الاجتماع الوزاري الروسي - العربي بمراكش يشدد على ضرورة ضمان سلامة الملاحة البحرية

لافروف: التهديدات في الشرق الأوسط باتت تفرض الحاجة لموقف مشترك لمواجهتها

جانب من الاجتماع الوزاري العربي الروسي (الشرق الأوسط)
جانب من الاجتماع الوزاري العربي الروسي (الشرق الأوسط)
TT

الاجتماع الوزاري الروسي - العربي بمراكش يشدد على ضرورة ضمان سلامة الملاحة البحرية

جانب من الاجتماع الوزاري العربي الروسي (الشرق الأوسط)
جانب من الاجتماع الوزاري العربي الروسي (الشرق الأوسط)

قال وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، إن التهديدات في الشرق الأوسط تحتم الحاجة إلى موقف مشترك لحل مشاكل المنطقة وتحقيق تطورها المستدام.

جاء ذلك خلال افتتاح المنتدى العربي - الروسي في دورته السادسة، الذي انطلقت أشغاله الأربعاء بمراكش، برئاسة وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، والذي خلص بيانه الختامي، الذي صدر عقب المنتدى، بالتأكيد على مبدأ حرية الملاحة البحرية في المياه الدولية، وفقا لقواعد القانون الدولي واتفاقيات البحار.

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظيره المغربي في فعاليات الاجتماع الوزاري الروسي - العربي (رويترز)

وأوضح لافروف أن هذا الاجتماع ينعقد «في ظل ظروف التصعيد غير المسبوق في الشرق الأوسط والاضطرابات القائمة في العالم»، وسجل بخصوص النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني، العنف غير المسبوق الذي يعرفه هذا النزاع، مؤكداً أن أولويات روسيا حاليا هي وقف إراقة الدماء، وتوفير الظروف اللازمة لتقديم المساعدة الإنسانية لجميع المحتاجين، ومشدداً على أن العنف بين إسرائيل والفلسطينيين سيستمر ويتكرر إلى غاية إزالة الأسباب الجذرية للصراع، «وهي انعدام العدالة طويلة الأمد، وعدم تحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني في إقامة دولته وعاصمتها القدس الشرقية على حدود عام 1967».

صورة جماعية للمشاركين في الاجتماع الوزاري العربي الروسي (إ.ب.أ)

وبشأن موقف روسيا من هذا النزاع، قال لافروف إنه يشابه مواقف الدول العربية، التي أكدتها خلال القمة العربية الإسلامية بالرياض في نوفمبر (تشرين الثاني)، موضحا أن «مهمتنا المشتركة تكمن في توفير الدعم لأطراف النزاع لبدء عملية تفاوضية، وحل جميع الخلافات في إطارها... وسنستمر بالتنسيق مع شركائنا وأصدقائنا في بذل الجهود لصالح استقرار الوضع، وتحويل الجهود إلى تسوية للنزاع في المسار السياسي والدبلوماسي».

ناصر بوريطة مصافحاً وزير خارجية فلسطين رياض المالكي (أ.ف.ب)

في سياق آخر، أبرز وزير الخارجية الروسي أن المنتدى العربي - الروسي الذي تم إحداثه سنة 2009، يشكل آلية مهمة لبلورة المواقف المشتركة الروسية - العربية، معرباً عن امتنانه للعاهل المغربي محمد السادس لرعاية هذا المنتدى في دورته السادسة. وقال لافروف إن اجتماع اليوم يشكل فرصة لمناقشة أفق تعميق التعاون الروسي - العربي في المجال: الثقافي، والتعليمي، والتجاري والاقتصادي، والصحي.

من جهته، قال ناصر بوريطة، وزير خارجية المغرب، إن التعاون العربي - الروسي شهد تطورا ملموسا، منذ إرساء قواعد الشراكة بين الجانبين سنة 2009. وعد هذا المنتدى مناسبة ملائمة لتقييم مسار التعاون العربي - الروسي لتثمين نقاط قوته، ومعالجة مكامن قصوره، وإغناء محتواه وتحديث طرق عمله، وفاءً لروح الصداقة التاريخية بين روسيا والعالم العربي.

