حملة بخلفية سياسية في فرنسا لمنع انضمام لاعب جزائري إلى نادي مرسيليا

«المؤسسات اليهودية» رمت بثقلها لإجهاض المشروع

اللاعب الجزائري يوسف عطال بقميص نادي نيس (حسابه اللاعب على وسائل التواصل)
اللاعب الجزائري يوسف عطال بقميص نادي نيس (حسابه اللاعب على وسائل التواصل)
TT

حملة بخلفية سياسية في فرنسا لمنع انضمام لاعب جزائري إلى نادي مرسيليا

اللاعب الجزائري يوسف عطال بقميص نادي نيس (حسابه اللاعب على وسائل التواصل)
اللاعب الجزائري يوسف عطال بقميص نادي نيس (حسابه اللاعب على وسائل التواصل)

يثير مشروع التحاق لاعب كرة قدم جزائري دولي بنادي مرسيليا الفرنسي جدلاً حاداً في فرنسا بسبب ضغوط من الأوساط المؤيدة للعدوان الإسرائيلي على غزة، لإجهاض المسعى، على أثر إدانة قضائية تعرض لها مطلع العام بسبب نشره فيديو يحرض على «قتل اليهود حيثما وجدوا».

وخلّفت العودة المحتملة للمدافع يوسف عطال إلى الدوري الفرنسي، بعد 5 أشهر قضاها في تركيا، ردود فعل سياسية في فرنسا، حيث يسعى «المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية في فرنسا»، إلى عرقلة مشروع التحاق اللاعب؛ صاحب الـ28 عاماً، بأولمبيك مرسيليا؛ النادي الأكثر شعبية في فرنسا.

وبدأت القصة الخميس الماضي، عندما تحدث «راديو مونت كارلو» الفرنسي، عن «بداية اتصالات» بين إدارة النادي ووكيل أعمال اللاعب الجزائري. إثر ذلك أصدر «المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية في فرنسا»، بياناً عارض فيه بشدة التحاق عطال بالنادي الفرنسي؛ على أساس أن «له سوابق بخصوص خطاب الكراهية ومعاداة السامية»، وكان يشير إلى «حادثة الفيديو» في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حينما كان عطال لاعباً لنادي نيس الفرنسي. فقد نشر على حسابه بوسائل التواصل الاجتماعي فيديو لداعية إسلامي يحرّض على «قتل اليهود»؛ ما سبب هجوماً حاداً عليه من عمدة نيس الذي رفع شكوى ضده. وجرت تلك التطورات بعد أيام من عملية «طوفان الأقصى» التي تفاعل معها عطال بطريقته الخاصة.

الرئيس الجزائري مستقبلاً عمدة مرسيليا في 15 مايو 2024 (الرئاسة الجزائرية)

ورفعت ممثلة «مجلس المؤسسات اليهودية» بمرسيليا، فابيان بن دايان، رسالة إلى مسؤولي النادي المحلي لتعبر عن «مخاوفها من مشروع ضم نادي مرسيليا لاعباً أدانه القضاء بتهمة التحريض على الكراهية المعادية للسامية». وطلبت من رئاسة النادي «إعادة النظر في قرارها».

ووفقاً لصحف محلية، كان مسؤولو مرسيليا على وشك الموافقة على التحاق يوسف عطال، لكن الحملة التي قامت ضد المسعى أجبرتهم على التراجع عن القرار، مستسلمين بذلك لضغط الأوساط اليهودية. وقالت صحيفة «لامارسياز»، الأحد، إن النادي «تخلى نهائياً عن مشروع استقدام اللاعب الجزائري».

من جهته، عبّر عمدة مرسيليا الاشتراكي، بينوا بايان، عن معارضته انضمام الدولي الجزائري إلى أولمبيك مرسيليا. وصرّح لصحيفة «لابروفانس» المحلية بأنه عازم على تغيير رأي بابلو لونجوريا رئيس النادي، بخصوص رغبته في إلحاق عطال بصفوفه.

