تونسيون يتهمون الدولة بـ«التخلي» عن المفقودين في الهجرة السرية

بمناسبة «اليوم العالمي لمحاربة نظام الحدود»

وقفة لبعض أهالي عشرات الشبان التونسيين الذين فُقدوا في عمق البحر خلال محاولتهم الوصول إلى أوروبا (أ.ف.ب)
وقفة لبعض أهالي عشرات الشبان التونسيين الذين فُقدوا في عمق البحر خلال محاولتهم الوصول إلى أوروبا (أ.ف.ب)
TT

تونسيون يتهمون الدولة بـ«التخلي» عن المفقودين في الهجرة السرية

وقفة لبعض أهالي عشرات الشبان التونسيين الذين فُقدوا في عمق البحر خلال محاولتهم الوصول إلى أوروبا (أ.ف.ب)
وقفة لبعض أهالي عشرات الشبان التونسيين الذين فُقدوا في عمق البحر خلال محاولتهم الوصول إلى أوروبا (أ.ف.ب)

عدَّ أهالي عشرات الشبان التونسيين الذين فُقدوا في عمق البحر خلال محاولتهم السنة الماضية الوصول إلى الأراضي الأوروبية، السلطات التونسية «شبه غائبة في معالجة هذا الملف»، وذلك خلال مؤتمر صحافي عقده صباح اليوم (الثلاثاء) عدد من أسر المفقودين من الحنشة بولاية (محافظة) صفاقس، في الهجرة غير النظامية.

واختار الأهالي اليوم العالمي لمحاربة نظام الحدود والتضامن مع عائلات المفقودين في الهجرة غير النظامية، للتذكير بقضية أبنائهم الذين غادروا التراب التونسي عبر البحر خلال شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، ولم تتوفر عنهم أي معطيات، وعددهم 37 شخصاً، بينهم نساء وأطفال.

وبيّن منسّق الهجرة في «المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية» في تصريحات إعلامية، أنّ كلّ هذه الحوادث سببها سياسة الاتحاد الأوروبي في التعاطي مع الهجرة ونظام التأشيرة، محملاً المسؤولية للسلطات التونسية بسبب عدم وضعها خطة جدية لمجابهة الفواجع البحرية.

يذكر أنّ فقدان هذه المجموعة من المهاجرين غير النظاميين تزامن مع تفكيك السلطات التونسية لشبكة للاتجار بالبشر، وهو ما زاد الاحتقان في صفوف عائلاتهم، وجعلهم فريسة للإشاعات واستغلال المحتالين على وسائل التواصل الاجتماعي.

أمهات يحملن صور أبنائهن الذين فقدوا في البحر (أ.ف.ب)

في سياق غير متصل، دعت «الرابطة التونسية للدّفاع عن حقوق الإنسان» (منظمة حقوقية تونسية مستقلة) بكل من محافظات المهدية والمنستير والقيروان وسوسة (وسط) السلطات التونسية إلى «تفادي كل إجراء يستهدف الحرّية والأمان الشخصي»، وإلغاء التشريعات المقيدة للحرية في بعديها الفردي والجماعي، وأولها المرسوم عدد 54، المتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال، وذلك على خلفيّة الحكم بالسجن سنتين على الشّاب رشاد طنبورة القاطن بولاية المنستير، وذلك بسبب رسمه لجدارية انتقد فيها موقف السلطة التونسية من المهاجرين من دول أفريقيا جنوب الصحراء.

وعبرت «الرابطة التونسية للدّفاع عن حقوق الإنسان» عن رفضها القاطع «لكل المحاكمات السياسية المعلنة أو غير المعلنة»، وعن قلقها مما عدته «محاكمات وملاحقات تستهدف الحريات المدنية عموماً، وحرية التعبير خصوصاً»، مؤكّدة أنه لا بدّ من «وقف معاناة مساجين الكلمة والرأي والتعبير في تونس»، على حد تعبيرها.

يذكر أنّ طنبورة أودع السجن في 19 من يوليو (تموز) 2023، ومكث قيد الاعتقال لأكثر من 4 أشهر، وفي 4 من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أصدرت المحكمة الابتدائية بالمنستير (وسط) حكماً يقضي بسجنه لمدة سنتين، بتهمة «ارتكاب أمر موحش ضد رئيس الدولة»، وقد أيّدت محكمة الاستئناف هذا الحكم في 31 من يناير المنصرم.