وأضاف بوريطة في كلمة بالجلسة الافتتاحية للمنتدى، «نتطلع إلى تفكير جماعي لرسم خريطة طريق لشراكة ناجحة وفاعلة، تأخذ في الاعتبار النظر في الإطار المنظم للتعاون بين الجانبين، بغرض الانتقال به من نمط التداول السياسي التقليدي، إلى مرحلة الحوار الاستراتيجي، وفق رؤية استشرافية تراعي التطورات على المستويين العالمي والإقليمي، والمصالح المشتركة للطرفين، وأيضا الانفتاح على هيئات وفاعلين اقتصاديين وثقافيين عبر إنشاء (منتدى اقتصادي وثقافي)».

وتابع بوريطة موضحا: «لقاؤنا هذا ينعقد بالتزامن مع استمرار موجة العنف المسلح، التي يتعرض لها قطاع غزة، وما خلفته وما زالت من ضحايا بالآلاف في صفوف المدنيين، ومن تخريب ودمار وحصار شامل»، مبرزا أن الملك محمد السادس سبق أن دعا إلى تحرك جماعي لخفض التصعيد، ووقف إطلاق النار بشكل دائم وقابل للمراقبة، وضمان حماية المدنيين وعدم استهدافهم، والسماح بإيصال المساعدات الإنسانية بانسيابية، وبكميات كافية لسكان غزة، وإرساء أفق سياسي للقضية الفلسطينية كفيل بإنعاش حل الدولتين المتوافق عليه دوليا.

ومن هذا المنطلق، يضيف بوريطة، أكد الملك محمد السادس غير ما مرة على أنه لا بديل عن سلام حقيقي في المنطقة يضمن للفلسطينيين حقوقهم المشروعة في إطار حل الدولتين، ولا بديل عن دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، ولا بديل أيضا عن تقوية السلطة الفلسطينية بقيادة الرئيس محمود عباس أبو مازن، ولا بديل عن وضع آليات لأمن إقليمي مستدام قائم على احترام القانون الدولي، والمرجعيات الدولية المتعارف عليها.

وبشأن الأزمة الليبية، قال بوريطة: «نتطلع أيضا إلى اكتمال فصول العملية السياسية في ليبيا في أقرب الآجال، بواسطة الأشقاء الليبيين أنفسهم، عبر تنظيم الاستحقاقات الانتخابية في موعدها المحدد، بعيدا عن التأثيرات والتدخلات الخارجية، وهو ما سيشكل بداية لمرحلة جديدة في هذا البلد الشقيق، أُسسها الاستقرار والشرعية والاستجابة لمتطلبات الشعب الليبي».

كما أوضح بوريطة أن المملكة المغربية تعد منتدى التعاون العربي - الروسي امتدادا للعلاقات التاريخية القائمة بين المغرب وروسيا، التي وصفها بـ«العلاقات الضاربة جذورها في القدم لأكثر من قرنين من الزمن، واتسمت على الدوام بالحوار، والتعاون، والتقدير، والاحترام».

وزير خارجية المغرب مستقبلاً وزير الخارجية المصري سامح شكري (أ.ف.ب)

بدوره، قال أحمد أبو الغيط، الأمين العام للجامعة العربية، في كلمة ألقاها عن بعد جراء إصابته بوعكة صحية حالت دون حضوره إلى مراكش، إن العلاقات العربية - الروسية أثبتت فاعليتها على مر التاريخ من خلال التعاون الوثيق والثقة المتبادلة، مشيرا إلى أن جامعة الدول العربية ما زالت تسعى لمزيد من تطوير هذه العلاقات وتعميقها.

وأوضح أبو الغيط أن المنطقة العربية عرفت في السنوات الأخيرة تحديات أمنية وسياسية، وهزات تعرضت لها بعض دولها، مبرزاً أن تجاوز هذه الأزمات المعقدة في سوريا واليمن والسودان والصومال «يحتاج إلى تفهم وتعاون من القوى الدولية الكبرى، ضمنها روسيا بصفتها شريكا أصيلا لكثير من الدول العربية، بحكم الجغرافيا والتاريخ وإرث التعاون السياسي الوثيق».

وأضاف أبو الغيط «من بين التحديات التي تواجه المنطقة تظل القضية الفلسطينية هماً رئيسياً، وجُرحاً غائراً في قلب الأمة العربية»، مذكراً بأن جريمة غزة التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي «ليست عاراً عليه فقط، وإنما عار على كل من شارك بالتأييد، أو الدعم أو الصمت على الجرائم... وكل من يقف ضد وقف فوري لإطلاق النار في غزة يحمل على يديه دماء الأبرياء، الذين تزهق أرواحهم بلا جريمة أو ذنب».

