تونس تتعهد بإجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها

قالت إنها ستؤمن لها كل ظروف النجاح «بعيداً عن تدخل المال الفاسد»

تونسي يدلي بصوته في الانتخابات المحلية (أ.ب)
تونسي يدلي بصوته في الانتخابات المحلية (أ.ب)
TT

تونس تتعهد بإجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها

تونسي يدلي بصوته في الانتخابات المحلية (أ.ب)
تونسي يدلي بصوته في الانتخابات المحلية (أ.ب)

أكد نبيل عمار، وزير الخارجية التونسية، خلال كلمة ألقاها أمام الدّورة 55 لمجلس الأمم المتّحدة لحقوق الإنسان بمدينة جنيف السويسرية، مساء أمس الثلاثاء، أن كل الانتخابات القادمة ستجرى في موعدها، بما في ذلك الانتخابات الرئاسيّة، وستؤمن لها كل ظروف ومقومات النجاح «بعيداً عن تدخل المال الفاسد حتى تكون تعبيراً صادقاً عن إرادة النّاخبين»، على حد تعبيره.

وكشف عمار أمام مجلس الأمم المتّحدة لحقوق الإنسان عن «مضي تونس بكلّ ثبات على درب مسارها الإصلاحي، الذي شرعت فيه منذ 25 يونيو (حزيران) 2021، من أجل تركيز ديمقراطيّة تونسيّة أصيلة، تكرس الحقوق والحريات، وتستجيب لمطالب التونسيين في الإصلاح، وإخراج البلاد من أزماتها التي تردت فيها خلال السنوات الماضية».

نبيل عمار وزير خارجية تونس أكد أن كل الانتخابات المقبلة ستجرى في مواعيدها المحددة (إ.ب.أ)

وأشار عمار إلى تعزّز المسار الإصلاحي في تونس بتنظيم انتخابات برلمانية، أسفرت عن انتخاب مجلس نواب جديد، علاوة على تنظيم انتخابات المجالس المحلّيّة على دورتين قصد تركيز المجلس الوطني للجهات والأقاليم (الغرفة النيابية الثانية)، على أن يتم لاحقاً استكمال المؤسسات الدستورية بتشكيل المحكمة الدستورية، التي تنظر في دستورية القوانين، وتتخذ قرارات مصيرية قد تصل إلى حد عزل رئيس الجمهورية.

في السياق ذاته، أعلن فاروق بوعسكر، رئيس هيئة الانتخابات التونسية، على هامش الإعلان، مساء الثلاثاء، عن النتائج النهائية لانتخابات المجالس المحلية في دورتها الثانية، أن الانتخابات الرئاسيّة ستجرى في موعدها بين شهري سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) المقبلين، وقال إنه بمجرد الانتهاء من وضع المجالس المحلية التي لن تتعدى بداية شهر أبريل (نيسان) المقبل، ستصدر هيئة الانتخابات قراراً يحدد رزنامة المواعيد بصفة دقيقة، في علاقة بموعد الحملة الخاصة بالانتخابات الرئاسية، وقبول الترشحات.

لحظة التصريح بنتائج الانتخابات المحلية في تونس (موقع هيئة الانتخابات)

وتأتي هذه التصريحات بعد أن عبرت عدة أطراف معارضة عن إمكانية تأجيل الانتخابات الرئاسية، وتحدثت عن توجه نحو اعتماد دستور 2022 عوض دستور 2014 لحساب العهدة الرئاسية، التي تمتد على خمس سنوات، وهذا ما يعني إمكانية تأجيل إجراء الانتخابات الرئاسية إلى سنة 2027 إذا اعتمدت هيئة الانتخابات الدستور التونسي الجديد.

كما أن عدة شخصيات سياسية بارزة قد لا تتمكن من الترشح لهذه الانتخابات، بعد أن اشترطت السلطات ضرورة توفرهم على «الحقوق المدنية والسياسية»، التي تعني خلو صحيفة سوابقهم العدلية من أي أحكام قضائية بالسجن، وهذا ما سيؤدي إلى حرمان جميع المعتقلين السياسيين من الترشح، ويشمل هذا الأمر الموقوفين في قضية «التآمر ضد أمن الدولة»، علاوة على عدد آخر من السياسيين الذين عبروا عن نيتهم الترشح للانتخابات الرئاسية، ومن بينهم عبير موسي المعتقلة منذ الثالث من أكتوبر الماضي.

وفيما يتعلق بإثارة هذه الملفات القضائية في الوقت الحالي، أي قبل أشهر قليلة من موعد الانتخابات الرئاسية، قال بوعسكر إن شروط الترشح «هي نفسها باستثناء الشروط المتعلقة بالسن والجنسية، والتمتّع بالحقوق المدنية والسياسية، وهي مسألة يمكن للهيئة أن تدرجها في قرار ترتيبي دون الحاجة إلى تنقيح القانون الانتخابي».

