لماذا يصعّد «الأعلى للدولة» ضد حكومة الوحدة الليبية؟

كلّف لجاناً لمتابعة «تجاوزاتها» والاتفاقيات التي اتخذتها

المجلس الأعلى للدولة في ليبيا (المجلس)
المجلس الأعلى للدولة في ليبيا (المجلس)
TT

لماذا يصعّد «الأعلى للدولة» ضد حكومة الوحدة الليبية؟

المجلس الأعلى للدولة في ليبيا (المجلس)
المجلس الأعلى للدولة في ليبيا (المجلس)

انتقد سياسيون ليبيون الإجراء الذي اتخذه خالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة، بشأن تشكيل لجان لمتابعة «تجاوزات» حكومة عبد الحميد الدبيبة، وتساءل البعض عن سبب هذه الخطوة في الوقت الحالي، معتبرين أنها تستهدف حشد الشارع ضد الحكومة لقطع الطريق أمام إجراء أي تعديل وزاري يسمح بالتمديد لها، فيما عدها آخرون «محاولة لمساومة الدبيبة».

بداية، اعتبر عضو مجلس النواب الليبي، علي التكبالي، هذا الإجراء، محاولة «للحيلولة دون إجراء أي تعديل وزراي على حكومة الوحدة الوطنية»، مشيراً إلى أن «التسريبات المتداولة تشير إلى ضم شخصيات مقربة من قيادة الجيش الوطني لتولي عدد من الحقائب السيادية في الحكومة، على أن يظل رئيسها من المنطقة الغربية، وهو ما يعني احتفاظ الدبيبة بموقعه».

كان المجلس الأعلى للدولة، برئاسة المشري، قد قرر خلال جلسته في بداية الأسبوع تشكيل لجان لمتابعة عدد من الملفات والقرارات والاتفاقيات، التي اتخذتها حكومة «الوحدة» المؤقتة.

خالد المشري رئيس المجلس الأعلى للدولة (المكتب الإعلامي للمجلس)

ورأى التكبالي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن إحداث تلك اللجان لرصد تجاوزات حكومة الدبيبة «قد يكون هو حشد الشارع الليبي، تحديداً بالمنطقة الغربية، تجاهها؛ بما يعوق تمرير التعديل الوزاري المرتقب». وتساءل: «هل يتوقع مجلس الدولة من الجميع تصديق أنه اكتشف فجأة عدم وجود من يحاسب تلك الحكومة؟»، لافتاً إلى أن مجلس النواب سبق أن حجب الثقة عنها منذ عام ونصف العام تقريباً، وأنها ما زالت توقع اتفاقيات طويلة الأمد بـ«المخالفة لصلاحياتها» بخريطة الطريق الأممية. لكن «يبدو أنه اكتشف ذلك عندما استشعر أن خططها المستقبلية تتعارض مع مصالحه».

أما الكاتب والمحلل الليبي عبد الله الكبير، فوصف من جانبه قرار تشكيل لجان لرصد تجاوزات الحكومة بـ«ورقة ضغط يتم التلويح بها لمساومة الدبيبة»، وقال إن «التغيرات كبيرة بالمشهد الليبي، بالإضافة لما يتردد عن اقتراب إنهاء حالة الانقسام الحكومي، عبر مفاوضات يقودها مقربون من (القائد العام للجيش المشير خليفة) حفتر والدبيبة، قد تؤدي لتعديل وزاري بحكومة الأخير».

ولفت الكبير إلى وجود حديث آخر عن محاولة بعض النواب «الإطاحة» برئيس مجلس النواب عقيلة صالح، ومن هذا المنطلق يرى أن المشري «سارع بالتحرك ليضمن حصول مجلسه، أو الأعضاء المقربين منه داخله، على حصة وزانة بهذا التعديل الوزاري، إن تحقق»، مبرزاً أن مثل هذه التحركات إن صدق حدوثها «تدل على أن إجراء الانتخابات هدف مستبعد من أولويات النخبة السياسية، وأن الجميع مستمر في سعيه لتقاسم المصالح».

بدوره، قال محمد معزب، عضو المجلس الأعلى للدولة، إن المشري هو من تقدم باقتراح تشكيل لجان لمتابعة «خروقات» حكومة الدبيبة، واستطاع الحصول على موافقة بأغلبية الحضور. وأشار معزب في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن كل السيناريوهات مطروحة في محاولة للإجابة على علامات الاستفهام التي أحاطت بتوقيت صدور قرار مجلسه، مبرزاً أن البعض يردد أن هناك تصاعداً في الخلاف الشخصي بين المشري والدبيبة، «وهذا وراد كون ليبيا لا تزال دولة أشخاص وليس مؤسسات».

