انقلابيو اليمن يقيّدون بيع وشراء السيارات في مناطق سيطرتهم

في مسعى للتضييق على التجار... وجباية مزيد من الأموال

يمنيون يسيرون في سوق وسط صنعاء (إ.ب.أ)
يمنيون يسيرون في سوق وسط صنعاء (إ.ب.أ)
TT

انقلابيو اليمن يقيّدون بيع وشراء السيارات في مناطق سيطرتهم

يمنيون يسيرون في سوق وسط صنعاء (إ.ب.أ)
يمنيون يسيرون في سوق وسط صنعاء (إ.ب.أ)

اتخذت الجماعة الحوثية في اليمن قراراً بتقييد بيع وشراء السيارات في مناطق سطوتها، وحصر ذلك على ما تُسمى «الإدارة العامة للمرور»، التابعة لها، بعد أن كانت عملية البيع والشراء تتم عبر تجار السيارات المنتشرين في صنعاء وبقية المدن المختطفة من قبل الجماعة.

مصادر مطلعة في صنعاء أكدت لـ«الشرق الأوسط»، أن هدف الجماعة من وراء هذه الخطوة هو استهداف ممتهني تجارة بيع وشراء السيارات عبر قطع مصادر رزقهم، وتحويل تلك المهنة إلى سلعة جديدة تدر لها ولكبار قادتها مزيداً من الأموال.

يُخضع الحوثيون أفراد المرور لتلقّي محاضرات تعبوية (فيسبوك)

وأصدرت ما تُسمى «الإدارة العامة للمرور»، التابعة للجماعة الحوثية في صنعاء قراراً وُصف بـ«التعسفي» يقضي بحظر بيع وشراء أي سيارة إلا بموجب تفويض من قبلها، الأمر الذي عدّه السكان تضييقاً جديداً ومتعمداً على حركة البيع والشراء، وحرمان شريحة واسعة من اليمنيين يعملون في تلك المهنة من مصادر عيشهم.

و‏حذّرت إدارة المرور الحوثية المخالفين لما تضمنه القرار، كاشفة عن بدء تنفيذها حزمة إجراءات جديدة لإصدار المبايعات، والتعامل مع عمليات بيع وشراء السيارات. وبررت الجماعة إجراءاتها تلك بأنها تأتي استجابة لما أسمتها «الخطة التطويرية» التي أقرها مهدي المشاط رئيس ما يُسمى «المجلس السياسي الأعلى»، وحددت ما يعادل 6 دولارات رسوماً عن كل عملية بيع تتم عن طريقها.

قرار تعسفي

شكا ملاك معارض سيارات في صنعاء، لـ«الشرق الأوسط»، من معاودة الجماعة استهداف مصادر رزقهم عبر اتخاذها قراراً مفاجئاً يطالهم ويحرمهم من الحصول على لقمة العيش.

وأكدوا أن الغرض من إصدار الجماعة قراراً مثل هذا، في وقت لا تزال فيه سوق السيارات في صنعاء ومدن أخرى تعاني من ركود غير مسبوق، هو التكسب والتربح لا أكثر، من قبل جماعة أدمنت على الإتاوات.

مسلحون ملثمون في مدينة إب اليمنية نشرهم الحوثيون لإرهاب السكان (تويتر)

ووصف ملاك المعارض القرار الحوثي بأنه «يأتي استكمالاً لسلسلة من حملات الاستهدافات التي طالتهم في أوقات سابقة بهدف جني الأموال بطرق غير مشروعة دعماً للجبهات».

ومع تنامي حالة السخط في أوساط اليمنيين جراء تصاعد الانتهاكات الحوثية، اتهم العشرات من ملاك معارض بيع السيارات في صنعاء الجماعة بمواصلة استهدافهم تارة بفرض إتاوات مالية، وأخرى بمبرر إصلاح أوضاع وتجديد تصاريح، وأخيراً بحرمانهم من كسب العيش.

تقليعة حوثية

وصف إبراهيم، وهو اسم مستعار لتاجر سيارات في صنعاء، القرار الحوثي بأنه تقليعة جديدة هدفها ابتزاز ونهب ما تبقّى من العاملين في قطاع بيع وشراء السيارات في العاصمة صنعاء وبقية المناطق.

وأشار في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن حصر الجماعة عملية البيع والشراء في السيارات على إدارة المرور التابعة لها، قد يكون مؤقتاً ولفترة وجيزة، متوقعاً في الوقت ذاته لجوء الجماعة، في مقبل الأيام وضمن أساليبها المتبعة والمعروفة، إلى فتح نافذة جديدة للتكسب غير المشروع عبر منح تراخيص لملاك المعارض لمزاولة مهنة بيع وشراء السيارات قبل أن تفرض عليهم دفع مبالغ طائلة.

يحتاج الملايين في اليمن العام المقبل إلى المساعدة الإنسانية أو الحماية (الأمم المتحدة)

وانتقد إبراهيم مواصلة الجماعة التضييق على من تبقى من العاملين بهذا القطاع، وهو ما نتج عنه وفق تقديرات سابقة إغلاق نحو 70 في المائة من وكالات ومعارض تجارة السيارات بصنعاء ومدن أخرى، لأبوابها وتسريح المئات من العاملين فيها.

ويأتي انشغال الجماعة أخيراً، عبر ما تُسمى «إدارة المرور» الخاضعة لها، بمضايقة ملاك معارض بيع وشراء السيارات واستهدافهم في قوتهم المعيش، متزامناً مع استمرار ارتفاع منسوب الحوادث المرورية التي تسجلها غالبية مناطق سيطرة الجماعة، مخلفة خسائر بشرية ومادية كبيرة في ظل استمرار الغياب التام لبرامج التوعية المرورية، ومواصلة أعمال النهب والإهمال الحوثي المتعمد

وكانت الجماعة الحوثية عمدت، طيلة السنوات الماضية، إلى شنّ حملات ابتزاز وتنكيل بحق ممتهني تجارة بيع وشراء السيارات بمدن عدة واقعة تحت سيطرتها.


مقالات ذات صلة

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

العالم العربي تأهيل الطرقات وتحسين البنية التحتية التي تأثرت بالحرب والانقلاب  (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تقرير حديث للبرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن حول مساهماته في بناء القدرات واستثمار طاقات الشباب اليمني لتحسين حياتهم وخدمة مجتمعهم وبناء مستقبل واعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

أحال رئيس الحكومة اليمنية، أحمد بن مبارك، رئيس مؤسسة نفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

تتزايد مخاطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بسبب تفاقم الأزمة الاقتصادية، في حين تتصاعد الدعوات لإجراء حلول عاجلة ودائمة تمكن الحكومة من السيادة على الموارد.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً جديدةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)

نصف سكان اليمن يواجهون تهديدات زائدة بسبب تغير المناخ

نبه البنك الدولي إلى المخاطر الزائدة التي يواجهها اليمن نتيجة لتغير المناخ وأكد أن سكاناً كثيرين يواجهون تهديدات مثل الحرارة الشديدة والجفاف والفيضانات

محمد ناصر (تعز)

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.