مهاجرون يتجاهلون الموت ويزحفون إلى شواطئ ليبيا

إنقاذ 400 مصري وسوري بينهم أطفال قبالة طبرق

إنزال مهاجرين غير نظاميين على ساحل طبرق بعد جنوح قاربهم (مؤسسة العابرين  لمساعدة المهاجرين)
إنزال مهاجرين غير نظاميين على ساحل طبرق بعد جنوح قاربهم (مؤسسة العابرين لمساعدة المهاجرين)
TT

مهاجرون يتجاهلون الموت ويزحفون إلى شواطئ ليبيا

إنزال مهاجرين غير نظاميين على ساحل طبرق بعد جنوح قاربهم (مؤسسة العابرين  لمساعدة المهاجرين)
إنزال مهاجرين غير نظاميين على ساحل طبرق بعد جنوح قاربهم (مؤسسة العابرين لمساعدة المهاجرين)

نجا عشرات المهاجرين غير النظاميين من الموت، قبالة ساحل شرق ليبيا، في واحدة من عمليات التهريب المتكررة بغية الوصول إلى شواطئ أوروبا، وذلك في إطار أزمة يعانيها مئات المهاجرين الأفارقة العالقين على الحدود مع تونس.

ويرى مختصون ومتابعون أن تدفق مئات المهاجرين بشكل لافت على شواطئ ليبيا، وتسربهم إلى البحر بواسطة تجّار البشر، يدللان على تجاهلهم المخاطر التي تؤدي إلى هلاك بعضهم غرقاً في «المتوسط».

وأعلنت السلطات المختصة بمكافحة الهجرة غير المشروعة شرق ليبيا، أن قواتها أنقذت قرابة 400 مهاجر ينتمون إلى دول من بينها مصر وسوريا، بعدما جنح قارب كان يقلهم قرب ساحل مدينة طبرق، ما أدى إلى قفز بعضهم في المياه للهرب من أفراد الأمن.

وأوضح مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط» أن جرافة (قارب كبير) كانت تحمل مئات المهاجرين، لكنها جنحت بشاطئ منطقة «العودة»، فقفز بعض المهاجرين إلى المياه، وتمكنت القوات المعنية من انتشالهم، لكن المصري أحمد صلاح قطب (21 عاماً) الذي ينتمي إلى مدينة أبنوب محافظة أسيوط (جنوب مصر) قضى على الرغم من إنقاذه.

ولفت المصدر إلى أن الأجهزة الأمنية تلاحق أحد مهربي البشر، الذي أثبتت التحريات أنه تلقى من كل راكب قرابة 5 آلف دولار، منوهاً إلى أنه «جرى إضرام النار في الجرافة كي لا تُستخدم مرة ثانية في تهريب المهاجرين بعد إطلاق السلطة القضائية».

ونقلت السلطات الأمنية المهاجرين، من بينهم أطفال، إلى مراكز الإيواء شرق ليبيا، قبيل ترحيلهم إلى دولهم. وتكثف السلطات عمليات ترحيل المهاجرين إلى دولهم.

وقال جهاز مكافحة الهجرة غير المشروعة بمدينة شحات (شمال شرقي ليبيا)، يوم الاثنين، إنه رحّل 224 مهاجراً إلى بلدانهم بعدما دخلوا البلاد بطرق غير مشروعة.

وفقاً لإفادة الجهاز، فإن المهاجرين من جنسيات مصرية وسودانية وتشادية ومالية، وإنه سيّر 27 رحلة لنقل المهاجرين، منهم 193 مهاجراً رحّلوا إلى مصر عبر منفذ أمساعد البري، و31 مهاجراً رحلوا إلى دول تشاد والسودان ومالي بعد تسليمهم إلى مركز إيواء قنفودة.

وفي إطار تدفق المهاجرين على البلاد، أعلنت مديرية أمن زليتن (غرب ليبيا) أنها قبضت على 70 مهاجراً غير نظامي، بمنطقة كادوش، مساء الأحد بعدما تعطلت شاحنة محملة بـالـ«تبن» كانوا يختبئون فيها، لافتاً إلى أنه جرى تسليمهم إلى جهاز مكافحة الهجرة.

