تونس تعلِّق أنشطة 97 حزباً سياسياً لم تقدم تقاريرها المالية

تشكيل أكثر من 200 حزب و20 ألف جمعية منذ عام 2011

البرلمان التونسي (الشرق الأوسط)
البرلمان التونسي (الشرق الأوسط)
TT

تونس تعلِّق أنشطة 97 حزباً سياسياً لم تقدم تقاريرها المالية

البرلمان التونسي (الشرق الأوسط)
البرلمان التونسي (الشرق الأوسط)

​كشفت رئاسة الحكومة التونسية خلال جلسات مناقشة ميزانية الدولة لسنة 2024، عن تعليق أنشطة 97 حزباً سياسياً بعد انطلاق الحكومة في تتبع الأحزاب السياسية التي لم تقدم تقاريرها المالية منذ سنة 2018. كما أكدت على تنبيه الإدارة لـ150 حزباً آخر بشأن أوضاعها المالية.

وفي هذا الشأن، قدمت سامية الشرفي، مديرة ديوان رئيس الحكومة أحمد الحشاني، خلال أشغال الجلسة العامة البرلمانية المنعقدة مساء الاثنين، معطيات حول وضعية الأحزاب التي تراجع بريقها بعد إقرار الرئيس قيس سعيد التدابير الاستثنائية في 25 يوليو (تموز) الماضي، وخفوت دورها في المشهد السياسي؛ حيث أكدت على صدور أحكام تتعلق بحل 15 حزباً، واتخاذ 14 حزباً قرارات بحل نفسها بين 2020 و2022 وذلك في إطار «عمل الحكومة على تكريس الشفافية المالية وحماية الأحزاب من المال الفاسد والمشبوه»، على حد تعبيرها.

الرئيس التونسي لدى استقباله رئيس الحكومة أحمد الحشاني (أرشيفية- موقع رئاسة الجمهورية)

وتُتهم عدة أحزاب سياسية شاركت في تزعم المشهد السياسي بعد ثورة 2011، بالحصول على «تمويلات مالية مشبوهة»، وذلك من خلال أنشطة عدد من الجمعيات التي تشتغل في نطاق العمل المدني، وتوظف جزءاً من مداخيلها في الدعاية السياسية، ودعم الأحزاب القريبة منها على المستوى الفكري.

وفي هذا الشأن، قال جمال العرفاوي، المحلل السياسي التونسي، لـ«الشرق الأوسط»، إن المضايقات السياسية التي عرفتها فترة حكم الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي، فتحت شهية عدة نشطاء سياسيين لتشكيل أحزاب سياسية بعد سقوطه، وأدى ذلك إلى تجاوز العدد مائتي حزب سياسي، وهو رقم كبير في بلد لا يزيد عدد سكانه على 12 مليون نسمة.

وأضاف العرفاوي أن متابعي الساحة السياسية، ومن بينهم قيادات سياسية، تعجبوا من هذا العدد، وانتقدوا «التضخم الهائل» الطارئ على الأحزاب والجمعيات التي بلغ عددها أكثر من 200 حزب و20 ألف جمعية، وتحدثوا عن ظاهرة «الدكاكين السياسية التي كانت غاية كثير منها الحضور في الساحة، والحصول على نسبة من الكعكة السياسية».

مظاهرة لأنصار «النهضة» بعد اعتقال الغنوشي في العاصمة تونس (إ.ب.أ)

وأشار إلى دخول كثير من الأحزاب في حالة «بطالة سياسية»، تعمقت إثر توجه الرئيس التونسي نحو إقرار التمثيل القاعدي في مختلف المحطات السياسية، وهو ما قلص نفوذ تلك الأحزاب وأخرجها من المعادلة، نتيجة عدم اعتراف هذا النموذج (التمثيل القاعدي) بالأجسام والوسائط على غرار الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني.

وبلغ عدد الأحزاب السياسية في تونس حدود 244 حزباً، حسب بيان حكومي صادر في يونيو (حزيران) 2020. وكان حزب «التجمع الدستوري الديمقراطي» قد هيمن لمدة 23 سنة على الحياة السياسية قبل ثورة 2011، ثم تحولت تونس بعدها لنظام متعدد الأحزاب، وتم الترخيص لكثير من الأحزاب التي كانت ممنوعة من النشاط السياسي، وأهمها حزب «حركة النهضة» التي يتزعمها راشد الغنوشي.

في السياق ذاته، أعلنت سامية الشرفي، مديرة ديوان رئيس الحكومة التونسية، عن ضبط قائمة تضم 272 «جمعية مشبوهة»، مؤكدة: «اتخاذ الإجراءات الواجبة ضدها، وذلك إثر تصنيف تونس بالقائمة السوداء من طرف مجموعة العمل المالي، وبالقائمة الرمادية من قبل منظمة الشفافية الدولية».

