المغرب: طلاب ضحايا الزلزال يعودون للدراسة تحت الخيام... وآخرون ينتظرون

فقدوا أقرانهم وهدمت مدارسهم لكنهم يستقبلون الموسم الدراسي الجديد بحماس

تلاميذ يتلقون دروسهم في إحدى الخيام التي نصبتها السلطات المغربية (الشرق الأوسط)
تلاميذ يتلقون دروسهم في إحدى الخيام التي نصبتها السلطات المغربية (الشرق الأوسط)
TT

المغرب: طلاب ضحايا الزلزال يعودون للدراسة تحت الخيام... وآخرون ينتظرون

تلاميذ يتلقون دروسهم في إحدى الخيام التي نصبتها السلطات المغربية (الشرق الأوسط)
تلاميذ يتلقون دروسهم في إحدى الخيام التي نصبتها السلطات المغربية (الشرق الأوسط)

أطاح الزلزال الذي ضرب إقليم الحوز بالقرب من مدينة مراكش المغربية بجدران مدرستهم، وأحدث بها أضرارا كبيرة حتى باتت غير آمنة، فأقيمت لهم مدرسة أخرى بجوارها؛ من خيام. ففي ساحة ترابية أمام أحد مساجد مدينة أمزميز المدمرة بإقليم الحوز، نُصبت الخيام لتكون صفوفا دراسية يواصل فيها تلاميذ مدرسة مارية القبطية الابتدائية دراستهم، رغم الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد عقب كارثة الزلزال.

جانب من مدرسة تعرضت للدمار بعد أن ضرب الزلزال المنطقة (الشرق الأوسط)

أوقع الزلزال بيوت العديد من طلاب هذه المدرسة ومعلميها، وأودى بحياة بعض طلابها وذويهم وأقربائهم. يقول الأستاذ عبد الكريم لـ«الشرق الأوسط»، وهو أيضا مدير المدرسة، إن عددا من طلاب هذه المدرسة فقدوا أمهاتهم وآباءهم فيما قضت طالبة من المدرسة وشقيقها في الزلزال المدمر، كما فقد عدد من المعلمين أقرباء لهم.

يشير الأستاذ عبد الكريم للتأثيرات الكبيرة على الطلاب والمعلمين من فقدان الأهل والأقارب. ففي ضوء التداعيات الثقيلة للزلزال على الطلبة وصحتهم النفسية، وكذلك على المعلمين والكوادر وعملهم، يقول الأستاذ عبد الكريم إنه يجري خلال هذه الفترة الأولى من عودة الدراسة التركيز على الجانب النفسي للأطفال، بهدف العودة بشكل تدريجي إلى الحياة العادية، والحياة في المؤسسة التعليمية.

الأستاذ عبد الكريم مدير مدرسة ماريا القبطية (الشرق الأوسط)

تضم المدرسة 520 طالبا وطالبة، موزعين على فترتين دراسيتين (صباحية ومسائية)، ويتلقون الدروس في خيام أقيمت على جانبي الساحة الترابية. تتواصل الحصص الدراسية فيها بشكل طبيعي أو يكاد، وفقا للمناهج المقررة، فيما جهزت الصفوف بالمقاعد والسبورات، والمستلزمات الدراسية كافة. يقول مدير المدرسة إنه رغم الأضرار التي لحقت بمبنى المدرسة، فإن ذلك لم يؤثر على التجهيزات، فتم نقل جميع التجهيزات إلى الخيام: «فبدخولك إلى الخيمة تجد أنها عبارة عن فصل دراسي فيه طاولات وسبورات ومكاتب وأقلام ودفاتر وكتب».

وعلى وقع هذه الظروف الاستثنائية، يقول الأستاذ عبد الكريم إن الطواقم التعليمية راكمت تجربة خلال السنوات الماضية تمكنها من مواصلة عملها، مشيرا إلى تجربة الأطر التعليمية خلال فترة كورونا. ويقول «بذل المعلمون حينذاك الغالي والنفيس من أجل استمرار تعليم الطلبة، وأنا على يقين بأن الأطر التربوية والإدارية ستبدل الغالي والنفيس مرة أخرى من أجل الاستمرار في التحصيل الدراسي».

