بنك الأهداف الإسرائيلية يبلغ أقصى شمال لبنان

استهداف أكروم هدفه منع الانتقال إلى سوريا ومنها

غارة إسرائيلية تستهدف أحد المعابر عند الحدود السورية اللبنانية («المرصد السوري لحقوق الإنسان»)
غارة إسرائيلية تستهدف أحد المعابر عند الحدود السورية اللبنانية («المرصد السوري لحقوق الإنسان»)
TT

بنك الأهداف الإسرائيلية يبلغ أقصى شمال لبنان

غارة إسرائيلية تستهدف أحد المعابر عند الحدود السورية اللبنانية («المرصد السوري لحقوق الإنسان»)
غارة إسرائيلية تستهدف أحد المعابر عند الحدود السورية اللبنانية («المرصد السوري لحقوق الإنسان»)

شكّلت الغارات الإسرائيلية على الطريق التي تربط بلدة أكروم، المتاخمة لسوريا في أقصى شمال لبنان، مع العمق اللبناني وتسببت بعزلها كليّاً، تحولاً في بنك الأهداف الإسرائيلية، إذ إنها المرّة الأولى التي تقطع فيها الطريق مع سوريا من الجانب اللبناني.

وبهذه الغارة، التي نُفّذت ليل السبت - الأحد، وقصف الطريق التي تصل بلدة أكروم ببلدة كفرتون وكل قرى جبل أكروم، ومنه إلى عمق عكار ومحافظة الشمال، تكون إسرائيل قد وسّعت دائرة استهدافها المعابر البرّية التي تربط لبنان مع سوريا.

رسالة أولية

ورأى مصدر أمني أن «الغارة قد تكون مجرّد رسالة أوليّة لما هو مقبل، وربما مقدمة لبدء ضرب البنى التحتية للدولة اللبنانية والتأسيس لمرحلة عزل مناطق بعضها عن بعض». وأكد المصدر، لـ«الشرق الأوسط»، أن «موقع بلدة أكروم حساس جداً؛ كونها تتشارك حدوداً برّية واسعة مع سوريا، وتنشط عبرها حركة التهريب في الاتجاهين».

وشدّد على «ضرورة تعاون الأهالي وبلديات جبل أكروم مع الجيش اللبناني والمؤسسات الأمنية لوقف التهريب وتجنيب المنطقة خطراً أمنياً داهماً».

وقرأ أبناء أكروم في هذه العملية رسالة إسرائيلية مفادها أن جيش العدو «مصمم على وقف حركة تنقُّل اللبنانيين والسوريين عبر النقطة الحدودية المسمّاة (النبي بري) من الجانب اللبناني، مع بلدة حاويك السورية»، وحذّروا من «تمادي إسرائيل في مثل هذه العمليات»، مطالبين بـ«الامتثال لتعليمات الجيش اللبناني، الذي يمسك الأمن في هذه المنطقة وعلى طول الحدود الشمالية مع سوريا».

وأوضح المصدر الأمني أن العملية «لم تُوقع ضحايا من أبناء البلدة ولا النازحين إليها، واقتصرت على إصابات طفيفة جداً وأضرار مادية كبيرة في المنازل». وقال: «ما حصل قد يكون مقدمة لعمليات أكثر اتساعاً، وربما تُوقع ضحايا في المرات المقبلة».

سوريون ولبنانيون على أحد المعابر الحدودية بين لبنان وسوريا هرباً من القصف الإسرائيلي (الشرق الأوسط)

وأضاف: «القراءة الأمنية لهذه الغارة هي وقف حركة الانتقال بين الأراضي اللبنانية والسورية عبر معبر أكروم غير الشرعي بشكل نهائي»، مشدداً على أن «المشكلة الحقيقية في هذه المنطقة سببها المهرّبون الذين يَنشطون في نقل البضائع بين الأراضي اللبنانية والسورية، ويبدو أن حركة التنقلات مراقَبة إسرائيلياً بشكل دقيق».

