اغتيال نصر الله: ما الذي قد يفعله «حزب الله» وإسرائيل وإيران تالياً؟

مؤيد لـ«حزب الله» يحمل صورة حسن نصر الله خلال احتجاج على مقتله في العاصمة العراقية بغداد (إ.ب.أ)
مؤيد لـ«حزب الله» يحمل صورة حسن نصر الله خلال احتجاج على مقتله في العاصمة العراقية بغداد (إ.ب.أ)
TT

اغتيال نصر الله: ما الذي قد يفعله «حزب الله» وإسرائيل وإيران تالياً؟

مؤيد لـ«حزب الله» يحمل صورة حسن نصر الله خلال احتجاج على مقتله في العاصمة العراقية بغداد (إ.ب.أ)
مؤيد لـ«حزب الله» يحمل صورة حسن نصر الله خلال احتجاج على مقتله في العاصمة العراقية بغداد (إ.ب.أ)

يعد اغتيال إسرائيل لحسن نصر الله، زعيم «حزب الله» منذ أكثر من 30 عاماً، تصعيداً كبيراً في حرب الدولة العبرية مع الجماعة اللبنانية. ومن المحتمل أن يكون ذلك قد جعل المنطقة أقرب خطوة إلى صراع أوسع نطاقاً وأكثر ضرراً، يجذب كلاً من إيران والولايات المتحدة.

فإلى أين قد يتجه الأمر بعد هذا الاغتيال؟ يعتمد الأمر على حد كبير على الإجابة عن 3 أسئلة أساسية.

ماذا سيفعل «حزب الله»؟

تعاني الجماعة اللبنانية من «ضربة تلو الأخرى»، وفق ما ذكرته هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي). وقد تم تفكيك هيكلها القيادي، مع اغتيال أكثر من 12 من كبار قادتها، كما تم تخريب سلسلة اتصالاتها من خلال تفجيرات أجهزة «البيجر» وأجهزة الاتصال اللاسلكية الخاصة بها، كما تم تدمير كثير من أسلحتها في الغارات الجوية الإسرائيلية.

يقول محمد الباشا، المحلل الأمني ​​لشؤون الشرق الأوسط المقيم في الولايات المتحدة، إن «خسارة نصر الله ستكون لها تداعيات كبيرة، ومن المحتمل أن تؤدي إلى زعزعة استقرار الجماعة وتغيير استراتيجياتها السياسية والعسكرية على المدى القصير».

لكن أي توقع بأن الجماعة سوف تستسلم فجأة وتسعى للسلام بشروط إسرائيل، من المرجح أن يكون في غير محله. وقد تعهد «حزب الله» بالفعل بمواصلة القتال. ولا يزال لديه آلاف المقاتلين وهم يطالبون بالانتقام. كما لا تزال لديه ترسانة كبيرة من الصواريخ، كثير منها عبارة عن أسلحة بعيدة المدى ودقيقة التوجيه يمكنها الوصول إلى تل أبيب ومدن إسرائيلية أخرى. وسيكون هناك ضغط داخل صفوف الحزب لاستخدامها قريباً، قبل أن يتم تدميرها أيضاً.

لكن إذا فعلوا ذلك، في هجوم جماعي يتغلب على الدفاعات الجوية الإسرائيلية ويقتل مدنيين، فمن المرجح أن يكون رد إسرائيل مدمراً، ويلحق الدمار بالبنية التحتية في لبنان، أو حتى يمتد إلى إيران.

ماذا ستفعل إيران؟

يشكل هذا الاغتيال ضربة لطهران بقدر ما يمثل ضربة لـ«حزب الله». ولقد تم الإعلان بالفعل عن الحداد لمدة 5 أيام في إيران. كما تم اتخاذ احتياطات طارئة، حيث تم نقل الزعيم علي خامنئي إلى منطقة آمنة.

ولم تنتقم إيران بعد لـ«الاغتيال المهين» لرئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» الفلسطينية إسماعيل هنية، في دار ضيافة بطهران في يوليو (تموز). ومن المرجح أن اغتيال نصر الله سوف يدفع المتشددين في صفوف النظام إلى التفكير في نوع من الرد.