وانضمت للحملة «إذاعة يهود مرسيليا» التي عارضت بشدة المشروع. كما قال رينو موسيلييه، رئيس «المجلس الإقليمي لبروفانس آلب كوت دازور» (جنوب فرنسا)، حيث قال: «لدى مسؤولي نادي مرسيليا طموح كبير، ولن يرتكبوا هذا النوع من الأخطاء. لقد استقدموا مدرباً ممتازاً (الإيطالي روبرتو دي زيربي) وسينجحون في تحقيق موسم انتقالات جيد، أنا متأكد من ذلك»

و أمام هذا الجدل الحاد، نشر يوسف عطال فيديو عبر حسابه على «إنستغرام» السبت يظهر فيه وهو يتدرب للموسم المقبل، من دون أن يكشف أي شيء عن وجهته الرياضية الجديدة.

فابيان بن ديان ممثلة «مجلس المؤسسات اليهودية بمرسيليا»... (حسابها الشخصي على وسائل التواصل)

وأدانت محكمة نيس؛ المدينة الواقعة جنوب فرنسا، اللاعب الجزائري، في مطلع يناير (كانون الثاني) 2024، بالسجن لمدة 8 أشهر مع وقف التنفيذ وبغرامة قدرها 45 ألف يورو، بناء على تهمة «التحريض على الكراهية على أساس الدين». وإثر صدور الحكم غادر اللاعب فرنسا عائداً إلى الجزائر، حيث صرَح عند وصوله بأنه «سعيد برسائل الشعب الجزائري وتضامنهم، وأشكرهم على دعمهم ومساندتهم ووقوفهم معي»، مؤكداً أنه ليس قلقاً؛ «لأنني لم أرتكب شيئاً فظيعاً. كنت فقط أريد التضامن مع الشعب الفلسطيني، وإن شاء الله القضية تحل».

وتعرض عطال لانتقادات شديدة من وسائل إعلام فرنسية، بعد هذه التصريحات، بذريعة أنه «أصر على خطئه بدل أن يقدم الاعتذار ويعترف بالذنب».


مقالات ذات صلة

الجزائر تعيد فرض تأشيرات دخول على مواطني المغرب

شمال افريقيا وزير خارجية الجزائر أحمد عطاف (إ.ب.أ)

الجزائر تعيد فرض تأشيرات دخول على مواطني المغرب

قررت الجزائر «إعادة العمل الفوري» بفرض تأشيرات دخول على حاملي جوازات السفر المغربية، وفق ما أكدت وزارة الخارجية، على خلفية نشاطات «تمسّ باستقرار» البلاد.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
الخليج وزير الخارجية السعودي يلتقي نظيره الجزائري في نيويورك (واس)

مباحثات سعودية في نيويورك تناقش أوضاع غزة وتطورات لبنان

عقد الأمير فيصل بن فرحان، وزير الخارجية السعودي، سلسلة لقاءات ثنائية مع نظرائه في دول عدة، على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
شمال افريقيا جلسة لأعضاء البرلمان الجزائري (الشرق الأوسط)

البرلمان الجزائري يبحث طلب التحقيق في «تزوير» الاستحقاق الرئاسي

يبحث مكتب البرلمان الجزائري طلباً تسلمه من كتلة نواب الحزب الإسلامي «حركة مجتمع السلم»، يتعلق بإطلاق «لجنة تحقيق» في الظروف التي جرت فيها انتخابات الرئاسة.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا أحد شوارع العاصمة الجزائر (رويترز)

الجزائر: تبون يبدأ ولايته الثانية بإعلان «حرب على لوبيات الاستيراد»

يشتكي المستوردون من تدابير حكومية «مفاجئة»، حالت دون تجديد تراخيص الاستيراد لهم، بينما تتهمهم الحكومة بـ«محاولة ابتزاز الدولة عن طريق افتعال ندرة في السوق».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا أحد شوارع العاصمة الجزائر (رويترز)

«مجتمع السلم» الجزائري يطالب برلمانييه بتفعيل «لجنة للتحقيق» في نتائج «الرئاسية»