تهريب بضائع

ومنذ أيام الحرب السورية، نشر الجيش اللبناني عدداً كبيراً من الحواجز بمنطقتي جبل أكروم ووادي خالد المتاخمتين للحدود السورية؛ لمنع تسلل الأشخاص والمسلَّحين. وأشار المصدر الأمني إلى أن حواجز الجيش «تُخضع البضائع المنقولة إلى أكروم ومنها، للتفتيش، وعندما تتحقق من أنها قانونية ومعزَّزة بفواتير رسمية، يُسمح بإدخالها إلى قرى الجبل، لكن للأسف، هناك عدد كبير من المهرّبين الذين يشترون كميات من هذه البضائع ويهرّبونها إلى سوريا، وهذا سيكون موضع متابعة وتشدد، في الأيام المقبلة؛ لعدم إعطاء أي ذريعة لإسرائيل لتستهدف المنطقة».

وبعد ساعات على الغارة التي وقعت على بُعد أمتار قليلة من حاجز الجيش اللبناني في منطقة وادي السبع، بدأت بلدية أكروم، بالتعاون مع اتحاد بلديات جبل أكروم ووزارة الأشغال العامة والنقل، عملية ردم الحفرة التي خلفتها الغارة الإسرائيلية؛ تمهيداً لإعادة وصل البلدة مع عمقها الحيوي في عكار والشمال.

وأعلن رئيس بلدية أكروم علي أسبر أن السبب الأساس وراء العدوان الإسرائيلي «قد يكون عمليات التهريب من مواد بناء ومواد غذائية ومحروقات وغيرها». وأوضح، لـ«الشرق الأوسط»، أن البلدية «تُجري اتصالات مع مخابرات الجيش ولواء حرس الحدود اللبنانية السورية». وشدد على أن «ما حصل أحدثَ حالة رعب لدى الأهالي، وهناك خشية حقيقية من تكرار مثل هذه الغارات، وتخوف من سقوط ضحايا».

ملاذ آمن

وقال: «بعدما كانت أكروم وبلدات الجبل ملاذاً آمناً للنازحين والهاربين من جحيم النار الإسرائيلية، لن نقبل بأن تتحوّل هدفاً للعدوان الإسرائيلي، وعلينا أن نزيل أي ذريعة يجد فيها العدو ذريعة لقصف منطقتنا وبلدتنا»، مشيراً إلى أن «هناك غارتين عزَلَتا بلدتيْ أكروم وحلواص عن باقي قرى الجبل». وأضاف أسبر: «نعمل بكل جهد لإعادة فتح الطريق أمام الناس، لكن هناك مسؤولية على المواطنين وعلى البلديات للتعاون مع الجيش لتحييد المنطقة عن الاستهدافات».

جانب من اجتماع سابق للجنة العسكرية بشأن فتح المعابر في عمّان (الأمم المتحدة)

ولجأت مئات العائلات النازحة من الجنوب والضاحية والبقاع إلى منطقة جبل أكروم، خصوصاً بعد موجة التدمير التي طالت الضاحية الجنوبية ومدينة بعلبك والقرى المجاورة. وتخوّفت مصادر أهلية في أكروم من تنامي «حركة التنقل من خلال المعبر غير الشرعي بين أكروم والأراضي السورية». وكشفت، لـ«الشرق الأوسط»، عن «وجود نازحين وآخرين من أكروم يجتازون الحدود إلى الداخل السوري بواسطة سيارات رباعية الدفع ويعودون منها، وهذا قد يخلق مشكلة أمنية في المنطقة».

وطالبت المصادر مخابرات الجيش اللبناني وحرس الحدود، التابعة للجيش، وكل الأجهزة الأمنية بـ«تشديد رقابتها ووقف حركة التنقل هذه لتجنيب الناس مخاطر هم في غنى عنها»، مشيرة إلى أن هذه الحركة «ستُعرّض العابرين للخطر أيضاً».