وبشأن الأشخاص الذين سبق أن أعلنوا نيّتهم الترشّح للانتخابات الرئاسيّة، وصدرت في حقّهم أحكام بالسجن بموجب شكاوى تقدّمت بها هيئة الانتخابات ذاتها، قال بوعسكر إن الهيئة «لم ترفع قضايا ضدّهم لمنعهم من الترشح، والشّكاوى التي رفعتها تعود إلى سنة 2022، أي قبل سنتين من موعد الانتخابات الرئاسيّة، وهي تأتي في إطار رقابتها على الحملة والفترة الانتخابية لموعدي الاستفتاء والانتخابات البرلمانية». مؤكداً أن الهيئة أدت واجبها في إحالة الشكاوى والمحاضر والمخالفات، دون النظر إلى صفات ومراكز الأفراد.



«هدنة غزة»: تحركات مصرية جديدة بحثاً عن «اتفاق جزئي»

رد فعل فلسطيني يحمل جثة طفل قُتل في غارة إسرائيلية قرب المستشفى الأهلي بغزة (رويترز)
رد فعل فلسطيني يحمل جثة طفل قُتل في غارة إسرائيلية قرب المستشفى الأهلي بغزة (رويترز)
TT

«هدنة غزة»: تحركات مصرية جديدة بحثاً عن «اتفاق جزئي»

رد فعل فلسطيني يحمل جثة طفل قُتل في غارة إسرائيلية قرب المستشفى الأهلي بغزة (رويترز)
رد فعل فلسطيني يحمل جثة طفل قُتل في غارة إسرائيلية قرب المستشفى الأهلي بغزة (رويترز)

تحركات جديدة للقاهرة في جبهة مفاوضات الهدنة بقطاع غزة التي تراوح مكانها منذ أشهر، مع حديث إعلام عبري عن وصول وفد مصري لإسرائيل لبحث إنهاء الحرب، وإعلان الرئيس الأميركي جو بايدن عن ضم تركيا إلى جهود للوساطة «ستبذل الأيام المقبلة» مع مصر وقطر و«دول أخرى» لم يسمّها.

تلك التحركات، بحسب خبراء تحدثوا مع «الشرق الأوسط»، تستهدف بها القاهرة «عقد اتفاق ولو جزئياً بهدف إدخال المساعدات وإغاثة القطاع لحين وصول دونالد ترمب للسلطة يناير (كانون الثاني) المقبل، ومن ثم يبدأ مسار الحديث عن سلام شامل»، وسط ترجيحات بأن تكلل بالنجاح مع دخول الجانب التركي بالوساطة، حيث تجمعه علاقات جيدة مع «حماس»، كما أكدوا أن أي عرقلة ستكون من قِبل رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الذي يتمسك بالإفراج عن كل الرهائن، وسط رفض من «حماس» التي تطالب بضمانات لعدم عودته للحرب.

ووسط عدم تأكيد أو نفي مصري، نقلت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، الخميس، عن مصادر أمنية أن «وفداً مصرياً وصل إلى إسرائيل لبحث إنهاء الحرب في قطاع غزة»، في زيارة تأتي بعد بدء إسرائيل ولبنان، الأربعاء، تنفيذ اتفاق هدنة لمدة 60 يوماً برعاية أميركية وفرنسية.

في حين أفادت هيئة «البث الإسرائيلية»، الخميس، نقلاً عن مصادر، بأن «هناك تحركات من جهات عدة بمن فيها واشنطن والقاهرة من أجل إرساء الهدوء على لبنان والتوصل إلى اتفاق وقف لإطلاق النار في غزة وإعادة الرهائن»، مؤكدة أن «الوفد الأمني المصري سيلتقي مسؤولين إسرائيليين لمناقشة مخطط جديد تمت صياغته في القاهرة يتضمن، مقترحات لإطلاق سراح الرهائن مقابل هدنة وزيادة المساعدات لقطاع غزة».

دخان يتصاعد من مبنى سكني ضربته غارة إسرائيلية في مخيم النصيرات للاجئين (رويترز)

كما نقلت قناة «الحرة» الأميركية، الخميس، تقارير قالت إنها إسرائيلية تتحدث عن أن الوفد المصري «سيطرح مقترحاً يشمل وقف إطلاق نار لمدة تتراوح بين شهر وشهرين، يتم خلاله إطلاق سراح الرهائن تدريجياً مع إعطاء الأولوية لكبار السن والمصابين بأمراض مزمنة».

الخبير في الشؤون الاستراتيجية والعسكرية، اللواء سمير فرج، أكد أن «وفداً مصرياً في إسرائيل بالفعل لبحث الوصول لاتفاق قريب، خصوصاً في ظل وضع كارثي تواجهه غزة مع بدء فصل الشتاء».

ويحمل الوفد المصري، «تصوراً مشابهاً لما تم في لبنان عبر هدنة لشهرين»، وفق معلومات فرج، مؤكداً أن «المشكلة الحالية أن نتنياهو يريد عودة كل الرهائن مرة واحدة، و(حماس) تقول من سيضمن أنه عقب تسلم كل الرهائن لا يعود للحرب، وتريد ضامناً وقد يكون الحل كما حدث في لبنان بأن تكون واشنطن ضامناً».

