مفاوضات الكباشي والحلو لـ«وقف العدائيات» إلى طريق مسدودة

«الحركة الشعبية»: 15 أبريل «حرب الإسلاميين ضد الشعب السوداني»

الكباشي (يمين) والحلو (يسار) في جوبا بحضور مستشار سلفا كير، توت قلواك (وكالة الأنباء السودانية)
الكباشي (يمين) والحلو (يسار) في جوبا بحضور مستشار سلفا كير، توت قلواك (وكالة الأنباء السودانية)
TT

مفاوضات الكباشي والحلو لـ«وقف العدائيات» إلى طريق مسدودة

الكباشي (يمين) والحلو (يسار) في جوبا بحضور مستشار سلفا كير، توت قلواك (وكالة الأنباء السودانية)
الكباشي (يمين) والحلو (يسار) في جوبا بحضور مستشار سلفا كير، توت قلواك (وكالة الأنباء السودانية)

وصلت مفاوضات الجيش السوداني، و«الحركة الشعبية لتحرير السودان – الشمال» في جوبا، إلى طريق مسدودة، حيث أعلن عن رفع جلسات التفاوض لمزيد من المشاورات، على أن تحدد الوساطة الجنوبية موعد الجلسة المقبلة في وقت لاحق.

وأظهرت المفاوضات، التي ترمي إلى وقف العدائيات في مناطق تسيطر عليها الحركة في جنوب النيل الأزرق، وجنوب كردفان، تباعد مواقف الطرفين، إذ إن الجيش يريد حصر المفاوضات بمنطقتي الحركة، التي ترى أن يشمل الاتفاق كل أنحاء البلاد، والمناطق التي تعيش «كارثة إنسانية» خصوصاً.

وكان وفد الجيش المفاوض، بقيادة نائب القائد العام للقوات المسلحة، الفريق شمس الدين الكباشي، قد سلّم الحركة التي يقودها عبد العزيز الحلو ورقة توجز الاتفاق المزمع على المنطقتين فقط، فيما ردّت الحركة بورقة تتضمن تمسكها بشمول الاتفاق كل المناطق المتأثرة بالحرب في البلاد، وإيصال المساعدات الإنسانية إليها، وهي الورقة التي ينتظر أن تكون ضمن أجندة اجتماعات لاحقة.

الكباشي قال إن حكومته لا تمانع في إيصال المساعدات لبقية الولايات حال توفر ضمانات (وكالة الأنباء السودانية)

وقال عضو مجلس السيادة نائب القائد العام للجيش، شمس الدين كباشي، وفقاً لموقع مجلس السيادة، إن الورقة التي قدّمها وفده بشأن التفاوض من أجل وقف العدائيات وتمرير المساعدات الإنسانية «مرنة وقابلة للنقاش»، بما يضمن الاتفاق مع «الحركة الشعبية – شمال» لوضع حدّ لمعاناة المواطنين الناتجة عن الحرب في مناطق سيطرة الطرفين، مؤكداً أن حكومته لا تمانع في إيصال المساعدات لبقية الولايات، حال توفر ضمانات وتدابير سلامة العاملين الإنسانيين.

دلمان: متمسكون باتفاق يشمل كل السودان

وقال المتحدث باسم وفد الحركة المفاوض، جاتيكا دلمان، لـ«الشرق الأوسط»، إن جلسة السبت ناقشت ردّ «الحركة الشعبية لتحرير السودان» على ورقة الجيش التي تسلمتها الجمعة، ونصّت على حصر الاتفاق على المنطقتين، وهما منطقة جنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق.

وأوضح دلمان أن حركته متمسكة بشمول الاتفاق لكل مناطق السودان المتأثرة بالحرب، ووصول المساعدات الإنسانية للشعوب السودانية في كل المناطق التي تشهد كارثة إنسانية بسبب الحرب، وهي: إقليم جبال النوبة، وإقليم الفونج الجديد، وولايات دارفور وكردفان والجزيرة والخرطوم، التي تحتاج لمساعدات إنسانية عاجلة، تنقذ حياة الملايين من سكانها، بما يحفظ كرامتهم وإنسانيتهم.

