مطالبة الرئيس الجزائري بفتح الحدود بين مصر وغزة تثير «تفاعلاً سوشيالياً»

تبون قال إن جيش بلاده جاهز لبناء 3 مستشفيات في القطاع

معبر رفح من الجانب المصري (رويترز)
معبر رفح من الجانب المصري (رويترز)
TT

مطالبة الرئيس الجزائري بفتح الحدود بين مصر وغزة تثير «تفاعلاً سوشيالياً»

معبر رفح من الجانب المصري (رويترز)
معبر رفح من الجانب المصري (رويترز)

أثارت مطالبة للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بفتح الحدود المصرية مع قطاع غزة أمام الجيش الجزائري، من أجل إدخال المساعدات «تفاعلاً سوشيالياً» واسعاً، ما بين محاولة لفهم حقيقة التصريحات ومغزاها، وانتقادات لمساعي البعض لاجتزائها وإخراجها من سياقها، فيما عدها آخرون «مغازلة» للجزائريين، قبيل أيام من انتخابات الرئاسة.

ونشر مدونون فيديو لتبون، يتحدث فيه خلال تجمع انتخابي مع أنصاره في مدينة قسنطينة، قائلاً إن «الجيش جاهز... بمجرد أن يفتحوا الحدود ويسمحوا لحافلاتنا وشاحناتنا بالدخول، سنبني 3 مستشفيات خلال 20 يوماً، وسنرسل مئات الأطباء»، مضيفاً: «لن نتخلى عن فلسطين بصفة عامة ولا عن غزة بصفة خاصة... أقسم لكم بالله، لو أنهم ساعدونا وفتحوا الحدود بين مصر وغزة... هناك ما يمكننا القيام به».

وأثارت التصريحات تفاعلاً واسعاً، وبينما احتفى البعض بدعوة الرئيس الجزائري لفتح الحدود وعدّوها «رسالة إلى مصر»، انتقد آخرون اجتزاء التصريحات وإخراجها من سياقها، في محاولة على ما يبدو لاستيعاب أي أزمة قد تسببها أي تفسيرات خاطئة.

وعلّق الإعلامي المصري أحمد موسى منتقداً من وصفهم بأنهم «يصطادون في الماء العكر» لإحداث «الفتن». وأوضح موسى قائلاً على «إكس»: «استمعت عدة مرات للفيديو... لم يتحدث فيه عن إرسال الجيش الجزائري لشن حرب ضد الكيان الصهيوني، بل تحدث عن فتح الحدود بين مصر وغزة لكي يرسل أطباء لعلاج المصابين».

ولفت الإعلامي المصري إلى أن الحدود مع غزة كانت مفتوحة ودخلت عشرات الآلاف من أطنان المساعدات من مصر عبر معبر رفح، كما أرسل كثير من دول العالم شحنات مساعدات تولت مصر مهمة إدخالها إلى غزة. ويُعد معبر رفح شرياناً اقتصادياً وأمنياً على الحدود بين مصر وقطاع غزة، يُسهّل دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع، وخروج المسافرين والمصابين منه.

لكنّ الجيش الإسرائيلي يسيطر على المعبر منذ السابع من مايو (أيار) الماضي، ومنذ ذلك الوقت علّقت القاهرة التنسيق مع تل أبيب بشأنه، وتطالب بالانسحاب، تنفيذاً لاتفاقية المعابر الموقّعة في عام 2005 التي تنص على أن تكون السلطة الفلسطينية هي التي تدير المعبر برقابة أوروبية.

ونشر مدونون عرب تصريحات الرئيس الجزائري، مطالبين الجيوش العربية بالتحرك لإغاثة الفلسطينيين بشكل عاجل. وهو ما رد عليه آخرون في المقابل، بنشر تصريحات سابقة للرئيس المصري الراحل حسني مبارك دعا فيها أي دولة تريد «تحرير القدس» بالدخول وتنفيذ ذلك بدلاً من «الكلام».

ويفسر أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي تصريحات الرئيس الجزائري، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن «القضية الفلسطينية لها حضور ووهج لدى الحكومة والمواطن الجزائري تاريخياً، ولها تأثير كبير على الناخب الجزائري الذي يهتم بالقضية مثل أي مواطن عربي»، مشيراً إلى أن توقيت التصريحات له علاقة بـ«توظيف القضية الفلسطينية في العملية الانتخابية».

ويؤكد فهمي أن «محاولة الجزائر القيام بأي دور في غزة قد يواجه معوقات فنية، منها عدم وجود قنوات تواصل مع إسرائيل بعكس مصر، كما أنها (الجزائر) ليست طرفاً مباشراً في أي ترتيبات تتعلق بغزة»، حسب رأيه.

ويخوض تبون الانتخابات الرئاسية، التي تجري في 7 سبتمبر (أيلول) المقبل؛ سعياً لولاية جديدة.