كذلك، يرى المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، أنه «بعد أن وضعت الحرب أوزارها في لبنان، هناك تحركات بشكل كبير نحو هدنة جزئية بالقطاع، خصوصاً مع إعلان إعلام إسرائيلي عن وصول وفد مصري لإسرائيل»، لافتاً إلى أن تلك «الإعلانات المتتالية قد تكشف عن رغبة إسرائيلية في تكرار اتفاق كلبنان قد يصل لنحو 40 أو 45 يوماً ويشهد إطلاق سراح بعض الأسرى من الجانبين».

فلسطينية مع أطفالها تخرج من مخيم جنين متجهة إلى مكان أكثر أماناً (إ.ب.أ)

وباعتقاد المحلل السياسي الفلسطيني المقرب من «حماس»، إبراهيم المدهون، فإن الحركة «أولوياتها وقف الحرب بأي ثمن وانسحاب إسرائيلي، ونتنياهو غير معني بقبول ذلك؛ إلا إذا تم الضغط عليه»، مؤكداً أنه «لن تكون هناك صفقة دون وقف الحرب إما بشكل دائم أو على الأقل طويل في أولى مراحلها ما بين 30 و45 و60 يوماً».

تلك الأنباء التي تحدث عنها الإعلام الإسرائيلي بشأن التحركات الجديدة، تتزامن مع رغبة أميركية تكررت بشأن أهمية عقد صفقة بغزة، وغرَّد بايدن عقب اتفاق لبنان في منشور على «إكس» قائلاً: «خلال الأيام المقبلة، ستبذل أمريكا جهداً آخر مع تركيا ومصر وقطر وإسرائيل وآخرين للتوصل لوقف إطلاق النار في غزة وإطلاق سراح الرهائن وإنهاء الحرب دون وجود حماس في السلطة»، في حين قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، إن تركيا مستعدة للمساهمة «بأي طريقة ممكنة».

ويرى المدهون، إيجابية التواجد التركي في جهود وقف الحرب، خصوصاً مع ما يجمعه من علاقات مقدرة لدى «حماس».

وبحسب الرقب، فإن الرغبة الأميركية وإلحاحها على ذلك الاتفاق الجديد يأتيان في «ظل حالة انتصار يعيشها بايدن بعد تمكنه من وقف الحرب بلبنان، ويرى أنه قد يستطيع استكمال التهدئة في المنطقة ويتوقف الأمر على استجابة نتنياهو له مجدداً»، معتقداً أنه «بتصريح بايدن بضم تركيا للجهود، أصبحت أنقرة جزءاً من الوساطة، خصوصاً وهي دولة محورية ولها علاقات جيدة مع (حماس)، وقد تستكمل مع مصر وقطر جهود حلحلة الأزمة على نحو أفضل».

وتزامناً مع بدء اتفاق لبنان، بحث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الأربعاء، في القاهرة مع رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني «الجهود المشتركة الرامية لوقف إطلاق النار في غزة»، وفق بيان للرئاسة.

رجل يتفقد الدمار في مصنع استهدفته غارة جوية إسرائيلية ليلية ببلدة الشويفات جنوب بيروت (أ.ف.ب)

ونقلت قناة «الحرة»، الأربعاء، عن نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي السابق، جويل روبن، قوله إن «(حماس) بلا قيادة، وغزة تعرَّضت إلى دمار، وإيران أدارت ظهرها لـ(حماس) وطلبت من (حزب الله) الموافقة على شروط وقف إطلاق النار، وكل هذه التطورات قد تفتح نافذة جديدة للدبلوماسية لإنهاء هذه الحرب».

وباعتقاد روبن، فإن «تركيا ومصر وقطر دول إقليمية قوية وذات نفوذ ودورها محوري الآن في التدخل وإقناع (حماس) على أنها خسرت الحرب»، بينما يرى القيادي في «حماس» سامي أبو زهري، أن إسرائيل ليست لديها مرونة، قائلاً في تصريحات لـ«رويترز» الأربعاء، إن الحركة لا تزال تريد التوصل إلى اتفاق.

ودعت «حماس» في بيان، الخميس، إلى «تصعيد الحراك الجماهيري أيام الجمعة والسبت والأحد في عواصم العالم حتى وقف العدوان على غزة».

وفي ضوء تلك التحركات والمتغيرات، يتوقع سمير فرج، أن يكون هناك اتفاق هدنة قبل وصول ترمب للسلطة استعدادا لسلام بالمنطقة مع تنصيبه رئيساً للولايات المتحدة، مؤكداً أن إبرام هدنة في غزة قريباً سيجبر الحوثيين أيضاً باليمن على وقف التصعيد ويعود الهدوء لتلك الجبهات وللمنطقة مؤقتاً.

وكذلك، يميل أيمن الرقب إلى احتمال حدوث هدنة جزئية قبل أن يتسلم ترمب السلطة على أن تكون في بداية أو منتصف ديسمبر (كانون الأول) المقبل، على أن يتسلم الرئيس الأميركي مهام منصبه الجديد والهدنة الجزئية في حيز التنفيذ.