الحشاني يواصل اجتماعاته الفردية بأعضاء الحكومة التونسية

الأطراف السياسية المعارضة والمساندة تطالب ببرنامج حكومي متكامل

سعيد في حفل تنصيب الحشاني (رئاسة الحكومة التونسية)
سعيد في حفل تنصيب الحشاني (رئاسة الحكومة التونسية)
TT

الحشاني يواصل اجتماعاته الفردية بأعضاء الحكومة التونسية

سعيد في حفل تنصيب الحشاني (رئاسة الحكومة التونسية)
سعيد في حفل تنصيب الحشاني (رئاسة الحكومة التونسية)

منذ الإعلان عن تعيينه رئيساً للحكومة التونسية قبل أكثر من شهر، شرع أحمد الحشاني، على امتداد الأسابيع الماضية، في استقبال عدد من وزراء الحكومة التي ورثها عن نجلاء بودن، واجتمع بعدد منهم كل على حدة؛ للتعرف على برامجهم القطاعية في انتظار بلورة سياسية حكومية جماعية. وقبل يومين استقبل سمير سعيّد، وزير الاقتصاد والتخطيط، الذي أطلعه على نشاط الوزارة في الفترة الأخيرة، وبرامج عملها للمرحلة المقبلة، وهو نفس النهج الذي اعتمده مع عدد من الوزراء، مما أثار جدلاً سياسياً واسعاً في تونس حول جدوى الاجتماع بكل وزير على حدة.

دفع جديد للاستثمار

كما تطرق اللقاء إلى الوضع الاقتصادي الحالي، حيث أوصى رئيس الحكومة بضرورة إعطاء دفع جديد للاستثمار والنمو في إطار مخطط التنمية 2023 - 2025. وأكد الحشاني مزيد تضافر جهود كل الأطراف المتداخلة في الحكومة لاسترجاع توازنات المالية العمومية، بهدف تحقيق الاستقرار الاقتصادي الشامل في تونس.

وقبل هذا اللقاء، اجتمع الحشاني بعدد من أعضاء الحكومة، وضمت القائمة نبيل عمار وزير الشّؤون الخارجية والهجرة والتونسيين، ومعز بلحسين وزير السياحة، وربيع المجيدي وزير النقل، ومحمد علي البوغديري وزير التربية، وكمال دقيش وزير الشباب والرياضة، وحياة القرمازي وزيرة الشؤون الثقافية، وسهام البوغديري وزيرة المالية، وكلثوم بن رجب وزيرة التجارة وتنمية الصادرات، بالإضافة إلى مروان العباسي محافظ البنك المركزي التونسي.

الحشاني مع وزير الاقتصاد (رئاسة الحكومة التونسية)

الواقع السياسي والاقتصادي

وفي الأول من سبتمبر (أيلول) الحالي، عقد الحشاني الذي لم يكن له ماض سياسي أو انتماء إلى أي حزب أو منظمة حقوقية أو نقابية، أول اجتماع ضم أكثر من وزير في حكومته، متحسساً طريقه نحو فهم الواقع السياسي والاقتصادي في تونس، وتناول ملف الاستعدادات للعودة المدرسية والجامعية، وشارك أكثر من وزير في هذا الاجتماع الذي ضم وزيرة المالية، ووزير الشؤون الاجتماعية، ووزير التربية، ووزير التعليم العالي والبحث العلمي.

وتضغط الأطراف المعارضة والمناصرة للمسار السياسي الذي أقره الرئيس التونسي قيس سعيد من أجل بلورة برنامج حكومي يتجاوز التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تعرفها تونس، على رأسها غلاء المعيشة والاضطراب في التزود بعدد من المواد الغذائية الأساسية، خصوصاً الخبز والزيت النباتي والسكر والقهوة، علاوة على مجابهة الضغوطات الكبرى التي تسلطها دول الاتحاد الأوروبي المجاور على تونس؛ للحد من تدفق موجات الهجرة غير الشرعية في اتجاه إيطاليا.

وفي هذا الشأن، قال جمال العرفاوي، المحلل السياسي لـ«الشرق الأوسط»، إن رئيس الحكومة الجديد قد قضى الشهر الأول في التعرف على الوسط السياسي والوضع الاقتصادي، وخطا بعض الخطوات في اتجاه التعامل الجدي مع الملفات، وفق الصلاحيات الممنوحة له في إطار دستور 2022.

الحشاني في أول اجتماع يضم أكثر من وزير (رئاسة الحكومة التونسية)

الاجتماعات القطاعية

واعتبر العرفاوي أن الساحة السياسية تنتظر تفاعلاً أكثر مع ما يجدّ من أحداث، وهي تنتظر برامج تقضي على مختلف نقاط الضعف التي يعرفها العمل الحكومي، خاصة على مستوى التنسيق بين تدخلات مختلف أعضاء الحكومة التونسية الحالية. وهذا يعني أن الاجتماعات القطاعية مع كل وزير على حدة قد تكون كافية إلى حد ما في فهم بعض الملفات والاطلاع على رؤية كل وزير، لكنها سياسة غير كافية للتأسيس لبرنامج حكومي متكامل يعتمد على توجه سياسي واضح في معالجة مختلف الملفات الشائكة.

