هل نجحت لجنة الصلح مع «الفاسدين» في استرجاع أموال تونس المنهوبة؟

تحصيل 11 مليون دولار من 4.5 مليار دولار منتظرة

مراقبون يرون أن مسار الصلح الجزائي الذي طرحه الرئيس سعيد غير واقعي (د.ب.أ)
مراقبون يرون أن مسار الصلح الجزائي الذي طرحه الرئيس سعيد غير واقعي (د.ب.أ)
TT

هل نجحت لجنة الصلح مع «الفاسدين» في استرجاع أموال تونس المنهوبة؟

مراقبون يرون أن مسار الصلح الجزائي الذي طرحه الرئيس سعيد غير واقعي (د.ب.أ)
مراقبون يرون أن مسار الصلح الجزائي الذي طرحه الرئيس سعيد غير واقعي (د.ب.أ)

كشف وليد العرفاوي، رئيس الجمعية التونسية لدعم المحاكمة العادلة، والمحامي المهتم بملف الصلح الجزائي مع الدولة، أن لجنة الصلح الجزائي قبلت حتى الآن 250 ملف طلب صلح، وأنهت إجراءات الصلح في 40 في المائة منها، موضحاً أن اللجنة تمكنت من تحصيل نحو 35 مليون دينار تونسي (نحو 11 مليون دولار)، وهو مبلغ زهيد مقارنة بالمبلغ الذي تطمح رئاسة الجمهورية التونسية لتحصيله، أي حوالي 13.5 مليار دينار تونسي (نحو 4.5 مليار دولار)، بحسب تصريح الرئيس قيس سعيد.

ورافقت فترة التمديد الماضية (6 أشهر) تساؤلات حول التمديد من جديد لهذه اللجنة بسبب المبالغ الزهيدة التي حصلت عليها خلال فترة عملها السابقة، والصعوبات الكثيرة التي تواجه عمل هذه اللجنة التي أحدثها الرئيس سعيد، وصدر الإعلان عنها بـ«الرائد الرسمي» (الصحيفة الحكومية الرسمية) في 11 نوفمبر (تشرين الثاني) 2022.

وقال العرفاوي إن أعمال اللجنة الوطنية للصلح الجزائي ستستمر إلى ما بعد تاريخ 11 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، أي بعد فترة التمديد الثانية والأخيرة لأعضائها بستة أشهر. وأكد في تصريح إعلامي لوكالة الأنباء التونسية الرسمية أن الرئيس سعيد بإمكانه تغيير أعضاء اللجنة فور انتهاء فترة التمديد الثانية، وإبقاء اللجنة كهيكل حكومي مكلف مهمّات رسمية، من خلال إصدار أمر رئاسي.

وبشأن تواضع قيمة المبالغ التي تم تحصيلها، عدّ العرفاوي هذا الرقم «مؤشراً إيجابياً»، خصوصاً إذا ما تمت مقارنته بما حققته «هيئة الحقيقة والكرامة»، الهيئة الدستورية المنتخَبة التي ترأستها الحقوقية سهام بن سدرين، طوال سنوات، حيث لم تتمكن من جمع سوى 9 ملايين دينار (نحو 3 ملايين دولار) ، مضيفاً أن هذا الرقم مرشح للارتفاع خلال الفترة المقبلة، لا سيما بعد أن عبَّر عدد من رجال الأعمال الذين استفادوا من الوضع السياسي قبل 2011 للحصول على امتيازات مالية من البنوك التونسية دون ضمانات فعلية، باستعدادهم للقيام بإجراءات الصلح الجزائي.

وكان الرئيس سعيد قد أكد خلال موكب أداء أعضاء لجنة الصلح الجزائي اليمين الدستورية أن اللجنة «مدعوة لاسترجاع ما قدره 13.5 مليار دينار تونسي (نحو 4.5 مليار دولار) لفائدة الشعب التونسي». وصرح في مناسبات عديدة بأن عدد الذين نهبوا أموال البلاد يصل إلى نحو 460 شخصاً، وفق تقرير صدر عن اللجنة الوطنية لتقصي الحقائق حول الرشوة والفساد، التي ترأسها المحامي عبد الفتاح عمر، إثر ثورة 2011.

وبشأن الصعوبات التي قلَّصت فرص نجاح اللجنة في استرجاع المبلغ المعلَن عنه، المقدَّر بنحو 13.5 مليار دينار تونسي، أوضح العرفاوي أن أبرز معضلة في عملها إلى حد الآن هي أنها «تعمل دون رئيس، وتركيبتها منقوصة»، عادّاً أن رئيس الجمهورية لم يتوخَّ سياسة سد الشغور بصورة مستعجلة لضمان نجاحها في مهمتها، على حد تعبيره.

