«الشرق الأوسط» تعاين قرية في إقليم تارودانت دمرها الزلزال وسوّاها بالأرض

صعوبات تواجه عملية الإنقاذ بسبب إحاطة الجبال بكفور عديدة

تندب عزيزاً أخذه الزلزال (أ.ف.ب)
تندب عزيزاً أخذه الزلزال (أ.ف.ب)
TT

«الشرق الأوسط» تعاين قرية في إقليم تارودانت دمرها الزلزال وسوّاها بالأرض

تندب عزيزاً أخذه الزلزال (أ.ف.ب)
تندب عزيزاً أخذه الزلزال (أ.ف.ب)

كان 4 من المتطوعين يحملون نعش شخص جرى انتشاله من تحت أنقاض بيته، مساء السبت. الجثمان مغطّى بـ«بطانية»، بينما علامات التعب بادية عليهم، فهم لم يعرفوا طعم النوم منذ وقوع الهزة الأرضية في المغرب، ليلة الجمعة الماضية، في الساعة 11 و11 دقيقة.

مضت ساعات والجهود متواصلة لاستخراج الموتى وإغاثة العالقين، لكن وسائل الإنقاذ المتوفرة في بداية الكارثة ظلَّت ضعيفة.

في هذه المنطقة التابعة للجماعة القروية تيزي نتاست، الواقعة في إقليم تارودانت، قرب أغادير، التي زارتها «الشرق الأوسط»، تضررت العديد من القرى المنتشرة وسط تضاريسها الوعرة.

من إحدى القرى المنكوبة (أ.ف.ب)

يقول علي (40 عاماً) لـ«الشرق الأوسط» إنه قدم من قرية مجاورة من أجل المساعدة على إنقاذ الضحايا، مضيفاً، وهو يشير إلى جثمان أحد الضحايا: «أنقذنا عدداً من الضحايا، وأخرجناهم من تحت الأنقاض، بيد أن الجثامين نضعها في مكان واحد، في انتظار مباشرة إجراءات الدفن من طرف السلطات». وزاد علي قائلاً إنه ساهم في جهود إنقاذ في قرية أخرى مجاورة، قبل أن يأتي إلى هذا المكان.

ومما زاد من صعوبة عملية الإنقاذ أن هذه القرى والبلدات محاطة بالجبال، الأمر الذي جعل الوصول إليها صعباً، ومما زاد في تعميق عزلتها انقطاع الطرق بسبب الانهيارات التي أحدثها الزلزال، وصعوبة الاتصالات الهاتفية بعد تضرر البنية التحتية للاتصالات.

من الدمار في إحدى قرى تارودانت (أ.ف.ب)

ويقول أحد سكان المنطقة لـ«الشرق الأوسط»، وقد بدا عليه الإرهاق: «اعتمدنا على أنفسنا في عمليات الإنقاذ، باستعمال أيادينا ووسائل تقليدية». وزاد قائلاً: «تلقينا مساعدات من شباب من قرى مجاورة، لكننا نحتاج إلى آليات للمساعدة في الحفر».

وأشار إلى أن ممثلي السلطات المحلية كانوا حاضرين، بدءاً من قائد المنطقة، ورجال الدرك الملكي، والكل ينتظر آليات الحفر للتسريع بإخراج الأحياء والأموات من تحت الأنقاض.

وفي مكان آخر، تحدث شاب بأسى عن فقدانه لأفراد عائلته، وقال: «فقدت أفراداً من عائلتي بعد أن نجحنا في إخراجهم من تحت الأنقاض، ونحن في انتظار الانتهاء من إجراءات دفنهم».

من عمليات الإنقاذ (أ.ف.ب)

مشهد الجثث المجمعة وسط القرية، الذي عاينته «الشرق الأوسط»، كان مؤلماً وحزيناً، خصوصاً في منطقة تعرف ارتفاعاً لدرجات الحرارة في النهار، وانخفاضها في الليل.

أغلب المباني دكَّها الزلزال وسُوّيت بالأرض، وبدا حجم الدمار كبيراً في قرية تضم نحو 250 منزلاً، معظمها مبني بالطين والحجارة. يقول أحد المتطوعين في عمليات الإنقاذ: «هناك عدد من السكان ما زالوا تحت الأنقاض، ونتلقى الاستغاثة منهم، لكن ليس لدينا آليات حفر».

تقع هذه المنطقة التي زارتها «الشرق الأوسط» على مسافة قريبة من بؤرة الزلزال في منطقة الحوز (82 كيلومتراً جنوب غربي مراكش)، ولهذا كانت من بين المناطق الأكثر تضرراً بالهزة الأرضية العنيفة.

