لماذا لم تمنع الجهود الليبية تدفق المهاجرين غير النظاميين؟

«الاستقرار» دعت إلى مؤتمر أفريقي - أوروبي لبحث الأزمة

خلال ترحيل 41 مهاجراً مصرياً عبر منفذ (أمساعد - السلوم) البري (جهاز مكافحة الهجرة بشرق ليبيا)
خلال ترحيل 41 مهاجراً مصرياً عبر منفذ (أمساعد - السلوم) البري (جهاز مكافحة الهجرة بشرق ليبيا)
TT

لماذا لم تمنع الجهود الليبية تدفق المهاجرين غير النظاميين؟

خلال ترحيل 41 مهاجراً مصرياً عبر منفذ (أمساعد - السلوم) البري (جهاز مكافحة الهجرة بشرق ليبيا)
خلال ترحيل 41 مهاجراً مصرياً عبر منفذ (أمساعد - السلوم) البري (جهاز مكافحة الهجرة بشرق ليبيا)

تحضّر حكومة «الاستقرار» الليبية المكلفة من مجلس النواب، برئاسة أسامة حمّاد، لمؤتمر أفريقي - أوروبي، في شهر مايو (أيار) المقبل، لبحث أزمة الهجرة غير المشروعة، وانعكاساتها على البلاد التي تعاني من الانقسام.

ويأتي الإعلان عن هذا المؤتمر في ظل جهود سابقة كثيرة بُذلت في هذا الشأن، لكن لا تزال أعداد من المهاجرين تتدفق على ليبيا، ومنها إلى السواحل الأوروبية.

المشاركون في ندوة عقدتها وزارة الخارجية بحكومة حمّاد بطنجة حول الهجرة (الحكومة الليبية)

وفي إطار التحضير للمؤتمر المقبل، أعلنت الحكومة، مساء (السبت) أن معهد الدراسات الدبلوماسية، التابع لوزارة الخارجية نظّم ندوة تحضيرية حول الهجرة في منطقة البحر المتوسط، وذلك بمدينة طنجة المغربية خلال اليومين الماضيين بالتعاون مع الهيئة المتوسطية للهجرة واللجوء، وبمشاركة أكاديميين وسياسيين وحقوقيين من دول مختلفة.

ويرجع جّل المهتمين بملف الهجرة، عدم نجاح الجهود المبذولة حتى الآن من قبل السلطات الليبية والأوروبية في منع تدفق المهاجرين إلى «كثرة عدد المنتفعين من هذه الظاهرة»، مشيرين إلى وجود عناصر أمنية بعضها ينتمي إلى جهاز مكافحة الهجرة تتربح من استمرار تسرب المهاجرين إلى ليبيا ومنها إلى أوروبا.

وتحدث في الندوة، وفقاً للحكومة الليبية، وزير الخارجية المفوض بها عبد الهادي الحويج، لافتاً إلى الإجراءات التي اتخذتها حكومته و«المجهودات التي بذلتها من أجل معالجة مسألة الهجرة، وتقديم المساعدة للمهاجرين من أفريقيا وجنوب الصحراء»، مسلطاً الضوء على مخرجات وإعلان المؤتمر الأفريقي الذي عُقد في بنغازي مطلع يناير (كانون الثاني) الماضي حول الهجرة.

وفيما أشار الحويج إلى عدم رصد أي انتهاكات لحقوق المهاجرين في المناطق التي تسيطر عليها حكومته، أبدى استعدادها لاستضافة المؤتمر الأفريقي - الأوروبي الأول حول الهجرة «في أحسن الظروف».

وتحدث طارق لملوم، الحقوقي الليبي، رئيس مؤسسة «بلادي لحقوق الإنسان»، لـ«الشرق الأوسط» عن «دور المجموعات المسلحة في عمليات تهريب المهاجرين غير النظاميين»، وقال إن الأمر «يزداد لا سيما في المدن المطلة على البحر من بينها زوارة والقرة بوللي».

