خلاف معبر رفح ... مصر وإسرائيل لترتيبات جديدة أو توتر أعمق

اتهامات متبادَلة بالمسؤولية عن إعاقة تمرير المساعدات

شاحنات تحمل مساعدات إنسانية لقطاع غزة تعبر بوابة رفح الحدودية (إ.ب.أ)
شاحنات تحمل مساعدات إنسانية لقطاع غزة تعبر بوابة رفح الحدودية (إ.ب.أ)
TT

خلاف معبر رفح ... مصر وإسرائيل لترتيبات جديدة أو توتر أعمق

شاحنات تحمل مساعدات إنسانية لقطاع غزة تعبر بوابة رفح الحدودية (إ.ب.أ)
شاحنات تحمل مساعدات إنسانية لقطاع غزة تعبر بوابة رفح الحدودية (إ.ب.أ)

تقف العلاقات المصرية - الإسرائيلية عند مفترق طرق صعب، مع تصاعد الخلافات، إثر سيطرة تل أبيب على معبر رفح من الجانب الفلسطيني، ورفض القاهرة التنسيق معها بشأنه.

ويحدد دبلوماسي مصري سابق وخبير عسكري لـ«الشرق الأوسط»، سيناريوهين لمستقبل العلاقات بين البلدين: الذهاب لترتيبات جديدة في المعبر حال استمرت السيطرة الإسرائيلية، أو «توتر غير مسبوق لا يصل إلى حرب».

تأتي هذه التقديرات في ظل تسارع الخلافات بين مصر وإسرائيل حول معبر رفح الذي يعد ممراً رئيسياً لدخول المساعدات الإنسانية إلى غزة وخروج المصابين، وسط نقص حاد في الغذاء وتدمير شبه كامل للمرافق الصحية بقطاع غزة.

دبابات الجيش الإسرائيلي تدخل الجانب الفلسطيني من معبر رفح الحدودي بين غزة ومصر 7 مايو (أ.ف.ب)

ومنذ 7 مايو (أيار)، سيطرت إسرائيل على معبر رفح الذي تديره «حماس» منذ 2007 ممثلةً للجانب الفلسطيني، وتوسعت في عملياتها بمدينة رفح الفلسطينية، مما حرَّك ردود فعل سريعة من القاهرة، شملت وقف التنسيق مع تل أبيب حول المعبر، ودعم دعوى جنوب أفريقيا ضد السلطات الإسرائيلية في محكمة العدل الدولية.

والثلاثاء الماضي، اتهم وزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، مصر بإغلاق معبر رفح، قبل أن يعلن وزير الخارجية المصري سامح شكري، رفض بلاده القاطع لـ«سياسة ليِّ الحقائق والتنصل من المسؤولية التي تتَّبعها تل أبيب»، متهماً إسرائيل بأنها «المسؤولة الوحيدة عن الكارثة الإنسانية في غزة».

إسرائيل تأمل في «تفاهمات»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، دخل على خط التوتر، وقال لشبكة «سي إن بي سي» الأميركية، الأربعاء، إن القاهرة تحتجز سكان غزة «رهينة» لرفضها التعاون مع إسرائيل بشأن معبر رفح، مضيفاً: «نريد أن نراه مفتوحاً، وآمل أن نتمكن من التوصل إلى تفاهم» مع مصر.

في الأثناء، قال المسؤول الرفيع في الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، دان دياكهاوس: «نضغط على جميع الأطراف للتوصل إلى نوع من الترتيبات التي يمكن أن تفتح معبر رفح على الفور وتؤدي إلى تدفق المساعدات من مصر».

فلسطينيون بين ملاجئ مؤقتة بعد أن طلب منهم الجيش الإسرائيلي إخلاء مدينة رفح جنوب قطاع غزة الأربعاء (إ.ب.أ)

لكن «رويترز» نقلت، الخميس، عن مصدرين أمنيين مصريين أن القاهرة رفضت اقتراحاً إسرائيلياً طُرح، الأربعاء، يقضي بالتنسيق بين البلدين لإعادة فتح معبر رفح وإدارة عملياته المستقبلية.