رئيس الحكومة التونسية في اجتماع وزاري (رئاسة الحكومة)

وأوضحت، أن الحكومة التونسية «باعتبارها تراقب أنشطة الأحزاب السياسية والجمعيات، بادرت بطلب تعليق نشاط 266 جمعية من إجمالي 272 جمعية تحوم حولها الشبهات، وأصدرت أذون تعليق نشاط 182 منها، مقابل رفض طلب تعليق نشاط 25 جمعية». وأضافت أمام أعضاء البرلمان أن الحكومة طالبت القضاء التونسي بحل 176 جمعية، وصدرت أحكام بحل 69 منها بالفعل، وتم رفض طلب حل 57 أخرى.

ودافعت ممثلة الحكومة عن هذه القرارات بقولها إن «ارتفاع التمويل الأجنبي للجمعيات يتأتى من تضاعف عددها خلال العشرية الأخيرة، وهو الأمر الناجم عن غياب نص قانوني يضع سقفاً لتلك التدفقات المالية الخارجية».


مقالات ذات صلة

تونس: توجيه تهمة «تبديل هيئة الدولة» إلى رئيسة «الحزب الدستوري الحر»

شمال افريقيا رئيسة «الحزب الدستوري الحر» عبير موسي (أرشيفية - الإعلام التونسي)

تونس: توجيه تهمة «تبديل هيئة الدولة» إلى رئيسة «الحزب الدستوري الحر»

هيئة الدفاع عن موسي: «التحقيقات في مرحلة أولى كانت قد انتهت إلى عدم وجود جريمة... وقرار القضاة كان مفاجئاً».

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا مظاهرة نظمها حقوقيون تونسيون ضد التضييق على الحريات (أرشيفية - إ.ب.أ)

20 منظمة حقوقية في تونس تنتقد توقيفات لنشطاء ونقابيين

شملت توقيفات جديدة بتونس نشطاء وصحافيين وعمالاً ونقابيين شاركوا في احتجاجات ضد طرد 28 عاملاً، بينهم نساء، من مصنع للأحذية والجلود لمستثمر أجنبي بمدينة السبيخة.

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا مهاجرون عبر الصحراء الكبرى باتجاه أوروبا عبر ليبيا وتونس (رويترز)

السلطات التونسية توقف ناشطاً بارزاً في دعم المهاجرين

إحالة القضية إلى قطب مكافحة الإرهاب «مؤشر خطير لأنها المرة الأولى التي تعْرض فيها السلطات على هذا القطب القضائي جمعيات متخصصة في قضية الهجرة».

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا الرئيس التونسي الأسبق المنصف المرزوقي (أ.ف.ب)

تونس: إحالة ملف الرئيس الأسبق المرزوقي إلى الإرهاب بـ20 تهمة

إحالة ملف الرئيس التونسي الأسبق المنصف المرزوقي إلى القضاء المكلف بالإرهاب، في 20 تهمة جديدة.

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا المرشح لرئاسية تونس العياشي زمال (الشرق الأوسط)

أحكام إضافية بسجن مرشح سابق للانتخابات الرئاسية في تونس

مجموع الأحكام الصادرة في حق الزمال «ارتفعت إلى 35 عاماً» وهو يلاحق في 37 قضية منفصلة في كل المحافظات لأسباب مماثلة.

«الشرق الأوسط» (تونس)

حوادث مرورية متكرّرة تفجع مصريين

الطرق السريعة في مصر (وزارة النقل المصرية)
الطرق السريعة في مصر (وزارة النقل المصرية)
TT

حوادث مرورية متكرّرة تفجع مصريين

الطرق السريعة في مصر (وزارة النقل المصرية)
الطرق السريعة في مصر (وزارة النقل المصرية)

شهدت مناطق متفرقة في مصر حوادث مرورية مفجعة، أخيراً؛ مما أثار تساؤلات حول أسباب تكرارها، في حين رأى خبراء أن «غالبية تلك الحوادث تقع نتيجة لأخطاء من العنصر البشري».

وشهدت مصر، الجمعة، حادثاً أُصيب خلاله نحو 52 شخصاً، إثر انقلاب حافلة (أتوبيس رحلات) على طريق «الجلالة - الزعفرانة» (شمال محافظة البحر الأحمر - جنوب مصر)، قبل توجهها إلى دير الأنبا أنطونيوس بالمحافظة.

وأعلنت وزارة الصحة المصرية «خروج جميع المصابين من المستشفى، بعد تحسّن حالاتهم»، وقالت في إفادة لها، الجمعة، إن «الحادث أسفر عن إصابة 52 راكباً؛ نُقل 31 منهم إلى مستشفى (رأس غارب) التخصصي، في حين تم إسعاف 21 مصاباً آخرين بموقع الحادث».