ويرى مراقبون لمسار الصلح الجزائي، الذي طرحه الرئيس سعيد ودافع عنه، أن الأموال التي تحدث عن إمكانية استرجاعها غير واقعية، وشككوا في إمكانية تحصيلها.

وكان سعيد قد عبَّر في زيارات متكررة لمقر لجنة الصلح الجزائي عن عدم رضاه عن تقدُّم سير أعمالها، وحض أعضاءها على مزيد من العمل لاسترجاع الأموال المنهوبة، وهي مهمات شديدة التعقيد، بحسب عدد من المراقبين.


مقالات ذات صلة

كيف أطال نتنياهو حرب غزة للهروب من فضائح الفساد؟

شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (د.ب.أ)

كيف أطال نتنياهو حرب غزة للهروب من فضائح الفساد؟

يربط فيلم «ملفات بيبي» بين فضائح الفساد التي تطارد نتنياهو واستراتيجياته للبقاء في السلطة، حتى لو كان الثمن استمرار الحرب في غزة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا شرطيان إيطاليان (رويترز - أرشيفية)

توقيفات ومصادرة 520 مليون يورو في تحقيق أوروبي بشأن المافيا والتهرب الضريبي

ألقت الشرطة في أنحاء أوروبا القبض على 43 شخصاً وصادرت 520 مليون يورو، في تحقيق أوروبي بمؤامرة إجرامية للتهرب من ضريبة القيمة المضافة.

«الشرق الأوسط» (ميلانو)
رياضة عالمية داني جوردان (رويترز)

اعتقال رئيس اتحاد جنوب أفريقيا لكرة القدم بسبب مزاعم فساد

ذكرت وسائل إعلام محلية أن السلطات في جنوب أفريقيا ألقت القبض على داني جوردان، رئيس الاتحاد الوطني لكرة القدم، الأربعاء؛ بسبب مزاعم بشأن استخدام أموال الاتحاد.

«الشرق الأوسط» (جوهانسبرغ)
الخليج «نزاهة» أكدت مضيها في تطبيق النظام بحقّ المتجاوزين دون تهاون (الشرق الأوسط)

السعودية: «نزاهة» تشهر بمواطن استخرج تمويلاً «مليونياً» بطريقة غير نظامية

شهّرت هيئة الرقابة السعودية بمواطنين ومقيمين تورطوا بعدة قضايا جنائية باشرتها خلال الفترة الماضية، والعمل جارٍ لاستكمال الإجراءات النظامية بحقهم.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
المشرق العربي جلسة مجلس الشعب السوري الأربعاء (سانا)

مجلس الشعب السوري يرفع الحصانة عن اثنين من نوابه

رفع الحصانة عن النائبين في مجلس الشعب السوري جاء بعد يوم من إسقاط عضوية النائب أنس محمد الخطيب بسبب حصوله على الجنسية الأردنية إلى جانب السورية.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

حوادث مرورية متكرّرة تفجع مصريين

الطرق السريعة في مصر (وزارة النقل المصرية)
الطرق السريعة في مصر (وزارة النقل المصرية)
TT

حوادث مرورية متكرّرة تفجع مصريين

الطرق السريعة في مصر (وزارة النقل المصرية)
الطرق السريعة في مصر (وزارة النقل المصرية)

شهدت مناطق متفرقة في مصر حوادث مرورية مفجعة، أخيراً؛ مما أثار تساؤلات حول أسباب تكرارها، في حين رأى خبراء أن «غالبية تلك الحوادث تقع نتيجة لأخطاء من العنصر البشري».

وشهدت مصر، الجمعة، حادثاً أُصيب خلاله نحو 52 شخصاً، إثر انقلاب حافلة (أتوبيس رحلات) على طريق «الجلالة - الزعفرانة» (شمال محافظة البحر الأحمر - جنوب مصر)، قبل توجهها إلى دير الأنبا أنطونيوس بالمحافظة.

وأعلنت وزارة الصحة المصرية «خروج جميع المصابين من المستشفى، بعد تحسّن حالاتهم»، وقالت في إفادة لها، الجمعة، إن «الحادث أسفر عن إصابة 52 راكباً؛ نُقل 31 منهم إلى مستشفى (رأس غارب) التخصصي، في حين تم إسعاف 21 مصاباً آخرين بموقع الحادث».