يذكر أن الرئيس قيس سعيد حدد التوجهات الكبرى للعمل الحكومي حين تحدث أثناء تنصيب أحمد الحشاني رئيساً للحكومة، عن تحديات كبيرة، داعياً إياه إلى العمل على الحفاظ على الدولة وتناغم مؤسساتها، معتبراً أن الأولويات تتمثل في تحديات اقتصادية واجتماعية بالأساس.


مقالات ذات صلة

تونس: توجيه تهمة «تبديل هيئة الدولة» إلى رئيسة «الحزب الدستوري الحر»

شمال افريقيا رئيسة «الحزب الدستوري الحر» عبير موسي (أرشيفية - الإعلام التونسي)

تونس: توجيه تهمة «تبديل هيئة الدولة» إلى رئيسة «الحزب الدستوري الحر»

هيئة الدفاع عن موسي: «التحقيقات في مرحلة أولى كانت قد انتهت إلى عدم وجود جريمة... وقرار القضاة كان مفاجئاً».

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا مظاهرة نظمها حقوقيون تونسيون ضد التضييق على الحريات (أرشيفية - إ.ب.أ)

20 منظمة حقوقية في تونس تنتقد توقيفات لنشطاء ونقابيين

شملت توقيفات جديدة بتونس نشطاء وصحافيين وعمالاً ونقابيين شاركوا في احتجاجات ضد طرد 28 عاملاً، بينهم نساء، من مصنع للأحذية والجلود لمستثمر أجنبي بمدينة السبيخة.

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا مهاجرون عبر الصحراء الكبرى باتجاه أوروبا عبر ليبيا وتونس (رويترز)

السلطات التونسية توقف ناشطاً بارزاً في دعم المهاجرين

إحالة القضية إلى قطب مكافحة الإرهاب «مؤشر خطير لأنها المرة الأولى التي تعْرض فيها السلطات على هذا القطب القضائي جمعيات متخصصة في قضية الهجرة».

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا الرئيس التونسي الأسبق المنصف المرزوقي (أ.ف.ب)

تونس: إحالة ملف الرئيس الأسبق المرزوقي إلى الإرهاب بـ20 تهمة

إحالة ملف الرئيس التونسي الأسبق المنصف المرزوقي إلى القضاء المكلف بالإرهاب، في 20 تهمة جديدة.

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا المرشح لرئاسية تونس العياشي زمال (الشرق الأوسط)

أحكام إضافية بسجن مرشح سابق للانتخابات الرئاسية في تونس

مجموع الأحكام الصادرة في حق الزمال «ارتفعت إلى 35 عاماً» وهو يلاحق في 37 قضية منفصلة في كل المحافظات لأسباب مماثلة.

«الشرق الأوسط» (تونس)

«الجنائية الدولية» تعيد سيف الإسلام القذافي إلى واجهة الأحداث في ليبيا

سيف الإسلام القذافي خلال تقدمه بأوراقه للترشح في الانتخابات الرئاسية في 14 نوفمبر 2021 (رويترز)
سيف الإسلام القذافي خلال تقدمه بأوراقه للترشح في الانتخابات الرئاسية في 14 نوفمبر 2021 (رويترز)
TT

«الجنائية الدولية» تعيد سيف الإسلام القذافي إلى واجهة الأحداث في ليبيا

سيف الإسلام القذافي خلال تقدمه بأوراقه للترشح في الانتخابات الرئاسية في 14 نوفمبر 2021 (رويترز)
سيف الإسلام القذافي خلال تقدمه بأوراقه للترشح في الانتخابات الرئاسية في 14 نوفمبر 2021 (رويترز)

بعد تأكيدات المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، الأسبوع الماضي، باستمرار سريان مذكرة التوقيف التي صدرت بحق سيف الإسلام، نجل الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي عام 2011، عاد اسم سيف الإسلام ليتصدر واجهة الأحداث بالساحة السياسية في ليبيا.

وتتهم المحكمة الجنائية سيف الإسلام بالمسؤولية عن عمليات «قتل واضطهاد ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية» بحق مدنيين، خلال أحداث «ثورة 17 فبراير»، التي خرجت للشارع ضد نظام والده، الذي حكم ليبيا لأكثر من 40 عاماً.

* تنديد بقرار «الجنائية»

بهذا الخصوص، أبرز عضو مجلس النواب الليبي، علي التكبالي، أن القوى الفاعلة في شرق البلاد وغربها «لا تكترث بشكل كبير بنجل القذافي، كونه لا يشكل خطراً عليها، من حيث تهديد نفوذها السياسي في مناطق سيطرتها الجغرافية». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «رغم قلة ظهور سيف منذ إطلاق سراحه من السجن 2017، فإن تحديد موقعه واعتقاله لن يكون عائقاً، إذا ما وضعت القوى المسلحة في ليبيا هذا الأمر هدفاً لها».