وتدعم إيران عدة ميليشيات وحركات مسلحة في المنطقة. فإلى جانب «حزب الله»، هناك الحوثيون في اليمن، وكثير من الجماعات في سوريا والعراق. ويمكن لإيران أن تطلب من هذه الجماعات تكثيف هجماتها على إسرائيل والقواعد الأميركية في المنطقة.

لكن أياً كان الرد الذي ستختاره إيران، فمن المرجح أن تكون حذرة فيه، بحيث لا يؤدي إلى إشعال حرب لا يمكنها أن تأمل في الفوز بها.

ماذا ستفعل إسرائيل؟

إذا كان هناك أي شك في نوايا إسرائيل قبل هذا الاغتيال، فلن يكون كذلك الآن. ومن الواضح أن إسرائيل ليس لديها أي نية لوقف حملتها العسكرية ضد لبنان، ولا حتى لوقف إطلاق النار لمدة 21 يوماً الذي اقترحته 12 دولة، بما في ذلك أقرب حليف لها، الولايات المتحدة.

ويعتقد الجيش الإسرائيلي أن «حزب الله» أصبح في موقف دفاعي الآن، لذا فهو يريد الاستمرار في هجومه، حتى تتم إزالة التهديد الذي تشكله صواريخ الحزب.

ومن دون استسلام «حزب الله»، وهو أمر غير مرجح، فمن الصعب أن نعرف كيف تستطيع إسرائيل تحقيق هدفها الحربي المتمثل في إزالة التهديد الذي تشكله هجمات الحزب دون تدخل بري في لبنان. ونشر الجيش الإسرائيلي لقطات لتدريبات المشاة بالقرب من الحدود لهذا الغرض بالذات، وفق «بي بي سي».

لكن «حزب الله» أمضى أيضاً السنوات الـ18 الأخيرة، منذ نهاية الحرب الأخيرة مع إسرائيل، في التدريب لخوض الحرب التالية. وفي خطابه العلني الأخير قبل وفاته، أخبر نصر الله أتباعه بأن التوغل الإسرائيلي في جنوب لبنان سيكون، على حد تعبيره، «فرصة تاريخية». وبالنسبة للجيش الإسرائيلي، سيكون الدخول إلى لبنان سهلاً نسبياً، لكن الخروج قد يستغرق شهوراً، كما يحدث في قطاع غزة.


مقالات ذات صلة

بايدن: يجب تجنب اندلاع حرب أوسع في الشرق الأوسط

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن (أ.ب)

بايدن: يجب تجنب اندلاع حرب أوسع في الشرق الأوسط

قال الرئيس الأميركي جو بايدن، اليوم (الأحد)، إنه لا بد من تفادي اندلاع حرب شاملة في الشرق الأوسط.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي (أ.ف.ب)

قائد الجيش الإسرائيلي: علينا مواصلة ضرب «حزب الله» بقوة

قال الجنرال هرتسي هاليفي، رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي، إنه يتعين على إسرائيل مواصلة استهداف «حزب الله» بقوة.

المشرق العربي إسرائيل تستكمل ملاحقة قيادات «حزب الله» في الضاحية play-circle 00:45

إسرائيل تستكمل ملاحقة قيادات «حزب الله» في الضاحية

تمضي إسرائيل في ملاحقة قيادات «حزب الله» في الضاحية الجنوبية لبيروت، بالتزامن مع أوسع مروحة من الغارات الجوية العنيفة التي أسفرت عن مجازر في الجنوب والبقاع.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الرئيس السوري بشار الأسد (رويترز)

الأسد يعزِّي عائلة حسن نصر الله

أرسل الرئيس السوري بشار الأسد رسالة تعزية لعائلة زعيم «حزب الله» حسن نصر الله بعد يومين من اغتياله، مساء الجمعة، بقصف إسرائيلي لمقر قيادة الحزب في بيروت.

