مصر تُكثف اتصالاتها مع اليونان للإفراج عن متهمين بـ«إغراق مركب»

أبراج وفنادق ومكاتب شركات على نهر النيل في العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)
أبراج وفنادق ومكاتب شركات على نهر النيل في العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)
TT

مصر تُكثف اتصالاتها مع اليونان للإفراج عن متهمين بـ«إغراق مركب»

أبراج وفنادق ومكاتب شركات على نهر النيل في العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)
أبراج وفنادق ومكاتب شركات على نهر النيل في العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)

تُكثف مصر اتصالاتها مع اليونان من أجل الإفراج عن 9 مصريين، عقب صدور حكم من القضاء اليوناني، الثلاثاء الماضي، بإسقاط اتهامات وُجهت لهم بـ«التسبب في غرق مركب كان يحمل مهاجرين غير شرعيين» أمام السواحل اليونانية، في يونيو (حزيران) الماضي.

ووفق تقارير إخبارية، فقد «احتجزت الشرطة اليونانية المصريين التسعة رغم قرار الإفراج عنهم»، وأرجعت الشرطة ذلك، وفق التقارير، إلى «إمكانية فرارهم من البلاد».

وبرأت محكمة مدينة «كالاماتا» اليونانية، المصريين الـ9 من الاتهامات المنسوبة إليهم لـ«عدم الاختصاص» لكون الحادثة قد وقعت في المياه الدولية، مع تبرئتهم من اتهاميْ «دخول البلاد بشكل غير قانوني»، و«تهريب المهاجرين».

وقالت وزارة الهجرة المصرية في بيان رسمي، السبت، إن هناك متابعة مستمرة من جانب المسؤولين المصريين لوضع المحتجزين، لتوضيح الوضع القانوني الحالي بعد حكم البراءة، مع «تأكيد استمرار ومتابعة كل الأمور الخاصة بالدفاع عنهم، وتقديم كل المستندات والأوراق المطلوبة للقضية».

وكان المركب الغارق أمام السواحل اليونانية يقل نحو 700 مهاجر من دول عدة، خرج من ليبيا في طريقه إلى إيطاليا، وجرى إنقاذ نحو 104 أشخاص، وانتشال 82 جثة فقط، في واحدة من أسوأ كوارث غرق مراكب «الهجرة غير المشروعة» خلال 2023، وفق منظمات حقوقية عدة.

وقال مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير جمال بيومي، لـ«الشرق الأوسط» إن التحركات التي أعلنت عنها وزارة الهجرة المصرية تجري بالتنسيق مع وزارة الخارجية، والسفارة المصرية في أثينا، التي تتابع القضية منذ بدايتها، مشيراً إلى أن التحركات القانونية التي تسلكها السفارة تكون من خلال المحامين اليونانيين سواء الذين توكلهم السفارة أو موكلين من قبل عائلات المتهمين.

وأضاف بيومي أن «سفارة مصر تحركت منذ اللحظة الأولى للحادثة، وكانت تتابع الوضع مع المصريين خلال فترة احتجازهم، بجانب متابعة الوضع القانوني بالتشاور مع فريق الدفاع المكلف عنهم، وهو أمر يحدث عندما يتعرض مصريون في الخارج لمشكلات قانونية».

ونجحت مصر في القضاء على خروج مراكب «الهجرة غير المشروعة» من حدودها، فمنذ عام 2016 وحتى الآن «لم يخرج مركب واحد محمل بمهاجرين غير شرعيين من شواطئ مصر»، وفق تأكيدات عدة لمسؤولين مصريين.

وأعلنت اليونان في مايو (أيار) الحالي أنها «ستبدأ في استقدام عمال مصريين، هذا الصيف، للعمل في وظائف زراعية مؤقتة بموجب اتفاق بين البلدين لمواجهة نقص العمالة». وتعهد وزير الهجرة اليوناني، ديميتريوس كاريديس، بـ«سرعة إنهاء إجراءات سفر العمال المصريين مع بداية يونيو (حزيران) المقبل، والبالغ عددهم 5 آلاف عامل زراعي».

وقد وقَّعت مصر واليونان في عام 2022 على اتفاقية بشأن العمالة الموسمية، بما يفتح المجال أمام المصريين للعمل في اليونان بشكل قانوني، ووضع إطار تنظيمي وقانوني يسهم في تطور العلاقات المشتركة، وحل قضية «الهجرة غير المشروعة».

مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، أشار إلى أن التعاون المصري - اليوناني في مجالات عدة يُسهل على السفارة المصرية في أثينا كثيراً من الإجراءات وفق الضوابط التي يحددها القانون اليوناني، متوقعاً «انفراجة قريبة في أوضاع المصريين التسعة».

