إجراءات تفتيش مشددة للطائرات القادمة من العراق إلى بيروت

تحسباً لنقل أرصدة وأموال إلى «حزب الله»

مسافرون يخرجون من مطار رفيق الحريري الدولي خلال الحرب بين «حزب الله» وإسرائيل (إ.ب.أ)
مسافرون يخرجون من مطار رفيق الحريري الدولي خلال الحرب بين «حزب الله» وإسرائيل (إ.ب.أ)
TT

إجراءات تفتيش مشددة للطائرات القادمة من العراق إلى بيروت

مسافرون يخرجون من مطار رفيق الحريري الدولي خلال الحرب بين «حزب الله» وإسرائيل (إ.ب.أ)
مسافرون يخرجون من مطار رفيق الحريري الدولي خلال الحرب بين «حزب الله» وإسرائيل (إ.ب.أ)

يفرض جهاز أمن مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت إجراءات أمنية مشددة على الرحلات القادمة من العراق إلى بيروت، وإخضاعها لتفتيش دقيق، حيث أفادت معلومات بأن «كل الرحلات الجوية القادمة من العراق ستخضع لتفتيش دقيق لدى وصولها إلى المطار، تحسباً لإدخال أموال أو أرصدة لصالح (حزب الله)»، مشيرة إلى أن «هذه الإجراءات التي تطال الطائرات القادمة من العراق باتت شبيهة بتلك التي تحصل مع الرحلات القادمة من إيران».

وقال رئيس مطار رفيق الحريري الدولي المهندس فادي الحسن لـ«الشرق الأوسط» إن «عمليات التفتيش التي تخضع لها الطائرات المدنية، سواء القادمة من العراق أو من إيران روتينية، وشبيهة بالإجراءات المعتمدة على الرحلات القادمة من كلّ دول العالم». إلّا أن مصدراً أمنياً داخل المطار كشف عن «تدابير استثنائية تطال الرحلات الآتية من بغداد أسوة بالتدابير التي تخضع لها الطائرات الآتية من إيران».

تدابير استثنائية

وأكد المصدر لـ«الشرق الأوسط» أن «هذه الرحلات تخضع لتدابير استثنائية، وتشمل كلّ الأشخاص والحقائب والطرود الآتية على متن هذه الرحلات». وقال: «ما يحصل ليس تضييقاً على المسافرين أو إساءة لهم، بل إجراءات تفرضها ظروف استجدّت بعد الحرب الإسرائيلية على لبنان، والتزام لبنان بالمعايير الأمنية التي اتفقت عليها الدولة اللبنانية مع الأميركيين لاعتمادها، حتى لا يكون مطار بيروت عرضة للاستهداف الإسرائيلي وإقفاله»، مشيراً إلى أن «ما يقوم به جهاز أمن المطار يأتي ترجمة للقرار السياسي الذي سبق أن اتخذته الحكومة (السابقة) وشكّل ضمانة لاستمرار عمل المطار بشكل طبيعي».

وإبان الحرب الأخيرة على لبنان، أوقفت شركات الطيران المدني العالمية رحلاتها من مطار رفيق الحريري الدولي وإليه لأسباب أمنية، وبقيت الخطوط الجوية اللبنانية (طيران الشرق الأوسط) والخطوط الإيرانية والعراقية تعمل بشكل طبيعي، غير أن إسرائيل بعثت بتهديدات مباشرة إلى الطائرات الإيرانية والعراقية وحذرتها من الهبوط في مطار بيروت، بذريعة حظر نقل السلاح والأموال من إيران إلى «حزب الله»، وقد امتثلت لهذه التهديدات، قبل أن تعود وتستأنف رحلاتها بعد دخول قرار وقف إطلاق النار في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي حيّز التنفيذ.