شؤون إقليمية بنيامين نتنياهو يترأس اجتماع مجلس الوزراء الإسرائيلي (الحكومة الإسرائيلية)

اليوم التالي لإسرائيل... استثمار «المكاسب» أم التورط في لبنان؟

كما في كل حرب، تقف إسرائيل أمام خيارين؛ فإما أن تستثمر «إنجازاتها» العسكرية، وهي غير قليلة وفقاً لمفاهيمها، وإما أن تسعى للخروج من الحرب لأفق سياسي... فهل تفعل؟

نظير مجلي (تل أبيب)

قلق لبناني من تداعيات داخلية لاغتيال نصر الله

أمين عام «حزب‌ الله» حسن نصر الله في أحد حواراته (أ.ف.ب)
أمين عام «حزب‌ الله» حسن نصر الله في أحد حواراته (أ.ف.ب)
TT

قلق لبناني من تداعيات داخلية لاغتيال نصر الله

أمين عام «حزب‌ الله» حسن نصر الله في أحد حواراته (أ.ف.ب)
أمين عام «حزب‌ الله» حسن نصر الله في أحد حواراته (أ.ف.ب)

لن تقف تداعيات اغتيال أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله على حزبه بوصفه تنظيماً سياسياً وعسكرياً فحسب، بل ستنسحب على الواقع اللبناني برمته، خصوصاً أن هذه العملية الصادمة جاءت من خارج التوقعات والحسابات.

ورغم أن الشارع اللبناني شهد ردود فعل محدودة من قبل مناصري الحزب وبيئته، فإن مواقف القوى السياسيّة والحزبية، بكل تناقضاتها، دعت إلى «الوحدة وتفويت الفرصة على إسرائيل التي تسعى إلى إحداث فتنة بين اللبنانيين».

ومثّل الاجتماع الطارئ لمجلس الوزراء اللبناني ومقرراته خطوة مهمّة على طريق احتواء الوضع، وأسهمت دعوة الرئيس نجيب ميقاتي اللبنانيين إلى «الوحدة ولمّ الشمل في هذه الظروف الصعبة»، إلى تنفيس الاحتقان، سيما وأنه جدّد تأكيده على «وقوف الدولة إلى جانب اللبنانيين، خصوصاً النازحين من الجنوب والضاحية والبقاع».

جمع الشمل

ووصف الوزير السابق رشيد درباس مواقف القوى السياسية بـ«المتعقّلة والمدركة لخطورة المرحلة»، ودعا كلاً من رئيس مجلس النواب نبيه برّي ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي إلى أن «يتسلّما زمام المبادرة، وأن يمسكا برأس الخيط الذي يقود إلى احتواء الأزمة الداخلية، وأن يعملا على جمع شمل كل الأطراف السياسية حول مشروع الدولة».

جانب من جلسة مجلس الوزراء اللبناني السبت (رئاسة الحكومة)

وبدت الانفعالات التي عبّر عنها بعض جمهور الحزب مفهومة إلى حدّ ما، ورأى درباس في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن ما حصل فاجأ جميع اللبنانيين وليس جمهور «حزب الله» وبيئته. وإذ لفت إلى أن الحزب «لا يزال جسماً قوياً، لكن هذا الجسم من دون رأس، وعموده الفقري مختلّ، وإن كانت قوته العسكرية والمالية قائمة، كما قاعدته الشعبية كبيرة، وقد تكون تعززت بسبب الفاجعة، إلّا أن هذا الجسم يحتاج إلى قرار، والأهم أنه يحتاج إلى من يتخذ القرار»، متحدثاً عن «صعوبة في اختيار بديل نصر الله، ما دام أن إسرائيل ماضية بتقطيع الأوصال، وما دام أن الجواسيس ينتشرون في كلّ مكان، وهناك اختراقات سياسية وأمنية يستحيل معالجتها في ذروة الحرب».

لا قرار بالفوضى

وتترقّب الأوساط السياسية والشعبية بقلق الأجواء التي تواكب تشييع نصر الله، ومراسم دفنه في الساعات المقبلة، وما قد يرافقها من تحركات في الشارع.