مصر تعالج الوافدين ضمن مبادرات قومية رغم «ضغوط» إقامتهم

مصر تستعرض تجربتها في علاج الوافدين من «فيروس سي» خلال ورشة عمل بالتعاون مع المركز الأوروبي لعلاج الأمراض والأوبئة (وزارة الصحة المصرية)
مصر تستعرض تجربتها في علاج الوافدين من «فيروس سي» خلال ورشة عمل بالتعاون مع المركز الأوروبي لعلاج الأمراض والأوبئة (وزارة الصحة المصرية)
TT

مصر تعالج الوافدين ضمن مبادرات قومية رغم «ضغوط» إقامتهم

مصر تستعرض تجربتها في علاج الوافدين من «فيروس سي» خلال ورشة عمل بالتعاون مع المركز الأوروبي لعلاج الأمراض والأوبئة (وزارة الصحة المصرية)
مصر تستعرض تجربتها في علاج الوافدين من «فيروس سي» خلال ورشة عمل بالتعاون مع المركز الأوروبي لعلاج الأمراض والأوبئة (وزارة الصحة المصرية)

لم تمنع الضغوط والأعباء المادية الكبيرة التي تتكلفها مصر جراء استضافة ملايين الوافدين، من علاج الآلاف منهم من «فيروس سي»، ضمن مبادرة رئاسية للقضاء على الوباء الكبدي انطلقت عام 2018، ومستمرة حتى الآن.

وقال المتحدث باسم وزارة الصحة، الدكتور حسام عبد الغفار، خلال ورشة عمل دولية للقضاء على الأوبئة، استضافتها القاهرة، واختتمت الخميس: «إن مصر قدمت العلاج بالمجان لأكثر من 105 آلاف و506 وافدين، بالتعاون مع المنظمات الدولية، مثل منظمة الصحة العالمية، ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين».

وتقدّر بيانات حكومية رسمية أعداد الأجانب الموجودين في مصر بأكثر من 9 ملايين من 133 دولة، بين لاجئ وطالب لجوء ومهاجر ومقيم، يمثلون 8.7 في المائة من تعداد السكان، الذي تجاوز 107 ملايين نسمة.

ولم تُفرق وزارة الصحة خلال جولاتها لإجراء المسوح واكتشاف الفيروس وعلاجه بين مصري أو وافد من أي جنسية أخرى، بل على العكس كانت جولاتها تستهدف مناطق وجودهم، مثل المفوضية السامية لحقوق الإنسان في مدينة 6 أكتوبر، وفق ما أكده عبد الغفار لـ«الشرق الأوسط».

ولفت إلى أن التكلفة تحسبها مصر، وتقدمها للجهات المعنية، مثل مفوضية شؤون اللاجئين، أو المنظمة الدولية للهجرة (IOM)، متحفظاً على ذكر الكيفية التي تُشارك بها، مثل هذه المؤسسات في العلاج، وشدّد في الوقت نفسه على أن «مصر لا تطالب أي وافد بمقابل للعلاج، أو إجراء الفحوصات، ويجري معاملتهم مثل المصريين في ذلك».

وأضاف عبد الغفار: «المبادرات الرئاسية تكون من دون أي مقابل»، وتوجد 14 مبادرة رئاسية تُعنى بالصحة في مصر.

ووفق تقديرات الحكومة المصرية فإنها «تتحمل نحو 10 مليارات دولار سنوياً، جراء تكلفة استيعاب 9 ملايين وافد على أراضيها»، في حين يعاني الاقتصاد، ويشهد معدل التضخم فيها ارتفاعاً متتالياً، مسجلاً في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي 26.3 في المائة على أساس سنوي.

وخلال الورشة التي استضافتها القاهرة على مدار يومي الأربعاء والخميس، بالتعاون مع المركز الأوروبي لمكافحة الأمراض والأوبئة، وبمشاركة 36 دولة، من بينها ألمانيا وإسبانيا وبلجيكا، ناقش المشاركون كيفية الاستفادة من تجربة مصر في توسيع نطاق الكشف على الفئات المستهدفة، واستخدام الكواشف الحديثة، وكذلك نقل التجربة المصرية في وضع الخطط والاستراتيجيات لضم الوافدين ضمن الفئات المستهدفة بالكشف، وفق بيان الصحة المصرية.