إلغاء رحلة عراقية

وتسيّر الخطوط الجوية اللبنانية والخطوط العراقية ما بين 3 و5 رحلات يومياً ما بين بغداد وبيروت منذ وقف إطلاق النار. وقال المصدر الأمني إن «أمن المطار يتبع إجراءات أمنية ومراقبة للحقائب والأمتعة وتمريرها على أجهزة (سكانر)، غير أن الرحلات القادمة من العراق تخضع لإجراءات مشددة، أسوة بالإجراءات التي تحصل خلال هبوط طائرات قادمة من إيران، في ظلّ ما يترد من معلومات عن أن الإيرانيين وبعد إخضاع طائراتهم لتفتيش استثنائي، قد يلجأون إلى نقل الأموال إلى (حزب الله) عن طريق العراق». ولم يخف المصدر أن مطار بيروت «يقع تحت رقابة دولية مشددة خصوصاً من الأميركيين».

وأظهر جدول الرحلات في مطار بيروت إلغاء الخطوط الجوية العراقية الاثنين إحدى رحلاتها القادمة من بغداد، ورجحت مصادر في المطار أن يكون السبب «إما اعتراضاً على الإجراءات المشددة أو لأسباب لوجستية».

رقابة دولية

ورأى الخبير في الشؤون الأمنية والعسكرية العميد خالد حمادة أن «التدابير التي يفرضها جهاز أمن المطار عادية ومعتمدة في كل مطارات العالم». وأشار إلى أن «الدولة اللبنانية مضطرة لاتخاذ الإجراءات التي من شأنها مكافحة تبييض الأموال وانتقالها بطريقة غير شرعية». وقال حمادة لـ«الشرق الأوسط»: «مطار بيروت خاضع لرقابة دولية وخصوصاً من قبل الأميركيين، والسماح بنقل أموال من العراق أو إيران إلى لبنان غير مصرّح عنها تعرض البلد للخطر».

وسبق أن شهد مطار بيروت إشكالاً مع ركاب طائرة إيرانية كانت تقلّ علي لاريجاني مستشار المرشد الأعلى في إيران علي خامنئي خلال زيارته لبيروت قبل وقف إطلاق النار، بسبب رفض الوفد المرافق له خضوعه للتفتيش، كما حصل إشكال آخر مع ركاب طائرة إيرانية ثانية للأسباب نفسها، ورأى العميد حمادة أنه «لا داعي لإثارة البلبلة والاعتراض على ما يقوم به جهاز أمن المطار، وهذا في صلب واجباته». وأوضح أنه «عند قدوم أي شخص عراقي من باريس إلى بيروت سيخضع للتفتيش، أو أي مواطن إيراني قادم من لندن إلى بيروت قد يكون موضع شبهة ويجري تفتيشه، تحسباً لنقل أموال إيرانية لـ(حزب الله)، وهذا الأمر في صلب مهام جهاز أمن المطار الذي يقع على عاتقه حماية أمن المطار وتوفير الظروف الأمنية لاستمرار عمله بشكل طبيعي وآمن».


مقالات ذات صلة

البرلمان اللبناني يدعم الوفد المالي المتجه إلى واشنطن بدراسة قانون «السريّة المصرفيّة»

المشرق العربي رئيس البرلمان اللبناني يترأس اجتماع هيئة مكتب المجلس (رئاسة البرلمان)

البرلمان اللبناني يدعم الوفد المالي المتجه إلى واشنطن بدراسة قانون «السريّة المصرفيّة»

يناقش البرلمان اللبناني، الخميس المقبل، مشروع قانون «السرية المصرفية» الذي أحالته الحكومة إليه، وأقرته اللجان المشتركة بمجلس النواب.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي قوات الأمن اللبنانية تتفقد موقع غارة جوية إسرائيلية بالقرب من بلدة الدامور الساحلية 22 أبريل 2025 والتي ورد أنها قتلت قائداً عسكرياً في «الجماعة الإسلامية» المتحالفة مع «حماس» (أ.ف.ب)

قتيل من «الجماعة الإسلامية» وآخر من «حزب الله» بغارتين إسرائيليتين في لبنان

قتل قيادي في «الجماعة الإسلامية» في لبنان الحليفة لـ«حركة المقاومة الإسلامية» (حماس) وعنصر في «حزب الله» جراء غارتين نفذتهما إسرائيل في بلدة تقع جنوب بيروت.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي عنصر في الجيش اللبناني في موقع استهداف قيادي في «الجماعة الإسلامية» جنوب بيروت (أ.ف.ب)