وثمّن أبو الغيط عالياً الدول التي «اتخذت منذ البداية خيار الانحياز للجانب الصحيح من التاريخ، وسمت الأشياء بمسمياتها، وعبّرت بوضوح عن موقف متوازن، جوهره أن الاحتلال واستمراره هو لب المشكلة وأصل القضية، وأن تاريخ الصراع لم يبدأ في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بل قبل ذلك بكثير».

كما شدّد أبو الغيط على أن معالجة مأساة غزة ومنع تكرارها، يتطلب حلا جذريا لمسببات اشتعالها، مشيرا إلى أنه «يعني هنا تطبيق حل الدولتين بأسرع وقت ممكن».

في سياق ذلك، قال البيان الختامي الذي صدر عقب المنتدى إن المشاركين فيه أكدوا على مبدأ حرية الملاحة البحرية في المياه الدولية، وفقا لقواعد القانون الدولي واتفاقيات البحار، وضرورة ضمان أمن وسلامة الملاحة البحرية في الخليج العربي، وبحر عمان والبحر الأحمر، ومضيق هرمز وباب المندب، وتأمين خطوط إمدادات الطاقة، ورفض وإدانة الأعمال التي تستهدف أمن وسلامة الملاحة والمنشآت البحرية، وإمدادات الطاقة وأنابيب النفط والمنشآت النفطية في الخليج العربي، وكذا الممرات المائية الأخرى، وتعزيز التعاون في تأمين السلامة البيئية.



كاتب جزائري شهير يواجه السجن بسبب «تحقير الوطن»

الروائي المعتقل بوعلام صنصال (أ.ف.ب)
الروائي المعتقل بوعلام صنصال (أ.ف.ب)
TT

كاتب جزائري شهير يواجه السجن بسبب «تحقير الوطن»

الروائي المعتقل بوعلام صنصال (أ.ف.ب)
الروائي المعتقل بوعلام صنصال (أ.ف.ب)

يواجه الكاتب الجزائري - الفرنسي الشهير بوعلام صنصال، عقوبة سجن تتراوح بين 12 شهراً و5 سنوات، بسبب تصريحات مستفزة بالنسبة للسلطات، أطلقها في فرنسا، تخص الجزائر والمغرب و«بوليساريو»، والاحتلال الفرنسي لشمال أفريقيا خلال القرنين الـ19 والـ20.

وأكدت وكالة الأنباء الجزائرية، أمس، في مقال شديد اللهجة ضد صنصال وقطاع من الطيف الفرنسي متعاطف معه، أنه موقوف لدى مصالح الأمن، وذلك بعد أيام من اختفائه، حيث وصل من باريس في 16 من الشهر الجاري، وكان يفترض أن يتوجه من مطار العاصمة الجزائرية إلى بيته في بومرداس (50 كم شرقاً)، عندما تعرض للاعتقال.

الروائي المعتقل بوعلام صنصال (متداولة)

وفيما لم تقدم الوكالة الرسمية أي تفاصيل عن مصير مؤلف رواية «قرية الألماني» الشهيرة (2008)، رجح محامون تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، أن يتم عرضه على النيابة قبل نهاية الأسبوع الجاري (عمل القضاة يبدأ الأحد من كل أسبوع)، بناء على قرائن تضعه تحت طائلة قانون العقوبات.

وبحسب آراء متوافقة لمختصين في القانون، قد يتعرض صنصال (75 سنة) لتهم تشملها مادتان في قانون العقوبات: الأولى رقم «79» التي تقول إنه «يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات كل من ارتكب فعلاً من شأنه الإضرار بالمصلحة الوطنية، أو أمن الدولة، أو تهديد سيادتها». والمادة «87 مكرر»، التي تفيد بأنه «يعتبر عملاً إرهابياً أو تخريبياً كل فعل يستهدف أمن الدولة، والوحدة الوطنية، واستقرار المؤسسات وسيرها العادي».

وإن كانت الوقائع التي يمكن أن تُبنى عليها هذه التهم غير معروفة لحد الساعة، فإن غالبية الصحافيين والمثقفين متأكدون أن تصريحات صنصال التي أطلقها في الإعلام الفرنسي، هي التي ستجره إلى المحاكم الجزائرية. ففي نظر بوعلام صنصال فقد «أحدث قادة فرنسا مشكلة عندما ألحقوا كل الجزء الشرقي من المغرب بالجزائر»، عند احتلالهم الجزائر عام 1830، مشيراً إلى أن محافظات وهران وتلمسان ومعسكر، في غرب الجزائر، «كانت تابعة للمغرب».