مصر تُطبّق منذ عام 2016 قانوناً للحد من «الهجرة غير النظامية» (أ.ف.ب)

وتُطبّق مصر منذ عام 2016 قانوناً للحد من «الهجرة غير النظامية»؛ إذ «يُعاقب بالسجن المشدد، وغرامة لا تقل عن 200 ألف جنيه، ولا تزيد على 500 ألف جنيه (الدولار يساوي نحو 47.10 جنيه)، أو بغرامة مساوية لقيمة ما عاد عليه من نفع، أيتهما أكبر، كل مَن ارتكب جريمة تهريب المهاجرين، أو شرع فيها، أو توسط في ذلك». وتكون العقوبة «السجن المشدد لمدة لا تقل عن 5 سنوات، وغرامة لا تقل عن 500 ألف جنيه، ولا تزيد على مليون جنيه أو غرامة مساوية لقيمة ما عاد عليه من نفع، أيتهما أكبر، إذا كان المهاجر المهرَّب امرأة أو طفلاً أو من عديمي الأهلية أو من ذوي الإعاقة».


مقالات ذات صلة

مصر تنوع دعمها للصومال بقافلة طبية وسلع غذائية

شمال افريقيا القافلة الطبية المصرية للصومال (وزارة الصحة المصرية)

مصر تنوع دعمها للصومال بقافلة طبية وسلع غذائية

عززت مصر من دعمها للصومال بإرسال قافلة طبية موسعة والإعلان عن تعاون مع مقديشو في مجال الأمن الغذائي.

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا واجه المرضى نقصاً في الأدوية خلال الشهور الماضية (وزارة الصحة المصرية)

مصر: تعهدات حكومية بإنهاء أزمة نقص الأدوية خلال أسابيع

تواصلت التعهدات الحكومية في مصر من جديد بإنهاء أزمة نقص الأدوية خلال أسابيع.

أحمد عدلي (القاهرة)
شمال افريقيا وزير الخارجية المصري خلال لقائه نظيره الصيني في نيويورك (الخارجية المصرية)

مصر لدعم موقفها في نزاع «سد النهضة» بتحركات مكثفة بنيويورك

كثّفت مصر من تحركاتها الدبلوماسية على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، لدعم موقفها في نزاع «سد النهضة» الإثيوبي.

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا أسعار الطماطم سجلت مستويات قياسية في مصر (المصدر: موقع سوق العبور)

«الطماطم» تعاند موائد المصريين وتواصل الارتفاع

سجلت أسعار الطماطم، التي تُعد غذاء أساسياً للمصريين يدخل في الوجبات والأكلات كافة، مستويات غير مسبوقة.

محمد عجم (القاهرة)
شمال افريقيا مقر وزارة الداخلية المصرية (صفحة الوزارة على «فيسبوك»)

انتقادات متصاعدة بشأن مقطع صوتي لـ«اعترافات طبيبين بالتحرش» في مصر

تصاعدت في مصر الانتقادات بشأن مقطع صوتي متداول لحديث جرى نسبه إلى «طبيبين»، قالا إنهما «قاما بالتحرش بالمترددات على المستشفيات للعلاج».

أحمد عدلي (القاهرة )

تجدد الخلافات حول «الميزانية الموحدة» يفجِّر مخاوف الليبيين

المنفي خلال لقاء خوري بمقر «المجلس الرئاسي» في طرابلس الشهر الماضي (المجلس الرئاسي الليبي)
المنفي خلال لقاء خوري بمقر «المجلس الرئاسي» في طرابلس الشهر الماضي (المجلس الرئاسي الليبي)
TT

تجدد الخلافات حول «الميزانية الموحدة» يفجِّر مخاوف الليبيين

المنفي خلال لقاء خوري بمقر «المجلس الرئاسي» في طرابلس الشهر الماضي (المجلس الرئاسي الليبي)
المنفي خلال لقاء خوري بمقر «المجلس الرئاسي» في طرابلس الشهر الماضي (المجلس الرئاسي الليبي)

أبدى سياسيون ومحللون ليبيون تخوفهم من وقوع أزمة جديدة، تتعلق بالمطالبة بـ«قانون موحد للميزانية»، في وقت لا تزال فيه البلاد تتعافى من تأثير أزمة المصرف المركزي.

وتأتي هذه المخاوف بعد دعوة مستشار رئيس المجلس الرئاسي، زياد دغيم، البعثة الأممية، قبيل توقيع اتفاق المصرف المركزي، إلى «قيادة آلية حوار مع مجلس النواب، للوصول إلى قانون ميزانية موحدة، أو الاتفاق على ترتيبات مالية مؤقتة».

