حركة «النهضة» تعلن مقاطعة الانتخابات المحلية التونسية

الزغلامي أكدت أن «الحل الوحيد لحلحلة الأزمة السياسية هو العودة للشرعية»

يمينة الزغلامي (موقع حركة «النهضة»)
يمينة الزغلامي (موقع حركة «النهضة»)
TT

حركة «النهضة» تعلن مقاطعة الانتخابات المحلية التونسية

يمينة الزغلامي (موقع حركة «النهضة»)
يمينة الزغلامي (موقع حركة «النهضة»)

كشفت يمينة الزغلامي، القيادية في حركة «النهضة» التونسية، عن أن حزبها لن يشارك في الانتخابات المحلية، المقررة في 24 من ديسمبر (كانون الأول) المقبل وسيقاطعها، موضحةً أن الحل الوحيد لحلحلة الأزمة السياسية التي تعانيها تونس هو العودة إلى الشرعية، وإجراء حوار مع مكونات المشهد السياسي والحقوقي في البلاد.

وقالت الزغلامي في تصريح إعلامي إن منافسة «النهضة» في الانتخابات «لا يمكن أن تكون إلا عبر صناديق الاقتراع، ومن يريد أن ينافسها عليه اعتماد الشفافية والنزاهة في العملية الانتخابية»، على حد تعبيرها.

وبخصوص الوضعية الصعبة التي تمر بها حركة «النهضة» حالياً، وتوجيه عدة اتهامات إلى قياداتها، والزج بهم في السجون دون محاكمة عادلة لأكثر من سبعة أشهر، قالت الزغلامي إن الحركة «موجودة في المشهد، وستظل موجودة، رغم أنها تعاني التضييق وإغلاق المقرات، دون تقديم أسباب واضحة»، موضحة أن «ظروف حركة (النهضة) ليست جيدة، كما أن الوضع السياسي والحقوقي في تونس على وجه العموم بات سيئاً، خصوصاً بعد ضرب الأحزاب السياسية، وتحجيم دور منظمات المجتمع المدني»، وقالت بهذا الخصوص: «لقد بات التونسيون يكرهون السياسة، وهذا خطر على الجميع».

وبشأن المؤتمر الحادي عشر للحركة، المزمع تنظيمه نهاية شهر أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، والخلافات الداخلية حول موعد هذا المؤتمر، والظروف التي سيلتئم فيها، قالت الزغلامي إن خروج القيادات التاريخية لحركة «النهضة» من السجن، وعلى رأسهم راشد الغنوشي، وعلي العريض، من بين الشروط الأساسية لعقد المؤتمر، داعيةً إلى تقييم المرحلة السياسية السابقة، ومناقشة التقريرين المالي والأدبي للسنوات الأربع الماضية.

راشد الغنوشي رئيس حركة «النهضة» (د.ب.أ)

على صعيد آخر، انتقد أحمد شفطر، الناشط السياسي المساند للرئيس قيس سعيّد، المعارضين لتقسيم تونس إلى عدة أقاليم قبل موعد الانتخابات المحلية المقبلة، قائلاً: «هؤلاء مجموعة من السنافر الغاضبة»، في إشارة إلى السلسلة الكرتونية المعروفة لدى الأطفال باسم «السنافر»، ووجود سنفور غاضب وسطها لا يرضيه أي شيء، وقال إنهم «يعادون مسار 25 يوليو (تموز)2021. وبالتالي فهم يعادون الشعب»، على حد قوله.

وأضاف شفطر في تصريح إذاعي أن تونس «تعيش اليوم على وقع مرحلة تحرير وطني، وعلى هذه القاعدة تتم عملية الفرز، وهي مرحلة تتطلب الدفاع عن السيادة الوطنية للبلاد، ولذلك لا أحد له الحق في التدخل في شؤون تونس الداخلية، ولا في الخيارات الوطنية الخاصة بها وبشعبها».



كاتب جزائري شهير يواجه السجن بسبب «تحقير الوطن»

الروائي المعتقل بوعلام صنصال (أ.ف.ب)
الروائي المعتقل بوعلام صنصال (أ.ف.ب)
TT

كاتب جزائري شهير يواجه السجن بسبب «تحقير الوطن»

الروائي المعتقل بوعلام صنصال (أ.ف.ب)
الروائي المعتقل بوعلام صنصال (أ.ف.ب)

يواجه الكاتب الجزائري - الفرنسي الشهير بوعلام صنصال، عقوبة سجن تتراوح بين 12 شهراً و5 سنوات، بسبب تصريحات مستفزة بالنسبة للسلطات، أطلقها في فرنسا، تخص الجزائر والمغرب و«بوليساريو»، والاحتلال الفرنسي لشمال أفريقيا خلال القرنين الـ19 والـ20.

وأكدت وكالة الأنباء الجزائرية، أمس، في مقال شديد اللهجة ضد صنصال وقطاع من الطيف الفرنسي متعاطف معه، أنه موقوف لدى مصالح الأمن، وذلك بعد أيام من اختفائه، حيث وصل من باريس في 16 من الشهر الجاري، وكان يفترض أن يتوجه من مطار العاصمة الجزائرية إلى بيته في بومرداس (50 كم شرقاً)، عندما تعرض للاعتقال.

الروائي المعتقل بوعلام صنصال (متداولة)

وفيما لم تقدم الوكالة الرسمية أي تفاصيل عن مصير مؤلف رواية «قرية الألماني» الشهيرة (2008)، رجح محامون تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، أن يتم عرضه على النيابة قبل نهاية الأسبوع الجاري (عمل القضاة يبدأ الأحد من كل أسبوع)، بناء على قرائن تضعه تحت طائلة قانون العقوبات.