وذهب صنصال إلى أبعد من ذلك، عندما قال إن نظام الجزائر «نظام عسكري اخترع (بوليساريو) لضرب استقرار المغرب». كما قال إن فرنسا «لم تمارس استعماراً استيطانياً في المغرب؛ لأنه دولة كبيرة... سهل جداً استعمار أشياء صغيرة لا تاريخ لها»، ويقصد بذلك ضمناً الجزائر، وهو موقف من شأنه إثارة سخط كبير على المستويين الشعبي والرسمي.

الروائي الفرنسي - الجزائري كمال داود (أ.ب)

وهاجمت وكالة الأنباء الجزائرية بشدة الكاتب، فيما بدا أنه رد فعل أعلى سلطات البلاد من القضية؛ إذ شددت على أن اليمين الفرنسي المتطرف «يقدّس صنصال»، وأن اعتقاله «أيقظ محترفي الاحتجاج؛ إذ تحركت جميع الشخصيات المناهضة للجزائر، والتي تدعم بشكل غير مباشر الصهيونية في باريس، كجسد واحد»، وذكرت منهم رمز اليمين المتطرف مارين لوبان، وإيريك زمور رئيس حزب «الاسترداد» المعروف بمواقفه المعادية للمهاجرين الجزائريين في فرنسا، وجاك لانغ وزير الثقافة الاشتراكي سابقاً، وكزافييه دريانكور سفير فرنسا بالجزائر سابقاً الذي نشر كتاب «الجزائر اللغز» (2024)، والذي هاجم فيه السلطات الجزائرية. كما ذكرت الوكالة الكاتب الفرنسي - المغربي الطاهر بن جلون.

إيريك زمور رئيس حزب «الاسترداد» اليميني (حسابه بالإعلام الاجتماعي)

كما تناول مقال الوكالة أيضاً الروائي الفرنسي - الجزائري كمال داود، المتابع قضائياً من طرف امرأة ذكرت أنه «سرق قصتها» في روايته «حور العين» التي نال بها قبل أيام جائزة «غونكور» الأدبية. وقالت الوكالة بشأن داود وصنصال: «لقد اختارت فرنسا في مجال النشر، بعناية، فرسانها الجزائريين في مجال السرقات الأدبية والانحرافات الفكرية».

يشار إلى أن الإعلام الفرنسي نقل عن الرئيس إيمانويل ماكرون «قلقه على مصير صنصال»، وأنه يعتزم التدخل لدى السلطات الجزائرية لإطلاق سراحه. ورأى مراقبون في ذلك محاولة من باريس للضغط على الجزائر في سياق قطيعة تامة تمر بها العلاقات الثنائية، منذ أن سحبت الجزائر سفيرها من دولة الاستعمار السابق، في يوليو (تموز) الماضي، احتجاجاً على قرارها دعم خطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء. كما طالبت دار النشر الفرنسية «غاليمار» بـ«الإفراج» عن الكاتب الفرنسي - الجزائري صنصال بعد «اعتقاله» على يد «أجهزة الأمن الجزائرية»، غداة إبداء الرئاسة الفرنسية قلقها إزاء «اختفائه». وكتبت دار النشر في بيان: «تُعرب دار غاليمار (...) عن قلقها العميق بعد اعتقال أجهزة الأمن الجزائرية الكاتب، وتدعو إلى الإفراج عنه فوراً».

الرئيس إيمانويل ماكرون أبدى «قلقه على مصير صنصال» وأكد أنه يعتزم التدخل لدى السلطات الجزائرية لإطلاق سراحه (الرئاسة الجزائرية)

ويعاب على صنصال الذي كان مسؤولاً بوزارة الصناعة الجزائرية لمدة طويلة، «إدراج الجزائر شعباً وتاريخاً، في أعماله الأدبية، كمادة ضمن سردية ترضي فرنسا الاستعمارية». ومن هذه الأعمال «قرية الألماني» (2008) التي يربط فيها ثورة الجزائر بالنازية، و«قسم البرابرة» (1999) التي تستحضر الإرهاب والتوترات الاجتماعية في الجزائر. و«2084: نهاية العالم» (2015) التي تتناول تقاطع الأنظمة المستبدة مع الدين والسياسة.