تم توجيه تهمة «التزوير»، سياسياً، إلى محمد شرفي رئيس «السلطة الوطنية المستقلة» للانتخابات، الذي أعلن نتائج مختلفة جذرياً عن نتائج المحكمة الدستورية.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

كيف أثرت حرب لبنان على جهود التهدئة في غزة؟

رد فعل امرأة فلسطينية على مقتل أقاربها عقب غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين في جباليا شمال قطاع غزة (رويترز)
رد فعل امرأة فلسطينية على مقتل أقاربها عقب غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين في جباليا شمال قطاع غزة (رويترز)
TT

كيف أثرت حرب لبنان على جهود التهدئة في غزة؟

رد فعل امرأة فلسطينية على مقتل أقاربها عقب غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين في جباليا شمال قطاع غزة (رويترز)
رد فعل امرأة فلسطينية على مقتل أقاربها عقب غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين في جباليا شمال قطاع غزة (رويترز)

بينما تراوح مفاوضات الهدنة في قطاع غزة مكانها منذ عدة أسابيع، تزداد وتيرة الحرب المشتعلة في لبنان، وتتسارع نداءات إطفائها عبر مقترح أميركي - عربي - أوروبي بوقفها مؤقتاً لمدة 21 يوماً، وسط ربط لبناني للتهدئة بمسار الصفقة في غزة وإنهاء التصعيد بالمنطقة، غير أن ذلك قوبل برفض إسرائيلي، وتوعد بمزيد من الضربات بالجبهتين.

ووفق خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، فإن حرب لبنان أثرت على جهود التهدئة في غزة عبر مسارين؛ الأول «إيجابي، وهو إعادة تسليط الضوء على أن مفتاح حل الأزمة في جبهة لبنان مرتبط بوقف إطلاق النار في غزة، والثاني يحمل بعداً سلبياً؛ إذ لا يجعلها في سلم أولويات التحركات الدولية التي تخشى من الوصول لحرب شاملة تكون إيران جزءاً منها».

ووسط تواصل القصف الإسرائيلي بشكل غير مسبوق، منذ الاثنين الماضي، مخلفاً مئات القتلى وآلاف النازحين بلبنان، دعت الولايات المتحدة وأستراليا وكندا والاتحاد الأوروبي وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان والمملكة العربية السعودية والإمارات وقطر وفرنسا، إلى وقف فوري لإطلاق النار لمدة 21 يوماً، كما عبرت عن دعمها لوقف لإطلاق النار في غزة، وفقاً لبيان مشترك للدول، أصدره البيت الأبيض، الأربعاء.

وفي أول تعقيب لبناني، رحب رئيس الحكومة، نجيب ميقاتي، في تصريحات من نيويورك، بالبيان، مضيفاً: «تبقى العبرة في التطبيق بالتزام إسرائيل»، دون تعليق من «حزب الله»، وذلك غداة تأكيد رئيس البرلمان اللبناني المقرب من الحزب، نبيه برّي، لـ«الشرق الأوسط» أن المساعي الدولية تراعي عدم الفصل بين جبهة لبنان أو غزة.

في المقابل، نفى مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الخميس، القبول به، مؤكداً أن الأخير أصدر تعليماته إلى الجيش الإسرائيلي بمواصلة القتال بكامل قوته في لبنان وغزة.

قطر إحدى الدول الداعية لوقف حرب لبنان، وإحدى دول الوساطة لوقف الحرب بين إسرائيل و«حماس» في غزة، أكدت على لسان المتحدث باسم الخارجية، ماجد الأنصاري، عدم وجود رابط مباشر بين هذه المباحثات وتلك الهادفة إلى وقف التصعيد بين إسرائيل و«حزب الله» اللبناني.

واستدرك الأنصاري، في مؤتمر صحافي بالدوحة، الخميس: «لكن من الواضح أن الوساطتين متداخلتان بشكل كبير عندما تتحدث عن الأطراف نفسها التي تشارك في الغالب في هذا المسار الدبلوماسي»، مضيفاً: «نعمل مع شركائنا لضمان وقف إطلاق النار الفوري في لبنان، كما نواصل جهودنا على المسار الآخر؛ المحادثات بشأن غزة».

