اعتماد الإنجليزية في الجامعات الجزائرية بدلاً من الفرنسية

في سياق المناكفة تجاه باريس... والخلافات الكبيرة بين البلدين

مدخل وزارة التعليم العالي (الشرق الأوسط)
مدخل وزارة التعليم العالي (الشرق الأوسط)
TT

اعتماد الإنجليزية في الجامعات الجزائرية بدلاً من الفرنسية

مدخل وزارة التعليم العالي (الشرق الأوسط)
مدخل وزارة التعليم العالي (الشرق الأوسط)

قرّرت السلطات الجزائرية اعتماد الإنجليزية لغةً للتدريس في الجامعات، بدلاً من الفرنسية، بدءاً من العام الجامعي الجديد المرتقب شهر سبتمبر (أيلول) المقبل، بينما كانت أطلقت، العام الماضي، إجراءات لبدء تدريس الإنجليزية، في الأطوار التعليمية الأولى، لإزاحة لغة موليير.

وترتبط هذه الخطوة بشكل لافت، بتوترات سياسية حادة في العلاقات الجزائرية - الفرنسية.

وتوجّه الأمين العام لوزارة التعليم العالي، بمراسلة إلى مديري الجامعات يوم 1 يوليو (تموز) الحالي يطالبهم فيها بـ«تنظيم اجتماعات وتشكيل فرق بيداغوجية حسب المقياس أو المادة، وذلك قبل الخروج للعطلة الصيفية». مشيراً إلى أن الأمر يتعلق بـ«التحضير لاعتماد اللغة الإنجليزية لغةَ تدريسٍ بدءاً من السنة الجامعية المقبلة 2023-2024». كما أشار إلى أن ما طلبه منهم هو «تعليمات وزير التعليم العالي كمال بداري».

وزير التعليم العالي كمال بداري (من حسابه الشخصي بالإعلام الاجتماعي)

وأوضح صاحب المراسلة، أن «الفريق البيداغوجي الذي يترأسه أستاذ، عن طريق التعيين أو الانتخاب، يتكون من مجموعة من الأساتذة المحاضرين وكذا الأساتذة الذين يضمنون الأعمال التطبيقية والأعمال الموجهة». مبرزاً أن الأعمال المطلوبة من مديري الجامعات، بهذا الخصوص، تتمثل في عرض مرحلي للتحضيرات الخاصة باعتماد الإنجليزية لغةَ التدريس، وتحديد الزمن لتطبيق هذا التوجه الجديد.

وأكد أمين عام الوزارة، أن «اللجنة الوطنية للإشراف ومتابعة تنفيذ برنامج تكوين الأساتذة وطلبة الدكتوراه في اللغة الإنجليزية ستنظم زيارات ميدانية للمؤسسات الجامعية، خلال يوليو الحالي؛ بغرض تقييم التحضيرات بشأن الموضوع». داعياً مديري المؤسسات الجامعية إلى «اتخاذ جميع التدابير والإجراءات الملائمة لاستقبال أعضاء هذه اللجنة، وتسهيل مهمتهم وإفادتهم بالمعلومات المطلوبة».

ووفق مصادر من وزارة التعليم العالي، تهدف هذه الإجراءات إلى إزاحة الفرنسية، تدريجياً، من التدريس في الجامعات والكليات الكبيرة، أهمها «جامعة هواري للعلوم والتكنولوجيا»، وكليات الطب والزراعة والهندسة والمدارس المرموقة، مثل «المدرسة الوطنية متعددة التقنيات». أما العلوم الإنسانية، فيجري تدريس موادها باللغة العربية، وستُضاف الإنجليزية لغةً ثانية، حسب المصادر ذاتها.

الجامعة المركزية بالجزائر العاصمة (الشرق الأوسط)

وربط مراقبون هذا القرار، بحالة توتر جديدة تمر بها العلاقات الجزائرية - الفرنسية، كانت تصريحات حادة تبودلت من قِبل الطرفين عاكسة لها. وتراقب الجزائر بقلق كبير مساعي أطلقها نواب من اليمين الفرنسي، لإلغاء اتفاق يضبط الهجرة بين البلدين، يعود إلى 1968؛ بحجة أنه «لا يشجع على الحد من الهجرة إلى فرنسا». وهذه المساعي ذات صلة برفض الجزائر طلب فرنسا، استقبال الآلاف من مهاجريها غير النظاميين. وردت باريس على ذلك بتقليص حصة الجزائر من التأشيرات إلى النصف، منذ 2021.

