«الأوروبي» يدعو قادة ليبيا إلى «خفض التوترات»... وتشغيل النفط

المنظومة المصرفية لـ«المركزي» بقبضة «طرابلس» بعد فرار الكبير

لقاء سابق يجمع صالح وسفير الاتحاد الأوروبي إلى ليبيا (حساب السفير على «إكس»)
لقاء سابق يجمع صالح وسفير الاتحاد الأوروبي إلى ليبيا (حساب السفير على «إكس»)
TT

«الأوروبي» يدعو قادة ليبيا إلى «خفض التوترات»... وتشغيل النفط

لقاء سابق يجمع صالح وسفير الاتحاد الأوروبي إلى ليبيا (حساب السفير على «إكس»)
لقاء سابق يجمع صالح وسفير الاتحاد الأوروبي إلى ليبيا (حساب السفير على «إكس»)

دعت بعثة الاتحاد الأوروبي قادة البلاد في ليبيا إلى «خفض التوترات، والامتناع عن استخدام القوة، ورفع حالة (القوة القاهرة) عن جميع الحقول النفطية»، وفي غضون ذلك، استقر المصرف المركزي، على ما يبدو، بقبضة سلطات طرابلس، فيما أعلن محافظه المعزول الصديق الكبير، مغادرة البلاد «خوفاً على حياته».

حقل «الشرارة» النفطي بجنوب ليبيا (الاتحاد العام لعمال النفط والغاز)

وأعربت بعثة الاتحاد الأوروبي والبعثات الدبلوماسية للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا عن «قلقها البالغ» إزاء تدهور الوضع بليبيا في ظل تزايد الانقسام السياسي. وحثت البعثة جميع الأطراف على الانخراط بشكل بنّاء وبحسن نية للتوصل إلى «حل تفاوضي»، مجددة استعدادها للعمل على استعادة مسار تشكيل «حكومة موحدة»، وإجراء انتخابات وطنية. ودعت القادة الليبيين إلى «وضع المصالح الوطنية في المقام الأول، وخفض التوترات والامتناع عن استخدام القوة أو التهديد باستخدامها، ورفع حالة القوة القاهرة عن جميع الحقول النفطية».

عبد الغفار محافظ «المركزي» المؤقت مع مديري المصارف العامة والخاصة (حساب المصرف على «فيسبوك»)

كما رأت البعثة الأوروبية أن «ترهيب أعضاء المجلس الأعلى للدولة، وموظفي المصرف المركزي وتعطيل الخدمات المصرفية؛ أعمال تؤدي إلى تفاقم الوضع الهش أصلاً»، مما يهدد شرايين الحياة الاقتصادية للشعب الليبي.

وأيدت البعثة الأوروبية دعوة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا إلى اتخاذ خطوات عاجلة لتهدئة الأوضاع، ورحبت بمبادرة عقد اجتماع طارئ لجميع الأطراف المعنية بهدف حل أزمة المصرف المركزي بشكل سلمي.

في غضون ذلك، أوضحت إدارة المركزي، الموالية لسلطات طرابلس، في بيان مساء الخميس، أنها تمكنت من السيطرة على المنظومة، بعد قيام الإدارة السابقة للمصرف «بحجب وتعطيل العمل بالأنظمة المصرفية»، وقالت إن الشبكة الرئيسية للمصرف «عادت إلى العمل بشكل طبيعي، مما مكّن الإدارات المعنية من استئناف أنشطتها المتعلقة بالقطاع المصرفي، وإدارة احتياطيات المصرف بالخارج».

محافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير (الشرق الأوسط)

وأرغمت الأوضاع المتوترة في طرابلس الصديق الكبير إلى مغادرة البلاد، وقال لصحيفة «فاينانشال تايمز» البريطانية، الجمعة، إنه اضطر رفقة موظفين كبار آخرين في البنك إلى مغادرة البلاد «من أجل حماية أرواحهم من هجمات محتملة من قِبَل فصيل مسلح». مبرزاً أن «المسلحين يهددون ويرهبون موظفي البنك، ويختطفون أحياناً أطفالهم وأقاربهم لإجبارهم على الذهاب إلى العمل». في إشارة إلى خطف راسم النجار، مدير مكتب الكبير، وثلاثة موظفين آخرين من المصرف.

