لماذا لم يستخدم «حزب الله» صواريخه الأكثر تقدماً ضد إسرائيل حتى الآن؟

القيادة مترددة... وإيران تكبح جماحه

عناصر من «حزب الله» يشاركون في مناورة عسكرية (رويترز)
عناصر من «حزب الله» يشاركون في مناورة عسكرية (رويترز)
TT

لماذا لم يستخدم «حزب الله» صواريخه الأكثر تقدماً ضد إسرائيل حتى الآن؟

عناصر من «حزب الله» يشاركون في مناورة عسكرية (رويترز)
عناصر من «حزب الله» يشاركون في مناورة عسكرية (رويترز)

لا يزال «حزب الله» متردداً في تصعيد الحرب مع إسرائيل، رغم أنه يعد أقوى جماعة مسلحة غير حكومية في العالم، وفق تقرير لصحيفة «التليغراف» البريطانية.

وتتجاوز قدرات «حزب الله» العسكرية قدرات جيوش عديد من دول الشرق الأوسط، بما في ذلك لبنان. وتشمل ترسانته الضخمة صواريخ موجهة قادرة على ضرب أي مدينة إسرائيلية.

تصاعد أعمدة الدخان جرّاء الغارات الجوية الإسرائيلية الكثيفة من قرية الطيبة في جنوب لبنان (د.ب.أ)

ومع ذلك، أشار التقرير إلى أن رد فعل «حزب الله» على أيام من الاستفزاز فاتر إلى حد كبير حتى الآن، رغم أن الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله كان قد حذّر إسرائيل من أن أي ضربة على معقله في الضاحية الجنوبية لبيروت ستُواجه برشقات صاروخية تصل إلى تل أبيب.

وقصفت إسرائيل الضاحية الجنوبية لبيروت خلال الشهرين الماضيين مرتين، ما أسفر عن مقتل بعض من أكثر قادة نصر الله خبرة قتالية.

وفي الأسبوع الماضي، أُصيب الآلاف من عناصر «حزب الله» في هجمات متزامنة على أجهزة «بيجر» ولاسلكي.

ولم يكن رد «حزب الله» «مجرد الرضوخ» وفق التقرير، بل أطلق في نهاية هذا الأسبوع الماضي أعنف هجماته الصاروخية عبر الحدود منذ أن بدأ إطلاق الصواريخ على شمال إسرائيل تضامناً مع «حماس» في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وجاء وابل الصواريخ بعد إعلان «حزب الله» أنه في «معركة حساب مفتوحة» مع إسرائيل. لأنه تجنّب استهداف التجمعات السكانية الإسرائيلية، كما لم ينشر أسلحته الأكثر تطوراً، بل تحدّث بلغة التهديد وإن بطريقة غامضة عن الرد في وقت غير محدد في المستقبل، كما لاحظ التقرير.

ولفت التقرير إلى أن رد «حزب الله» أقل بكثير من إعلان الحرب الشاملة التي يتوق إليها مقاتلوه، فلماذا الخجل؟

إيران تكبح «حزب الله»

وفق «التليغراف»، فإن الإجابة الأكثر وضوحاً هي أن إيران تعمل على كبح جماح «حزب الله».

فالحزب أقوى جماعة تتبع طهران في الشرق الأوسط، وصواريخه الموجهة بدقة، مثل صاروخ «فاتح 110» الذي يبلغ مداه 300 كيلومتر، ومسيراته القتالية، تأتي من إيران.

وينظر النظام الإيراني إلى «حزب الله» بوصفه بوليصة تأمين في حال مهاجمة إسرائيل برنامجه النووي، وفق التقرير، وكلما أطلق «حزب الله» مزيداً من الصواريخ، تآكلت قوة الردع الإيرانية.

ولهذا يجد «حزب الله» نفسه مضطراً إلى أن يعزف على ألحان راعيته، على حد تعبير «التليغراف».

تردد

ولكن أشار التقرير إلى أن قيادة «حزب الله» مترددة أيضاً في تصعيد الصراع إلى حد بعيد لأسباب خاصة بها.