ومن وقت إلى آخر تضبط السلطات الأمنية في شرق ليبيا وغربها عشرات المهاجرين قبل تهريبهم إلى السواحل الإيطالية. كما تعمل بشكل ملاحظ على ترحيل المئات منهم إلى دولهم.

وأعلن المكتب الإعلامي لرئاسة جهاز مكافحة الهجرة غير المشروعة بشرق ليبيا اللواء نوري الساعدي، (الأحد) على ترحيل 41 مهاجراً غير شرعي من الجنسية المصرية عبر منفذ (أمساعد - السلوم) البري.

وفيما نوه جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية في بنغازي، ضبط 1507 مهاجرين غير نظاميين خلال يناير الماضي فقط، تعلن السلطات في غرب ليبيا عن ضبط وإنقاذ مهاجرين من الغرق في المتوسط من وقت لآخر.

عقب إنقاذ 130 مهاجراً من الغرق في المتوسط قبالة ساحل غرب ليبيا (وزارة الداخلية)

وأعلنت وزارة الداخلية بحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، أنها أنقذت 130 مهاجراً غير نظامي قبالة ساحل القرة بوللي بغرب ليبيا الجمعة الماضي، وأحالتهم إلى جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية.

كما سبق وكشف جهاز المباحث الجنائية عن العثور على 65 جثة تعود لمهاجرين غير نظاميين، من وادي الجهرية بمنطقة الشويرف، جنوب غربي ليبيا، وذلك في 19 مارس (آذار).

وتقول حكومة «الوحدة» - التي سبق وعقدت هي الأخرى مؤتمراً بشأن الهجرة غير النظامية - إنها ترفض أي مقترحات تتحدث عن توطين المهاجرين في مناطق العبور، ومنها ليبيا.

وتطالب بدعم دولي لمكافحة الهجرة. وقال الدبيبة، إن بلاده ستطالب بحقها في الحصول على الدعم الدولي في ملف الهجرة أمنياً وسياسياً ومادياً.

والندوة التي احتضنتها طنجة حضرها مشاركون من إسبانيا وفرنسا وإيطاليا وبلجيكا وألمانيا والسنغال والمغرب وتونس، بالإضافة إلى ليبيا. وتشجع حكومة «الاستقرار» على التعاون المعلوماتي بين الدول الأفريقية في إطار حماية المهاجرين وضمان حقوقهم ورعايتهم، وإعادة إدماجهم في مجتمعاتهم بالشراكة مع المنظمات الدولية والإقليمية.


مقالات ذات صلة

«العليا للانتخابات» الليبية تعلن نتائج «المحليات» الأحد

شمال افريقيا المفوضية العليا للانتخابات حسمت الجدل حول موعد إعلانها نتائج المرحلة الأولى من الانتخابات البلدية (أ.ف.ب)

«العليا للانتخابات» الليبية تعلن نتائج «المحليات» الأحد

حسمت المفوضية العليا للانتخابات في ليبيا الجدلَ حول موعد إعلانها نتائج المرحلة الأولى من الانتخابات البلدية.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا سيف الإسلام القذافي خلال تقدمه بأوراقه للترشح في الانتخابات الرئاسية في 14 نوفمبر 2021 (رويترز)

«الجنائية الدولية» تعيد سيف الإسلام القذافي إلى واجهة الأحداث في ليبيا

تتهم المحكمة الجنائية سيف الإسلام بالمسؤولية عن عمليات «قتل واضطهاد ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية» بحق مدنيين، خلال أحداث «ثورة 17 فبراير».