وتجددت أزمة المصرف المركزي، الذي ظل منقسماً منذ 2014 حتى قبل عامين، وبعدما قرر المجلس الرئاسي في طرابلس تغيير المحافظ الصديق الكبير ومجلس إدارته، على غير رغبة مجلس النواب الذي تمسك بالأخير، وعمد إلى إغلاق حقول ومواني النفط بقصد الضغط لإعادته إلى منصبه، لكن الكبير فضل الخروج من البلاد.

ورأى الكبير أن محاولات استبداله «غير قانونية، وتتعارض مع الاتفاقات التي تفاوضت عليها الأمم المتحدة بشأن السيطرة على البنك المركزي».

وجاءت هذه التطورات، في وقت تكثف فيه واشنطن من وجودها الدبلوماسي والعسكري، عقب زيارة أجراها قائد القيادة الأميركية في أفريقيا (أفريكوم)، الفريق أول مايكل لانجلي، إلى ليبيا شدد فيها على «ضرورة وحدة البلاد».

المنفي خلال لقائه قائد القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا (أفريكوم) (المجلس الرئاسي)

وأنهى لانجلي زيارة إلى ليبيا التقى خلالها الأطراف السياسية والعسكرية في شرق ليبيا وغربها، معرباً عن «سروره للاجتماع مع قادة مدنيين وعسكريين في جميع أنحاء ليبيا، ومناقشة سبل دعم توحيد المؤسسات الأمنية».

وقال لانجلي، الجمعة، إن قوة ليبيا «تعتمد على وحدتها، والولايات المتحدة مستعدة لتعزيز الروابط القائمة، وإقامة شراكات جديدة مع أولئك الذين يدافعون عن الديمقراطية، سعياً لجعل ليبيا أكثر أماناً وازدهاراً».

رئيس «أفريكوم» يغادر ليبيا (حساب «أفريكوم» على منصة «إكس»)

سياسياً، أبدت أطراف الأزمة الليبية «استجابة نسبية» للبيان، الذي أصدره مجلس الأمن الدولي، الخميس، بشأن الأوضاع المعقدة في البلاد، وقال المجلس الأعلى للدولة، الجمعة، إنه يرحب بما جاء في البيان، لكنه يرفض ما وصفه بـ«الإجراءات الأحادية» المتعلقة بتكليف محافظ جديد للمصرف المركزي وإعادة تشكيل إدارته. كما رحب «المجلس الأعلى» بمبادرة البعثة الأممية في ليبيا لحل الأزمة المتعلقة بالمصرف المركزي، وأبدى استعداده للتواصل مع مجلس النواب للوصول إلى توافق بشأن المناصب السيادية؛ حسب ما تنص عليه مواد «الاتفاق السياسي».

ودفعت الصراعات الليبية عدداً من الأحزاب السياسية إلى الدعوة لتنظيم «حراك شعبي منظم وسلمي، وفعال ومستمر»، بقصد الضغط على الأجسام والشخصيات السياسية لتحمل «مسؤولياتها كاملة من خلال مواقف إيجابية».

ووجه 39 حزباً سياسياً رسالة إلى كل فئات الشعب الليبي، بمختلف طبقاته السياسية والاجتماعية، بضرورة التحرك، ورأت الأحزاب في بيانها مساء الخميس، أن «غياب الضغط الشعبي السلمي شكّل انطباعاً خاطئاً لدى سلطات البلاد بأن الجميع استسلم للوضع القائم، ما أدى إلى مزيد من حالة تردي الأوضاع المعيشية».

وتستهدف رسالة هذه الأحزاب إسماع صوت الشعب إلى مَن هم في سدة الحكم، محذرة من «خطورة تصعيد الأوضاع الحالية»، وقالت إن «حل الأزمة الليبية لن يكون بالسلاح»، خوفاً من انجرار ليبيا إلى مزيد من الفوضى.