وكان مقرراً أن يزور الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون فرنسا في منتصف مايو (أيار) الماضي، ثم تأجّل الموعد إلى يونيو (حزيران)، ولم تحصل لأسباب لم تعلن، لكنها متصلة بوضوح، بالخلافات التي لا تهدأ أبداً بين البلدين، وتتعلق في عمقها برواسب الاستعمار وأوجاع الماضي، وتمسُّك الجزائر باعتراف فرنسا رسمياً بجرائمها خلال فترة الاحتلال (1830 – 1962)، وتقديم الاعتذار عنها؛ الأمر الذي يرفضه الفرنسيون بحدّة.

وفي 2021، جرَّبت هيئات حكومية بالجزائر تعريب كل مراسلاتها ووثائقها الداخلية، ومنعت على كوادرها التعامل بلغة أخرى غير العربية، وحددت 01 نوفمبر (تشرين الثاني) من العام ذاته موعداً لبدء تنفيذ القرار، وهو تاريخ يصادف ذكرى اندلاع الثورة ضد الاستعمار الفرنسي. وعدّ المراقبون الخطوة بمثابة ردّ على فرنسا التي أنكر رئيسها إيمانويل ماكرون، يومها، في تصريحات للإعلام، «وجود أمة جزائرية» قبل الغزو الفرنسي للجزائر عام 1830.

صالح بلعيد رئيس المجلس الأعلى للغة العربية (الشرق الأوسط)

وفي بداية الموسم الدراسي 2022، بدأت الحكومة في تدريس الإنجليزية في الأطوار التعليمية الأولى بدلاً من الفرنسية، ووظفت المئات من الأساتذة العاطلين عن العمل.

ويعتقد صالح بلعيد، رئيس «المجلس الأعلى للغة العربية»، في الجزائر (في حوار نشرته «الشرق الأوسط» في 22 أبريل (نيسان) 2022)، أن الجزائر «تكبّدت توحشاً لغوياً لم تعرفه تونس ولا مصر، ولا أي بلد عربي آخر؛ لهذا نحن في حاجة إلى سلطة ضبطية تعيد الوضع إلى طبيعته».



مصر لمكافحة «الهجرة غير المشروعة» عبر جولات في المحافظات

مشاركون في ندوة جامعة أسيوط عن «الهجرة غير المشروعة» تحدثوا عن «البدائل الآمنة» (المحافظة)
مشاركون في ندوة جامعة أسيوط عن «الهجرة غير المشروعة» تحدثوا عن «البدائل الآمنة» (المحافظة)
TT

مصر لمكافحة «الهجرة غير المشروعة» عبر جولات في المحافظات

مشاركون في ندوة جامعة أسيوط عن «الهجرة غير المشروعة» تحدثوا عن «البدائل الآمنة» (المحافظة)
مشاركون في ندوة جامعة أسيوط عن «الهجرة غير المشروعة» تحدثوا عن «البدائل الآمنة» (المحافظة)

في إطار الجهود المصرية لمكافحة «الهجرة غير المشروعة»، تنظم وزارة الخارجية والهجرة جولات ميدانية في المحافظات بهدف «تجفيف منابع الظاهرة».

وأجرى نائب وزير الخارجية والهجرة المصري، السفير نبيل حبشي، ورئيسة «اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة الهجرة غير المشروعة والاتجار في البشر»، السفيرة نائلة جبر، زيارة إلى محافظة أسيوط (صعيد مصر)، الخميس والجمعة، بغرض «التوعية بمخاطر الظاهرة والتعريف بالبدائل الإيجابية الآمنة».

وتشير الحكومة المصرية، بشكل متكرر، إلى «استمرار جهود مواجهة الهجرة غير المشروعة، وذلك بهدف توفير حياة آمنة للمواطنين». وأكدت مصر في يونيو (حزيران) الماضي، «نجاحها في مواجهة الظاهرة؛ إذ لم يبحر أي مركب غير شرعي من سواحلها منذ 8 سنوات».

ووجّه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في نهاية 2019 بإطلاق مبادرة «مراكب النجاة» للتوعية بمخاطر «الهجرة غير المشروعة» على الشواطئ المصدرة للهجرة. واستهدفت المبادرة حينها «تحقيق حياة كريمة للمواطن المصري والحفاظ على حياته».

