غوتيريش يحذّر من تفكك السودان ويطالب بتدخل مجلس الأمن

بريطانيا تقدم مشروعاً لـ«وقف النار فوراً» قبل بدء رمضان

مجلس الأمن في نيويورك (صور الأمم المتحدة)
مجلس الأمن في نيويورك (صور الأمم المتحدة)
TT

غوتيريش يحذّر من تفكك السودان ويطالب بتدخل مجلس الأمن

مجلس الأمن في نيويورك (صور الأمم المتحدة)
مجلس الأمن في نيويورك (صور الأمم المتحدة)

حذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الخميس، من «التطورات الخطيرة» التي يمكن أن تؤدي إلى «تفتيت» السودان، وامتداد الحرب المستعرة فيه إلى منطقة الساحل والقرن الأفريقي والبحر الأحمر، داعياً مجلس الأمن إلى التحرك من أجل وقف النار خلال شهر رمضان بين القوات المسلحة السودانية بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان من جهة و«قوات الدعم السريع» بقيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو، الملقب بـ«حميدتي» من الجهة الأخرى.

وكان كبير الموظفين الدوليين يتحدث خلال اجتماع عقده مجلس الأمن حول الوضع في السودان، وبالتزامن مع تقديم بريطانيا مشروع قرار يطالب بـ«الوقف الفوري للأعمال العدائية قبل شهر رمضان»، وسط مساع للتصويت عليه الجمعة.

وقال غوتيريش خلال الاجتماع إن الحرب التي بدأت قبل 11 شهراً في السودان «خلفت خسائر فادحة (...) ما يعرض وحدة البلاد للخطر»، محذراً من أن «هناك الآن خطراً جدياً يتمثل في احتمال إشعال الصراع مما يؤدي إلى حالة من عدم الاستقرار الإقليمي بأبعاد دراماتيكية، بدءاً من منطقة الساحل إلى القرن الأفريقي والبحر الأحمر». وإذ تطرق إلى المعارك في ولايتي الخرطوم والجزيرة وأماكن أخرى، أضاف أن «إراقة الدماء أخيراً أجبرتنا على تعليق عملياتنا خارج المركز الإنساني الحيوي في ود مدني»، مشيراً إلى «مخاوف متزايدة من توسع الأعمال العدائية شرقاً».

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (إ.ب.أ)

زيت على النار

وعبر غوتيريش عن «قلق بالغ من الدعوات إلى تسليح المدنيين، ونشاطات الحشد الشعبي في مختلف الولايات»، بما في ذلك دارفور وجنوب كردفان، حيث «تدخل الجماعات المسلحة المعركة»، منبهاً إلى أن «كل هذه التطورات الخطيرة تصب الزيت على النار» بما يمكن أن يؤدي إلى «تفتيت البلاد بشكل أكثر خطورة، وتعميق التوترات بين الطوائف، والمزيد من العنف العرقي».

وناشد غوتيريش كل الأطراف في السودان «احترام قيم شهر رمضان من خلال احترام وقف الأعمال العدائية خلال شهر رمضان». ورأى أن «الوقت حان الآن لإلقاء السلاح»، مؤكداً أن «الأزمة الإنسانية في السودان تصل إلى أبعاد هائلة»، إذ «يحتاج نصف السكان إلى المساعدة المنقذة للحياة». وقال إن «الجوع يطارد السودان... نحو 18 مليون شخص يعانون انعدام الأمن الغذائي الحاد». وذكر أنه وفقاً لإعلان جدة «يجب على السلطات السماح بوصول المساعدات الإنسانية بشكل كامل وفوري إلى جميع السكان الضعفاء بغض النظر عن مكان وجودهم ومن يسيطر على المنطقة». وطالب بـ«استخدام كل الطرق، بما في ذلك الممرات البرية والجوية، لتحقيق أقصى قدر من الاستجابة للمساعدات وإنقاذ الأرواح».

وتحدث الأمين العام للمنظمة الدولية عن «الهجمات العشوائية التي شنتها (قوات الدعم السريع) والقوات المسلحة السودانية، وأدت إلى مقتل أو إصابة عدد كبير من المدنيين»، متطرقاً إلى «عمليات النهب والاعتقالات التعسفية والاختفاء القسري والتعذيب وتجنيد واحتجاز الأطفال»، فضلاً عن التقارير «المثيرة للقلق عن العنف الجنسي المنهجي المرتبط بالنزاع، بما في ذلك الاغتصاب والاغتصاب الجماعي، فضلاً عن الاختطاف والاتجار بغرض الاستغلال الجنسي».