رسائل السيسي

والخميس، وجَّه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اتهامات مباشرة إلى تل أبيب في كلمته أمام القمة العربية المنعقدة في المنامة، قائلاً: «وجدنا إسرائيل مستمرة في التهرب من مسؤولياتها والمراوغة حول الجهود المبذولة لوقف إطلاق النار، بل والمضي قدماً في عمليتها العسكرية المرفوضة في رفح، فضلاً عن محاولات استخدام معبر رفح من جانبه الفلسطيني لإحكام الحصار على القطاع».

وبلغة واضحة، قال الرئيس المصري: «واهمٌ مَن يتصور أن الحلول الأمنية والعسكرية قادرة على تأمين المصالح أو تحقيق الأمن، ومخطئ من يظن أن سياسة حافة الهاوية يمكن أن تُجدي نفعاً أو تحقق مكاسب».

حزمة أسباب

في محاولة لتفسير الوضعية الحالية في العلاقات بين مصر وإسرائيل، تحدث رخا أحمد حسن، مساعد وزير الخارجية الأسبق، مع «الشرق الأوسط»، عن «أسباب عدة» وراء التوتر، «تتعلق بإصرار إسرائيل على اجتياح رفح رغم التحذيرات المصرية والدولية، والسيطرة على محور صلاح الدين، وانتهاك الاتفاقيات مع مصر في هذا الشأن بعد الوجود العسكري في تلك المنطقة».

يضاف إلى ذلك، وفق رخا، «رفض مصر شرعنة الوجود الإسرائيلي غير القانوني في معبر رفح، ورفض القاهرة أيضاً استمرار إسرائيل في المراوغة، بشأن إدخال المساعدات لغزة وعدم إتمام اتفاق لوقف إطلاق النار».

لذا، تعني كل المواقف التي اتخذتها القيادة المصرية في الأيام الماضية، أن «القاهرة فاض بها الكيل، وأن كل شيء تريده إسرائيل لن يكون»، على حد تعبير الدبلوماسي المصري السابق.

وعن المستقبل، يتوقع حسن، أن «استمرار الأوضاع في رفح أو المعبر من الجانب الفلسطيني، سيدفع لمعالجة مصرية أو ترتيبات، وقد تنتقل الأزمة بين البلدين من توتر سياسي إلى توتر عسكري لن يصل إلى حرب».

ترتيبات محتملة

اللواء المتقاعد بالجيش المصري ورئيس المؤسسة العربية للتنمية والدراسات الاستراتيجية، سمير راغب، يُرجع الخلافات المتصاعدة بين مصر وإسرائيل إلى أن الأخيرة «تريد ألا يكون هناك أي مكون فلسطيني في رفح».

ويوضح: «في اليوم التالي للحرب، مصر تريد أن يحكم الفلسطينيون وصولاً إلى دولة فلسطينية مستقلة، لكن إسرائيل، ونتنياهو تحديداً، تريد العكس تماماً».

ولتوضيح الوضعية الراهنة في علاقات البلدين، زاد راغب: «الخلافات تقوم على رفض مصر إدارة إسرائيل للمعبر، ورفض وجود أي قوات أجنبية تديره مستقبلاً، وهذا جزء مهم من الأزمة، وبالتالي لو استمرت تلك الأوضاع سنسير لترتيبات جديدة بشأن المعابر ورفح واتفاقيات الحدود الأمنية».

قبل أن يستدرك ويقول بلغة حاسمة: «لن تصل الأمور، حال وجود تلك الترتيبات، إلى أبعد من ذلك بين مصر وإسرائيل؛ فلا حرب ولا علاقات ستُقطع».

صورة من الجانب المصري لمعبر رفح الحدودي مع قطاع غزة (رويترز)

اللواء السابق بالجيش المصري يقول: «هناك 246 كيلومتراً من الحدود المصرية مع الأراضي الفلسطينية المحتلة، تعمل بلا مشكلات، والخلاف الآن في 14 كيلومتراً فقط، وهذا سيقودنا إلى ترتيبات جديدة، قد يكون من بينها وجود عناصر أمنية من رام الله أو شركة أمن كوضع انتقالي».