واحتجزت الأجهزة الأمنية سائق «الحافلة» المتسبّب في الحادث، في حين كلّفت السلطات القضائية لجنة فنية بفحص أسباب وقوع الحادث حول ما إذا كان عطلاً فنياً أم خطأ بشرياً نتيجة للقيادة الخاطئة، حسب وسائل إعلام محلية.

وأعاد انقلاب الحافلة بطريق «الجلالة - الزعفرانة» إلى الأذهان حادث انقلاب حافلة تابعة لجامعة «الجلالة الأهلية»، على الطريق السريع «الجلالة - العين السخنة»، في منتصف شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي؛ مما أدّى إلى وفاة 7 أشخاص، وإصابة نحو 25 آخرين.

وشهدت منطقة الشيخ زايد بمحافظة الجيزة (غرب القاهرة) حادث «دهس» سيارة، دراجةً نارية كان يستقلها عامل «دليفري» (التوصيل المنزلي)؛ مما أدى إلى مقتله.

كما شهدت محافظة الفيوم (جنوب القاهرة) حادث انقلاب سيارة نقل ركاب، الخميس، على الطريق الصحراوي السريع؛ مما أدى إلى إصابة 14 شخصاً.

وأظهرت التحريات الأولية للحادث أن السيارة تعرّضت للانقلاب، نتيجة السرعة الزائدة، وفقدان السائق السيطرة عليها.

وسجّلت إصابات حوادث الطرق في مصر ارتفاعاً بنسبة 27 في المائة، على أساس سنوي، بواقع 71016 إصابة عام 2023، في حين بلغ عدد المتوفين في حوادث الطرق خلال العام نفسه 5861 حالة وفاة، بنسبة انخفاض 24.5 في المائة، وفقاً للنشرة السنوية لنتائج حوادث السيارات والقطارات الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري، في شهر مايو (أيار) الماضي.

طريق الجلالة (وزارة النقل المصرية)

وباعتقاد رئيس الجمعية المصرية لرعايا ضحايا الطرق (منظمة مدنية)، سامي مختار، أن «نحو 80 في المائة من حوادث الطرق يحدّث نتيجة لأخطاء من العنصر البشري»، مشيراً إلى أن «تكرار الحوادث المرورية يستوجب مزيداً من الاهتمام من جهات حكومية؛ للحد من وقوعها، وتعزيز السلامة على الطرق».

ودعا مختار، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى «ضرورة تكثيف حملات التوعية بالسلامة المرورية، لجميع مستخدمي الطرق، من سائقي السيارات والركاب»، قائلاً إن حملات التوعية يجب أن تشمل «التعريف بقواعد وآداب السير على الطرق، وإجراءات السلامة، والكشف على تعاطي المخدرات للسائقين في أثناء السير»، ومشدداً على ضرورة «تكثيف حملات الرقابة بخصوص تعاطي المخدرات في أثناء القيادة».

ولقي حادث انقلاب حافلة طريق «الجلالة» تفاعلاً من رواد منصات التواصل الاجتماعي في مصر؛ حيث دعوا إلى «مراجعة الحالة الفنية للطريق، بعد تكرار حوادث انقلاب حافلات الركاب عليه».

بينما يستبعد أستاذ هندسة الطرق بجامعة عين شمس، حسن مهدي، فرضية أن يكون وقوع الحوادث بسبب الحالة الفنية للطريق، مرجعاً ذلك إلى «عدم تكرار الحوادث في مكان واحد على الطريق»، ومشيراً إلى أن «وقوع الحوادث المرورية في مناطق متفرقة يعني أن السبب قد يكون فنياً؛ بسبب (المركبة)، أو لخطأ بشري من السائق».

وأشار مهدي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى ضرورة «تطبيق منظومة النقل الذكي، للحد من الحوادث، خصوصاً على الطرق السريعة»، مضيفاً أن «التوسع في المراقبة الذكية لحركة السير سيقلّل من الأخطاء، ويُسهم في التزام السائقين بإجراءات السلامة في أثناء القيادة»، وموضحاً أن «مشروع قانون المرور الجديد، المعروض أمام البرلمان ينص على تطبيق هذه المنظومة بشكل موسع».

وتضع الحكومة المصرية «قانون المرور الجديد» ضمن أولوياتها في الأجندة التشريعية لدور الانعقاد الحالي للبرلمان، وناقش مجلس النواب، في شهر أكتوبر الماضي «بعض التعديلات على قانون المرور، تضمّنت عقوبات مغلظة على مخالفات السير، والقيادة دون ترخيص».