الأمير محمد الرضا السنوسي في لقاء سابق مع أعيان وقيادات ونشطاء من الزنتان

في شأن ذي صلة، وجه 75 عضواً من المجلس الأعلى للدولة، ممثلين عن مناطق شرق وغرب وجنوب ليبيا، رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، للمطالبة بـ«عودة الملكيّة الدستورية لليبيا، بقيادة الأمير محمد الحسن الرضا المهدي السنوسي»؛ واعتماد دستور الاستقلال 1951 بوصفه «حلاً وحيداً ونهائياً» للخروج من الأزمة الليبية الراهنة.


مقالات ذات صلة

سيول جارفة تضرب مناطق متفرقة في ليبيا... وتنشر المخاوف

شمال افريقيا طالبت لجنة الأزمات والطوارئ ببلدية زليتن المواطنين بالابتعاد عن مجرى الوادي (مديرية أمن طرابلس)

سيول جارفة تضرب مناطق متفرقة في ليبيا... وتنشر المخاوف

ضربت أمطار غزيرة وصلت إلى حد السيول مناطق عدة في شمال غربي ليبيا، وأعلن جهاز الإسعاف والطوارئ رفع درجة الاستعدادات وسط إنقاذ عائلات عالقة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا الصديق الكبير محافظ البنك المركزي الليبي (رويترز)

صحيفة: محافظ «المركزي الليبي» يفر من البلاد خوفاً على حياته

محافظ البنك المركزي الليبي، الصديق الكبير، قال إنه وموظفين كباراً آخرين في البنك أجبروا على الفرار من البلاد لحماية أرواحهم من هجمات محتملة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا أزمة وقف إنتاج وتصدير النفط لا تزال قائمة في ليبيا (رويترز)

تباين ليبي حول مبررات وقف إنتاج وتصدير النفط

تباينت آراء سياسيين بشأن مبررات وقف إنتاج وتصدير النفط، ما أدى إلى ارتهان المصدر الرئيسي لموارد جموع الليبيين.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا عبد الفتاح عبد الغفار الرئيس المكلف رئاسة المصرف المركزي (المصرف المركزي الليبي)

«مجلس الأمن» يدعو لحل أزمة «المركزي» الليبي بـ«التوافق»

استبق محمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي، باقي الأطراف الليبية، ورحّب ببيان مجلس الأمن، مجدداً دعوته عقيلة صالح، «إلى إعادة النظر في قرار وقف (الاتفاق السياسي)».

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا اصطفاف السيارات أمام معبر «رأس جدير» الحدودي بين ليبيا وتونس (أرشيفية - وزارة الداخلية بحكومة الدبيبة)

ليبيا: استئناف العمل بمنفذ «رأس جدير» الحدودي مع تونس

أعلنت مديرية أمن منفذ «رأس جدير» البري الليبي، الأربعاء، استئناف حركة السفر عبر الحدود المشتركة مع تونس بشكل منتظم.

خالد محمود (القاهرة )

تصريحات ومواقف إثيوبية «تعمِّق التوتر» مع مصر

رئيس «أرض الصومال» يستقبل السفير الإثيوبي الجديد تيشومي شوندي هاميتو الذي قدم أوراق اعتماده الخميس (رئاسة أرض الصومال على إكس)
رئيس «أرض الصومال» يستقبل السفير الإثيوبي الجديد تيشومي شوندي هاميتو الذي قدم أوراق اعتماده الخميس (رئاسة أرض الصومال على إكس)
TT

تصريحات ومواقف إثيوبية «تعمِّق التوتر» مع مصر

رئيس «أرض الصومال» يستقبل السفير الإثيوبي الجديد تيشومي شوندي هاميتو الذي قدم أوراق اعتماده الخميس (رئاسة أرض الصومال على إكس)
رئيس «أرض الصومال» يستقبل السفير الإثيوبي الجديد تيشومي شوندي هاميتو الذي قدم أوراق اعتماده الخميس (رئاسة أرض الصومال على إكس)

رغم حديث إثيوبي عن رغبة في «حل الخلافات بشأن سد (النهضة) مع مصر عبر الحوار»؛ فإن انتقادات إثيوبية «غير مباشرة» لإرسال القاهرة قوات إلى مقديشو، وكذلك تعيين سفير لدى «أرض الصومال الانفصالية»، مؤشرات عدّها محللون «تعمِّق التوتر» مع القاهرة التي رفضت الاتفاق بين هرجيسا وأديس أبابا.