إعلان جدة

وقال غوتيريش: «تشكل منصة جدة منتدى حاسماً وواعداً للحوار»، كما «تظل المشاركة الأفريقية أمراً لا غنى عنه»، مؤكداً أن «الأمم المتحدة على استعداد لتكثيف مشاركتها مع شركائنا المتعددي الأطراف - ومنها الاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيغاد) وجامعة الدول العربية والدول الأعضاء الرئيسية - لاتخاذ إجراءات عاجلة نحو وقف دائم للأعمال العدائية وتوصل إلى اتفاق شامل ومتماسك ومتكامل». وعوّل على الجهود التي يبذلها المبعوث الشخصي للأمين العام إلى السودان رمطان لعمامرة مع القوات المسلحة السودانية و«قوات الدعم السريع»، وكذلك لتنسيق مبادرات الوساطة الدولية، داعياً مجلس الأمن إلى إظهار «دعمه القوي والواضح لذلك الجهد الحاسم».

المندوبتان الدائمتان الأميركية ليندا توماس غرينفيلد والبريطانية باربرا وودوارد خلال محادثة جانبية في قاعة مجلس الأمن في نيويورك (صور الأمم المتحدة)

الجيش يوافق

ورداً على دعوة غوتيرش، قال ممثل السودان بالأمم المتحدة الحارث إدريس الخميس إن قائد الجيش رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان يرحب بدعوة الأمين العام للأمم المتحدة إلى وقف القتال خلال شهر رمضان. وأضاف إدريس في كلمة أمام مجلس الأمن أن البرهان يطلب من غوتيريش تحديد آلية تنفيذ وقف القتال خلال الشهر. وفيما يتعلق باحتياجات السودان من المساعدات الإنسانية حذر إدريس من أن حجم الفجوة بين الحاجات المعلنة والمساعدات التي تصل بالفعل إلى البلاد بلغت 68 في المئة.

المشروع البريطاني

وبموجب مشروع قرار وزعته بريطانيا، حاملة القلم في القضايا المتعلقة بالسودان في مجلس الأمن، يطالب النص بـ«الوقف الفوري للأعمال العدائية قبل شهر رمضان»، داعياً في الوقت ذاته أطراف النزاع إلى «السعي إلى إيجاد حل مستدام للنزاع من خلال الحوار». كما يدعو كل الأطراف إلى ضمان «تمكين توصيل المساعدات الإنسانية بشكل كامل وسريع وآمن ومن دون عوائق، بما في ذلك عبر الحدود وعبر الجبهات، والامتثال لالتزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي وإعلان التزام حماية المدنيين في السودان»، طبقاً لما نص عليه «إعلان جدة» بين القوات المسلحة السودانية بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان من جهة و«قوات الدعم السريع» بقيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو، الملقب بـ«حميدتي» من الجهة الأخرى، برعاية المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة في مايو (أيار) 2023.

وكذلك يشجع المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى السودان رمطان لعمامرة على «استخدام مساعيه الحميدة مع الأطراف والدول المجاورة، لاستكمال وتنسيق جهود السلام الإقليمية».

عبر الحدود والجبهات

فتى على هضبة مشرفة على مخيم للاجئين قرب الحدود بين السودان وتشاد (رويترز)

ويعبر مشروع القرار في ديباجته عن «القلق البالغ من انتشار العنف والحالة الإنسانية الكارثية والمتدهورة، بما في ذلك مستويات أزمة انعدام الأمن الغذائي الحاد، لا سيما في دارفور». وإذ يشير إلى «التحديات المتعلقة بالمساعدات الإنسانية عبر الحدود وعبر خطوط التماس إلى دارفور»، يشجع السلطات السودانية على «مواصلة العمل في شراكة وثيقة مع مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية والمنظمات غير الحكومية الدولية لضمان وصول المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة إلى المحتاجين».

ويحض النص على «مواصلة وتعزيز تنسيق الجهود الإقليمية والدولية لتسهيل إنهاء النزاع واستعادة عملية انتقال ديمقراطي شاملة ودائمة بقيادة مدنية». ويدعو الدول الأعضاء إلى «الامتناع عن التدخل الخارجي الذي يسعى إلى إثارة الصراع وعدم الاستقرار، والعمل بدلاً من ذلك على دعم الجهود الرامية إلى تحقيق سلام دائم» في السودان.