وذهب معزب إلى أن الدافع لتشكيل هذه اللجان «قد يكون مردها إلى أن مجلسه كان يكتفي بما رصدته الأجهزة الرقابية في تقاريرها من تجاوزات في أداء حكومة الدبيبة خلال العام الماضي، أملاً في أن تجرى الانتخابات بنهايته، لكن في ظل عدم تحقق ذلك قرر تشكيل لجان للمتابعة وتقديمها للجهات المختصة».

من جانبه، انتقد عضو المجلس الأعلى للدولة، سعد بن شرادة، ما تردد عن أن مجلسه «تغافل» طيلة الفترة الماضية عن كل «تجاوزات» حكومة الدبيبة، مذكراً باعتراض عدد كبير من أعضاء المجلس على قيامها بتوقيع مذكرة تفاهم مع تركيا في المجال النفطي في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. كما انتقد حديث البعض بأن مجلسه يسعى لإفشال التعديل الوزاري، وقال إن المجلس «سيكون مسؤولاً بشكل كامل أمام القضاء والشارع الليبي عن كل حرف سيكتب في تقارير تلك اللجان، التي ستتولى متابعة تجاوزات الحكومة»، مضيفاً أن الهدف ربما «كبح جماح تلك الحكومة التي اتسعت تجاوزاتها بشكل كبير مؤخراً»، وموضحاً أن تقارير هذه اللجان سيتم الاعتداد بها كون واضعيها «أعضاء مجلس سيادي موثوق به».

وفيما يتعلق بأي تغيرات مستقبلية على شكل الحكومة، قال المحلل السياسي الليبي أحمد المهدوي، إن الموقف الأميركي «سيكون هو الحاسم في ترجيح أي من السيناريوهات المطروحة حالياً، ما بين سعي صالح والمشري لإيجاد فترة انتقالية جديدة يتم فيها العمل على إسقاط الحكومتين عبر الحشد ضدهما، ثم تشكيل حكومة جديدة يتم تقاسم مقاعدها فيما بينهما، وبين ما يردد عن ترميم حكومة الدبيبة بشخصيات مقربة من قيادة الجيش الوطني».



«الجامعة العربية» تدين توغل إسرائيل داخل المنطقة العازلة مع سوريا

أحداث متسارعة شهدتها سوريا خلال الأيام الماضية (أ.ب)
أحداث متسارعة شهدتها سوريا خلال الأيام الماضية (أ.ب)
TT

«الجامعة العربية» تدين توغل إسرائيل داخل المنطقة العازلة مع سوريا

أحداث متسارعة شهدتها سوريا خلال الأيام الماضية (أ.ب)
أحداث متسارعة شهدتها سوريا خلال الأيام الماضية (أ.ب)

أدانت جامعة الدول العربية توغل إسرائيل داخل المنطقة العازلة مع سوريا، وسلسلة المواقع المجاورة لها بكل من جبل الشيخ ومحافظتي القنيطرة وريف دمشق، وعدَّت، في قرار لمجلسها على مستوى المندوبين، ذلك «احتلالاً إضافياً لأراضي سوريا بالمخالفة لاتفاق فك الاشتباك المبرم بين دمشق وتل أبيب عام 1974».

ومنذ سقوط نظام الرئيس بشار الأسد، الأحد الماضي، توغلت القوات الإسرائيلية في هضبة الجولان التي احتلت القسم الأكبر منها عام 1967، قبل أن تضمه في 1981.

وبهدف «صياغة موقف عربي موحد إزاء قيام الجيش الإسرائيلي باحتلال أراضٍ إضافية بالجولان السوري»، عقد مجلس الجامعة العربية اجتماعاً غير عادي على مستوى المندوبين، مساء الخميس، بمبادرة مصرية، وبالتعاون مع عدد من الدول الأخرى.

وخلص الاجتماع، بحسب إفادة رسمية، إلى «صدور قرار عربي بإدانة التوغل الإسرائيلي في المنطقة العازلة»، مع التأكيد على أن ما فعلته تل أبيب يعد «انتهاكاً واضحا لميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن أرقام (242)، و(338) و(497)»، وشددت على أن «اتفاق فض الاشتباك يظل سارياً طبقاً لقرار مجلس الأمن رقم 350 الصادر عام 1974، وطبقاً لقواعد القانون الدولي، ومن ثم انتفاء تأثر الاتفاق بالتغيير السياسي الذي تشهده سوريا حالياً».