ويلجأ المتاجرون بالبشر في ليبيا إلى تخزين ضحاياهم، في أماكن سرية بقصد ابتزاز عائلاتهم مالياً، والحصول منهم على فدية مقابل إطلاق سراحهم.

وقال طارق لملوم، الحقوقي الليبي رئيس منظمة «بلادي لحقوق الإنسان»: «حذرنا منذ سنتين أن أعداد المهاجرين المحتجزين في أوكار من بينها مزارع تازربو (جنوب شرقي ليبيا) اقتربت من 10 آلاف شخص».

وأضاف في تصريح صحافي، أن معلوماته عن هذه الجريمة حصل عليها من مهاجرين كانوا محتجزين وأطلق سراحهم، ورأى أنه «على الرغم من الجهود التي يبذلها جهاز الهجرة بالكفرة الذي أصيب أحد أفراده في إحدى العمليات (جنوباً)، فإن قوة تلك العصابات والتي تتحصل على دعم قبلي واجتماعي ما زالت تسيطر وتحتجز كل يوم أعداداً كبيرة من المهاجرين».

وفي إطار أزمة مئات المهاجرين غير النظاميين العالقين على الحدود مع ليبيا، بعد أن نقلتهم السلطات التونسية إلى هناك، دعت منظمات حقوقية كثيرة إلى سرعة إنقاذهم.

وكانت منظمة «هيومان رايتس ووتش» قد اتهمت تونس بطرد مئات المهاجرين الأفارقة من جنوب الصحراء إلى منطقة صحراوية بالقرب من الحدود مع ليبيا منذ الثاني من يوليو (تموز) الحالي.

ودفعت أزمة المهاجرين الأفارقة العالقين على حدود ليبيا وتونس وغامبيا إلى التحرك لاستجلاء الموقف.

وتحدثت وزارة الشؤون الخارجية الغامبية عن أنها شاهدت «مقطع فيديو مقلقاً لمهاجرين في تونس يجري تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي»، مؤكداً أن الوزارة «تعمل من كثب للتحقق من أعدادهم وجنسياتهم في إطار إجراءات الإجلاء».

السلطات في طبرق تضرم النار في قارب لتجار الهجرة (مؤسسة العابرين لمساعدة المهاجرين)

وأوضحت الوزارة في بيان لها نقلته «وكالة الأنباء الفرنسية» أن غامبيا استعادت 296 مهاجراً من مواطنيها في أسبوعين، أكثر من نصفهم كانوا عالقين في ليبيا. وفي وقت سابق هذا العام، استعادت دول غرب أفريقيا، بما في ذلك بوركينا فاسو وغينيا وساحل العاج ومالي والسنغال، مئات من مواطنيها من تونس.

وجاء ذلك عقب كلمة للرئيس التونسي، قيس سعيّد، حمّل فيها «جحافل المهاجرين غير الشرعيين من أفريقيا جنوب الصحراء» مسؤولية انتشار الجريمة، متحدثاً عن وجود «مؤامرة إجرامية» لتغيير التركيبة الديموغرافية في البلاد.

وكانت السلطات التونسية قد نقلت المهاجرين إلى مدينة مدنين الحدودية، في حين يرفض حرس الحدود الليبي دخولهم إلى البلاد، وسط تنديد حقوقي.


مقالات ذات صلة

مصر لمكافحة «الهجرة غير المشروعة» عبر جولات في المحافظات

شمال افريقيا مشاركون في ندوة جامعة أسيوط عن «الهجرة غير المشروعة» تحدثوا عن «البدائل الآمنة» (المحافظة)

مصر لمكافحة «الهجرة غير المشروعة» عبر جولات في المحافظات

تشير الحكومة المصرية بشكل متكرر إلى «استمرار جهود مواجهة الهجرة غير المشروعة، وذلك بهدف توفير حياة آمنة للمواطنين».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الولايات المتحدة​ تعيينات دونالد ترمب في إدارته الجديدة تثير قلق تركيا (رويترز)

