رئيس المخابرات التركية يزور ليبيا وسط أزمة سياسية

إبراهيم كالين مدير المخابرات في تركيا (رويترز)
إبراهيم كالين مدير المخابرات في تركيا (رويترز)
TT

رئيس المخابرات التركية يزور ليبيا وسط أزمة سياسية

إبراهيم كالين مدير المخابرات في تركيا (رويترز)
إبراهيم كالين مدير المخابرات في تركيا (رويترز)

زار رئيس المخابرات التركية ليبيا في وقت يبحث فيه مؤيدو حكومة طرابلس عن مخرج من مأزق سياسي أدى إلى وقف صادرات النفط، وتعرّض أربع سنوات من الاستقرار النسبي للخطر.

وقال مصدر أمني تركي، اليوم الجمعة، إن إبراهيم كالين، رئيس جهاز المخابرات الوطني التركي، اجتمع مع رئيس الوزراء عبد الحميد الدبيبة، الخميس، ومسؤولين آخرين. ويرأس الدبيبة حكومة الوحدة الوطنية الليبية المعترف بها من الأمم المتحدة والمدعومة من تركيا.

وأضاف المصدر، وفقاً لوكالة «رويترز»، أن كالين عبر عن أمل أنقرة في حل النزاعات في ليبيا «من خلال الاتفاق الوطني ومواصلة خفض التصعيد»، مشيراً إلى أن كالين أكد أيضاً التزام أنقرة بوحدة ليبيا واستقرارها.

وتمثل زيارة كالين أعلى مستوى اتصال بين الجانبين منذ زيارة الدبيبة لأنقرة في أواخر مايو (أيار)، وتأتي في وقت تعمل فيه السلطات الليبية المتنافسة على نزع فتيل مواجهة سياسية تدور أساساً حول الإطاحة بمحافظ مصرف ليبيا المركزي المخضرم، الصديق الكبير، الشهر الماضي. ويستقبل مصرف ليبيا عائدات صادرات النفط الليبية التي تمثل المصدر الرئيسي لكل الدخل الوطني تقريباً ويقوم بتوزيعها.

وخلال الأزمة، أعلنت فصائل في شرق ليبيا وقف كل إنتاج النفط، مطالبة بالتراجع عن إقالة «الكبير»، في خطوة أثارت خطر إنهاء أربع سنوات من الاستقرار النسبي في ليبيا التي لم تنعم إلا بالقليل من السلام منذ عام 2011، وانقسمت في عام 2014 بين فصائل في الشرق وأخرى في الغرب.


مقالات ذات صلة

تركيا: صدام حاد بين إردوغان ومنافسه المحتمل أكرم إمام أوغلو

شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان هاجم رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو وسط نقاش متصاعد حول الانتخابات المبكرة (الرئاسة التركية)

تركيا: صدام حاد بين إردوغان ومنافسه المحتمل أكرم إمام أوغلو

بينما يتصاعد النقاش حول احتمالات التوجه إلى انتخابات مبكرة في تركيا، وقع تراشق حاد بين الرئيس رجب طيب إردوغان ورئيس بلدية إسطنبول المعارض أكرم إمام أوغلو.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي ماكرون وإردوغان خلال لقائهما عام 2022 (أرشيفية - رويترز) play-circle

إردوغان يرحب بخطة أوروبا لرفع العقوبات عن سوريا

رحّب الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، خلال محادثة هاتفية مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، بـ«خريطة الطريق» الأوروبية لرفع العقوبات عن سوريا.

«الشرق الأوسط» (إسطنبول)
شمال افريقيا وزير خارجية إثيوبيا خلال استقبال الوفد التركي (وكالة الأنباء الإثيوبية)

محادثات إثيوبية - تركية بشأن «إعلان أنقرة»... طمأنة للصومال وتأكيد على «الاتفاق»

اجتماع إثيوبي - تركي في أديس أبابا بحث تنفيذ «إعلان أنقرة» الملزم بانطلاق مفاوضات فنية نهاية فبراير الحالي، بين أديس أبابا ومقديشو لحل الخلافات بينهما.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شؤون إقليمية مؤيدون لزعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان في فرنسا خلال مظاهرة للمطالبة بالإفراج عنه (أ.ف.ب)