إسرائيل تغتال عضواً في «الجماعة الإسلامية» جنوب بيروت

أعلنت «الجماعة الإسلامية» في لبنان، الحليفة لحركة «حماس» الفلسطينية و«حزب الله»، الثلاثاء، مقتل أحد قيادييها بغارة إسرائيلية استهدفت سيارة جنوب بيروت.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي وزير الخارجية اللبناني يوسف رجّي (الشرق الأوسط)

«الخارجية اللبنانية» تستدعي السفير الإيراني احتجاجاً على تدخله تجاه «حصرية السلاح»

استدعى وزير الخارجية اللبناني يوسف رجي، السفير الإيراني لدى لبنان مجتبى أماني؛ احتجاجاً على انتقاده المباحثات اللبنانية لنزع سلاح «حزب الله».

نذير رضا (بيروت)
المشرق العربي الرئيس اللبناني جوزيف عون (د.ب.أ)

الرئيس اللبناني: لا أحد يريد العودة إلى الحرب وأي خلاف يُحل بالحوار

نقلت «الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام» اليوم (الثلاثاء) عن الرئيس اللبناني جوزيف عون قوله إنه لا أحد يريد العودة إلى الحرب، وإن أي مسألة خلافية تُحل بالحوار.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

نقاش عراقي بشأن انتخاب ساكو لمنصب البابا المقبل

البطريرك ساكو يترأس قداساً في جنوب غربي لندن (الكنيسة الكاثوليكية في إنجلترا وويلز)
البطريرك ساكو يترأس قداساً في جنوب غربي لندن (الكنيسة الكاثوليكية في إنجلترا وويلز)
TT

نقاش عراقي بشأن انتخاب ساكو لمنصب البابا المقبل

البطريرك ساكو يترأس قداساً في جنوب غربي لندن (الكنيسة الكاثوليكية في إنجلترا وويلز)
البطريرك ساكو يترأس قداساً في جنوب غربي لندن (الكنيسة الكاثوليكية في إنجلترا وويلز)

قدّم رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، دعمه لتولي مار لويس روفائيل الأول ساكو، بطريرك الكلدان الكاثوليك في العراق والعالم، كرسي البابوية بعد رحيل البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية.

وأثار إعلان السوداني نقاشاً نخبوياً وسياسياً في العراق بشأن آليات انتخاب من يتسنم منصب بابا الفاتيكان، وما إذا كان البطريرك ساكو مرشحاً بالفعل.

وتُوفي البابا فرنسيس، في السابعة والنصف من صباح «اثنين الفصح»، وسيُنقل جثمانه إلى «كاتدرائية القديس بطرس» الأربعاء؛ لإلقاء النظرة الأخيرة عليه، وفقاً لما أعلنه الفاتيكان.

البابا فرنسيس مستقبلاً البطريرك ساكو بمكتبة القصر الرسولي في الفاتيكان يوم 18 فبراير 2022 (موقع كاردينال)

ويوم الثلاثاء، كتب السوداني على منصة «إكس»: «نؤكد دعمنا غبطة الكاردينال لويس روفائيل الأول ساكو، بوصفه المرشح الوحيد من منطقة الشرق الأوسط ليخلف قداسة البابا الراحل فرنسيس (لروحه الرحمة) بالكرسي الرسولي في الفاتيكان، نظراً إلى ما يتمتع به غبطته من حضور محلي ودولي، ولدوره في نشر السلام والتسامح».

وأضاف أن «بلدنا العراق هو أحد أهم الأماكن التي عاش فيها أبناء الديانة المسيحية متآخين مع بقية الأديان على مدار التاريخ، وهو اليوم يضم أتباع جميع الكنائس، بما يمثله هذا الأمر من محبة وأخوة بين المؤمنين من مختلف الأديان».

ولاحقاً، أفادت «البطريركية الكلدانية» بأن «التكهنات» بشأن خليفة قداسة البابا الراحل فرنسيس «طبيعية»، وأن ما يُنشر على مواقع التواصل الاجتماعي هو تعبير عن محبة الناس واعتزازهم بالشخصيات المؤهلة للانتخاب، مؤكدةً وجود 136 كردينالاً من جميع أنحاء العالم تنطبق عليهم شروط الناخبين والمرشحين.