ترمب يؤكد عزمه على استخدام الجيش لتطبيق خطة ترحيل جماعي للمهاجرين

أكد الرئيس المنتخب دونالد ترمب أنه يعتزم إعلان حالة طوارئ وطنية بشأن أمن الحدود واستخدام الجيش الأميركي لتنفيذ عمليات ترحيل جماعية للمهاجرين غير الشرعيين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا مهاجرون عبر الصحراء الكبرى باتجاه أوروبا عبر ليبيا وتونس (رويترز)

السلطات التونسية توقف ناشطاً بارزاً في دعم المهاجرين

إحالة القضية إلى قطب مكافحة الإرهاب «مؤشر خطير لأنها المرة الأولى التي تعْرض فيها السلطات على هذا القطب القضائي جمعيات متخصصة في قضية الهجرة».

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا من عملية ضبط مهاجرين في صبراتة قبل تهريبهم إلى أوروبا (مديرية أمن صبراتة)

السلطات الليبية تعتقل 90 مهاجراً قبل تهريبهم إلى أوروبا

عثرت السلطات الأمنية في مدينة صبراتة الليبية على «وكر» يضم 90 مهاجراً غير نظامي، تديره إحدى عصابات الاتجار بالبشر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية أحد اليهود الأرثوذكس في القدس القديمة يوم 5 نوفمبر الحالي (إ.ب.أ)

الهجرة إلى إسرائيل ترتفع في عام الحرب

أظهرت أرقام جديدة أن 11700 يهودي أميركي قدموا طلبات من أجل الهجرة إلى إسرائيل بعد بداية الحرب في قطاع غزة يوم السابع من أكتوبر العام الماضي.

كفاح زبون (رام الله)

مصر للحد من «فوضى» الاعتداء على الطواقم الطبية

تسعى الحكومة لتوفير بيئة عمل مناسبة للأطباء (وزارة الصحة المصرية)
تسعى الحكومة لتوفير بيئة عمل مناسبة للأطباء (وزارة الصحة المصرية)
TT

مصر للحد من «فوضى» الاعتداء على الطواقم الطبية

تسعى الحكومة لتوفير بيئة عمل مناسبة للأطباء (وزارة الصحة المصرية)
تسعى الحكومة لتوفير بيئة عمل مناسبة للأطباء (وزارة الصحة المصرية)

تسعى الحكومة المصرية للحد من «فوضى» الاعتداءات على الطواقم الطبية بالمستشفيات، عبر إقرار قانون «تنظيم المسؤولية الطبية وحماية المريض»، الذي وافق عليه مجلس الوزراء أخيراً، وسوف يحيله لمجلس النواب (البرلمان) للموافقة عليه.

وأوضح نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة المصري، خالد عبد الغفار، أن مشروع القانون يهدف إلى «تحسين بيئة العمل الخاصة بالأطباء والفريق الصحي، ويرتكز على ضمان توفير حق المواطن في تلقي الخدمات الطبية المختلفة بالمنشآت الصحية، وتوحيد الإطار الحاكم للمسؤولية المدنية والجنائية التي يخضع لها مزاولو المهن الطبية، بما يضمن عملهم في بيئة عمل جاذبة ومستقرة»، وفق إفادة وزارة «الصحة» المصرية، الجمعة.

وأشار الوزير المصري إلى تضمن القانون «توحيد الإطار الحاكم للمسؤولية المدنية والجنائية التي يخضع لها مزاولو المهن الطبية، بما يكفل الوضوح في هذا الشأن ويراعي صعوبات العمل في المجال الطبي»، مع الحرص على «منع الاعتداء على مقدمي الخدمة الصحية، وتقرير العقوبات اللازمة في حال التعدي اللفظي أو الجسدي أو إهانة مقدمي الخدمات الطبية، أو إتلاف المنشآت، وتشديد العقوبة حال استعمال أي أسلحة أو عصي أو آلات أو أدوات أخرى».