مقالات ذات صلة

الجيش الإسرائيلي يعلن قصف مواقع لـ«حزب الله» قرب الحدود اللسورية - اللبنانية

المشرق العربي جنود إسرائيليون يقومون بدورية في قرية العديسة جنوب لبنان في اليوم الثاني من وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» (رويترز)

الجيش الإسرائيلي يعلن قصف مواقع لـ«حزب الله» قرب الحدود اللسورية - اللبنانية

يستمر خرق اتفاق وقف إطلاق النار في اليوم الرابع من بدء سريانه؛ إذ شن الطيران الحربي الإسرائيلي سلسلة غارات مستهدفاً المعابر الحدودية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي يرفع أحد السكان العائدين إلى مدينته الساحلية جنوب لبنان صور علامة النصر من شرفة شقته بالقرب من مبنى مدمر بشدة تعرض لغارة جوية إسرائيلية (د.ب.أ)

لبنان: الجيش الإسرائيلي يحظر على السكان الانتقال إلى قرى في الجنوب

أعلن الجيش الإسرائيلي اليوم (السبت) أنه يُحظر على سكان لبنان الانتقال إلى عدة قرى في الجنوب، وطالبهم بعدم العودة إلى نحو 62 قرية في المنطقة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الحدود اللبنانية - الإسرائيلية (رويترز)

إسرائيل تتوسَّع لبنانياً في «الوقت الضائع»

سعت إسرائيل، أمس (الجمعة)، إلى التوسّع داخل لبنان فيما يمكن وصفه بـ«الوقت الضائع»، بانتظار بدء لجنة المراقبة عملها لتنفيذ اتفاق وقف النار الذي بدأ تنفيذه.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي مبان مدمرة نتيجة القصف الإسرائيلي على قرية ميس الجبل في جنوب لبنان (إ.ب.أ)

مسيّرة إسرائيلية تقصف منطقة وطى الخيام في جنوب لبنان

ذكرت قناة «تلفزيون الجديد»، اليوم الجمعة، أن طائرة مسيّرة إسرائيلية أطلقت صاروخين على منطقة وطى الخيام في جنوب لبنان. ولم يذكر التلفزيون تفاصيل أخرى عن القصف.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شؤون إقليمية (من اليمين) رونين بار مدير «الشاباك» ويسرائيل كاتس وزير الدفاع الإسرائيلية وبنيامين نتنياهو رئيس الوزراء وهرتسي هاليفي رئيس أركان الجيش (حساب كاتس عبر منصة «إكس»)

تقرير: نتنياهو يريد تغيير رئيس أركان الجيش خلال 60 يوماً

قالت هيئة البث الإسرائيلية إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس يريدان تقديم رئيس الأركان الإسرائيلي هيرتسي هاليفي استقالته.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

الجيش السوري: انسحاب القوات من حلب للتحضير لهجوم مضاد

دبابة مدمَّرة للجيش السوري في قرية عنجارة على مشارف حلب 29 نوفمبر (أ.ب)
دبابة مدمَّرة للجيش السوري في قرية عنجارة على مشارف حلب 29 نوفمبر (أ.ب)
TT

الجيش السوري: انسحاب القوات من حلب للتحضير لهجوم مضاد

دبابة مدمَّرة للجيش السوري في قرية عنجارة على مشارف حلب 29 نوفمبر (أ.ب)
دبابة مدمَّرة للجيش السوري في قرية عنجارة على مشارف حلب 29 نوفمبر (أ.ب)

أعلن الجيش السوري اليوم (السبت) عن انسحاب «مؤقت» للقوات من حلب بهدف التحضير لهجوم مضاد على من وصفهم بـ«الإرهابيين»، وفق «رويترز».

وقال الجيش إن عشرات الجنود قتلوا أو أصيبوا في معارك عنيفة مع مقاتلين من المعارضة في حلب وإدلب خلال الأيام القليلة الماضية.

وفي وقت سابق اليوم، قالت ثلاثة مصادر بالجيش السوري، إن الجيش أغلق الطرق الرئيسة المؤدية من وإلى مدينة حلب بعد أن صدرت تعليمات للقوات باتباع أوامر «انسحاب آمن» من الأحياء التي اجتاحها المسلحون.

وذكرت المصادر بحسب «رويترز» أن هذه الخطوة أغلقت المدينة فعلياً بعد أن أصدر الجيش تعليمات عند نقاط التفتيش خارج المدينة بالسماح فقط لقوات الجيش بالمرور والدخول.

من جهة أخرى، باتت غالبية مدينة حلب تحت سيطرة «هيئة تحرير الشام» وفصائل حليفة، وفق ما أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، بعد يومين على هجوم مباغت شنّته تلك الفصائل على مناطق سيطرة النظام في شمال سوريا وشمال غربيها.