جاكلين زاهر (القاهرة)
شمال افريقيا الدبيبة خلال لقائه عدداً من عمداء البلديات (حكومة الوحدة)

رئيس «الوحدة» الليبية يطالب مجدداً بـ«قوانين عادلة» لإجراء الانتخابات

تمسك عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة، مجدداً بضرورة وجود «قوانين عادلة» لإجراء الانتخابات الرئاسية والنيابية المؤجلة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
خاص تواجه دعوات تحجيب النساء «جبراً» رفضاً لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات (أ.ف.ب)

خاص دعوات «إلزامية الحجاب» تفجر صراعاً مجتمعياً في ليبيا

بعد إعلان السلطة في غرب ليبيا عن إجراءات واسعة ضد النساء من بينها "فرض الحجاب الإلزامي"، بدت الأوضاع متجه إلى التصعيد ضد "المتبرجات"، في ظل صراع مجتمعي محتدم.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا الحويج و«الوزير الغيني» (وزارة الخارجية بحكومة حماد)

زيارة «وزير غيني» لحكومة حمّاد تفجر جدلاً في ليبيا

بعد أكثر من أسبوعين أحدثت زيارة أجراها «وزير دولة في غينيا بيساو» لحكومة شرق ليبيا حالة من الجدل بعد وصفه بأنه شخص «مزيف».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

«الجنائية الدولية» تعيد سيف الإسلام القذافي إلى واجهة الأحداث في ليبيا

سيف الإسلام القذافي خلال تقدمه بأوراقه للترشح في الانتخابات الرئاسية في 14 نوفمبر 2021 (رويترز)
سيف الإسلام القذافي خلال تقدمه بأوراقه للترشح في الانتخابات الرئاسية في 14 نوفمبر 2021 (رويترز)
TT

«الجنائية الدولية» تعيد سيف الإسلام القذافي إلى واجهة الأحداث في ليبيا

سيف الإسلام القذافي خلال تقدمه بأوراقه للترشح في الانتخابات الرئاسية في 14 نوفمبر 2021 (رويترز)
سيف الإسلام القذافي خلال تقدمه بأوراقه للترشح في الانتخابات الرئاسية في 14 نوفمبر 2021 (رويترز)

بعد تأكيدات المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، الأسبوع الماضي، باستمرار سريان مذكرة التوقيف التي صدرت بحق سيف الإسلام، نجل الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي عام 2011، عاد اسم سيف الإسلام ليتصدر واجهة الأحداث بالساحة السياسية في ليبيا.

وتتهم المحكمة الجنائية سيف الإسلام بالمسؤولية عن عمليات «قتل واضطهاد ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية» بحق مدنيين، خلال أحداث «ثورة 17 فبراير»، التي خرجت للشارع ضد نظام والده، الذي حكم ليبيا لأكثر من 40 عاماً.

* تنديد بقرار «الجنائية»

بهذا الخصوص، أبرز عضو مجلس النواب الليبي، علي التكبالي، أن القوى الفاعلة في شرق البلاد وغربها «لا تكترث بشكل كبير بنجل القذافي، كونه لا يشكل خطراً عليها، من حيث تهديد نفوذها السياسي في مناطق سيطرتها الجغرافية». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «رغم قلة ظهور سيف منذ إطلاق سراحه من السجن 2017، فإن تحديد موقعه واعتقاله لن يكون عائقاً، إذا ما وضعت القوى المسلحة في ليبيا هذا الأمر هدفاً لها».

صورة التُقطت لسيف الإسلام القذافي في الزنتان (متداولة)

وفي منتصف عام 2015 صدر حكم بإعدام سيف الإسلام لاتهامه بـ«ارتكاب جرائم حرب»، وقتل مواطنين خلال «ثورة فبراير»، إلا أن الحكم لم يُنفَّذ، وتم إطلاق سراحه من قبل «كتيبة أبو بكر الصديق»، التي كانت تحتجزه في الزنتان. وبعد إطلاق سراحه، لم تظهر أي معلومات تفصيلية تتعلق بحياة سيف الإسلام، أو تؤكد محل إقامته أو تحركاته، أو مَن يموله أو يوفر له الحماية، حتى ظهر في مقر «المفوضية الوطنية» في مدينة سبها بالجنوب الليبي لتقديم ملف ترشحه للانتخابات الرئاسية في نوفمبر (تشرين الثاني) 2021.

وأضاف التكبالي أن رفض البعض وتنديده بقرار «الجنائية الدولية»، التي تطالب بتسليم سيف القذافي «ليس لقناعتهم ببراءته، بقدر ما يعود ذلك لاعتقادهم بوجوب محاكمة شخصيات ليبية أخرى مارست أيضاً انتهاكات بحقهم خلال السنوات الماضية».

