«الداخلية» التونسية تكشف عن شبكة لنقل الأفارقة باتجاه صفاقس

في ظل مخاوف من تحول تونس إلى "بلد إستقرار للمهاجرين"

TT

«الداخلية» التونسية تكشف عن شبكة لنقل الأفارقة باتجاه صفاقس

مهاجرون قبالة ساحل صفاقس (رويترز)
مهاجرون قبالة ساحل صفاقس (رويترز)

على أثر اجتماع بين وزراء داخلية تونس وليبيا وإيطاليا حول موضوع الهجرة النظامية وغير النظامية، والزيادة القياسية في تدفق المهاجرين من عدد من دول المغرب العربي على رأسها تونس، أعلنت وزارة الداخلية التونسية، الأحد، عن تفكيك شبكة مختصة في الاتجار بالبشر، ونقل المهاجرين من جنسيات أفريقيا جنوب الصحراء، باتجاه ولاية (محافظة) صفاقس للإبحار خلسة، وإلقاء القبض على فردين من عناصرها، وأكدت أنها ستتخذ بشأنها ما يلزم من إجراءات قانونية.

وفي السياق نفسه، كشف هشام بن عياد المتحدث باسم المحكمة الابتدائية بمدينة صفاقس، أن النيابة العامة أذنت بفتح تحقيق ضد مجموعة من المهاجرين اتهمتهم بإضرام النار في سيارة أمنية، والاعتداء على عناصر أمن تونسيين، وفق ما أفاد به المتحدث باسم المحكمة ووكيل الجمهورية لديها.

مهاجرون أفارقة في مدينة صفاقس التونسية (أ.ف.ب)

وأضاف بن عياد في تصريح إذاعي، أن 4 من عناصر الأمن أصيبوا، وتعرضوا لأضرار بدنية متفاوتة الخطورة، وأحدهم تجاوز مرحلة الخطر بعد نقله إلى «مستشفى الحبيب بورقيبة» (صفاقس)، مؤكداً على «خطورة الحادثة التي حصلت عندما كان عناصر من الحرس الوطني يؤدون مهامهم في نطاق التصدي للهجرة غير النظامية، وإتلاف عدد من المراكب الحديدية بمنطقة العامرة؛ حيث وقع التهجم عليهم من قبل مجموعة كبيرة من أفارقة جنوب الصحراء». وأوضح أن «عمليات كر وفر بين الوحدات الأمنية والمهاجرين جرت، بينما يتواصل البحث عن المتورطين في إضرام النار في السيارة الأمنية والاعتداء على عناصر الأمن».

وكان حسام الدين الجبابلي، المتحدث باسم الإدارة العامة لـ«الحرس الوطني» (وزارة الداخلية)، عبر عن مخاوف تونس «من تحولها إلى بلد استقرار للمهاجرين بعد أن ظلت عقوداً من الزمن منطقة عبور» إلى الضفة الشمالية للمتوسط.

جانب من المؤتمر الدولي حول سبل التعاطي الإعلامي مع قضايا الهجرة في المتوسط (وكالة الأنباء التونسية)

وأكد الجبابلي في مداخلة قدمها على هامش مؤتمر دولي احتضنته تونس يومي الخميس والجمعة الماضيين، وتناول موضوع «التعاطي الإعلامي مع قضايا الهجرة»، أن تعاظم نشاط شبكات الاتجار بالبشر يدفع عدداً مهماً من المهاجرين إلى اختيار تونس وجهة استقرار، بينما يختار آخرون منهم التوجه إلى أوروبا عبر رحلات الهجرة غير النظامية.

وأوضح «أن قوات الحرس التونسي باتت تواجه مظاهر للإجرام يرتكبها مشتبه بهم في الاتجار بالبشر، وفي تنظيم رحلات الهجرة غير النظامية»، مؤكداً أن بعض المهاجرين «قاموا ببناء مراكب حديدية بأنفسهم في مسعى منهم للهجرة» على حد قوله.

وذكر الجبابلي أن التحريات الأمنية «كشفت عن أن النسبة الكبرى من المهاجرين غير النظاميين يختارون إقليم الوسط التونسي (سواحل صفاقس وقرقنة والمهدية)، وأن الوافدين من أفريقيا جنوب الصحراء، موجودون بالأساس في مدينة صفاقس، حيث يتوافر بها أكبر ميناء في تونس، وهي مدينة اقتصادية يمكن أن توفر لهم فرض عمل في حال طالت مدة إقامتهم دون الوصول إلى الشواطئ الإيطالية».

عناصر «الحرس التونسي» تعترض قارباً من المهاجرين غير الشرعيين كان متوجهاً لإيطاليا (د.ب.أ)

ويذكر أن «المرصد التونسي للهجرة» (حكومي) أكد أن «أرقام الهجرة غير النظامية في البحر المتوسط مفزعة؛ إذ إنه، ووفق وزارة الداخلية الإيطالية، وصل أكثر من 151 ألف مهاجر غير نظامي من مختلف الجنسيات إلى الأراضي الإيطالية من بينهم 11 في المائة من التونسيين، وذلك خلال الفترة بين بداية السنة الحالية إلى حدود 22 نوفمبر(تشرين الثاني) الحالي».