«استمرار الدراسة استمرار لعجلة الحياة»

ينهمك الأستاذ أحمد، وهو معلم للمرحلة الابتدائية، في شرح دروس اللغة لتلاميذه تحت الخيمة. يقول إن الكارثة خلقت جروحا نفسية للتلاميذ الذين فقدوا أهلهم، أو فقدوا أفرادا من عائلاتهم. مضيفا أن «استمرار الدراسة هو استمرار لعجلة الحياة. نحن استقبلنا الطلاب، ونحاول أن نقدم لهم دعما نفسيا. كما نحاول أن نوضح لهم أن الحياة ستستمر، وأنها تحمل أفراحا ومآسي أيضا».

تلاميذ رفقة آبائهم وأمهاتهم في الطريق لتلقي حصتهم الدراسية داخل الخيام (الشرق الأوسط)

يشير أحمد إلى أنه مع عودة الطلاب لفتته رغبتهم بالعودة مجددا لمقاعد الدراسة: «ففي لقائي الأول مع التلاميذ، ورغم المآسي، كانوا متشوقين للعودة إلى المدرسة، فهي بالنسبة لهم متنفس يحاولون من خلاله تنويع أنشطتهم اليومية في ظل هذه الظروف».

مدرسة عمرها مائة عام أتى عليها الزلزال

غير بعيد عن هذه المدرسة، تقع مدرسة الأطلس الابتدائية. بدا نصيبها أسوأ من غيرها جراء الزلزال. فقدت ستة من تلاميذها الصغار وطالها دمار كبير أتى على جدرانها وسقوفها. يقول مدير المدرسة الأستاذ أحمد لـ«الشرق الأوسط» إنه يتألم لما لحق بمدرسته من خسائر بشرية ومادية، موضحا أن ما جرى للمدرسة «موجع ومؤلم للغاية. خسرنا ستة من التلاميذ، كما أن 80 في المائة من المبنى بات مدمرا بشكل كبير».

آمال بالعودة

تتوسط المدرسة مدينة أمزميز، ليس بعيدا عن سوقها وبيوتها ومحالها التي طالها دمار كبير. أنشئت المدرسة قبل 100 عام ودرست فيها أجيال من أبناء هذه المدينة. يقول الأستاذ أحمد إنه درس فيها كما درس فيها زملاؤه المعلمون، وكثيرون من سكان هذه المنطقة، مبديا حزنه الشديد للدمار الذي طالها.

السلطات المغربية نصبت خياماً لتعليم التلاميذ بعد أن دمر الزلزال مدارسهم (الشرق الأوسط)

كانت المدرسة حتى حين تضم 472 طالبا، إلا أن عدد طلابها تقلص اليوم، بعد أن قضى بعضهم تحت الركام، أو رحل بعضهم الآخر إلى مناطق أخرى بعيدة عن منطقة الزلزال. تعمل السلطات على إنشاء مدرسة مؤقتة للطلاب على غرار المدرسة الأخرى، إلا أن صعوبة توفير مكان ملائم وآمن تحول دون توفير ذلك حتى الآن

تلاميذ يستقبلون موسمهم الدراسي الجديد بحماس رغم هول الكارثة (الشرق الأوسط)

يقول مدير المدرسة إن «إيجاد منطقة مناسبة وقريبة غير متاح حاليا بسبب الدمار بالمنطقة. حضر مسؤولون لمعاينة إمكانية إنشاء مدرسة في الجوار، والعمل جار على تحقيق ذلك خلال الفترة القصيرة المقبلة. ربما تنشأ خيام مجاورة لمدرسة ماريا القبطية القريبة».

وبينما يواصل مدير مدرسة ماريا القبطية عمله بين الخيام، يعقد آمالا عريضة بالعودة قريبا لمدرسته التي يألفها وطلابُه: «آمالي كبيرة جداً بالعودة قريبا إلى الفصول الدراسية. ولدي يقين بأننا سنعود إلى فضاءات أحسن إن شاء الله».