فيما رأت أستاذة العلوم السياسية في الجامعة الأميركية الدكتورة نهى بكر أن تصريحات تبون جاءت «عفوية في سياق الإحساس باليأس العربي»، مؤكدة أنه أطلقها بـ«حُسن نية تعبيراً عن أماني الشعب العربي كله وليس الجزائري فقط».

وقالت بكر لـ«الشرق الأوسط» إنه «على الرغم من حُسن نية الرئيس الجزائري، فإن مطالبته مصر بفتح معبر رفح تنطوي على عدم دراية بالوضع في غزة، لأن مصر لم تغلق المعبر، بل ترفض التعامل مع السلطات الإسرائيلية في إدارته».

وفي كلمته قال الرئيس الجزائري: «فلسطين ليست قضية الفلسطينيين... هي قضيتنا نحن، ربما البعض ينسى ويقول هذا التلاحم بين فلسطين والجزائر بلا معنى في ظل البعد... لسنا بعيدين، البعد فقط في المسافة لكن القلوب عند بعضها».


مقالات ذات صلة

هل استهدفت إسرائيل إقصاء الوسطاء عن مفاوضات «هدنة غزة»؟

تحليل إخباري فلسطينيون يبكون على جثة أحد ضحايا القصف الإسرائيلي في النصيرات وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

هل استهدفت إسرائيل إقصاء الوسطاء عن مفاوضات «هدنة غزة»؟

مساعٍ وجولات كثيرة قادها الوسطاء، مصر وقطر والولايات المتحدة، لإنهاء أطول حرب شهدها قطاع غزة، أسفرت عن هدنة نهاية نوفمبر 2023 استمرت أسبوعاً واحداً.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا رئيس أركان الجيش المصري يتفقد منظومة التأمين لخط الحدود الشمالية الشرقية ومعبر رفح البري (المتحدث العسكري)

رسائل مصرية حادة لإسرائيل تنذر بمزيد من التصعيد

بعثت مصر بـ«رسائل حادة» إلى إسرائيل رداً على تصعيد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وتمسكه بالبقاء في محور «فيلادلفيا».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي نتنياهو أمام خريطة قطاع غزة ويخبر المشاهدين بأن إسرائيل يجب أن تحتفظ بالسيطرة على «محور فيلادلفيا» (أ.ف.ب)

مصر تُصعّد ضد إسرائيل وتحمّلها عواقب «تأزيم الموقف»

أدت تصريحات جديدة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بشأن البقاء في محور فيلادلفيا الحدودي مع مصر، إلى رد من القاهرة شمل تحذيراً من تداعيات «التعنت المستمر».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
تحليل إخباري رجل يحمل جثة فلسطيني قُتل في غارة إسرائيلية بمخيم النصيرات للاجئين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري «هدنة غزة»: «مقترح أخير» للوسطاء على أمل تقليل الفجوات

تحرّكات جديدة من الوسطاء لإحداث حلحلة بملف مفاوضات هدنة غزة، مع حديث أميركي عن استعداد واشنطن لتقديم «مقترح نهائي» لإبرام صفقة تبادل أسرى.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي رد فعل فلسطينية خلال جنازة قتلى سقطوا في غارات إسرائيلية على دير البلح وسط قطاع غزة (رويترز)

«هدنة غزة»: «تفاصيل دقيقة» تهدد مفاوضات القاهرة

جهود مكثفة للوسطاء لتجاوز نقاط الخلاف المتبقية والوصول إلى هدنة تنهي الحرب في قطاع غزة، وسط حديث أميركي عن انتقال المناقشات لمرحلة «التفاصيل الدقيقة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

السيسي يشدد على «التوازن» المصري وسط «الاضطرابات الخطيرة»

السيسي خلال احتفالية سابقة في القاهرة (الرئاسة المصرية)
السيسي خلال احتفالية سابقة في القاهرة (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي يشدد على «التوازن» المصري وسط «الاضطرابات الخطيرة»

السيسي خلال احتفالية سابقة في القاهرة (الرئاسة المصرية)
السيسي خلال احتفالية سابقة في القاهرة (الرئاسة المصرية)

قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إن «بلاده تمارس سياسة تتسم بالتوازن والاعتدال والموضوعية تتبناها منذ سنوات في ظل الظروف الحالية على الحدود الغربية والجنوبية، وكذلك التي تحدث على الحدود المصرية الشرقية منذ عام تقريباً ويتابعها العالم أجمع».

وبينما دعا مواطنيه إلى «التمسك بالاعتدال والموضوعية»، طمأن في كلمة له، الأحد، المصريين بأن «مصر بخير والأمور مستقرة ومن جيد للأحسن، ما دمنا ثابتين ومستقرين ومتماسكين ومتحملين لمسؤولياتنا، ومتحدين جميعاً يداً واحدة، ومطمئنين بأننا ندير أمورنا بشكل يحفظ بلدنا والمنطقة ما أمكن، دون التورط في أمور قد تؤثر على الأمن والاستقرار في المنطقة وفي مصر».