ومنذ إعلان الديوان الملكي المغربي مساء السبت عن تعزيز جهود الإنقاذ والإغاثة في المناطق المنكوبة، تتسارع عمليات التعبئة من مختلف المصالح للوصول إلى هذه المناطق في أقرب وقت وإنقاذ ما يمكن إنقاذه.


مقالات ذات صلة

تركيا: زلزال بقوة 5.3 درجة قرب بحر إيجه

أوروبا شخص ينظر إلى الأنقاض والحطام بعد زلزال في كهرمان مرعش بتركيا 8 فبراير 2023 (رويترز)

تركيا: زلزال بقوة 5.3 درجة قرب بحر إيجه

أفاد التلفزيون التركي، اليوم الأحد، بوقوع زلزال بقوة 5.3 درجة قرب بحر إيجه.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
يوميات الشرق شرم الشيخ شهدت زلزالاً بلغت قوته 4.25 درجة على مقياس ريختر (عبد الفتاح فرج)

ما أسباب تكرار الهزات الأرضية في شمال البحر الأحمر؟

سجّلت محطات شبكة الزلازل القومية، هزة أرضية على بُعد 12 كيلومتراً من مدينة شرم الشيخ، عند الساعة 7:34 صباحاً بتوقيت القاهرة، مما أثار انتباه السكان في المنطقة.

محمد السيد علي (القاهرة)
شؤون إقليمية قُبض على الإسرائيلي بوريس ولفمان في إسطنبول 2015 وسُلم لإسرائيل لاتهامه بالاتجار بالأعضاء وعاد إلى تركيا عام 2017 (إعلام تركية)

القبض على إسرائيلي في تركيا للاتجار بأعضاء اللاجئين السوريين

قررت محكمة تركية في إسطنبول توقيف إسرائيلي مطلوب من الإنتربول الدولي بنشرة حمراء، لتورطه في عمليات اتجار بالأعضاء في أوساط اللاجئين السوريين في تركيا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية سكان مالاطيا غادروا منازلهم وبقوا في الشوارع بسبب الهلع من الزلزال (إعلام تركي)

زلزال بقوة 5.9 درجة ضرب شمال تركيا وأعاد ذكريات «كهرمان ماراش»

ضرب زلزال بقوة 5.9 درجة على مقياس ريختر ولاية مالاطيا في شرق تركيا تأثرت به بعض المناطق في جنوب شرقي البلاد وفي شمال سوريا ولم يسفر عن ضحايا أو إصابات خطيرة

سعيد عبد الرازق (أنقرة:)
شؤون إقليمية صورة أرشيفية لآثار الزلزال الذي ضرب ملاطية العام الماضي (غيتي)

شعر به سكان مدن سورية... زلزال بقوة 5.9 درجة يضرب جنوب شرق تركيا

أعلنت إدارة الكوارث والطوارئ التركية أن زلزالاً بقوة 5.9 درجة هز إقليم ملاطية في جنوب شرق تركيا، اليوم الأربعاء، وشعر به سكان مدن سورية.

«الشرق الأوسط» (اسطنبول)

الجزائر: نقض أحكام بإعدام 38 شخصاً في «قضية حرائق القبائل»

مدانون بالإعدام في قضية الانتماء إلى «ماك» وحرائق القبائل (الشرق الأوسط)
مدانون بالإعدام في قضية الانتماء إلى «ماك» وحرائق القبائل (الشرق الأوسط)
TT

الجزائر: نقض أحكام بإعدام 38 شخصاً في «قضية حرائق القبائل»

مدانون بالإعدام في قضية الانتماء إلى «ماك» وحرائق القبائل (الشرق الأوسط)
مدانون بالإعدام في قضية الانتماء إلى «ماك» وحرائق القبائل (الشرق الأوسط)

قال محامون في الجزائر إن المحكمة العليا قبلت طعناً بالنقض في قضية أثارت جدلاً كبيراً العام الماضي، تمثلت في إصدار محكمة الجنايات بالعاصمة حكماً بإعدام 38 شخصاً، بتهمة «إشعال النار في منطقة القبائل، بناءً على توجيهات من تنظيم إرهابي»، يُسمى «حركة الحكم الذاتي في القبائل».