وفي خطوة تصعيدية جديدة من إثيوبيا تجاه الصومال، عيّنت أديس أبابا، الخميس، سفيراً لدى «أرض الصومال»، غير المعترف بها دولياً، تلاها بيان من الأخيرة، أعربت خلاله عن «الاعتراض بشدة على الانتشار الأخير للقوات العسكرية المصرية في مقديشو»، وسط حديث وسائل إعلام إثيوبية، بأن «أديس أبابا ستنقل قوات عسكرية إلى حدودها مع الصومال رداً على وصول تعزيزات عسكرية مصرية».

ومن ثم، كان هناك مؤتمر صحافي لوزير الخارجية الإثيوبي، تاي أصقي سيلاسي، الجمعة، حذر خلاله من «تحركات حكومة الصومال مع جهات (لم يسمها) لا تريد الاستقرار للمنطقة». ودعا مقديشو إلى «وقف تحركاتها مع جهات تسعى لاستهداف مصالح إثيوبيا»، مضيفاً: «سنحاول الاستمرار في موقفنا باتخاذ الصبر والسلام إن كانت خيارات الصومال حالياً اتباع سياسة الاستقواء علينا بجهات خارجية؛ لكنْ لذلك حدود».

ووفق سيلاسي، فإن «الموقف الإثيوبي بشأن البعثة الجديدة لقوات حفظ السلام في الصومال؛ ومطالبتها بألا تكون بها قوات تشكل تهديداً لأمننا القومي، هذا ليس خوفاً؛ لكنه تجنُّب لإشعال صراعات أخرى بالمنطقة، ونؤكد أننا أصبحنا قوة كبرى قادرة على حماية مصالحها».

وبينما لم يوضح الوزير الإثيوبي الجهات التي ذكرها؛ إلا أن تصريحاته تأتي بعد يومين من إعلان سفير الصومال لدى مصر، علي عبدي أواري، «بدء وصول المعدات والوفود العسكرية المصرية إلى العاصمة الصومالية مقديشو في إطار مشاركة مصر بقوات حفظ السلام»، موضحاً حينها أن «مصر بذلك ستكون أولى الدول التي تنشر قوات لدعم الجيش الصومالي بعد انسحاب قوات الاتحاد الأفريقي الحالية».

ووسط تلك الانتقادات «غير المباشرة»، غازل الوزير الإثيوبي، القاهرة، بعد شهور من جمود المفاوضات بشأن سد «النهضة»، قائلاً: «نسعى لحل خلافاتنا مع مصر عبر الحوار والتفاوض وإنهاء جميع القضايا العالقة بشأن سد (النهضة) بنية حسنة»، مؤكداً أن «السد أصبح أمراً واقعياً»، وأنه «ليس هناك خلافات كبرى؛ لكن تدخُّل السياسة يعوق وصولنا لاتفاق».

سد «النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على إكس)

توتر يتصاعد

الكاتب المصري المتخصص في العلاقات الدولية، نبيل نجم الدين، يرى أن «إثيوبيا تريد فتح صفحة غير بيضاء في العلاقات مع مصر، وتتحرك منذ مسار سد (النهضة) بشكل غير ناضج، لا يرقى للعرف أو القانون الدولي بين دولتين بينهما تاريخ كبير»، محذراً من أن أي «اندلاع لأعمال عسكرية جراء تلك الاستفزازات الإثيوبية ستدفع المنطقة ثمنه باهظاً».

وباعتقاد نجم الدين، فإن «أفعال إثيوبيا الأحادية لا تظهر نيّات طيبة، وتصر على توتير الأجواء، بداية من ملف سد (النهضة)، مروراً بتوقيع اتفاق غير قانوني مع إقليم أرض الصومال، ثم تعيين سفير به»، مؤكداً أن «هذه الضجة الإثيوبية لا تخدم الشعب الإثيوبي، ولا العلاقات مع مصر».