وحذرت مصر مجدداً، الأحد، من جر المنطقة بأسرها إلى «حرب إقليمية شاملة». وطالبت المجتمع الدولي بـ«التدخل لوقف العدوان والقصف الإسرائيلي على لبنان»، مشيرة إلى «وجود نية إسرائيلية مبيتة للتصعيد في المنطقة».

ونبّه السيسي خلال الاحتفال بتخريج دفعة جديدة من أكاديمية الشرطة بالقاهرة الجديدة (شرق العاصمة)، الأحد، إلى مخاطر التطورات بالمنطقة والتي قد تؤثر على اتساع رقعة الصراع، مؤكداً أن «المنطقة والعالم يمران بظروف صعبة للغاية»، مجدداً تحذيره من أن استمرار هذا الاضطراب «سيؤدي إلى عواقب وخيمة في منطقتنا وربما في العالم».

وتساءل الرئيس المصري: «هل ما يحدث يجعل الشعب المصري قلقاً؟»، وأجاب: «من دون شك يجب أن نشعر بالقلق؛ لأن التطورات التي تحدث خطيرة، قد تؤدي لاتساع رقعة الصراع في المنطقة بشكل يؤثر على الاستقرار».

تصاعد الدخان من موقع غارة جوية إسرائيلية استهدفت قرية الخيام في جنوب لبنان (أ.ف.ب)

كما لفت السيسي إلى أن مصر «فقدت ما بين 50 و60 في المائة من دخل قناة السويس، بما قيمته أكثر من 6 مليارات دولار خلال الـ8 شهور الماضية».

وتعد قناة السويس أحد المصادر الرئيسية للعملة الصعبة في مصر، وبلغت إيراداتها العام الماضي 10.3 مليار دولار، وفق الإحصاءات الرسمية (الدولار الأميركي يساوي 48.31 جنيه في البنوك المصرية). لكن هذه العائدات شهدت تراجعاً في الشهور الأخيرة، بسبب توترات البحر الأحمر؛ إذ انخفضت حصيلة رسوم المرور في قناة السويس بمعدل 7.4 في المائة، لتسجل 5.8 مليار دولار، مقابل 6.2 مليار دولار في الفترة بين يوليو (تموز) 2023 ومارس (آذار) من العام الحالي. وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، في يوليو الماضي، إن «بلاده تخسر ما بين 500 و550 مليون دولار شهرياً، بسبب توترات البحر الأحمر».

في غضون ذلك، وجّه السيسي رسالة إلى المصريين بـ«ضرورة الانتباه لما يتم ترديده من شائعات لا أساس لها من الصحة»، بقوله إن «الشهور الماضية شهدت حجماً كبيراً من الكذب والإفك والافتراء والشائعات، انتبهوا لذلك، فالمهمة والخطر واضحان أمام المثقفين والمفكرين ووسائل الإعلام»، لافتاً إلى أن «عملية الكذب والشائعات والاتهامات التي تُطلق في كل مكان، ليست صحيحة»، مضيفاً: «لقد عهدتم مني الصدق والصراحة دائماً، وسأظل كذلك معكم طوال ممارستي مهمتي».

وتناشد الحكومة المصرية بشكل متكرر وسائل الإعلام المختلفة، ومرتادي مواقع التواصل الاجتماعي «تحري الدقة والموضوعية ‏في نشر الأخبار، والتواصل مع الجهات المعنية للتأكد قبل نشر ‏معلومات لا تستند إلى أي حقائق، وتؤدي إلى إثارة البلبلة بين المواطنين».

سفن حاويات تعبر قناة السويس المصرية (رويترز)

وكان الرئيس المصري قد استهل كلمته بتوجيه التحية لأسر الخريجين، وشكرهم على إعداد أبنائهم وتوجيههم بشكل جيد؛ إذ قدموا أبناءهم وبناتهم لوطنهم «مصر» للمشاركة في حماية أمنها واستقرارها.

وأعرب السيسي عن شكره للخريجين وطلبة الأكاديمية والقائمين على العملية التعليمية والتدريبية على الجهد والأداء المتميز الذي ظهر خلال احتفالات التخرج، الأحد، قائلاً: «أتيحت لي الفرصة لزيارة الكلية (أكاديمية الشرطة) مراراً، وأتمنى دائماً الاطمئنان على سير الأمور، وفي كل مرة أجد أن الأمور تسير بشكل جيد، وأشعر بالسرور بالمستوى العالي، ونعلم أنه لا يزال هناك المزيد من الجهود». وأشاد بالجهود المبذولة لتخريج «خريجين أو ضباط شرطة قادرين على أداء مهامهم بشكل محترف وعلمي باستخدام أحدث أساليب العصر».