تركيا: «العمال الكردستاني» يوقف عملياته قبل دعوة أوجلان «المرتقبة» لإلقاء أسلحته

يتصاعد الحديث عن دعوة مرتقبة لزعيم حزب «العمال الكردستاني» السجين في تركيا عبد الله أوجلان لمسلحي الحزب لإلقاء أسلحتهم، وبدء عملية تهدف لحل المشكلة الكردية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية نصب تذكاري لضحايا الزلزال في مدينة أنطاكيا التابعة لولاية هطاي بجنوب تركيا وقد كتبت عليه عبارة «لم ولن يُنسى» (أ.ب)

تركيا: عامان من الحزن والغضب مرّا على كارثة زلزال 6 فبراير

أحيت تركيا، الخميس، بدموع لم تجف وأحزان لا تزال تتجدد، الذكرى الثانية لكارثة زلزال 6 فبراير (شباط) 2023 المزدوج الذي ضرب 11 ولاية في تركيا وأجزاء من شمال سوريا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

ليبيون يتوقّعون خضوع قادة الميليشيات المسلحة في ليبيا لعقوبات دولية

وزير العدل الإيطالي يرد على أسئلة البرلمانيين حول قضية إعادة أسامة نجيم إلى ليبيا (أ.ف.ب)
وزير العدل الإيطالي يرد على أسئلة البرلمانيين حول قضية إعادة أسامة نجيم إلى ليبيا (أ.ف.ب)
TT

ليبيون يتوقّعون خضوع قادة الميليشيات المسلحة في ليبيا لعقوبات دولية

وزير العدل الإيطالي يرد على أسئلة البرلمانيين حول قضية إعادة أسامة نجيم إلى ليبيا (أ.ف.ب)
وزير العدل الإيطالي يرد على أسئلة البرلمانيين حول قضية إعادة أسامة نجيم إلى ليبيا (أ.ف.ب)

يتوقَّع عددٌ من السياسيين الليبيين أن تطال «العقوبات الدولية» قادة الميليشيات المسلحة في البلاد، وذلك بعدما رصد تقرير أممي، أخيراً، تصاعد نفوذ تلك الميليشيات؛ وتأثيرها غير المسبوق على مؤسسات الدولة السيادية، بما في ذلك المصرف المركزي، والمؤسسة الوطنية للنفط.

وأشار الفريق الأممي في تقريره، الذي يغطي الفترة الممتدة من منتصف عام 2023 إلى نهاية أكتوبر (تشرين الأول) 2024، إلى زيادة أرباح تلك الميليشيات من تهريب الديزل، كما وثَّق مسؤولية بعضها عن «انتهاكات حقوقية» وصلت إلى «ارتكاب جرائم القتل، والتعذيب، والاحتجاز التعسفي ضد مدنيين».

ووفقاً لرؤية عدد من السياسيين، فإنه من المستبعد التغاضي عمّا ورد في هذا التقرير، مشيرين إلى أن الأمم المتحدة قد تتخذ في «المستقبل القريب» إجراءات حاسمة لمواجهة قادة تلك المجموعات المسلحة.

سيف العقوبات

توقَّع رئيس «الاتحاد الوطني للأحزاب الليبية»، أسعد زهيو، «تسليط سيف العقوبات الدولية على قادة هذه المجموعات بعموم البلاد، وعدم إفلاتهم من العقاب كما كانت الحال في السابق». وعدّ في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن نشر التقرير الأممي، بما تضمَّنه من سرد لانتهاكات قادة تلك المجموعات، بالتزامن مع إعلان البعثة الأممية تشكيل لجنتها الاستشارية «بمثابة رسالة تهديد لهم، حتى لا يقدموا على أي خطوة من شأنها عرقلة العملية السياسية، وإلا وجدوا أنفسهم في مواجهة العقوبات»، مبرزاً أن «هناك استشعاراً بوجود قرار دولي لمعاقبة هذه المجموعات المسلحة وتحجيم دورها».

زهيو عدّ أن خضوع رئيسة وزراء إيطاليا للتحقيق في الإفراج عن أسامة نجيم «سيكون بمثابة جرس إنذار بعدم التساهل في حماية أي قادة للمجموعات المسلحة» (أ.ف.ب)

ورأى زهيو أن خضوع رئيسة وزراء إيطاليا، جورجيا ميلوني، للتحقيق في واقعة الإفراج وترحيل آمر الشرطة القضائية الليبي، أسامة نجيم، إلى ليبيا رغم كونه ملاحقاً من قبل المحكمة الجنائية الدولية «سيكون بمثابة جرس إنذار بعدم التساهل في حماية أي قادة للمجموعات المسلحة».