مقالات ذات صلة

«غزيو مصر» لم يحملوا الغربة في حقائبهم

شمال افريقيا مائدة تجمع مصريين وغزيين داخل شقة في القناطر الخيرية (الشرق الأوسط)

«غزيو مصر» لم يحملوا الغربة في حقائبهم

بينما يجمع الغزيون الذين تحدثت إليهم «الشرق الأوسط» في مصر، على رغبتهم في العودة إلى القطاع، فإن أحداً منهم لم يشر إلى «الغربة»، أو يشكو «الوحشة والقلق».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي وزير الخارجية المصري يلتقي وزيرة الدولة للتعاون الدولي القطرية الاثنين في القاهرة (الخارجية المصرية)

تنسيق مصري - قطري بشأن جهود وقف إطلاق النار في غزة

ناقش وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ووزيرة الدولة للتعاون الدولي بقطر لولوة بنت راشد، الاثنين، جهود الجانبين للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
تحليل إخباري صورة جماعية للمشاركين بـ«قمة السلام» في أكتوبر العام الماضي (رويترز)

تحليل إخباري عام على حرب غزة... تفاعل مصري «نشط ومتوازن»

تفاعلت مصر بـ«نشاط وتوازن» مع تداعيات الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، ولعبت دوراً بارزاً في «تحصين الجبهة الفلسطينية»، و«مواجهة مخططات التهجير وتصفية القضية».

فتحية الدخاخني (القاهرة)
تحليل إخباري فلسطينيون يبكون على جثة أحد ضحايا القصف الإسرائيلي في النصيرات وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري هل استهدفت إسرائيل إقصاء الوسطاء عن مفاوضات «هدنة غزة»؟

مساعٍ وجولات كثيرة قادها الوسطاء، مصر وقطر والولايات المتحدة، لإنهاء أطول حرب شهدها قطاع غزة، أسفرت عن هدنة نهاية نوفمبر 2023 استمرت أسبوعاً واحداً.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا رئيس أركان الجيش المصري يتفقد منظومة التأمين لخط الحدود الشمالية الشرقية ومعبر رفح البري (المتحدث العسكري)

رسائل مصرية حادة لإسرائيل تنذر بمزيد من التصعيد

بعثت مصر بـ«رسائل حادة» إلى إسرائيل رداً على تصعيد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وتمسكه بالبقاء في محور «فيلادلفيا».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

الجيش السوداني يعلن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من «قوات الدعم السريع»

عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)
عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

الجيش السوداني يعلن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من «قوات الدعم السريع»

عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)
عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)

أعلن الجيش السوداني، اليوم السبت، «تحرير» مدينة سنجة، عاصمة ولاية سنار، من عناصر «قوات الدعم السريع».

وأكد الناطق باسم الجيش السوداني على منصة «إكس» أن «القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى نجحت في تحرير سنجة... وسنستمر في التحرير، وقريباً سننتصر على كل المتمردين في أي مكان».

وفي وقت لاحق، قال رئيس مجلس السيادة، عبد الفتاح البرهان، إن «الانتصار الكبير والعظيم سيكون له ما بعده».

وأضاف المجلس، في حسابه على «تلغرام»، أن البرهان أكد عزم القوات المسلحة على تحرير كل شبر من البلاد «ودحر الميليشيا التي تستهدف وحدة السودان».

واندلعت الحرب بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع»، في منتصف أبريل (نيسان) 2023، بعد خلاف حول خطط لدمج «الدعم السريع» في القوات المسلحة خلال فترة انتقالية كان من المفترض أن تنتهي بإجراء انتخابات للانتقال إلى حكم مدني، وبدأ الصراع في الخرطوم وامتد سريعاً إلى مناطق أخرى.

وأدى الصراع إلى انتشار الجوع في أنحاء البلاد، وتسبب في أزمة نزوح ضخمة، كما أشعل موجات من العنف العرقي في أنحاء السودان.