وأكدت الجامعة العربية، في قرارها المكون من 10 بنود، على «أهمية استمرار دور قوة الأمم المتحدة (الأندوف) في مراقبة فض الاشتباك، والكشف عن الانتهاكات الإسرائيلية»، داعية الأمم المتحدة «للاضطلاع بمهامها بموجب الاتفاق والتحرك الفوري لوقف الخروقات الإسرائيلية».

وأدانت الجامعة العربية، بحسب القرار، «الغارات الإسرائيلية المستمرة على عدد من المواقع المدنية والعسكرية السورية، بوصفها اعتداءً على سيادة دولة، وخرقاً للقانون الدولي»، كما أدانت «تصريحات مسؤول القوة القائمة بالاحتلال بشأن عدِّ الجولان (جزءاً لا يتجزأ من إسرائيل)»، مشددة على أن «هضبة الجولان أرض سورية عربية، وستبقى كذلك للأبد».

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد قال في مؤتمر صحافي، الاثنين الماضي، إن «الجولان سيكون جزءاً من دولة إسرائيل إلى الأبد».

وعدّ قرار الجامعة العربية التوغل الإسرائيلي في الأراضي السورية «إمعاناً في الاعتداء على الأمن القومي العربي، ستتصدى له الدول العربية من خلال الإجراءات السياسية والاقتصادية والقانونية اللازمة»، مؤكداً «الالتزام بالحفاظ على سيادة سوريا ووحدة أراضيها ومؤسساتها في هذه المرحلة الدقيقة التي تمر بها البلاد».

زخم في شوارع وميادين سوريا عقب سقوط بشار الأسد (أ.ف.ب)

وطالبت الجامعة العربية، بحسب قرارها الأخير، المجتمع الدولي بـ«إلزام إسرائيل؛ بوصفها السلطة القائمة بالاحتلال، بالامتثال لقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة؛ لا سيما قرار مجلس الأمن رقم 497 لعام 1981؛ الذي يطالب إسرائيل بالانسحاب من الجولان السوري المحتل».

كما طالب القرار المجتمع الدولي و«مجلس الأمن» بـ«إلزام إسرائيل باتخاذ إجراءات فورية وفاعلة لوقف التدابير والممارسات الرامية إلى تغيير الطابع العمراني والتركيبة الديموغرافية والوضع القانوني للجولان، وعدّ جميع التدابير التي اتخذتها ملغاة وباطلة».

وكلّف مجلس الجامعة على مستوى المندوبين المجموعة العربية في نيويورك بـ«التحرك لعقد جلسة خاصة في مجلس الأمن لبحث الممارسات الإسرائيلية التي تهدد السلم والأمن الدوليين؛ بما في ذلك الاحتلال المستجد للأراضي السورية التي توغلت بها إسرائيل منذ الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الحالي». وطالب القرار الأمين العام لجامعة الدول العربية بمخاطبة الأمين العام للأمم المتحدة، ورئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي ووزراء خارجية الدول الخمس الأعضاء في «مجلس الأمن»، للعمل على تنفيذ القرار.

وكانت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، أصدرت بياناً عقب سقوط نظام بشار الأسد، أكدت فيه «إدانتها الكاملة لما تسعى إسرائيل إلى تحقيقه بشكل غير قانوني مستفيدة من تطورات الأوضاع الداخلية في سوريا سواء على صعيد احتلال أراضٍ إضافية في الجولان أو اعتبار اتفاق فض الاشتباك منتهياً».

وقالت الأمانة العامة، في بيانها آنذاك، إنها «تتابع باهتمام بالغ، التطورات المتسارعة في سوريا، إذ تعبر واحدة من أهم وأخطر اللحظات في تاريخها الحديث»، وأكدت أن «المرحلة الدقيقة الحالية تتطلب من جميع السوريين إعلاء مفاهيم التسامح والحوار وصون حقوق جميع مكونات المجتمع السوري ووضع مصلحة الوطن فوق كل شيء، والتحلي بالمسؤولية وضبط السلاح حفاظاً على الأرواح والمقدرات، والعمل على استكمال عملية الانتقال السياسي على نحو سلمي وشامل وآمن».

وشددت الأمانة العامة على أن «الحفاظ على وحدة أراضي سوريا وسيادتها، ورفض التدخلات الأجنبية بكل أشكالها، تظل عناصر محورية وأساسية في الإجماع العربي حيال سوريا يتعين صونها والدفاع عنها».

وفي وقت سابق، أرجأت الجامعة العربية اجتماعاً طارئاً على مستوى وزراء الخارجية كان مقرراً عقده، الأحد الماضي، لبحث الوضع في سوريا، وأرجع مصدر دبلوماسي عربي الإرجاء إلى «الانقسام العربي بشأن التطورات المتسارعة في سوريا، وخيبة أملهم حيال نظام بشار الأسد».