مقالات ذات صلة

الجيش السوداني يعبر الجسور مجدّداً... ويحقّق تقدّماً شمال الخرطوم بحري

شمال افريقيا مشهد لأحد الجسور في العاصمة السودانية الخرطوم (أ.ف.ب)

الجيش السوداني يعبر الجسور مجدّداً... ويحقّق تقدّماً شمال الخرطوم بحري

وفقاً للجان مقاومة «حجر العسل» بمدينة شندي، التي انطلق منها الهجوم على «مصفاة الجيلي»، فإن الجيش تراجَع نحو وسط وشمال المنطقة، وتمددت «قوات الدعم» فيها مجدّداً.

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا أعمدة الدخان تتصاعد خلال اشتباكات بين قوات «الدعم السريع» والجيش في الخرطوم 26 سبتمبر (رويترز)

السودان... تصاعد وتيرة القتال في الخرطوم والجزيرة والفاشر

تصاعدت حدة القتال، الجمعة، بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» في عدد من الجبهات مع سقوط عشرات القتلى والجرحى خلال الـ24 ساعة الماضية بصفوف الجانبين.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا البرهان يدلي بخطابه في الأمم المتحدة بنيويورك 26 سبتمبر 2024 (إ.ب.أ)

البرهان: لا شروط مسبقة للحوار ونطالب بتنفيذ «اتفاق جدة»

أكد رئيس مجلس السيادة قائد القوات المسلحة السودانية الفريق عبد الفتاح البرهان أنه «لا يضع شروطاً مسبقة» للحوار، وطالب «قوات الدعم السريع» بتنفيذ «اتفاق جدة».

علي بردى (نيويورك)
الخليج الربيعة يلقي كلمة السعودية في اجتماع بشأن الوضع الراهن للمساعدات الإنسانية بالسودان (واس)

الربيعة: السعودية بذلت جهوداً حثيثة لإعادة الأمل للسودانيين

أكد الدكتور عبد الله الربيعة المشرف على «مركز الملك سلمان للإغاثة» أن السعودية بذلت جهوداً حثيثة لإيجاد سبل لإعادة الأمل إلى شعب السودان منذ بداية أزمة بلادهم.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
شمال افريقيا الجيش السوداني يشن هجوماً لاستعادة السيطرة على العاصمة play-circle 01:27

الجيش السوداني يشن هجوماً لاستعادة السيطرة على العاصمة

عاش سكان العاصمة السوداني الخرطوم شللاً مفاجئاً، فيما قال شهود ومصادر عسكرية إن الجيش السوداني شن قصفاً مدفعياً وجوياً في العاصمة السودانية الخرطوم يوم الخميس.

محمد أمين ياسين (نيروبي) أحمد يونس (كامبالا)

كيف يؤثر تسهيل تراخيص البناء على السوق العقارية المصرية؟

يتوقع أن يسهم القرار في استئناف أعمال البناء بشكل مكثف (وزارة الإسكان)
يتوقع أن يسهم القرار في استئناف أعمال البناء بشكل مكثف (وزارة الإسكان)
TT

كيف يؤثر تسهيل تراخيص البناء على السوق العقارية المصرية؟

يتوقع أن يسهم القرار في استئناف أعمال البناء بشكل مكثف (وزارة الإسكان)
يتوقع أن يسهم القرار في استئناف أعمال البناء بشكل مكثف (وزارة الإسكان)

قررت الحكومة المصرية تسهيل اشتراطات ترخيص البناء عبر العودة للعمل بقانون البناء الصادر عام 2008، بعد عرض دراسة مشتركة بين وزارتي «الإسكان» و«التنمية المحلية»، الجمعة، على رئيس الجمهورية تضمنت الموافقة على العودة للقانون لما به من «تبسيط للإجراءات وأنه يسهم في إحداث انتعاش بحركة العمران»، بحسب تصريحات نشرتها وسائل إعلام محلية للمتحدث باسم «التنمية المحلية» خالد قاسم.

وينبني على هذه العودة إيقاف قانون «البناء الموحد» الذي جرى اعتماده في مارس (آذار) 2021 ووضع اشتراطات عدة لأعمال البناء أدت لتراجع الأعمال الإنشائية بالعديد من المدن الرئيسية، خلال السنوات الماضية، وفق مراقبين اعتبروا الاشتراطات والضوابط التي حددها هذا القانون عائقاً أمام عمليات البناء التي يقوم بها الأفراد والشركات العقارية ذات الأنشطة المحدودة.