صورة التُقطت لسيف الإسلام القذافي في الزنتان (متداولة)

وفي منتصف عام 2015 صدر حكم بإعدام سيف الإسلام لاتهامه بـ«ارتكاب جرائم حرب»، وقتل مواطنين خلال «ثورة فبراير»، إلا أن الحكم لم يُنفَّذ، وتم إطلاق سراحه من قبل «كتيبة أبو بكر الصديق»، التي كانت تحتجزه في الزنتان. وبعد إطلاق سراحه، لم تظهر أي معلومات تفصيلية تتعلق بحياة سيف الإسلام، أو تؤكد محل إقامته أو تحركاته، أو مَن يموله أو يوفر له الحماية، حتى ظهر في مقر «المفوضية الوطنية» في مدينة سبها بالجنوب الليبي لتقديم ملف ترشحه للانتخابات الرئاسية في نوفمبر (تشرين الثاني) 2021.

وأضاف التكبالي أن رفض البعض وتنديده بقرار «الجنائية الدولية»، التي تطالب بتسليم سيف القذافي «ليس لقناعتهم ببراءته، بقدر ما يعود ذلك لاعتقادهم بوجوب محاكمة شخصيات ليبية أخرى مارست أيضاً انتهاكات بحقهم خلال السنوات الماضية».

* وجوده لا يشكِّل خطراً

المحلل السياسي الليبي، محمد محفوظ، انضم للرأي السابق بأن سيف الإسلام «لا يمثل خطراً على القوى الرئيسية بالبلاد حتى تسارع لإزاحته من المشهد عبر تسليمه للمحكمة الدولية»، مشيراً إلى إدراك هذه القوى «صعوبة تحركاته وتنقلاته». كما لفت إلى وجود «فيتو روسي» يكمن وراء عدم اعتقال سيف القذافي حتى الآن، معتقداً بأنه يتنقل في مواقع نفوذ أنصار والده في الجنوب الليبي.

بعض مؤيدي حقبة القذافي في استعراض بمدينة الزنتان (متداولة)

وتتنافس على السلطة في ليبيا حكومتان: الأولى وهي حكومة «الوحدة» المؤقتة، التي يرأسها عبد الحميد الدبيبة، وتتخذ من طرابلس مقراً لها، والثانية مكلفة من البرلمان برئاسة أسامة حماد، وهي مدعومة من قائد «الجيش الوطني»، المشير خليفة حفتر، الذي تتمركز قواته بشرق وجنوب البلاد.

بالمقابل، يرى المحلل السياسي الليبي، حسين السويعدي، الذي يعدّ من مؤيدي حقبة القذافي، أن الولاء الذي يتمتع به سيف الإسلام من قبل أنصاره وحاضنته الاجتماعية «يصعّب مهمة أي قوى تُقدم على اعتقاله وتسليمه للمحكمة الجنائية الدولية»، متوقعاً، إذا حدث ذلك، «رد فعل قوياً جداً من قبل أنصاره، قد يمثل شرارة انتفاضة تجتاح المدن الليبية».

ورغم إقراره في تصريح لـ«الشرق الأوسط» بأن «كل القوى الرئيسية بالشرق والغرب الليبيَّين تنظر لسيف الإسلام بوصفه خصماً سياسياً»، فإنه أكد أن نجل القذافي «لا يقع تحت سيطرة ونفوذ أي منهما، كونه دائم التنقل، فضلاً عن افتقاد البلاد حكومة موحدة تسيطر على كامل أراضيها».

ورفض المحلل السياسي ما يتردد عن وجود دعم روسي يحظى به سيف الإسلام، يحُول دون تسليمه للمحكمة الجنائية، قائلاً: «رئيس روسيا ذاته مطلوب للمحكمة ذاتها، والدول الكبرى تحكمها المصالح».

* تكلفة تسليم سيف

من جهته، يرى الباحث بمعهد الخدمات الملكية المتحدة، جلال حرشاوي، أن الوضع المتعلق بـ(الدكتور) سيف الإسلام مرتبط بشكل وثيق بالوضع في الزنتان. وقال إن الأخيرة «تمثل رهانات كبيرة تتجاوز قضيته»، مبرزاً أن «غالبية الزنتان تدعم اللواء أسامة الجويلي، لكنه انخرط منذ عام 2022 بعمق في تحالف مع المشير حفتر، ونحن نعلم أن الأخير يعدّ سيف الإسلام خطراً، ويرغب في اعتقاله، لكنهما لا يرغبان معاً في زعزعة استقرار الزنتان، التي تعدّ ذات أهمية استراتيجية كبيرة».

أبو عجيلة المريمي (متداولة)

ويعتقد حرشاوي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن الدبيبة يتبع أيضاً سياسة تميل إلى «عدم معارضة القذافي». ففي ديسمبر (كانون الأول) 2022، سلم المشتبه به في قضية لوكربي، أبو عجيلة المريمي، إلى السلطات الأميركية، مما ترتبت عليه «تكلفة سياسية»، «ونتيجة لذلك، لا يرغب الدبيبة حالياً في إزعاج أنصار القذافي. فالدبيبة مشغول بمشكلات أخرى في الوقت الراهن».