وتعارض دول الجامعة العربية وبينهم مصر، توقيع الحكومة الإثيوبية في يناير (كانون الثاني) الماضي، اتفاقاً مبدئياً مع إقليم «أرض الصومال» تحصل بموجبه أديس أبابا على مَنفذ بحري يتضمن ميناءً تجارياً وقاعدة عسكرية في منطقة بربرة لمدة 50 عاماً، مقابل اعتراف إثيوبيا بـ«أرض الصومال» دولةً مستقلةً. وعدّت القاهرة حينها الاتفاق «مخالفاً للقانون الدولي، واعتداءً على السيادة الصومالية».

وزير الخارجية الإثيوبي خلال مؤتمر صحافي الجمعة (الخارجية الإثيوبية على إكس)

تداعيات مفتوحة

وبرأي الباحث الصومالي، عبدالواحد عبد الله شافعي، فإن الخلافات بين مصر وإثيوبيا «صارت أكثر تعقيداً» بعد الاتفاق بين إثيوبيا وأرض الصومال، وما تلاه من اتفاق بروتوكول دفاعي بين القاهرة ومقديشو، ثم إرسال قوات ومعدات عسكرية مصرية لتحل محل القوات الإثيوبية المنتشرة الآن في الصومال بوصفها جزءاً من قوات حفظ السلام الأفريقية التي تنتهي مهمتها نهاية هذا العام.

جميع هذه التطورات «أثارت مخاوف إثيوبيا» التي ترى التعاون المصري - الصومالي خصوصاً في شؤون الدفاع «يهدد مصالحها الاستراتيجية»، وفق شافعي، الذي رأى أن هذا التقارب عمّق من الخلاف المصري - الإثيوبي، محذراً من أن الأمور قد تتطور في المستقبل إلى «مواجهات عسكرية مباشرة» أو غير مباشرة بين البلدين، إذا لم يستأنف البلدان حواراً جاداً لإيجاد حلول جذرية للأسباب التي أدت إلى هذه التعقيدات، ومنها قضية سدّ النهضة والاعتداء على سيادة الصومال.

ولا تزال الخلافات متصاعدة بين مصر وإثيوبيا في ملف «سد النهضة» الذي تبنيه إثيوبيا على فرع النيل الأزرق، والذي تقول القاهرة والخرطوم إنه سيؤثر بشكل كبير في حصتيهما من مياه النيل، وتتمسكان بالتوصل أولاً إلى «اتفاق ملزم» مع أديس أبابا بشأن ملء وتشغيل السد، لضمان استمرار تدفق حصتيهما المائية من نهر النيل، وهو ما تنفيه إثيوبيا، وتؤكد أنها لا تستهدف الإضرار بدولتَي مصبّ النيل.

ويرى الباحث المتخصص في الشؤون الأفريقية، محمد تورشين، أنه بعد توالي التصريحات والمواقف الإثيوبية، «سيتجه التوتر مع القاهرة إلى ذروته وإلى مرحلة غير محمودة»، مرجحاً أن «تدعم أديس أبابا الجماعات المسلحة في الصومال بوصفه خطوة جديدة ضد مقديشو ومصر».

وتعبر التصريحات والمواقف الإثيوبية، بحسب تورشين، عن أن أديس أبابا أدركت أن «الوجود العسكري المصري بمقديشو تطويق لإثيوبيا»، في ظل عدم حل أزمة سد «النهضة»، متوقعاً أن «ينتقل الصراع بين مصر وإثيوبيا إلى الصومال وسط تداعيات مفتوحة».

وتدهورت العلاقات بين الصومال وإثيوبيا إثر توقيع أديس أبابا اتفاقية مع «أرض الصومال» الانفصالية في بداية العام الماضي، تسمح لها باستخدام سواحل المنطقة على البحر الأحمر لأغراض تجارية وعسكرية، وتدخلت تركيا عبر مبادرة للوساطة بين البلدين، واستضافت جولتين من المفاوضات لحل الخلاف.