تقول وزارة الصحة المصرية إنها لا تفرق بين المصريين والوافدين في تقديم العلاج ضمن المبادرات الصحية (وزارة الصحة المصرية)

وأمام تأزم الأوضاع الاقتصادية والتدفقات المستمرة للمهاجرين، دعت الحكومة المصرية في أكثر من مناسبة إلى زيادة المنح والمساعدات لها لاستيعاب الوافدين، الذين «يتمتعون بحرية إقامة، ويستفيدون من جميع الخدمات المقدمة شأنهم شأن المصريين»، وفق تصريحات رسمية تؤكد عدم التفريق في المعاملة.

وفي مايو (أيار) الماضي، تحدّث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عن الضغط الذي يُشكّله «الضيوف» -وهو المصطلح الذي عادةً ما يطلقه على المهاجرين واللاجئين- على الموارد المصرية المحدودة، ضارباً المثل بالمياه، قائلاً: «إنهم يستهلكون مياهاً تصل إلى 4.5 مليار متر سنوياً، إذا ما جرى احتساب متوسط استهلاك المياه في مصر بنحو 500 متر»، عادّاً ذلك يُمثل «عبئاً كبيراً».

في حين قال رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، خلال لقائه المدير العام للمنظمة الدولية للهجرة، إيمي بوب، بالقاهرة، في أبريل (نيسان) الماضي: «إن الدعم الذي تتلقاه مصر من المجتمع الدولي لا يتناسب مع ما تتحمله من أعباء لتوفير حياة كريمة للوافدين إليها».

ولا يرى عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، خبير دراسات السكان والهجرة الدكتور، أيمن الزهيري، في الإعلان عن علاج مصر للوافدين من «فيروس سي» استعراضاً للحصول على مزيد من المساعدات أو المعونات، قائلًا لـ«الشرق الأوسط»: «إن القاهرة تقوم بذلك من منطلق أخلاقي، وغير مقتصر على مبادرة القضاء على (فيروس سي)، إذ تُقدم كل التطعيمات اللازمة، سواء ضد شلل الأطفال أو السل أو غيرهما لأطفال الوافدين أيضاً... كل ذلك يحدث دون ضغط، بل هو التزام مصري أصيل».

وقبل شهور، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حصلت مصر على منحة قدرها «12.2 مليون يورو من الاتحاد الأوروبي، لتلبية الاحتياجات الأساسية في الصحة والتعليم، وتعزيز القدرة على الصمود والحماية للاجئين والمهاجرين وطالبي اللجوء الأكثر احتياجاً الذين يعيشون في مصر»، وفق بيان لوزارة الخارجية آنذاك.

وأشاد الزهيري بسياسة الدولة بوجه عام تجاه الوافدين، في الاستيعاب والدمج، متطرقاً إلى قانون اللجوء، الذي أقره البرلمان المصري قبل أيام، قائلًا: «الحكومة بذلك استعادت جزءاً من سيادتها التي تركتها طيلة 44 عاماً، لمفوضية شؤون اللاجئين».

ويمنح القانون الجديد الحكومة حق البت في طلبات اللجوء، وينظم في 39 مادة أوضاع اللاجئين وحقوقهم والتزاماتهم، وهو أول تشريع داخلي ينظم شؤونهم في مصر، منذ صدقت مصر على اتفاقية الأمم المتحدة الخاصة بوضع اللاجئين بجنيف في 28 يوليو (تموز) 1951.

واستبعد الزهيري أن يؤدي القانون الجديد إلى تراجع في أشكال التمويل والدعم التي تقدمها مفوضية شؤون اللاجئين للوافدين إلى مصر، قائلاً: «المفوضية لا تمول اللاجئين، هي تتعامل مع عدد من المنظمات المدنية التي تُعنى بشؤونهم، وتقدم مساعدات عينية أحياناً لكن لحالة حالة، وليس لكل مَن يحمل صفة لاجئ».