وكانت تونس والاتحاد الأوروبي قد وقّعا منتصف شهر يوليو (تموز) الماضي، مذكرة تفاهم لإرساء «شراكة استراتيجية وشاملة» في مجالات التنمية الاقتصادية، والطاقات المتجدّدة، ومكافحة الهجرة غير النظامية. ويتضمن الاتفاق تقديم مساعدة مالية لتونس بقيمة 105 ملايين يورو لمكافحة الهجرة غير النظامية، إضافة إلى 150 مليون يورو لدعم الميزانية التي تعاني من تراجع الموارد الذاتية ونقص السيولة المالية.

وتعهد الاتحاد الأوروبي بتقديم مساعدة مالية كلية بقيمة 900 مليون يورو، تكون على شكل قرض خلال السنوات المقبلة، لكنّ هذه المساعدة بقيت مشروطة بتوصل تونس إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض جديد بقيمة 1.9 مليار دولار، وهو ما لم يحدث.


مقالات ذات صلة

مصر لمكافحة «الهجرة غير المشروعة» عبر جولات في المحافظات

شمال افريقيا مشاركون في ندوة جامعة أسيوط عن «الهجرة غير المشروعة» تحدثوا عن «البدائل الآمنة» (المحافظة)

مصر لمكافحة «الهجرة غير المشروعة» عبر جولات في المحافظات

تشير الحكومة المصرية بشكل متكرر إلى «استمرار جهود مواجهة الهجرة غير المشروعة، وذلك بهدف توفير حياة آمنة للمواطنين».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الولايات المتحدة​ تعيينات دونالد ترمب في إدارته الجديدة تثير قلق تركيا (رويترز)

ترمب يؤكد عزمه على استخدام الجيش لتطبيق خطة ترحيل جماعي للمهاجرين

أكد الرئيس المنتخب دونالد ترمب أنه يعتزم إعلان حالة طوارئ وطنية بشأن أمن الحدود واستخدام الجيش الأميركي لتنفيذ عمليات ترحيل جماعية للمهاجرين غير الشرعيين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا مهاجرون عبر الصحراء الكبرى باتجاه أوروبا عبر ليبيا وتونس (رويترز)

السلطات التونسية توقف ناشطاً بارزاً في دعم المهاجرين

إحالة القضية إلى قطب مكافحة الإرهاب «مؤشر خطير لأنها المرة الأولى التي تعْرض فيها السلطات على هذا القطب القضائي جمعيات متخصصة في قضية الهجرة».

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا من عملية ضبط مهاجرين في صبراتة قبل تهريبهم إلى أوروبا (مديرية أمن صبراتة)

السلطات الليبية تعتقل 90 مهاجراً قبل تهريبهم إلى أوروبا

عثرت السلطات الأمنية في مدينة صبراتة الليبية على «وكر» يضم 90 مهاجراً غير نظامي، تديره إحدى عصابات الاتجار بالبشر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية أحد اليهود الأرثوذكس في القدس القديمة يوم 5 نوفمبر الحالي (إ.ب.أ)

الهجرة إلى إسرائيل ترتفع في عام الحرب

أظهرت أرقام جديدة أن 11700 يهودي أميركي قدموا طلبات من أجل الهجرة إلى إسرائيل بعد بداية الحرب في قطاع غزة يوم السابع من أكتوبر العام الماضي.

كفاح زبون (رام الله)

«النواب» المصري على خط أزمة أسعار خدمات الاتصالات

من جلسة سابقة لمجلس النواب المصري (الحكومة المصرية)
من جلسة سابقة لمجلس النواب المصري (الحكومة المصرية)
TT

«النواب» المصري على خط أزمة أسعار خدمات الاتصالات

من جلسة سابقة لمجلس النواب المصري (الحكومة المصرية)
من جلسة سابقة لمجلس النواب المصري (الحكومة المصرية)

دخل مجلس النواب المصري (البرلمان) على خط أزمة أسعار خدمات الاتصالات في البلاد، وذلك بعد أيام من إعلان «الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات» (جهاز حكومي يتبع وزارة الاتصالات) الموافقة مبدئياً على «رفع أسعار خدمات الاتصالات»، و«قرب تطبيق الزيادة الجديدة».

وقدَّم عضو مجلس النواب، النائب عبد السلام خضراوي، طلب إحاطة لرئيس المجلس، ورئيس الوزراء، ووزير الاتصالات حول الزيادة المرتقبة، مطالباً الحكومة بالتدخل لوقف أي زيادات جديدة في أسعار المحمول والإنترنت، في ظل «سوء خدمات شركات المحمول»، على حد قوله.