مقالات ذات صلة

تركيا: زلزال بقوة 5.3 درجة قرب بحر إيجه

أوروبا شخص ينظر إلى الأنقاض والحطام بعد زلزال في كهرمان مرعش بتركيا 8 فبراير 2023 (رويترز)

تركيا: زلزال بقوة 5.3 درجة قرب بحر إيجه

أفاد التلفزيون التركي، اليوم الأحد، بوقوع زلزال بقوة 5.3 درجة قرب بحر إيجه.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
يوميات الشرق شرم الشيخ شهدت زلزالاً بلغت قوته 4.25 درجة على مقياس ريختر (عبد الفتاح فرج)

ما أسباب تكرار الهزات الأرضية في شمال البحر الأحمر؟

سجّلت محطات شبكة الزلازل القومية، هزة أرضية على بُعد 12 كيلومتراً من مدينة شرم الشيخ، عند الساعة 7:34 صباحاً بتوقيت القاهرة، مما أثار انتباه السكان في المنطقة.

محمد السيد علي (القاهرة)
شؤون إقليمية قُبض على الإسرائيلي بوريس ولفمان في إسطنبول 2015 وسُلم لإسرائيل لاتهامه بالاتجار بالأعضاء وعاد إلى تركيا عام 2017 (إعلام تركية)

القبض على إسرائيلي في تركيا للاتجار بأعضاء اللاجئين السوريين

قررت محكمة تركية في إسطنبول توقيف إسرائيلي مطلوب من الإنتربول الدولي بنشرة حمراء، لتورطه في عمليات اتجار بالأعضاء في أوساط اللاجئين السوريين في تركيا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية سكان مالاطيا غادروا منازلهم وبقوا في الشوارع بسبب الهلع من الزلزال (إعلام تركي)

زلزال بقوة 5.9 درجة ضرب شمال تركيا وأعاد ذكريات «كهرمان ماراش»

ضرب زلزال بقوة 5.9 درجة على مقياس ريختر ولاية مالاطيا في شرق تركيا تأثرت به بعض المناطق في جنوب شرقي البلاد وفي شمال سوريا ولم يسفر عن ضحايا أو إصابات خطيرة

سعيد عبد الرازق (أنقرة:)
شؤون إقليمية صورة أرشيفية لآثار الزلزال الذي ضرب ملاطية العام الماضي (غيتي)

شعر به سكان مدن سورية... زلزال بقوة 5.9 درجة يضرب جنوب شرق تركيا

أعلنت إدارة الكوارث والطوارئ التركية أن زلزالاً بقوة 5.9 درجة هز إقليم ملاطية في جنوب شرق تركيا، اليوم الأربعاء، وشعر به سكان مدن سورية.

«الشرق الأوسط» (اسطنبول)

دعوات «إلزامية الحجاب» تفجر صراعاً مجتمعياً في ليبيا

تواجه دعوات تحجيب النساء «جبراً» رفضاً لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات (أ.ف.ب)
تواجه دعوات تحجيب النساء «جبراً» رفضاً لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات (أ.ف.ب)
TT

دعوات «إلزامية الحجاب» تفجر صراعاً مجتمعياً في ليبيا

تواجه دعوات تحجيب النساء «جبراً» رفضاً لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات (أ.ف.ب)
تواجه دعوات تحجيب النساء «جبراً» رفضاً لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات (أ.ف.ب)

وجدت دعوات تحجيب النساء «جبراً»، التي تنتصر لها السلطة في العاصمة الليبية، عدداً من المؤيدين، لكنها خلقت أيضاً تياراً واسعاً من الرافضين لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات.

فبعد إعلان السلطة، ممثلة في عماد الطرابلسي، وزير الداخلية بحكومة «الوحدة» المؤقتة، عن إجراءات واسعة ضد النساء، من بينها «فرض الحجاب الإلزامي»، بدت الأوضاع في ليبيا متجهة إلى التصعيد ضد «المتبرجات»، في ظل صراع مجتمعي محتدم.