وبحسب آراء متوافقة لمختصين في القانون، قد يتعرض صنصال (75 سنة) لتهم تشملها مادتان في قانون العقوبات: الأولى رقم «79» التي تقول إنه «يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات كل من ارتكب فعلاً من شأنه الإضرار بالمصلحة الوطنية، أو أمن الدولة، أو تهديد سيادتها». والمادة «87 مكرر»، التي تفيد بأنه «يعتبر عملاً إرهابياً أو تخريبياً كل فعل يستهدف أمن الدولة، والوحدة الوطنية، واستقرار المؤسسات وسيرها العادي».

وإن كانت الوقائع التي يمكن أن تُبنى عليها هذه التهم غير معروفة لحد الساعة، فإن غالبية الصحافيين والمثقفين متأكدون أن تصريحات صنصال التي أطلقها في الإعلام الفرنسي، هي التي ستجره إلى المحاكم الجزائرية. ففي نظر بوعلام صنصال فقد «أحدث قادة فرنسا مشكلة عندما ألحقوا كل الجزء الشرقي من المغرب بالجزائر»، عند احتلالهم الجزائر عام 1830، مشيراً إلى أن محافظات وهران وتلمسان ومعسكر، في غرب الجزائر، «كانت تابعة للمغرب».

وذهب صنصال إلى أبعد من ذلك، عندما قال إن نظام الجزائر «نظام عسكري اخترع (بوليساريو) لضرب استقرار المغرب». كما قال إن فرنسا «لم تمارس استعماراً استيطانياً في المغرب؛ لأنه دولة كبيرة... سهل جداً استعمار أشياء صغيرة لا تاريخ لها»، ويقصد بذلك ضمناً الجزائر، وهو موقف من شأنه إثارة سخط كبير على المستويين الشعبي والرسمي.

الروائي الفرنسي - الجزائري كمال داود (أ.ب)

وهاجمت وكالة الأنباء الجزائرية بشدة الكاتب، فيما بدا أنه رد فعل أعلى سلطات البلاد من القضية؛ إذ شددت على أن اليمين الفرنسي المتطرف «يقدّس صنصال»، وأن اعتقاله «أيقظ محترفي الاحتجاج؛ إذ تحركت جميع الشخصيات المناهضة للجزائر، والتي تدعم بشكل غير مباشر الصهيونية في باريس، كجسد واحد»، وذكرت منهم رمز اليمين المتطرف مارين لوبان، وإيريك زمور رئيس حزب «الاسترداد» المعروف بمواقفه المعادية للمهاجرين الجزائريين في فرنسا، وجاك لانغ وزير الثقافة الاشتراكي سابقاً، وكزافييه دريانكور سفير فرنسا بالجزائر سابقاً الذي نشر كتاب «الجزائر اللغز» (2024)، والذي هاجم فيه السلطات الجزائرية. كما ذكرت الوكالة الكاتب الفرنسي - المغربي الطاهر بن جلون.

إيريك زمور رئيس حزب «الاسترداد» اليميني (حسابه بالإعلام الاجتماعي)

كما تناول مقال الوكالة أيضاً الروائي الفرنسي - الجزائري كمال داود، المتابع قضائياً من طرف امرأة ذكرت أنه «سرق قصتها» في روايته «حور العين» التي نال بها قبل أيام جائزة «غونكور» الأدبية. وقالت الوكالة بشأن داود وصنصال: «لقد اختارت فرنسا في مجال النشر، بعناية، فرسانها الجزائريين في مجال السرقات الأدبية والانحرافات الفكرية».

يشار إلى أن الإعلام الفرنسي نقل عن الرئيس إيمانويل ماكرون «قلقه على مصير صنصال»، وأنه يعتزم التدخل لدى السلطات الجزائرية لإطلاق سراحه. ورأى مراقبون في ذلك محاولة من باريس للضغط على الجزائر في سياق قطيعة تامة تمر بها العلاقات الثنائية، منذ أن سحبت الجزائر سفيرها من دولة الاستعمار السابق، في يوليو (تموز) الماضي، احتجاجاً على قرارها دعم خطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء. كما طالبت دار النشر الفرنسية «غاليمار» بـ«الإفراج» عن الكاتب الفرنسي - الجزائري صنصال بعد «اعتقاله» على يد «أجهزة الأمن الجزائرية»، غداة إبداء الرئاسة الفرنسية قلقها إزاء «اختفائه». وكتبت دار النشر في بيان: «تُعرب دار غاليمار (...) عن قلقها العميق بعد اعتقال أجهزة الأمن الجزائرية الكاتب، وتدعو إلى الإفراج عنه فوراً».

الرئيس إيمانويل ماكرون أبدى «قلقه على مصير صنصال» وأكد أنه يعتزم التدخل لدى السلطات الجزائرية لإطلاق سراحه (الرئاسة الجزائرية)

ويعاب على صنصال الذي كان مسؤولاً بوزارة الصناعة الجزائرية لمدة طويلة، «إدراج الجزائر شعباً وتاريخاً، في أعماله الأدبية، كمادة ضمن سردية ترضي فرنسا الاستعمارية». ومن هذه الأعمال «قرية الألماني» (2008) التي يربط فيها ثورة الجزائر بالنازية، و«قسم البرابرة» (1999) التي تستحضر الإرهاب والتوترات الاجتماعية في الجزائر. و«2084: نهاية العالم» (2015) التي تتناول تقاطع الأنظمة المستبدة مع الدين والسياسة.