واحتجزت الأجهزة الأمنية سائق «الحافلة» المتسبّب في الحادث، في حين كلّفت السلطات القضائية لجنة فنية بفحص أسباب وقوع الحادث حول ما إذا كان عطلاً فنياً أم خطأ بشرياً نتيجة للقيادة الخاطئة، حسب وسائل إعلام محلية.

وأعاد انقلاب الحافلة بطريق «الجلالة - الزعفرانة» إلى الأذهان حادث انقلاب حافلة تابعة لجامعة «الجلالة الأهلية»، على الطريق السريع «الجلالة - العين السخنة»، في منتصف شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي؛ مما أدّى إلى وفاة 7 أشخاص، وإصابة نحو 25 آخرين.

وشهدت منطقة الشيخ زايد بمحافظة الجيزة (غرب القاهرة) حادث «دهس» سيارة، دراجةً نارية كان يستقلها عامل «دليفري» (التوصيل المنزلي)؛ مما أدى إلى مقتله.

كما شهدت محافظة الفيوم (جنوب القاهرة) حادث انقلاب سيارة نقل ركاب، الخميس، على الطريق الصحراوي السريع؛ مما أدى إلى إصابة 14 شخصاً.

وأظهرت التحريات الأولية للحادث أن السيارة تعرّضت للانقلاب، نتيجة السرعة الزائدة، وفقدان السائق السيطرة عليها.

وسجّلت إصابات حوادث الطرق في مصر ارتفاعاً بنسبة 27 في المائة، على أساس سنوي، بواقع 71016 إصابة عام 2023، في حين بلغ عدد المتوفين في حوادث الطرق خلال العام نفسه 5861 حالة وفاة، بنسبة انخفاض 24.5 في المائة، وفقاً للنشرة السنوية لنتائج حوادث السيارات والقطارات الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري، في شهر مايو (أيار) الماضي.

طريق الجلالة (وزارة النقل المصرية)

وباعتقاد رئيس الجمعية المصرية لرعايا ضحايا الطرق (منظمة مدنية)، سامي مختار، أن «نحو 80 في المائة من حوادث الطرق يحدّث نتيجة لأخطاء من العنصر البشري»، مشيراً إلى أن «تكرار الحوادث المرورية يستوجب مزيداً من الاهتمام من جهات حكومية؛ للحد من وقوعها، وتعزيز السلامة على الطرق».

ودعا مختار، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى «ضرورة تكثيف حملات التوعية بالسلامة المرورية، لجميع مستخدمي الطرق، من سائقي السيارات والركاب»، قائلاً إن حملات التوعية يجب أن تشمل «التعريف بقواعد وآداب السير على الطرق، وإجراءات السلامة، والكشف على تعاطي المخدرات للسائقين في أثناء السير»، ومشدداً على ضرورة «تكثيف حملات الرقابة بخصوص تعاطي المخدرات في أثناء القيادة».

ولقي حادث انقلاب حافلة طريق «الجلالة» تفاعلاً من رواد منصات التواصل الاجتماعي في مصر؛ حيث دعوا إلى «مراجعة الحالة الفنية للطريق، بعد تكرار حوادث انقلاب حافلات الركاب عليه».

بينما يستبعد أستاذ هندسة الطرق بجامعة عين شمس، حسن مهدي، فرضية أن يكون وقوع الحوادث بسبب الحالة الفنية للطريق، مرجعاً ذلك إلى «عدم تكرار الحوادث في مكان واحد على الطريق»، ومشيراً إلى أن «وقوع الحوادث المرورية في مناطق متفرقة يعني أن السبب قد يكون فنياً؛ بسبب (المركبة)، أو لخطأ بشري من السائق».

وأشار مهدي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى ضرورة «تطبيق منظومة النقل الذكي، للحد من الحوادث، خصوصاً على الطرق السريعة»، مضيفاً أن «التوسع في المراقبة الذكية لحركة السير سيقلّل من الأخطاء، ويُسهم في التزام السائقين بإجراءات السلامة في أثناء القيادة»، وموضحاً أن «مشروع قانون المرور الجديد، المعروض أمام البرلمان ينص على تطبيق هذه المنظومة بشكل موسع».

وتضع الحكومة المصرية «قانون المرور الجديد» ضمن أولوياتها في الأجندة التشريعية لدور الانعقاد الحالي للبرلمان، وناقش مجلس النواب، في شهر أكتوبر الماضي «بعض التعديلات على قانون المرور، تضمّنت عقوبات مغلظة على مخالفات السير، والقيادة دون ترخيص».