واستبعد زهيو اقتصار «العقوبات المتوقعة» على هؤلاء، في قرارات المنع من السفر، وتجميد أرصدتهم خارج البلاد فقط، متوقعاً «إحالة التقرير بعض الأسماء إلى لجنة الجزاءات، إضافة إلى إحالة الشخصيات المتورطة في جرائم القتل والتعذيب والاحتجاز القسري للجنائية الدولية، قصد إدراجهم بقوائم المطلوبين لديها».

بدوره، رأى المحلل السياسي الليبي، محمد محفوظ، أنه من الوارد «فرض عقوبات على قادة الجماعات المسلحة في شرق البلاد وغربها»، مشدداً على أن قرار تفعيل تلك العقوبات من عدمه «قد يرتهن للمتغيرات السياسية خلال الفترة المقبلة».

أسامة نجيم رئيس مؤسسة الإصلاح والتأهيل في طرابلس (حسابات موثوقة على وسائل التواصل)

وذهب محفوظ في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى «إمكانية وقوع بعض أفرقاء الأزمة السياسية تحت طائلة العقوبات الدولية، خصوصاً مَن يثبت عدم انخراطه، أو عرقلته للمبادرة السياسية الجديدة للبعثة الأممية، التي يبدو أن هناك جديةً لدى الدول الغربية في دعمها».

ووفقاً لتقدير محفوظ، فإن تقرير الخبراء الأمميين «أحدث بعض التخوف في صفوف قادة الجماعات». وقال بهذا الخصوص: «بات هناك قلقٌ لدى هؤلاء بشأن السفر والوجود بإحدى الدول الأوروبية؛ لخشيتهم من أن يكونوا مدرجين على قوائم المطلوبين لدى (الجنائية الدولية) غير المعلنة؛ أو مطلوبين للتحقيق أمام محاكم تلك الدول، جراء دعاوى قضائية أقامها في الأغلب مهاجرون غير نظاميين».

مخاوف المجموعات المسلحة

الناشط السياسي الليبي، حسام القماطي، توافَق مع الطرح السابق، مشيراً إلى أن «تخوف بعض قادة المجموعات المسلحة من السفر لأوروبا في الوقت الراهن يجهض مخططاتهم للتمتع بما جمعوه من أموال عبر الإقامة، أو شراء مبانٍ فخمة في تلك الدول، أو حضور حفلات ومباريات رياضية». بحسب قوله.

ورغم تأكيده أن ملاحقة «الجنائية الدولية» أسامة نجيم «أحيت قدراً من الآمال» في تعقب المجتمع الدولي قادة تلك الجماعات، ومعاقبتهم، فإن القماطي يرى في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «استعادة الليبيين ثقتهم بهذا المجتمع والأمم المتحدة باتت مرهونةً على المخرجات، التي سيسفر عنها اجتماع مرتقب للجنة الجزاءات التابعة لمجلس الأمن خلال الشهر الحالي». وقال موضحاً: «إذا لم يتم وضع عدد من أسماء هؤلاء القادة في قائمة الجزاءات، فهذا يعني أن المنظمة الأممية، ومن خلفها الدول الغربية الكبرى، تركت الليبيين بمفردهم في مواجهة تلك الجماعات، على الرغم مما رصده خبراؤها في هذا التقرير، من تغول لنفوذ هذه الميليشيات في شرق ليبيا وغربها».

المهاجر لاماغوك بيل روي الذي رفع دعوى ضد رئيسة الحكومة الإيطالية بدعوى السماح بإعادة أسامة نجيم إلى ليبيا رغم وجود مذكرة باعتقاله (أ.ف.ب)

بالمقابل، توقَّع عضو مجلس النواب الليبي، علي التكبالي، «عدم الالتفات للتقرير الأممي»، ورأى أنه «لم يتضمَّن أي معلومات جديدة بشأن تصاعد نفوذ الجماعات المسلحة في البلاد». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «تضارب المصالح للدول المنخرطة بالساحة الليبية، مثل فرنسا وإيطاليا وتركيا، ما بين الاستثمار بالقطاع النفطي، وحماية الحدود، ومكافحة الهجرة غير المشروعة، من شأنه تقويض أي محاولة لاستهداف كثير من قادة تلك الجماعات؛ كونهم مَن يحمون مصالحها».

وانتهى التكبالي إلى أن التقرير الأممي «رصد عدم تفعيل قرار حظر السلاح المفروض أممياً على ليبيا؛ وأن هناك دولاً مدَّت تلك الجماعات بمعدات عسكرية متطورة»، وهو ما عدّه دليلاً على «تعمّق العلاقة والمصالح بين هذه الدول وقادة المجموعات المسلحة».