عبد العزيز الحلو حركته متمسكة بشمول الاتفاق لكل مناطق السودان المتأثرة بالحرب (موقع الحركة)

وقال دلمان إن الجيش سلّمهم عبر الوساطة الجنوبية ورقته التفاوضية التي تضمنت «وقف العدائيات» من أجل تمرير المساعدات الإنسانية في مناطق الحكومة ومناطق «الحركة الشعبية» في 3 ولايات. هي جنوب وغرب كردفان، والنيل الأزرق. وتابع: «رفضنا مقترح الجيش، وأبلغناه أن المساعدات الإنسانية يجب أن تصل لكل مناطق السودان، ودون أي تحيز إثني أو جغرافي وفي توقيت واحد».

وأبدى دلمان دهشته لاهتمام الجيش المفاجئ بأحوال المواطنين في المنطقتين، بقوله: «نحن في (الحركة الشعبية لتحرير السودان)، نتساءل من أين للجيش بهذه الإنسانية المفاجأة؟». وتابع: «نفس هذا الجيش حرم مواطني المنطقتين من المساعدات، بل استخدم الغذاء كسلاح في مواجهتهم طوال سنوات الحرب، منذ عملية برنامج شريان الحياة في عام 1989، ليفضلهم على بقية مناطق البلاد التي تعيش كارثة إنسانية».

وأوضح دلمان أنهم أبلغوا الجيش أن سكان المنطقتين منتشرون في كل بقاع السودان، و«هم من بقي من سكان الخرطوم والجزيرة»، وأن الجيش إذا كان يريد تأدية «الواجب الإنساني»، فعليه السماح بمرور الإغاثات والمساعدات الإنسانية لهم في كل أنحاء البلاد، في إشارة إلى أن أبناء الهامش هم الذين ظلوا في المناطق التي تشهد عمليات قتالية بين الجيش و«الدعم السريع»، فيما نزح الآخرون إلى مناطق آمنة.

دلدوم: كل ولايات السودان تحتاج للإغاثة

وكان السكرتير العام لـ«الحركة الشعبية»، عمار آمون دلدوم، الذي يرأس وفد التفاوض من جهة الحركة، قد أكد في خطاب افتتاح المفاوضات التي يترأسها من الجانب السوداني وزير الدفاع، الفريق ركن ياسين إبراهيم ياسين، أن المفاوضات من وجهة نظر الجيش تهدف إلى توقيع وثيقة «وقف عدائيات» تسمح بتمرير المساعدات الإنسانية للمتضررين من الحرب في ولايات جنوب كردفان والنيل الأزرق وغرب كردفان، بحسب طلب الجيش.

إلا أن دلدوم قال إن حركته ترى أن الجماعات والشعوب السودانية في كل من إقليم جبال النوبة وإقليم الفونج الجديد وولايات دارفور وكردفان والجزيرة والخرطوم، تحتاج إلى المساعدات الإنسانية العاجلة، لإنقاذ حياة سكانها وصيانة كرامتهم الإنسانية.

وقال دلمان إنهم قدّموا مرافعة للوساطة بأن كل ولايات السودان تحتاج للإغاثة، وإن 18 مليون شخص يواجهون خطر المجاعة، بينهم 6 ملايين نازح، ومليونا لاجئ، و3 ملايين طفل يعانون من سوء التغذية، في وقت خرجت فيه 80 بالمائة من المرافق الصحية عن الخدمة، بما يجعل من أي وقف للعدائيات لا يتضمن كل الأطراف المتحاربة «غير ممكن»، وتابع أن «الجيش يريد حسم الأمر عن طريق الحلول العسكرية، ولن يستطيع».

