وزير جزائري سابق يطلق إجراءات لإثبات براءته من تهم فساد

نفى خبر اعتقاله في فرنسا أو صدور مذكرة اعتقال بحقه

وزير الصناعة السابق عبد السلام بوشوارب نفى خبر اعتقاله في فرنسا (الشرق الأوسط)
وزير الصناعة السابق عبد السلام بوشوارب نفى خبر اعتقاله في فرنسا (الشرق الأوسط)
TT

وزير جزائري سابق يطلق إجراءات لإثبات براءته من تهم فساد

وزير الصناعة السابق عبد السلام بوشوارب نفى خبر اعتقاله في فرنسا (الشرق الأوسط)
وزير الصناعة السابق عبد السلام بوشوارب نفى خبر اعتقاله في فرنسا (الشرق الأوسط)

قال أحد وجهاء نظام الحكم في عهد الرئيس الجزائري، عبد العزيز بوتفليقة، إنه أطلق من فرنسا، حيث يقيم، إجراءات للطعن في أحكام ثقيلة بالسجن أصدرتها محاكم جزائرية، أدانته بـ«الفساد»، مكذّباً خبر توقيفه. جاء ذلك بعد أن كشف الإعلام السويسري قبل أسبوع عن أن محكمة فيدرالية محلية حجزت وديعة مالية له، بناءً على إنابة قضائية وصلت إليها من الجزائر.

وبعد صمت دام منذ بداية تداول اسمه عام 2019 ضمن مجموعة كبيرة من الأشخاص الملاحَقين قضائياً، أدلى وزير الصناعة الجزائرية والمناجم سابقاً عبد السلام بوشوارب، بتصريحات مثيرة للصحيفة الإلكترونية «آلجيري بارت»، يؤكد فيها خبر وجوده في فرنسا، وأنه «لم يبلَّغ من سلطاتها أنه محل مذكرة اعتقال دولية»، فيما كانت صحافة الجزائر قد كتبت على مدى العامين الماضيين أن المحاكم المحلية أدانته بالسجن أربع مرات، نال في كل واحدة منها 20 سنة سجناً مع التنفيذ، وذلك في قضايا تخص مشروعات وصفقات عندما كان وزيراً بين 2014 و2017، وهو آخر منصب حكومي شغله. وبوشوارب متابَع أيضاً بـ«الفساد» كرجل أعمال، وصاحب مصنع لإنتاج رقائق البطاطس، صادرته السلطات منذ عامين.

وقال بوشوارب إنه «يضع نفسه تحت تصرف القضاء الفرنسي»، وإنه «يترقب نتائج إجراءات أطلقتها في فرنسا دفاعاً عن نفسي، ضد إدانتي بالفساد في الجزائر». مشيراً إلى أن السلطات الفرنسية «لم تبلغني إطلاقاً بأنني متهم في أي قضية، أو أنني محل أمر دولي بالقبض صادر عن القضاء الجزائري».

الصحفي عبد الرحمن سمار مدير موقع «آلجيري بارت» (حسابه الشخصي بالإعلام الاجتماعي)

يشار إلى أن موقع «آلجيري بارت» محظور في الجزائر، وصاحبه الصحافي واليوتيوبر عبد الرحمن سمار، اللاجئ بفرنسا، هو أيضاً تحت طائلة مذكرة اعتقال دولية، بعد الحكم عليه بالإعدام غيابياً العام الماضي، بتهمة «نشر معلومات سرية» تخص خطة تطوير شركة «سوناطراك» للمحروقات المملوكة للدولة.