وجاءت إحاطة خضراوي بالتزامن مع إعلان عدد من النواب، اليوم (السبت)، رفضهم الزيادات المرتقبة، ومنهم النائبة عبلة الهواري، التي قالت لـ«الشرق الأوسط» إنها ترفض قرار الزيادة «في ظل الظروف الاقتصادية الحالية».

وبحسب مصدر برلماني مطلع «يتجه عدد من النواب إلى تقديم طلبات إحاطة برلمانية بشأن زيادة الأسعار المرتقبة على خدمات الاتصالات، حتى لا يتم إقرارها من قبل الحكومة المصرية».

وكان خضراوي قد أكد في إحاطته البرلمانية أنه كان على الحكومة أن تتدخل لإجبار الشركات على تحسين الخدمة، التي «أصبحت سيئة خصوصاً في المناطق الحدودية والقرى»، عادّاً أن الشركات «تحقق أرباحاً كبيرة جداً»، ولا يوجد ما يستدعي رفع الأسعار، سواء في الوقت الحالي أو حتى في المستقبل.

وأعلن الرئيس التنفيذي لـ«الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات»، محمد شمروخ، قبل أيام «الموافقة المبدئية على رفع أسعار خدمات الاتصالات؛ بسبب ارتفاع تكاليف التشغيل التي تواجه شركات الاتصالات». وقال خلال مشاركته في فعاليات «معرض القاهرة الدولي للاتصالات» أخيراً، إن الجهاز «يدرس حالياً التوقيت المناسب لتطبيق الزيادة».

الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات (مجلس الوزراء المصري)

من جهتها، أكدت وكيلة «لجنة الاتصالات» بمجلس النواب، النائبة مرثا محروس، لـ«الشرق الأوسط» أن قرار الزيادة لم يُتَّخذ بعد، لكنه مطروح منذ تحريك سعر الصرف في مارس (آذار) الماضي لأسباب عدة، مرتبطة بالإنفاق الدولاري للشركات، والرغبة في عدم تأثر الخدمات التي تقدمها «نتيجة تغير سعر الصرف»، عادّة أن الزيادة المتوقعة ستكون «طفيفة».

ويشترط القانون المصري موافقة «الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات» قبل تطبيق شركات الاتصالات أي زيادة في الأسعار، في حين ستكون الزيادة الجديدة، حال تطبيقها، هي الثانية خلال عام 2024 بعدما سمح «الجهاز» برفع أسعار خدمات الجوال للمكالمات والبيانات، بنسب تتراوح ما بين 10 و17 في المائة في فبراير (شباط) الماضي.

وتعمل في مصر 4 شركات لخدمات الاتصالات، منها شركة حكومية هي «المصرية للاتصالات»، التي تمتلك أيضاً حصة 45 في المائة من أسهم شركة «فودافون مصر»، وجميعها طلبت زيادة الأسعار مرات عدة في الأشهر الماضية، بحسب تصريحات رسمية لمسؤولين حكوميين.

وجاء الإعلان عن الزيادة المرتقبة بعد أسابيع قليلة من إنهاء جميع الشركات الاتفاق مع الحكومة المصرية على عقود رخص تشغيل خدمة «الجيل الخامس»، مقابل 150 مليون دولار للرخصة لمدة 15 عاماً، التي من المقرر أن تدخل حيز التنفيذ مطلع العام المقبل، مع انتهاء التجهيزات الفنية اللازمة للتشغيل. (الدولار الأميركي يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية).

احدى شركات الاتصالات تقدم خدماتها للمستخدمين (وزارة الاتصالات)

بدوره، رأى عضو «الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والإحصاء»، أحمد مدكور، أن الحديث عن زيادة أسعار خدمات الاتصالات في الوقت الحالي «يبدو طبيعياً مع زيادة تكلفة المحروقات على الشركات، والتزامها بزيادات الأجور السنوية، بالإضافة إلى زيادة نفقات التشغيل بشكل عام»، عادّاً أن الزيادة «ستضمن الحفاظ على جودة انتظام الشبكات».

وقال مدكور لـ«الشرق الأوسط» إن نسب الأرباح التي تحققها الشركات، والتي جرى رصد زيادتها في العام الحالي حتى الآن، «لا تعكس النسب نفسها عند احتسابها بالدولار في سنوات سابقة»، متوقعاً «ألا تكون نسب الزيادة كبيرة في ضوء مراجعتها حكومياً قبل الموافقة عليها».

الرأي السابق تدعمه وكيلة «لجنة الاتصالات» بالبرلمان، التي تشير إلى وجود زيادات جرى تطبيقها في قطاعات وخدمات مختلفة، على غرار «الكهرباء»، و«المحروقات»، الأمر الذي يجعل لدى الشركات مبرراً قوياً لتنفيذ زيادات في أسعار الخدمات «لكي تتمكّن من استمرار تنفيذ خططها التوسعية، وتحسين جودة الخدمات، وتطوير الشبكات المستمر».