ووصف دلمان حرب 15 أبريل (نيسان) بأنها «حرب الإسلاميين ضد الشعب السوداني»، وتابع: «بالنسبة لنا، هذا الجيش ليس الجيش الوطني، هذه ميليشيا إسلامية مؤدلجة، صنعت (الدعم السريع) وموّلته وقنّنت وضعه الدستوري، وعليها تحمل مسؤولية هذا العار الوطني». وأضاف: «بالنسبة لنا، الجيش و(الدعم السريع) أعداء حقيقيون، وهما وجهان لعملة واحدة، هي (الحركة الإسلامية)».

ودعا دلمان جمهورية جنوب السودان للقيام بدورها المهم في مساعدة ملايين السودانيين الذين يعيشون مأساة إنسانية حقيقة، وتابع: «إننا الآن نعيش مرحلة اللادولة، وقد عدنا إلى ما قبل تأسيس الدولة، بينما ما يزالون (أي الجيش) يسعون للحصول على حلول جزئية».

وأوضح أن نائب القائد العام للجيش، الفريق أول شمس الدين الكباشي، جاء إلى جنوب السودان للبحث عما أسماه «قشة يتعلق بها»، لأن هناك 3 فرق عسكرية تابعة له. هي «22 بابنوسة»، و«14 كادوقلي»، و«10 أبوجبيهة» في طريقها للسقوط، ما لم يصلها دعم لوجستي. وتابع: «إذا سقطت هذه الفرق فستسقط الفرقة الخامسة في الأبيض».


مقالات ذات صلة

الجيش السوداني يعلن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار

العالم العربي أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر إكس)

الجيش السوداني يعلن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار

أعلن الجيش السوداني اليوم السبت «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع».

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم بدارفور (موقع «الجنائية الدولية»)

«الجنائية الدولية»: ديسمبر للمرافعات الختامية في قضية «كوشيب»

حددت المحكمة الجنائية الدولية ومقرها لاهاي 11 ديسمبر المقبل لبدء المرافعات الختامية في قضية السوداني علي كوشيب، المتهم بارتكاب جرائم حرب وضد الإنسانية بدارفور.

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم للنازحين في مدينة القضارف شرق البلاد 31 أكتوبر (أ.ف.ب)

مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة

مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة، فيما تعتزم الحكومة الألمانية دعم مشروع لدمج وتوطين اللاجئين السودانيين في تشاد.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا عائلة تستريح بعد مغادرة جزيرة توتي التي تسيطر عليها «قوات الدعم السريع» في أم درمان بالسودان يوم 10 نوفمبر 2024 (رويترز)

السودان: 40 قتيلاً في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة

أفاد طبيب بمقتل 40 شخصاً «بالرصاص» في السودان، بهجوم شنّه عناصر من «قوات الدعم السريع» على قرية بولاية الجزيرة وسط البلاد.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان يخاطب حضور مؤتمر اقتصادي في مدينة بورتسودان اليوم الثلاثاء (الجيش السوداني)

البرهان عن صراعات حزب البشير: لن نقبل ما يُهدد وحدة السودان

أعلن قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان رفضه للصراعات داخل حزب «المؤتمر الوطني» (المحلول) الذي كان يقوده الرئيس السابق عمر البشير.

أحمد يونس (كمبالا)

تخفيف سجن معارضة تونسية بعد تردي صحتها

عبير موسي رئيسة «الحزب الدستوري الحر» المعتقلة في السجن (الشرق الأوسط)
عبير موسي رئيسة «الحزب الدستوري الحر» المعتقلة في السجن (الشرق الأوسط)
TT

تخفيف سجن معارضة تونسية بعد تردي صحتها

عبير موسي رئيسة «الحزب الدستوري الحر» المعتقلة في السجن (الشرق الأوسط)
عبير موسي رئيسة «الحزب الدستوري الحر» المعتقلة في السجن (الشرق الأوسط)

قضت محكمة تونسية، مساء أمس (الجمعة)، بتخفيف حكم قضائي استئنافي في حق المعارضة عبير موسي، رئيسة «الحزب الدستوري الحر»، من السجن سنتين إلى سنة و4 أشهر في قضية تتعلق بانتقادها لهيئة الانتخابات، بحسب ما أكد محاميها نافع العريبي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية». ومطلع أغسطس (آب) الماضي، أصدرت محكمة ابتدائية حكماً بالسجن لمدّة عامين بحقّ موسي لانتقادها أداء الهيئة العليا المستقلة للانتخابات مطلع عام 2023.