ونفى بوشوارب (65 سنة) في تصريحاته ما تداوله نشطاء بالإعلام الاجتماعي بأنه «تعرض للاعتقال في مرسيليا (جنوب فرنسا)، تمهيداً لتسليمه للجزائر»، مؤكداً أنه «لم يجرِ توقيفي أبداً، فأنا في بيتي وأتنقل بكل حرية في فرنسا». مبرزاً أنه تقدم بنفسه إلى مقر الدرك الفرنسي «للاطلاع على الحقيقة حول مذكرات الاعتقال التي تطولني»، معلناً عزمه «السعي إلى إثبات براءتي من تهم الفساد الخطيرة التي تلاحقني»، والتي تخص فترة تسييره الوزارة، علماً بأن بوشوارب كان مقرباً من الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة (1999 - 2019)، وكان دائماً في صدارة حملاته الانتخابية، ودافع بقوة عن سياساته، إلى أن غادر البلاد إلى فرنسا للإقامة بها، بعد عزله من الحكومة عام 2017.

وأوضح بوشوارب أنه كان يعالَج بالمستشفى في الفترة التي كتبت الصحافة الجزائرية إن القضاء يطالب بحضوره (2020 – 2021)، وعلى هذا الأساس لم يكن ممكناً، حسبه، السفر إلى الجزائر للمثول أمام القضاة، والرد على تهمة «الفساد». غير أنه أكد أنه أرسل شهادات طبية إلى السلطات القضائية الجزائرية، «تثبت أنني في المشفى بفرنسا، وأنه لم يكن بمقدوري الرد على استدعاءات القضاة هناك».

وظل بوشوارب «مختبئاً» طيلة السنين الماضية، إلى أن لمّحت إليه صحيفة «لوتون» السويسرية، الجمعة الماضية، في مقال قالت فيه إن وزيراً وبرلمانياً جزائرياً سابقاً عارض قرار محكمة فيدرالية التحفظ على أمواله ببنك بجنيف، قيمتها 1.7 مليون يورو، وذلك في إطار تعاون قضائي بين الجزائر وبرن. وأوضحت أن معارضته القرار رُفضت. فيما أفاد مصدر قضائي جزائري لـ«الشرق الأوسط» بأن الأمر يتعلق ببوشوارب.

السلطات القضائية الجزائرية شنت حملة على الفساد والمفسدين بأمر من الرئيس عبد المجيد تبون (الرئاسة)

والمعروف أن السلطات القضائية الجزائرية التي شنت حملة على الفساد والمفسدين بأمر من الرئيس عبد المجيد تبون، منعت بوشوارب من التصرف في أملاكه بالجزائر بعد صدور الاتهامات ضده، وصادرتها بعد إدانته، على غرار مصادرة أملاك العشرات من الوزراء ورجال الأعمال المحسوبين على بوتفليقة، قبل سقوطه في خضم الحراك الشعبي الرافض لاستمرار في الحكم عام 2019.


مقالات ذات صلة

كاتب جزائري شهير يواجه السجن بسبب «تحقير الوطن»

شمال افريقيا الروائي المعتقل بوعلام صنصال (أ.ف.ب)

كاتب جزائري شهير يواجه السجن بسبب «تحقير الوطن»

يواجه الكاتب الجزائري - الفرنسي الشهير بوعلام صنصال، عقوبة سجن تتراوح بين 12 شهراً و5 سنوات، بسبب تصريحات مستفزة بالنسبة للسلطات، أطلقها في فرنسا.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الروائي المثير للجدل كمال داود (حسابه بالإعلام الاجتماعي)

«قضية الروائي داود» تأخذ أبعاداً سياسية وقضائية في الجزائر

عقوبة سجن بين 3 و5 سنوات مع التنفيذ ضد «كل من يستعمل، من خلال تصريحاته أو كتاباته أو أي عمل آخر، جراح المأساة الوطنية، أو يعتدّ بها للمساس بمؤسسات الجمهورية».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس تبون مع قائد الجيش (وزارة الدفاع)

الجزائر: شنقريحة يطلق تحذيرات بـ«التصدي للأعمال العدائية»

أطلق قائد الجيش الجزائري الفريق أول سعيد شنقريحة، تحذيرات شديدة اللهجة، في أول ظهور إعلامي له.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس وقائد الجيش في آخر نشاط لهما معاً في 14 نوفمبر الحالي (وزارة الدفاع)