* وجوده لا يشكِّل خطراً

المحلل السياسي الليبي، محمد محفوظ، انضم للرأي السابق بأن سيف الإسلام «لا يمثل خطراً على القوى الرئيسية بالبلاد حتى تسارع لإزاحته من المشهد عبر تسليمه للمحكمة الدولية»، مشيراً إلى إدراك هذه القوى «صعوبة تحركاته وتنقلاته». كما لفت إلى وجود «فيتو روسي» يكمن وراء عدم اعتقال سيف القذافي حتى الآن، معتقداً بأنه يتنقل في مواقع نفوذ أنصار والده في الجنوب الليبي.

بعض مؤيدي حقبة القذافي في استعراض بمدينة الزنتان (متداولة)

وتتنافس على السلطة في ليبيا حكومتان: الأولى وهي حكومة «الوحدة» المؤقتة، التي يرأسها عبد الحميد الدبيبة، وتتخذ من طرابلس مقراً لها، والثانية مكلفة من البرلمان برئاسة أسامة حماد، وهي مدعومة من قائد «الجيش الوطني»، المشير خليفة حفتر، الذي تتمركز قواته بشرق وجنوب البلاد.

بالمقابل، يرى المحلل السياسي الليبي، حسين السويعدي، الذي يعدّ من مؤيدي حقبة القذافي، أن الولاء الذي يتمتع به سيف الإسلام من قبل أنصاره وحاضنته الاجتماعية «يصعّب مهمة أي قوى تُقدم على اعتقاله وتسليمه للمحكمة الجنائية الدولية»، متوقعاً، إذا حدث ذلك، «رد فعل قوياً جداً من قبل أنصاره، قد يمثل شرارة انتفاضة تجتاح المدن الليبية».

ورغم إقراره في تصريح لـ«الشرق الأوسط» بأن «كل القوى الرئيسية بالشرق والغرب الليبيَّين تنظر لسيف الإسلام بوصفه خصماً سياسياً»، فإنه أكد أن نجل القذافي «لا يقع تحت سيطرة ونفوذ أي منهما، كونه دائم التنقل، فضلاً عن افتقاد البلاد حكومة موحدة تسيطر على كامل أراضيها».

ورفض المحلل السياسي ما يتردد عن وجود دعم روسي يحظى به سيف الإسلام، يحُول دون تسليمه للمحكمة الجنائية، قائلاً: «رئيس روسيا ذاته مطلوب للمحكمة ذاتها، والدول الكبرى تحكمها المصالح».

* تكلفة تسليم سيف

من جهته، يرى الباحث بمعهد الخدمات الملكية المتحدة، جلال حرشاوي، أن الوضع المتعلق بـ(الدكتور) سيف الإسلام مرتبط بشكل وثيق بالوضع في الزنتان. وقال إن الأخيرة «تمثل رهانات كبيرة تتجاوز قضيته»، مبرزاً أن «غالبية الزنتان تدعم اللواء أسامة الجويلي، لكنه انخرط منذ عام 2022 بعمق في تحالف مع المشير حفتر، ونحن نعلم أن الأخير يعدّ سيف الإسلام خطراً، ويرغب في اعتقاله، لكنهما لا يرغبان معاً في زعزعة استقرار الزنتان، التي تعدّ ذات أهمية استراتيجية كبيرة».

أبو عجيلة المريمي (متداولة)

ويعتقد حرشاوي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن الدبيبة يتبع أيضاً سياسة تميل إلى «عدم معارضة القذافي». ففي ديسمبر (كانون الأول) 2022، سلم المشتبه به في قضية لوكربي، أبو عجيلة المريمي، إلى السلطات الأميركية، مما ترتبت عليه «تكلفة سياسية»، «ونتيجة لذلك، لا يرغب الدبيبة حالياً في إزعاج أنصار القذافي. فالدبيبة مشغول بمشكلات أخرى في الوقت الراهن».