ووفق إفادة لـ«الخارجية والهجرة المصرية»، فإن زيارة محافظة أسيوط تأتي ضمن الزيارات الميدانية التي تستهدف الوزارة خلالها المحافظات الأكثر تصديراً لـ«الهجرة غير المشروعة» في ربوع البلاد.

جانب من لقاءات وزارة الخارجية والهجرة المصرية مع قيادات محافظة أسيوط (الخارجية والهجرة المصرية)

والتقى حبشي وجبر، الخميس، محافظ أسيوط، هشام أبو النصر، وأعضاء مجلسي النواب والشيوخ، والقيادات المؤثرة بالمحافظة، والأجهزة التنفيذية، فضلاً عن لقاء 1500 شخص من الشباب والأسر، حيث تم مناقشة أبعاد الظاهرة كافة.

وقال حبشي خلال ندوة بجامعة أسيوط، الجمعة، إن زيارة أسيوط تعد «أول زيارة ميدانية بعد ضم وزارتي الخارجية والهجرة، وتأتي لنشر التوعية بخطورة الظاهرة وعواقبها المأساوية على الأسر المصرية»، واستعرض أهم الأسباب التي تدعو الشباب إلى «الهجرة غير المشروعة»، التي من بينها «قلة فرص العمل وانخفاض الأجور، وسيطرة العصابات المنظمة لـ(الهجرة) على عقول الشباب».

فيما أشارت جبر إلى ضرورة تحقيق التنمية الشاملة باعتبارها حجر الأساس في التصدي للظاهرة، والتوسع في إنشاء المدارس الفنية والتكنولوجية نظراً لأهميتها في تخريج عمالة مُدربة ومؤهلة تدعم سوق العمل، والارتقاء بالمرأة وتمكينها اجتماعياً واقتصادياً وتعزيز دورها التوجيهي.

وأكدت أن «مصر كانت من أوائل الدول التي جرّمت الظاهرة بوضع الأطر القانونية لمكافحتها؛ حفاظاً على أرواح الشباب»، مضيفة أن المساعي المصرية أسهمت في خفض معدلات «الهجرة غير النظامية»، ودفعت الشباب إلى البحث عن «بدائل آمنة» لتحسين مستوى المعيشة داخل وطنهم.

وتطبّق مصر منذ عام 2016 قانوناً للحد من «الهجرة غير المشروعة»؛ إذ يُعاقب بـ«السجن المُشدد وبغرامة لا تقل عن 200 ألف جنيه ولا تزيد على 500 ألف جنيه، كل مَن ارتكب جريمة تهريب المهاجرين أو الشروع فيها أو توسط في ذلك» (الدولار الأميركي يساوي 49.60 جنيه في البنوك المصرية).

حضور ندوة جامعة أسيوط عن «مخاطر الهجرة غير المشروعة» (المحافظة)

وحسب محافظ أسيوط، الجمعة، فإن المحافظة تسعى نحو تعزيز أطر التعاون مع الكثير من المؤسسات الصناعية لعقد ورش العمل والدورات التدريبية للشباب والفتيات للتدريب على المهن الحرفية والصناعات اليدوية لتكون مصدراً للدخل بما يسهم في تحسين مستوى المعيشة، ويقضي على أفكار «الهجرة غير المشروعة» لديهم.

ولفت إلى أن مكافحة الظاهرة هي أهم مستهدفات المبادرة الرئاسية «مراكب النجاة» والهادفة إلى توعية وتدريب الفئات الأكثر احتياجاً للتعريف بمخاطر الظاهرة وبدائلها الآمنة، وذلك وفق خطة موضوعة تشمل عدداً من المحافظات بجانب توفير برامج التدريب والتأهيل لسوق العمل.

رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، أكد في تصريحات الشهر الماضي، أن «الهجرة غير المشروعة» تُعد قضية مشتركة، ولا يمكن لأي دولة أن تتصدى لها بمفردها، داعياً المجتمع الدولي إلى «تكثيف التعاون والعمل المشترك لدعم جهود الدول في مكافحة ومنع الظاهرة».

وتنسق مصر والاتحاد الأوروبي لمجابهة «الهجرة غير المشروعة». وفي أكتوبر (تشرين الأول) عام 2018، وقّعت مصر اتفاقية مع الاتحاد الأوروبي لمكافحة «الهجرة غير المشروعة» وتهريب الأشخاص والاتجار بالبشر، تضمنت 7 مشروعات في 15 محافظة مصرية لمعالجة الأسباب الرئيسية المسببة للظاهرة.