وفي الفترة الأخيرة تصاعدت مخاوف لدى اقتصاديين ومسؤولين بالقطاع العقاري من «فقاعة» عقارية مع ازدياد الأسعار بشكل كبير في الشهور الماضية، وسط وجهات نظر متباينة تصل لدرجة التناقض بين من يرى العقار مقيماً بأكثر من قيمته، الأمر الذي سيدفع نحو انخفاض الأسعار في المستقبل القريب، ومن يرى أن الأسعار ستواصل قفزتها في الفترة المقبلة.

توقعات بانتعاشة في أعمال البناء خلال الفترة المقبلة (وزارة الإسكان)

وشهدت أسعار الوحدات ارتفاعاً في الربع الأول من العام الجاري مقارنة بالعام الماضي لتصل إلى نحو 83 في المائة بمدينة السادس من أكتوبر، و95 في المائة بالقاهرة الجديدة خلال عام، مع ارتفاع أسعار الإيجارات بنسب تتخطى 40 في المائة بالمنطقتين، وفق تقرير صدر في مايو (أيار) الماضي لمؤسسة «جي إل إل» العالمية المتخصصة في دراسات سوق العقارات.

ويرى رئيس لجنة الإسكان بمجلس النواب المصري محمد الفيومي أن «التراجع الحكومي بمثابة عودة للمسار الصحيح»، واصفاً القانون الصادر عام 2021 بـ«المعيب». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «قانون 2021 تسبب في عدم استخراج المواطنين لتراخيص بناء، وساهم في زيادة البناء العشوائي، وفتح أبواباً للفساد، وقلّص من الشقق المعروضة للبيع بالعديد من المناطق».

وعن تأثير القرار الجديد بعودة القانون القديم على أسعار العقارات قال: «هذا التأثير لن يتضح على الفور، ولكنه بحاجة لبعض الوقت حتى يجري الحصول على تراخيص البناء وتبدأ عمليات البيع للوحدات العقارية الجديدة»، مشيراً إلى أن «توفر وحدات جديدة سيؤدي حتماً لزيادة المعروض، ووفق القواعد الاقتصادية سيؤدي زيادة المعروض لثبات الأسعار وربما انخفاضها على المدى الطويل».

وتتضمن الإجراءات التي جرى العودة لتطبيقها ودخلت حيز التنفيذ على الفور، اختصار خطوات الحصول على ترخيص البناء إلى 8 إجراءات فقط، وتقديم الطلبات في المراكز التكنولوجية للحصول على رخصة البناء.

واعتبرت وزيرة التنمية المحلية منال عوض أن القرار «سيسهم في تخفيف العبء على المواطنين والإجراءات الخاصة باستخراج تراخيص البناء وتشجيع منظومة العمران التي ترتبط بالعديد من المهن الخاصة بصناعة البناء، بالإضافة إلى توفير المزيد من فرص العمل للعاملين في هذا المجال وإتاحة المزيد من فرص العمل التجارية وتنمية الاقتصاد المحلي»، وفق بيان مساء (الجمعة).

شهدت حركة البناء في مصر تقييدات بسبب القانون الصادر عام 2021 (وزارة الإسكان)

وبحسب المتخصص في شؤون العقارات محمود الجندي، فإن «العودة للقانون القديم تنهي أزمات عدة واجهتها عملية البناء، خصوصاً في القرى والمدن التي تعرضت لما يشبه حالة الشلل بسبب القيود التي فرضها القانون الصادر عام 2021، والذي جرى إيقافه سواء فيما يتعلق بالارتفاعات أو بضوابط واشتراطات البناء»، لافتاً إلى أن «الكثير من الذين اشتروا أراضي قبل 2021 لم يتمكنوا من استخراج تصاريح بالبناء».

وأضاف أن «توجه هؤلاء للاستفادة من العودة للقانون القديم سيتيح آلاف الوحدات الجديدة للمواطنين بمواقع اقتصر فيها البيع خلال الفترات الماضية على الوحدات المشيدة بالفعل، مما سيسهم في ضبط الأسعار، خصوصاً أن هناك الكثير من الأمور التي يجب وضعها في الاعتبار عند النظر إلى مسألة التسعير بداية من أسعار مستلزمات البناء وصولاً لقيمة الأراضي المشتراة».

وأكد رئيس لجنة الإسكان بالبرلمان «ضرورة إجراء تعديلات على قانون البناء وضوابطه خلال دور الانعقاد التشريعي المقبل في ضوء عدم إمكانية إلغاء قانون وافق عليه البرلمان بقرار وزاري»، متوقعاً «طرح اللجنة التشريعية التعديلات اللازمة على القانون لإقرارها في أقرب وقت».