الجزائر: إقصاء الأحزاب الموالية للرئيس من الحكومة الجديدة

لاحظ مراقبون في الجزائر غياب «العمق السياسي» عن التعديل الحكومي الذي أحدثه الرئيس عبد المجيد تبون في حكومته.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون (رويترز)

الجزائر: تعديل حكومي واسع يبقي الوزراء السياديين

أجرى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الاثنين، تعديلاً حكومياً احتفظ فيه وزراء الحقائب السيادية بمناصبهم، بعد أن كان الوزير الأول نذير عرباوي قدم استقالة…

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

كاتب جزائري شهير يواجه السجن بسبب «تحقير الوطن»

الروائي المعتقل بوعلام صنصال (أ.ف.ب)
الروائي المعتقل بوعلام صنصال (أ.ف.ب)
TT

كاتب جزائري شهير يواجه السجن بسبب «تحقير الوطن»

الروائي المعتقل بوعلام صنصال (أ.ف.ب)
الروائي المعتقل بوعلام صنصال (أ.ف.ب)

يواجه الكاتب الجزائري - الفرنسي الشهير بوعلام صنصال، عقوبة سجن تتراوح بين 12 شهراً و5 سنوات، بسبب تصريحات مستفزة بالنسبة للسلطات، أطلقها في فرنسا، تخص الجزائر والمغرب و«بوليساريو»، والاحتلال الفرنسي لشمال أفريقيا خلال القرنين الـ19 والـ20.

وأكدت وكالة الأنباء الجزائرية، أمس، في مقال شديد اللهجة ضد صنصال وقطاع من الطيف الفرنسي متعاطف معه، أنه موقوف لدى مصالح الأمن، وذلك بعد أيام من اختفائه، حيث وصل من باريس في 16 من الشهر الجاري، وكان يفترض أن يتوجه من مطار العاصمة الجزائرية إلى بيته في بومرداس (50 كم شرقاً)، عندما تعرض للاعتقال.

الروائي المعتقل بوعلام صنصال (متداولة)

وفيما لم تقدم الوكالة الرسمية أي تفاصيل عن مصير مؤلف رواية «قرية الألماني» الشهيرة (2008)، رجح محامون تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، أن يتم عرضه على النيابة قبل نهاية الأسبوع الجاري (عمل القضاة يبدأ الأحد من كل أسبوع)، بناء على قرائن تضعه تحت طائلة قانون العقوبات.

وبحسب آراء متوافقة لمختصين في القانون، قد يتعرض صنصال (75 سنة) لتهم تشملها مادتان في قانون العقوبات: الأولى رقم «79» التي تقول إنه «يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات كل من ارتكب فعلاً من شأنه الإضرار بالمصلحة الوطنية، أو أمن الدولة، أو تهديد سيادتها». والمادة «87 مكرر»، التي تفيد بأنه «يعتبر عملاً إرهابياً أو تخريبياً كل فعل يستهدف أمن الدولة، والوحدة الوطنية، واستقرار المؤسسات وسيرها العادي».

وإن كانت الوقائع التي يمكن أن تُبنى عليها هذه التهم غير معروفة لحد الساعة، فإن غالبية الصحافيين والمثقفين متأكدون أن تصريحات صنصال التي أطلقها في الإعلام الفرنسي، هي التي ستجره إلى المحاكم الجزائرية. ففي نظر بوعلام صنصال فقد «أحدث قادة فرنسا مشكلة عندما ألحقوا كل الجزء الشرقي من المغرب بالجزائر»، عند احتلالهم الجزائر عام 1830، مشيراً إلى أن محافظات وهران وتلمسان ومعسكر، في غرب الجزائر، «كانت تابعة للمغرب».