ورغم أن عملية انتخاب البابا تجري بسرية إلى حد بعيد داخل مجتمع الكرادلة، فإن «دولاً كثيرة تسعى إلى دعم رجال الدين المنحدرين منها» وفق الباحث سعد سلوم مؤسس «معهد دراسات التنوع الديني».

ويعترف سلوم، الذي أطلق حملة «البابا عراقي» دعماً لترشح الكاردينال ساكو، بـ«عدم وجود سياق للترشيح على منصب البابا»، لكنه يعتقد أن عوامل قد تساعد في تسنم البطريرك ساكو منصب البابوية الرفيع، ولذا؛ عبر سلوم، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، عن سعادته باستجابة الحكومة العراقية السريعة لدعم ترشيح الكاردينال ساكو للمنصب.

وعن العوامل التي قد تساعد في انتخاب الكردينال ساكو لمنصب البابا، يشير سلوم إلى أن «البطريرك ساكو ثالث البطاركة العراقيّين، بعد بطريرك الكنيسة السريانيّة الكاثوليكيّة الكاردينال إغناطيوس جبرائيل الأوّل تبوني، وبطريرك الكلدان الكاردينال عمّانوئيل الثالث دلي، سلف البطريرك الحاليّ ساكو، الذين نُصّبوا كرادلة»، إلى جانب أنه ثاني بطريرك في الشرق الأوسط ينال الترقية إلى الكارديناليّة بعد البطريرك المارونيّ في لبنان الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي.

ويؤكد أن ساكو، الذي نُصّب كاردينالاً في 28 يونيو (حزيران) 2018، دخل التاريخ بصفته الكاردينال الوحيد من الشرق الأوسط الذي له حقّ التصويت والترشح في «مجمع الكرادلة»، لاختيار البابا بعد رحيل البابا فرنسيس.

ومع رحيل البابا فرنسيس، يقول سلوم، فإن «ساكو يدخل قائمة المرشحين لمنصب البابا، فضلاً عن إمكانية أن يكون البابا المقبل عراقياً بما أن ساكو لديه كلا الحقين: التصويت والترشح».

ويشير سلوم إلى أن الحديث عن احتمالية انتخاب ساكو لكرسي البابوية «يأخذ في نظر الاعتبار أيضاً استثمار الفرصة لإرسال رسالة لمسيحيي العراق والمشرق والجاليات المسيحية خارج البلاد، بأن الدولة العراقية بمؤسساتها كافة تدعم الفكرة بغض النظر عن نجاحها من عدمه»، لافتاً إلى أن حكومات العراق المتعاقبة «فشلت في إدارة التنوع الديني، كما ضيعت فرصة استثمار زيارة قداسة البابا فرنسيس التاريخية إلى العراق».

البطريرك ساكو خلال قداس في جنوب غربي لندن (الكنيسة الكاثوليكية في إنجلترا وويلز)

كان الكردينال ساكو قد دخل في خصومة شديدة، عام 2023، مع رئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد، بعد سحب الأخير المرسوم الجمهوري الذي يتولى بموجبه ساكو الإشراف على الأوقاف المسيحية.

وغادر الكاردينال ساكو، في منتصف يوليو (تموز) 2023، إلى أربيل عاصمة إقليم كردستان احتجاجاً على قرار رئيس الجمهورية، قبل أن يعود مجدداً إلى مقر إقامته ببغداد في أبريل (نيسان) 2024، بدعوة شخصية من رئيس الوزراء محمد السوداني.

من جانبه، قال رئيس «حركة بابليون»، ريان الكلداني، الثلاثاء، إن ساكو «ليس المرشح الوحيد للبابوية»، موضحاً في بيان صحافي أن «الترشح للمنصب مخالف للنظام الكنسي».

وتابع الكلداني، الذي عُرف بخصومته مع ساكو، أن «المواقف التي بُنيت بخصوص الترشح للمنصب تستند إلى أوهام وأمنيات».