى عندما تكون هذه الخدمات متاحة، يشعر الناس بعدم القدرة على الوصول إليها بسبب الرفض الاجتماعي».

وطبقاً لما جاء في تقرير «الصحة العالمية»، يعاني ما يقدّر بنحو 7 ملايين شخص، أي نحو رُبع سكان اليمن، من الصدمات النفسية والتوتر الناجم عن الصراع المستمر. ويحتاج جميعهم إلى دعم نفسي، ومع ذلك فإن 120 ألف شخص فقط من هذا العدد لديهم إمكانية الوصول المستمر إلى هذه الخدمات.

مأساة مهملة

التقرير استعرض حالة إحدى النساء، واسمها أسماء، بوصفها تجسد مأساة الأزمة المهملة والنضال الصامت للمتضررين. وقال إنها عاشت تحت وطأة الحرب المستمرة، وعانت من أعماق الاكتئاب، فانسحبت من الحياة، مما تركها معزولة وكانت تفكر في الهروب بعد أن شعرت بالإحباط.

ونُقل عن المرأة القول إنها كنت دائماً منعزلة، ولا تريد مغادرة غرفتها، واستمرت صحتها النفسية في التدهور حتى وصلت إلى مرحلة لم تعد ترغب فيها بلقاء أي شخص وتتوق إلى الهروب، ومع ذلك لم تتمكّن من طلب المساعدة بأحد أقسام الصحة النفسية إلا من خلال اهتمام أسرتها، ومع العلاج والمشورة، وجدت طريقاً للتعافي، واستعادت قدرتها على التواصل مع مجتمعها.

يواجه اليمن نقصاً واضحاً في الكادر المدرب على العلاج النفسي (إعلام محلي)

ويؤكد التقرير أن كثيراً يعانون في صمت ويتجنبون طلب الدعم؛ خوفاً من الوصمة المرتبطة بالمرض النفسي.

لكن نبيلة، وهي معلمة للغة الإنجليزية وأم لخمسة أطفال، سلكت طريقاً مختلفة، وتحدت وصمة العار ولم تكن خائفة من طلب المساعدة.

في البداية، عانت نبيلة مما بدا أنها أعراض حساسية، بالإضافة إلى اضطراب في النوم والقلق، وراجعت طبيب الأمراض الجلدية، الذي كشف أن شكواها كانت بسبب عوامل نفسية، ونصحها بإيجاد طرق لتقليل مستويات التوتر لديها لحل المشكلة، أو طلب دعم الصحة النفسية. وإدراكاً للصلة بين القلق والأعراض الجسدية، وجدت نبيلة الدعم المهني قبل أن يصبح العبء أكبر من اللازم.

وتقول المعلمة إنها لا تشعر بالخجل؛ لأن المرض النفسي مثل المرض الجسدي، يمكن علاجه. إذ أدركت أنها تعاني نفسياً، وبدأ الأمر يؤثر في حالتها الصحية، وحاولت التغلب عليه، لكن الأمر كان فوق طاقتها، لذلك طلبت الدعم قبل أن يتفاقم الأمر.

توسيع نطاق الدعم

سلطت الدكتورة أشجان يوسف، وهي عاملة في مجال الصحة العقلية في اليمن، الضوء على النقص الحاد في الموارد والمهنيين المدربين، والحاجة إلى عمل جماعي؛ لتوسيع نطاق الخدمات وبناء نظام قوي لدعم الصحة العقلية.

وأكدت يوسف، أن دعم الصحة النفسية يواجه نقصاً واضحاً، خصوصاً من حيث توافر الكادر المدرب مع أنه جزء مهم من الرعاية الصحية الشاملة.

تفتقر أجزاء واسعة من اليمن لخدمات الصحة والدعم النفسي الاجتماعي (إعلام محلي)

وبيّنت أنهم يعملون على نشر الوعي بأهمية الصحة النفسية، وتقديم الدعم اللازم للأشخاص الذين يعانون من اضطرابات نفسية، وأملت في أن يستمر تحسين الخدمات وتوسيع نطاق رعاية الصحة النفسية للوصول إلى مزيد من الأشخاص الذين يحتاجون إلى الدعم.

وبموجب الشراكة بين منظمة الصحة العالمية، والمكتب الإنساني للجماعة الأوروبية، تم ردم فجوة الخدمات وزيادة الوصول إلى الصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي.