بين الرفض والقبول

تفاعل الشارع الليبي بشكل متباين مع تصريحات الطرابلسي، بين من رفضها جملة وتفصيلاً، ومن قال إنه «ينفذ شرع الله ويسعى لنشر الفضيلة»، في وقت شرعت فيه أجهزة أمنية في إغلاق صالات رياضية ونوادٍ نسائية، بينما لم تعلّق سلطات البلاد، ممثلة في المجلس الرئاسي أو «الوحدة»، على هذا الأمر، وهو ما عده مقربون منهما «رضاً وقبولاً» بما تعهد به الطرابلسي.

الدبيبة والمنفي لم يعلّقا على تصريحات الطرابلسي (المجلس الرئاسي الليبي)

وبين هذا التيار وذاك، ظهرت شكاوى من التضييق والتحريض ضد «متبرجات»، أعقبتها دعوات للنائب العام بضرورة التدخل لحمايتهن وتفعيل القانون. وأمام تصاعد هذا الاتجاه الذي حذرت منه منظمات دولية، عدّت زهراء لنقي، عضو ملتقى الحوار السياسي الليبي، أن الهدف منه «إشغال الناس عن القضايا الجوهرية، مثل الفساد المالي والإداري وتهريب الأموال».

وقالت الزهراء لـ«الشرق الأوسط» إن هذا التوجه «يأتي ضمن سلسلة من الإجراءات التي تفعلها حكومة (الوحدة) بين الحين والآخر، في إطار توجّه منهجي لعودة المنظومة الأمنية القمعية، وكبت الحريات العامة، وملاحقة المجتمع المدني عبر توظيف خطاب متشدد».

منظمة «العفو الدولية» قالت إن تصريحات الطرابلسي من شأنها «ترسيخ التمييز ضد النساء» (وزارة الداخلية)

وسبق لمنظمة «العفو الدولية» القول إن تصريحات الطرابلسي من شأنها «ترسيخ التمييز ضد النساء والفتيات، والانتقاص من حقوقهن في حرية التعبير والدين، والمعتقد والخصوصية الجسدية، بما في ذلك خطط لإنشاء شرطة الأخلاق لفرض الحجاب الإلزامي».

من جهته، عدّ جمال الفلاح، رئيس «المنظمة الليبية للتنمية السياسية»، أن هذه الإجراءات «قسّمت المجتمع بين جماعة مؤيدة، وأخرى تعد هذا التوّعد إهانة للمرأة الليبية، التي ترفض فرض الحجاب عليها بالقوة».

وقال الفلاح الذي يرى أن المرأة الليبية «قيادية ورائدة في مجالات عدة»، لـ«الشرق الأوسط»: «إذا كنا نتحدث عن الأخلاق والفضيلة، فليبيا اليوم تعج بالربا وفساد السلطة والمسؤولين، بالإضافة إلى الرشى في أوساط من هم في السلطة؛ ولذلك كان من الأولى التركيز على قضايا الرشوة والابتزاز والقتل خارج القانون».

جمال الفلاح رئيس المنظمة الليبية للتنمية السياسية (الشرق الأوسط)

وكان الطرابلسي قد قال في مؤتمر صحافي في السادس من نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، باللهجة الليبية: «نلقى واحد مقعمز (جالس) هو وبنت برقدهم في الحبس، والبنت بترقد هي وأهلها في الحبس. والنساء اللي تسوق من غير ستر شعرها بنستلم منها السيارة... لا نعرف زميل لا صديق لا شريك لا موظف».

وسيلة للإلهاء

أمينة الحاسية، رئيس مجلس إدارة ملتقى التغيير لتنمية وتمكين المرأة، ربطت بين توجه سلطات طرابلس لتفعيل الحجاب «جبراً»، والأزمة السياسية في البلاد، وهو ما ذهبت إليه أيضاً لنقي.

تقول الحاسية لـ«الشرق الأوسط»: «عادة ما يضع المسؤولون في ليبيا المرأة في مكان بين السياسة والدين؛ ولو تريد الدولة حقاً المحاسبة فعليها أن تبدأ أولاً بمواجهة الفساد، وتدع المرأة وشأنها»، مضيفة: «هم الآن في وضع سياسي سيئ».