تصاعد الدخان فوق جنوب لبنان في أعقاب غارة إسرائيلية وسط أعمال عدائية عبر الحدود بين «حزب الله» والقوات الإسرائيلية (رويترز)

وطالبت وزارة الخارجية المصرية، في بيان صحافي، الخميس، بـ«وقف فوري لإطلاق النار في غزة ولبنان»، محذرة من أن ما تفعله إسرائيل قد يقود إلى «فوضى تعرض المنطقة لعواقب خطيرة».

الأكاديمي المصري المتخصص في الشأن الإسرائيلي، الدكتور أحمد فؤاد أنور، يعتقد أن حرب لبنان أثرت سلباً وإيجاباً على جهود التهدئة في غزة، لافتاً إلى «أن التأثير السلبي يتمثل في أن الجميع يهتم بلبنان، ونظيره الإيجابي هو التسريبات الإعلامية بشأن اشتراط (حزب الله) حدوث التهدئة في الجبهتين: الفلسطينية واللبنانية».

أنور يرى «أن نتنياهو مستمر في خياراته، لكن الضغوط الأميركية والدولية قد تدفعه لقبول تهدئة مؤقتة في لبنان بشكل أولي قبل صفقة شاملة تشمل غزة».

ويرى الكاتب اللبناني والباحث في الشؤون الدولية، بشارة خير الله، أن التصعيد في لبنان «سرق الاهتمام من غزة»، والأولوية حالياً للتهدئة في الجنوب اللبناني. ووفق خير الله، مستشار الرئيس اللبناني السابق ميشال سليمان، فإن نتنياهو سيتمسك بخطة فصل جبهتي غزة ولبنان عن بعضها البعض، بخلاف «حزب الله» أملاً في ضغوط أكبر على «حماس» لتزيد مكاسبه.

ويرجح المحلل السياسي الأردني، صلاح العبادي، رفض نتنياهو أي تسوية والاستمرار في التصعيد كما فعل في غزة، مع الإقدام على عملية اجتياح محدودة بلبنان، من أجل شراء المزيد من الوقت لضمان البقاء في السلطة، وضمان انتهاء الانتخابات الأميركية على أمل فوز حليفه دونالد ترمب، بوصفه منحازاً إلى إسرائيل في العديد من الملفات.

فلسطينية في أثناء خروجها مع أطفالها في وقت سابق من مخيم جنين متجهة إلى مكان أكثر أماناً (إ.ب.أ)

وعقب الرفض الإسرائيلي، صدر بيان إماراتي - سعودي - قطري - أميركي - أوروبي - ياباني، يجدد الدعوة إلى وقف فوري لإطلاق النار لمدة 21 يوماً على طول الحدود بين لبنان وإسرائيل. فيما تبذل واشنطن وشركاء، لم تسمهم، جهوداً للتوصل إلى «تسوية يمكن أن تغير المنطقة بأكملها تغييراً جذرياً» بحسب ما قال الرئيس الأميركي، جو بايدن، الأربعاء، في مقابلة مع شبكة «إيه بي سي»، من دون أن يقدم تفاصيل بشأنها، وسط مواصلة إسرائيل حربها على جبهتي قطاع غزة والضفة الغربية.

ووفق العبادي، «فإن إيران تخلت على ما يبدو عن أعوانها في المنطقة لا سيما (حزب الله)، وتقدم مراوغات إعلامية فقط»، مستدركاً: «لكن من المهم استمرار تلك النداءات الدولية لوقف الحرب».

وقد يشكل استمرار النداءات الدولية ضغوطاً على نتنياهو لوقف الحرب بلبنان، وربما يمتد ذلك لغزة، بحسب أنور، الذي أضاف: «لا يزال الأمل موجوداً... وفي ظل سياسة حافة الهاوية، كل شيء وارد». فيما أكد خير الله أن إسرائيل تحاول «فك مبدأ ربط الساحات ببعضها»، وستنتقل من غزة بالكامل إلى لبنان والتفرغ له، متوقعاً أن تهدأ الحرب في غزة قبل أن تهدأ في لبنان.