ولا يُخفي وزير الداخلية السابق زياد بارود أن اغتيال نصر الله «أحدث إرباكاً في لبنان عموماً، ولدى بيئة (حزب الله) خصوصاً، بالنظر لطبيعة الاستهداف وللشخصيّة المستهدفة»، عادّاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «ردود الفعل هذه مفهومة، لكن لن يكون هناك قرار بالفوضى، بل قرار من قيادة الحزب بضبط الوضع؛ لأن الاستقرار الداخلي هو السبيل الأفضل لحماية الحزب وجمهوره».

ودعا بارود إلى «الاستفادة من حالة تضامن اللبنانيين، أو بالحدّ الأدنى تهيّب وقع الاغتيال ورهبته». وقال: «صحيح أن نصر الله لم يكن موضع إجماع بلبنان، لكن الكلّ يتحسس صعوبة الموقف، وألّا تكون جريمة اغتياله سبباً لإحداث مشاكل في البلد، وهذا الأمر يفترض أن يكون مفهوماً لدى الحزب بوصفه تنظيماً ولدى جمهوره»، مشدداً على «أهمية الدور المتقدم للجيش اللبناني في حفظ الأمن والاستقرار في البلد».

ضرورة الرئيس

ورغم هول الصدمة التي يقع تحتها «حزب الله» اليوم، طالب درباس الحزب «باتخاذ موقف شجاع، يقضي بتكليف برّي بإجراء اتصالات داخلية وخارجية، وأن يذهب الجميع إلى انتخاب رئيس للجمهورية، وتشكيل حكومة جديدة، وإعادة تكوين الدولة». ورأى أن «هناك استحالة في إعادة تكوين (حزب الله) قبل تكوين الدولة، ووجود رئيس جمهورية وحكومة دستورية تفاوض الخارج». ولاحظ درباس أن «(حزب الله) بات أمام واقع جديد، وليس هناك من يأخذ الموقف داخل تركيبته». وختم قائلاً: «من ينتظر إيران لتعطي تعليماتها فإنه يكون مخطئاً، لأن القيادة الإيرانية في ورطة، ويبقى الرهان على الرئيس برّي ليقدم ويطرح مبادرة».

تصاعد ألسنة اللهب بعد غارة جوية إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ب)

أهمية احتواء ما حصل ليست متوقفة على «حزب الله» وبيئته فقط، على حدّ تعبير الوزير بارود، بل مسؤولية جميع اللبنانيين، وعدّ أن «السبيل الوحيد لتطويق تداعيات هذا الاغتيال هو انتخاب رئيس للجمهورية، وتسمية رئيس حكومة يختار فريقاً وزارياً قوياً، ونبدأ بعدها فوراً بوضع آلية لحماية لبنان أمنياً وسياسياً واقتصادياً».

وأضاف: «الممر الإلزامي للإنقاذ والحصول على دعم الأشقاء العرب والدول الصديقة بعد توقّف هذه الحرب، هو تطبيق اتفاق الطائف وتطويره إذا استدعت الحاجة لذلك بما يخدم اللبنانيين»، عادّاً أنه «من حق اللبنانيين أن يطالبوا بتحسين وتطوير النظام، لكن ليس عبر نسف (الطائف)، والذهاب إلى أشياء أخرى، مثل التقسيم والفيدرالية، وغير ذلك من الطروحات الخطيرة، ولا على قاعدة غالبٍ ومغلوب»، مشدداً على «أهمية الوحدة الوطنية في هذه المرحلة الحرجة؛ لنخرج من هذه الحرب المدمرة وبعدها نبدأ جميعاً مرحلة بناء الدولة».

الوحدة الوطنية

ومواكبة للتطورات وتأثير الاغتيال على الداخل اللبناني، أجرى نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى العلّامة الشيخ علي الخطيب، اتصالات بالقيادات اللبنانية كافّة، وقال في تصريح له إن «الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد تستدعي من جميع القيادات الرسمية والسياسية والروحية التضامن والتكافل وتأكيد الوحدة الوطنية، خاصة أن العدوان الإسرائيلي الغاشم يستهدف كل الوطن بكل ما فيه»، لافتاً إلى «ضرورة العمل على إغاثة النازحين وتأمين كل وسائل الرعاية لهم، لأن فروسية اللبنانيين وشهامتهم تظهر في وقت الشدائد».