زهراء لنقي عضو ملتقى الحوار السياسي الليبي (الشرق الأوسط)

وعدت لنقي التركيز على المرأة وزيها وشعرها «زوبعة يستهدفون الإلهاء من ورائها»، معتقدة أن حكومة طرابلس «تسعى لأن تكون سلطة دينية وهي ليست كذلك... و 90 في المائة؜ من الليبيات تقريباً يرتدين الزي نفسه داخل ليبيا. هذه في رأيي زوبعة للإلهاء عن القضايا الجوهرية لا أقل ولا أكثر».

حماية الآداب العامة

غير أن صمت السلطة حيال ما ذهب إليه الطرابلسي توقف بعد قرار أصدره الدبيبة، وتم تداوله على نطاق واسع، وهو القرار الذي قضى باستحداث إدارة بالهيكل التنظيمي لوزارة الداخلية، تسمى «الإدارة العامة لحماية الآداب العامة».

وحدد القرار، الذي لم تنفه حكومة الدبيبة، مهام إدارة «حماية الآداب العامة»، من بينها ضبط الجرائم التي ترتكب في الأماكن العامة، والمقاهي والمطاعم ودور العرض والفنادق، وغيرها من الأماكن العامة أو المخصصة للارتياد العام بالمخالفة للتشريعات الخاصة بحماية الآداب العامة، ومكافحة الأفعال التي تتنافى مع توجهات المجتمع، وتسيء إلى قيمه وأخلاقه ومبادئه، وتطبيق التشريعات النافذة، بالإضافة إلى القيام بأعمال البحث والتحري، وجمع الاستدلال في الجرائم المتعلقة بالآداب العامة.

وتوجه مقربون من الإعلامية الليبية، زينب تربح، ببلاغ إلى النائب العام، بعد شكايتها في مقطع فيديو من مضايقات وهي تقود سيارتها من طرف مجهولين لكونها حاسرة الرأس، وقالت إيناس أحمدي، إحدى المقربات من الإعلامية، إن تربح «تتعرض لحملة شرسة من العنف والتعدي»، مشيرة إلى أن الحملة «ما زالت في بدايتها، وما زالت تأخذ أشكالاً أكثر تعنيفاً دون أي رادع».

وانتشر على تطبيق «تيك توك» تأييد واسع لرغبة سلطة طرابلس في تفعيل الحجاب، كما أسبغ بعض المعجبين على الطرابلسي أوصافاً عديدة، تعود لشخصيات تاريخية، وعدّوه «حامياً للإسلام والأخلاق». وهنا تلفت الحاسية إلى «تغول التيار الديني في غرب ليبيا، وتأثيره على من هم في السلطة، لما يملكه من مال وسلاح وميليشيات»، وقالت بهذا الخصوص: «أصبحت هناك حالات تعد على صالات الرياضة والنوادي النسائية بالقوة، وقد حاولوا أن يغلقوها بحجج كثيرة، من بينها الدين والحجاب. وربما نقول إن الطرابلسي له علاقة بهذه التشكيلات المسلحة وهذا التوجه الديني».

أمينة الحاسية في لقاء سابق مع سيتفاني ويليامز (الشرق الأوسط)

ووسط تباين مجتمعي، يراه كثيرون أنه سيتفاعل في قادم الأيام كلما تعددت حالات التضييق على «المتبرجات»، قالت المحامية الليبية ثريا الطويبي، إن ما ذهب إليه الطرابلسي، «جاء مخالفاً للإعلان الدستوري، الذي نص على حماية الحقوق وصيانة الحريات». مضيفة لـ«الشرق الأوسط»: «يعد لباس المرأة من الحقوق والحريات الشخصية، ما لم يكن فاضحاً أو خادشاً للحياء العام، وليس من اختصاص وزير الداخلية وضع القيود على لباس المرأة، أو تنقلها وسفرها للخارج».

المحامية الليبية ثريا الطويبي (الشرق الأوسط)

واتساقاً مع ذلك، تعتقد الحاسية أن ليبيا تعيش راهناً في فوضى، ومواجهة من تيار ديني يريد الهيمنة على زمام الأمور والقوانين ودسترة هذه المشكلات، لكنها قالت جازمة: «الليبيون والليبيات سيرفضون هذا الإلزام، إلا لو فرض عليهم بقوة السلاح».