وأفاد تقرير مكتب الصحة العالمية بأنه تم تعزيز 17 وحدة للصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي في جميع أنحاء اليمن من خلال إعادة تأهيل المرافق، وتوفير أثاث ومعدات جديدة، كما تم تزويد الوحدات بالأدوية، وبناء القدرات في مجال الصحة والدعم النفسي الاجتماعي للعاملين في جميع أنحاء البلاد.


مقالات ذات صلة

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

العالم العربي تأهيل الطرقات وتحسين البنية التحتية التي تأثرت بالحرب والانقلاب  (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تقرير حديث للبرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن حول مساهماته في بناء القدرات واستثمار طاقات الشباب اليمني لتحسين حياتهم وخدمة مجتمعهم وبناء مستقبل واعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

أحال رئيس الحكومة اليمنية، أحمد بن مبارك، رئيس مؤسسة نفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

تتزايد مخاطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بسبب تفاقم الأزمة الاقتصادية، في حين تتصاعد الدعوات لإجراء حلول عاجلة ودائمة تمكن الحكومة من السيادة على الموارد.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً جديدةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)

نصف سكان اليمن يواجهون تهديدات زائدة بسبب تغير المناخ

نبه البنك الدولي إلى المخاطر الزائدة التي يواجهها اليمن نتيجة لتغير المناخ وأكد أن سكاناً كثيرين يواجهون تهديدات مثل الحرارة الشديدة والجفاف والفيضانات

محمد ناصر (تعز)

«حماس» تُرحّب بمذكرتي توقيف نتنياهو وغالانت وتصفهما بخطوة «تاريخية»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (أرشيفية - رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (أرشيفية - رويترز)
TT

«حماس» تُرحّب بمذكرتي توقيف نتنياهو وغالانت وتصفهما بخطوة «تاريخية»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (أرشيفية - رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (أرشيفية - رويترز)

رحبت حركة «حماس»، اليوم (الخميس)، بإصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت، معتبرة أنه خطوة «تاريخية مهمة».

وقالت الحركة في بيان إنها «خطوة ... تشكل سابقة تاريخيّة مهمة، وتصحيحاً لمسار طويل من الظلم التاريخي لشعبنا»، من دون الإشارة إلى مذكرة الاعتقال التي أصدرتها المحكمة بحق محمد الضيف، قائد الجناح المسلح لـ«حماس».

ودعت الحركة في بيان «محكمة الجنايات الدولية إلى توسيع دائرة استهدافها بالمحاسبة، لكل قادة الاحتلال».

وعدّت «حماس» القرار «سابقة تاريخية مهمة»، وقالت إن هذه الخطوة تمثل «تصحيحاً لمسار طويل من الظلم التاريخي لشعبنا، وحالة التغاضي المريب عن انتهاكات بشعة يتعرض لها طيلة 46 عاماً من الاحتلال».

كما حثت الحركة الفلسطينية كل دول العالم على التعاون مع المحكمة الجنائية في جلب نتنياهو وغالانت، «والعمل فوراً لوقف جرائم الإبادة بحق المدنيين العزل في قطاع غزة».

وفي وقت سابق اليوم، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت؛ لتورطهما في «جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب»، منذ الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وقال القيادي بحركة «حماس»، عزت الرشق، لوكالة «رويترز» للأنباء، إن أمر الجنائية الدولية يصب في المصلحة الفلسطينية.

وعدّ أن أمر «الجنائية الدولية» باعتقال نتنياهو وغالانت يكشف عن «أن العدالة الدولية معنا، وأنها ضد الكيان الصهيوني».

من الجانب الإسرائيلي، قال رئيس الوزراء السابق، نفتالي بينيت، إن قرار المحكمة بإصدار أمري اعتقال بحق نتنياهو وغالانت «وصمة عار» للمحكمة. وندد زعيم المعارضة في إسرائيل، يائير لابيد، أيضاً بخطوة المحكمة، ووصفها بأنها «مكافأة للإرهاب».

ونفى المسؤولان الإسرائيليان الاتهامات بارتكاب جرائم حرب. ولا تمتلك المحكمة قوة شرطة خاصة بها لتنفيذ أوامر الاعتقال، وتعتمد في ذلك على الدول الأعضاء بها.