وأصدرت المحكمة حُكمها بموجب «المرسوم 54»، الذي أصدره الرئيس قيس سعيّد عام 2022 لمكافحة «الأخبار الكاذبة»، والذي يواجه انتقادات شديدة من المعارضة ونقابة الصحافيين. وأوقفت موسي، النائبة السابقة البالغة 49 عاماً، في 3 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 أمام القصر الرئاسي في قرطاج. وأعلنت بعد ذلك ترشحها للانتخابات الرئاسية، لكن هيئة الانتخابات رفضت ملفها لعدم استكمال الوثائق وجمع تواقيع التزكيات اللازمة. وتواجه موسي تهماً خطيرة في قضايا أخرى، من بينها «الاعتداء المقصود منه تبديل هيئة الدولة».

وجاء هذا القرار، بعد أن قال علي البجاوي، المحامي ورئيس هيئة الدفاع عن رئيسة «الحزب الدستوري الحر»، لـ«وكالة الأنباء الألمانية»، إن وضعها الصحي في السجن «متدهور ولا يبشر بخير»، وذلك بعد أن قام بزيارتها في السجن الخميس، مشيراً إلى أنها «تعاني من ضعف وحالة إنهاك شديد».

مظاهرة نظمها مؤيدون لعبير موسي ضد المرسوم 54 الذي أصدره الرئيس سعيد (أ.ف.ب)

وتابع البجاوي موضحاً: «وزنها يتراجع بسبب النقص في التغذية، كما تعاني من أوجاع في الكتف والرقبة»، مبرزاً أن رئيسة «الحزب الدستوري الحر» أجرت تحاليل وخضعت لكشوفات طبية لم يتم الاطلاع على نتائجها بعد. وتواجه موسي، وهي من بين المعارضين الرئيسيين للرئيس الحالي قيس سعيد، تهمة «الاعتداء القصد منه تبديل هيئة الدولة»، التي تصل عقوبتها إلى الإعدام.

وتعود هذه التهمة إلى قضية «مكتب الضبط» للقصر الرئاسي، حين توجهت موسى إليه لإيداع تظلم ضد مراسيم أصدرها الرئيس قيس سعيد، وأصرت على إيداعه لدى المكتب، قبل أن يتم إيقافها من قبل الأمن وإيداعها لاحقاً السجن.

وعلى أثر ذلك، تقدمت هيئة الدفاع بطعن ضد قرار قضاة التحقيق. وقال المحامي البجاوي إنه «لا توجد جريمة، ورئيسة الحزب قدمت تظلمها وفق الإجراءات القانونية». وعلاوة على ذلك، تلاحق موسي أيضاً في قضايا أخرى، من بينها قضية قامت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بتحريكها ضدها بتهمة نشر «معلومات مضللة» عن الانتخابات التشريعية لعام 2022، بعد إطاحة الرئيس سعيد بالنظام السياسي السابق في 2021، وصدر حكم ضدها بالسجن لسنتين في هذه القضية، لكن هيئة الدفاع تقدمت بطعن ضده.

راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة (إ.ب.أ)

وخلف القضبان تقبع شخصيات معارضة أخرى، مثل زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي، وعصام الشابي وغازي الشواشي، المتهمين بالتآمر على أمن الدولة، واللذين سبقا أن أعلنا نيتهما الترشح للرئاسة قبل أن يتراجعا عن ذلك. وتنتقد المعارضة ومدافعون عن حقوق الإنسان ومنظمات دولية وتونسية الرئيس التونسي، الذي فاز بالانتخابات الرئاسية في أكتوبر الماضي بأكثر من 90 في المائة من الأصوات، وتتهمه بـ«التضييق على الحريات».