المصرف المركزي بالعاصمة طرابلس (صفحة المصرف على فيسبوك)

وعدَّ رئيس الهيئة التأسيسية لحزب «التجمع الوطني» الليبي، أسعد زهيو، مطالبة المجلس الرئاسي في هذا التوقيت «بدايةً لظهور قضية خلافية جديدة». ويعتقد زهيو أن هذا المطلب من المجلس الرئاسي يعد «نوعاً من الضغط على كل من البعثة ومجلسَي النواب و(الأعلى للدولة) للقبول بمشاركته، وحليفه المتمثل في رئيس حكومة (الوحدة الوطنية) عبد الحميد الدبيبة، في إدارة عوائد الثروة النفطية». ولفت زهيو إلى مطالبة المجلس الرئاسي بتعيينه مجلس إدارة المصرف المركزي، أو تشكيل لجنة ترتيبات مالية مؤقتة بقيادة محمد المنفي.

البرلمان الليبي أقر مشروع قانون ميزانية موحدة لعام 2024 بقيمة 37 مليار دولار (النواب)

وكان البرلمان الليبي قد أقر في يوليو (تموز) الماضي، مشروع قانون ميزانية موحدة لعام 2024، بقيمة 180 مليار دينار (37 مليار دولار)، إلا أن المجلس الأعلى للدولة رفضها، وقال حينها إنها «أُقرَّت دون التشاور معه»؛ وعدَّ ذلك «مخالفة للاتفاق السياسي والتشريعات النافذة».

وخلال رسالته إلى خوري، قال مستشار المنفي، إن قانون الميزانية الذي أقره البرلمان «خلا من اشتراطات دستورية، توجب تقديم مشروع قانون الميزانية من السلطة التنفيذية، والتشاور مع المجلس الأعلى للدولة قبل تقديم المشروع».

وأوضح زهيو لـ«الشرق الأوسط» أن دغيم «يعرف أن البرلمان لن يقبل التخلي عن مشروع القانون الذي سبق أن أقره قبل 3 أشهر؛ وحتى لو قبل فلن يكون الوصول لهذا القانون متاحاً حالياً، نظراً لانقسام المجلس الأعلى للدولة».

من اجتماع سابق لأعضاء المجلس الأعلى للدولة (المجلس)

ونجحت البعثة الأممية في التوصل لاتفاق ينهي الصراع على إدارة المصرف المركزي، بتعيين قيادة جديدة له. ووفقاً لبنود الاتفاق، تُسند للمحافظ الجديد بالتشاور مع البرلمان مهمة ترشيح أعضاء مجلس إدارة الجديد للمصرف خلال أسبوعين من تسلم مهامه.

من جهته، يعتقد المحلل السياسي الليبي، محمد امطيريد، أن دعوة المجلس الرئاسي لقانون جديد للميزانية، عبارة عن «نوع من الضغط لضمان تقاسم الإيرادات مع القوى الأبرز بالمنطقة الشرقية، المتمثلة في القيادة العامة لـ(الجيش الوطني) بقيادة المشير خليفة حفتر».

غير أن دغيم دافع في تصريحات صحافية عن مطلب «الرئاسي»، وقال إن «السبب الرئيسي لتفجير الأزمة الحالية هو عدم وجود قانون ميزانية يعيد للمصرف المركزي دوره الفني، بعيداً عن الدور السياسي أو تحديد أولويات الإنفاق».

وتتنافس على السلطة في ليبيا حكومتان: الأولى هي «الوحدة الوطنية» المؤقتة ومقرها طرابلس، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، والثانية مكلفة من البرلمان، وتدير المنطقة الشرقية وبعض مناطق الجنوب، بقيادة أسامة حماد.

عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة» المؤقتة (الوحدة)

ولم يبتعد المحلل السياسي الليبي، فرج فركاش، عن الآراء السابقة؛ حيث عدَّ ما يحدث مناورة من قبل مستشار المجلس الرئاسي «لضمان حصول الأطراف بالمنطقة الغربية على نصيبهم من كعكة تقاسم (المركزي)، مثلما تحاول بقية القوى الأخرى». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن كافة الأطراف في الساحة «تسعى للحصول على نصيب من الثروة»، بما يمكن توصيفه بمعركة «كسر العظم»، كون هذا «هو السبيل الوحيد لبقائهم في سُدة السلطة؛ خصوصاً وأن لديهم حلفاء وموالين ينفقون عليهم».

يشار إلى أن مستشار المنفي قال إن «وجود قانون ميزانية موحد لسنة 2024، يتطلب 3 اشتراطات دستورية لم تتحقق فيما أصدره البرلمان»، مشيراً إلى أن «الاشتراطات تتمثل في تقديم مشروع قانون للميزانية من السلطة التنفيذية، على أن تتشاور تلك السلطة مع المجلس الأعلى للدولة بشأنه؛ ثم يقر مجلس النواب المشروع، وفق التعديل السادس للإعلان الدستوري».