صورة لنيران منطقة القبائل صيف 2021 (الشرق الأوسط)

وأكد المحامي والحقوقي الشهير، مصطفى بوشاشي، الذي ترافع لصالح بعض المتهمين، لصحافيين، أن أعلى غرفة الجنايات بأعلى هيئة في القضاء المدني نقضت، مساء أمس الخميس، الأحكام التي صدرت فيما بات يعرف بـ«قضية الأربعاء ناث إراثن»، وهي قرية ناطقة بالأمازيغية (110 كيلومترات شرق)، شهدت في صيف 2021 حرائق مستعرة مدمرة، خلفت قتلى وجرحى، وإتلافاً للمحاصيل الزراعية ومساحات غابات كبيرة، وعقارات ومبانٍ على غرار قرى أخرى مجاورة.

مبنى المحكمة العليا بأعالي العاصمة الجزائرية (الشرق الأوسط)

غير أن الحرائق ليست أخطر ما حدث يومها في نظر القضاء، فعندما كان سكان القرية يواجهون النيران بوسائلهم الخاصة البسيطة، تناهى إليهم أن شخصاً بصدد إضرام النار في بلدتهم عمداً، وفعلاً ألقت الشرطة بهذه الشبهة على ثلاثيني من منطقة بوسط البلاد، يُدعى جمال بن سماعين، فتوجهوا وهم في قمة الغضب إلى مقر الأمن، وكان الشاب في تلك الأثناء داخل سيارة الشرطة فأخرجوه منها، غير عابئين بالعيارات النارية، التي أطلقها رجال شرطة لثنيهم عن قتله، وأخذوه إلى الساحة العامة، فنكّلوا به وأحرقوا جثته، بينما كان يتوسل إليهم أن يخلوا سبيله، وبأنه حضر إلى القرية للمساعدة وليس لإشعال النار.

وجرى تصوير مشاهد التنكيل المروعة بكاميرات الهواتف النقالة، واعتقل الأمن لاحقاً كل الذين ظهروا في الصور.

جمال بن سماعين قُتل على أيدي سكان قرية التهمتها النيران (متداولة)

على أثر ذلك، طالبت قطاعات واسعة في المجتمع بـ«القصاص»، ورفع التجميد عن عقوبة الإعدام، التي تصدرها المحاكم دون أن تنفذ، وذلك منذ تطبيقه بحق 3 إسلاميين عام 1993، بتهمة تفجير مطار العاصمة صيف 1992 (42 قتيلاً). لكن أثبت التحقيق بأن بن سماعين لا يد له في الأحداث المأساوية.

وبثّ الأمن الجزائري «اعترافات» لعدد كبير من المعتقلين بعد الأحداث، أكدوا كلهم أنهم وراء النيران المستعرة، وبأنهم ارتكبوا الجريمة بأوامر من رئيس تنظيم «حركة الحكم الذاتي في القبائل»، المعروف اختصاراً بـ«ماك»، فرحات مهني، الذي يتحدر من المنطقة، ويقيم منذ سنوات طويلة بفرنسا بصفته لاجئاً سياسياً.

فرحات مهني المتهم بإشعال النار في منطقة القبائل (الشرق الأوسط)

وقال محامو المتهمين بعد تداول هذه «الاعترافات» إن القضاء «يبحث عن مسوّغ لإنزال عقوبة ثقيلة في حقهم»، وهو ما حدث بالفعل في أكتوبر (تشرين الأول) 2023، بإدانتهم بالإعدام. علماً بأن التهم وجهت لمائة شخص في هذه القضية، وحُكم على بعضهم بالسجن بين عام و5 سنوات مع التنفيذ، في حين نال آخرون البراءة.

وتمثلت التهم أساساً في «نشر الرعب في أوساط السكان بإشعال النيران»، و«الانتماء إلى منظمة إرهابية» تُدعى «ماك»، و«قتل شخص عن سبق إصرار والتنكيل بجثته»، و«القيام بأفعال إرهابية وتخريبية تستهدف أمن الدولة والوحدة الوطنية، واستقرار المؤسسات وسيرها العادي، عن طريق بث الرعب في أوساط السكان، وخلق جو انعدام الأمن»، وتم تثبيت الأحكام بعد استئنافها.

أما فرحات مهني فكذّب، في فيديو نشره بالإعلام الاجتماعي، التهمة المنسوبة إليه، وطالب بفتح تحقيق مستقل في الأحداث «من طرف جهة أجنبية».

وفي نظر عدد كبير من المحامين على صلة بهذا الملف، فإن القضاء يبحث من خلال نقض الأحكام عن «إصلاح أخطاء تسبب فيها بإصدار قرارات متسرعة»، وبأن القضاة «كانوا تحت ضغط رأي عام طالب بالقصاص». ووفق ما ينص عليه القانون، ستعاد محاكمة المتهمين في محكمة الجنايات بتشكيل قضاة غير الذين أدانوهم في المرة السابقة.