وذهب صنصال إلى أبعد من ذلك، عندما قال إن نظام الجزائر «نظام عسكري اخترع (بوليساريو) لضرب استقرار المغرب». كما قال إن فرنسا «لم تمارس استعماراً استيطانياً في المغرب؛ لأنه دولة كبيرة... سهل جداً استعمار أشياء صغيرة لا تاريخ لها»، ويقصد بذلك ضمناً الجزائر، وهو موقف من شأنه إثارة سخط كبير على المستويين الشعبي والرسمي.

الروائي الفرنسي - الجزائري كمال داود (أ.ب)

وهاجمت وكالة الأنباء الجزائرية بشدة الكاتب، فيما بدا أنه رد فعل أعلى سلطات البلاد من القضية؛ إذ شددت على أن اليمين الفرنسي المتطرف «يقدّس صنصال»، وأن اعتقاله «أيقظ محترفي الاحتجاج؛ إذ تحركت جميع الشخصيات المناهضة للجزائر، والتي تدعم بشكل غير مباشر الصهيونية في باريس، كجسد واحد»، وذكرت منهم رمز اليمين المتطرف مارين لوبان، وإيريك زمور رئيس حزب «الاسترداد» المعروف بمواقفه المعادية للمهاجرين الجزائريين في فرنسا، وجاك لانغ وزير الثقافة الاشتراكي سابقاً، وكزافييه دريانكور سفير فرنسا بالجزائر سابقاً الذي نشر كتاب «الجزائر اللغز» (2024)، والذي هاجم فيه السلطات الجزائرية. كما ذكرت الوكالة الكاتب الفرنسي - المغربي الطاهر بن جلون.

إيريك زمور رئيس حزب «الاسترداد» اليميني (حسابه بالإعلام الاجتماعي)

كما تناول مقال الوكالة أيضاً الروائي الفرنسي - الجزائري كمال داود، المتابع قضائياً من طرف امرأة ذكرت أنه «سرق قصتها» في روايته «حور العين» التي نال بها قبل أيام جائزة «غونكور» الأدبية. وقالت الوكالة بشأن داود وصنصال: «لقد اختارت فرنسا في مجال النشر، بعناية، فرسانها الجزائريين في مجال السرقات الأدبية والانحرافات الفكرية».

يشار إلى أن الإعلام الفرنسي نقل عن الرئيس إيمانويل ماكرون «قلقه على مصير صنصال»، وأنه يعتزم التدخل لدى السلطات الجزائرية لإطلاق سراحه. ورأى مراقبون في ذلك محاولة من باريس للضغط على الجزائر في سياق قطيعة تامة تمر بها العلاقات الثنائية، منذ أن سحبت الجزائر سفيرها من دولة الاستعمار السابق، في يوليو (تموز) الماضي، احتجاجاً على قرارها دعم خطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء. كما طالبت دار النشر الفرنسية «غاليمار» بـ«الإفراج» عن الكاتب الفرنسي - الجزائري صنصال بعد «اعتقاله» على يد «أجهزة الأمن الجزائرية»، غداة إبداء الرئاسة الفرنسية قلقها إزاء «اختفائه». وكتبت دار النشر في بيان: «تُعرب دار غاليمار (...) عن قلقها العميق بعد اعتقال أجهزة الأمن الجزائرية الكاتب، وتدعو إلى الإفراج عنه فوراً».

الرئيس إيمانويل ماكرون أبدى «قلقه على مصير صنصال» وأكد أنه يعتزم التدخل لدى السلطات الجزائرية لإطلاق سراحه (الرئاسة الجزائرية)

ويعاب على صنصال الذي كان مسؤولاً بوزارة الصناعة الجزائرية لمدة طويلة، «إدراج الجزائر شعباً وتاريخاً، في أعماله الأدبية، كمادة ضمن سردية ترضي فرنسا الاستعمارية». ومن هذه الأعمال «قرية الألماني» (2008) التي يربط فيها ثورة الجزائر بالنازية، و«قسم البرابرة» (1999) التي تستحضر الإرهاب والتوترات الاجتماعية في الجزائر. و«2084: نهاية العالم» (2015) التي تتناول تقاطع الأنظمة المستبدة مع الدين والسياسة.