جانب من العمل داخل أحد المستشفيات (وزارة الصحة المصرية)

وحسب عضوة «لجنة الصحة» بمجلس النواب، النائبة إيرين سعيد، فإن «هذه الخطوة تأخرت كثيراً»، مؤكدة لـ«الشرق الأوسط» أن مشروع القانون كان يفترض جاهزيته منذ عامين في ظل مناقشات مستفيضة جرت بشأنه، لافتة إلى أن القانون سيكون على رأس أولويات «لجنة الصحة» فور وصوله البرلمان من الحكومة تمهيداً للانتهاء منه خلال دور الانعقاد الحالي.

لكن وكيل نقابة الأطباء المصرية، جمال عميرة، قال لـ«الشرق الأوسط» إن مشروع القانون «لا يوفر الحماية المطلوبة للأطباء في مقابل مضاعفة العقوبات عليهم حال الاشتباه بارتكابهم أخطاء»، مشيراً إلى أن المطلوب قانون يوفر «بيئة عمل غير ضاغطة على الطواقم الطبية».

وأضاف أن الطبيب حال تعرض المريض لأي مضاعفات عند وصوله إلى المستشفى تتسبب في وفاته، يحول الطبيب إلى قسم الشرطة ويواجه اتهامات بـ«ارتكاب جنحة وتقصير بعمله»، على الرغم من احتمالية عدم ارتكابه أي خطأ طبي، لافتاً إلى أن النقابة تنتظر النسخة الأخيرة من مشروع القانون لإصدار ملاحظات متكاملة بشأنه.

وشهدت مصر في الشهور الماضية تعرض عدد من الأطباء لاعتداءات خلال عملهم بالمستشفيات من أقارب المرضى، من بينها واقعة تعدي الفنان محمد فؤاد على طبيب مستشفى «جامعة عين شمس»، خلال مرافقته شقيقه الذي أصيب بأزمة قلبية الصيف الماضي، والاعتداء على طبيب بمستشفى «الشيخ زايد» في القاهرة من أقارب مريض نهاية الشهر الماضي، وهي الوقائع التي يجري التحقيق فيها قضائياً.

وقائع الاعتداء على الطواقم الطبية بالمستشفيات المصرية تكررت خلال الفترة الأخيرة (وزارة الصحة المصرية)

وينص مشروع القانون الجديد، وفق مقترح الحكومة، على تشكيل «لجنة عليا» تتبع رئيس مجلس الوزراء، وتعد «جهة الخبرة الاستشارية المتعلقة بالأخطاء الطبية، والمعنية بالنظر في الشكاوى، وإصدار الأدلة الإرشادية للتوعية بحقوق متلقي الخدمة بالتنسيق مع النقابات والجهات المعنية»، حسب بيان «الصحة».

وتعوّل إيرين سعيد على «اللجنة العليا الجديدة» باعتبارها ستكون أداة الفصل بين مقدم الخدمة سواء كان طبيباً أو صيدلياً أو من التمريض، ومتلقي الخدمة المتمثل في المواطن، لافتةً إلى أن تشكيل اللجنة من أطباء وقانونيين «سيُنهي غياب التعامل مع الوقائع وفق القوانين الحالية، ومحاسبة الأطباء وفق قانون (العقوبات)».

وأضافت أن مشروع القانون الجديد سيجعل هناك تعريفاً للمريض بطبيعة الإجراءات الطبية التي ستُتخذ معه وتداعياتها المحتملة عليه، مع منحه حرية القبول أو الرفض للإجراءات التي سيبلغه بها الأطباء، وهو «أمر لم يكن موجوداً من قبل بشكل إلزامي في المستشفيات المختلفة».

وهنا يشير وكيل نقابة الأطباء إلى ضرورة وجود ممثلين لمختلف التخصصات الطبية في «اللجنة العليا» وليس فقط الأطباء الشرعيين، مؤكداً تفهم أعضاء لجنة «الصحة» بالبرلمان لما تريده النقابة، وتوافقهم حول التفاصيل التي تستهدف حلاً جذرياً للمشكلات القائمة في الوقت الحالي.