ونقلت الصحيفة عن الكاتب المقرب من «حزب الله» قاسم قصير، قوله إن بعض هذه الأسباب تتعلّق بالرأي المحلي.

أما الأسباب الأخرى فتتعلق بمخاوف الحزب من أن يؤدي تبنيه للحرب الوقوع في فخ نصبه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

وقال قصير: «هناك أمران يجب أخذهما في الاعتبار: الأول داخلي، (حزب الله) يعرف أن لبنان منقسم، وبالتالي فهو لا يريد جر البلاد إلى حرب لا يريدها البعض».

وأضاف: «السبب الآخر هو معرفة (حزب الله) أن نتنياهو يحاول جره إلى حرب شاملة على أمل توريط الولايات المتحدة في النزاع».

وأوضح أن «(حزب الله) يعرف أنه إذا وقع في هذا الفخ، فإن أي حرب لن تكون فقط مع إسرائيل، بل أيضاً مع داعميها الغربيين».

ووفق التقرير، فإن «حزب الله» مجهز عسكرياً أفضل مما كان عليه عندما خاض «حرب تموز» الدامية مع إسرائيل في عام 2006 التي استمرت 34 يوماً.

وكان لدى الحزب في ذلك الوقت 15 ألف صاروخ غير موجه في الغالب، أطلق منها 4 آلاف فقط.

«لكن على الرغم من أن لديه الآن ترسانة حجمها عشر مرات ما كان لديه ومن حيث العدد والقوة، فإن (حزب الله) يفضّل إشراك إسرائيل في صراع أطول منخفض المستوى يضعف عزيمتها بدلاً من تفجير قوته النارية الكاملة في مواجهة واحدة ربما لا يستطيع الفوز بها»، وفق ما قال قصير.

وتابع: «إن إضعاف إسرائيل من خلال حرب استنزاف طويلة، هي، في رأيي، الاستراتيجية التي يفضّلها (حزب الله)».


مقالات ذات صلة

بلينكن: المنطقة والعالم في لحظة حرجة

الولايات المتحدة​ جانب من الدمار الذي خلّفته ضربة إسرائيلية استهدفت مقر «حزب الله» في ضاحية بيروت الجنوبية 27 سبتمبر (د.ب.أ)

بلينكن: المنطقة والعالم في لحظة حرجة

حذّر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن من استهداف المصالح الأميركية في الشرق الأوسط، بعد ساعات من سلسلة غارات ضخمة شنّتها إسرائيل على مقرّ قيادة «حزب الله».

هبة القدسي (واشنطن)
الولايات المتحدة​ وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف يلقي كلمة أمام مجلس الأمن الدولي في نيويورك (أ.ف.ب)

لافروف: الشرق الأوسط على شفا «حرب شاملة»

حذّر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الجمعة، من أن الشرق الأوسط على شفا «حرب شاملة» مع قيام إسرائيل بشن هجمات على «حزب الله» في لبنان.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
شؤون إقليمية عمّال الإنقاذ يتجمعون في موقع الهجوم الإسرائيلي على مقر «حزب الله» في الضاحية الجنوبية لبيروت (د.ب.أ)

الجيش الإسرائيلي يدعو السكان إلى إخلاء مناطق في الضاحية الجنوبية لبيروت

دعا الجيش الإسرائيلي، يوم الجمعة، السكان في حيين في الضاحية الجنوبية لبيروت لإخلائها، لأنهم «يتواجدون قرب مصالح لحزب الله».

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
الخليج وزير الخارجية السعودي يتحدث خلال جلسة مفتوحة لمجلس الأمن حول القيادة في السلام بنيويورك (واس)

وزير الخارجية السعودي: الدولة الفلسطينية حق أصيل لا نتيجة نهائية

أكد الأمير فيصل بن فرحان، وزير الخارجية السعودي، أن «الدولة الفلسطينية حق أصيل وليست نتيجة نهائية»، مشدداً على صعوبة تقييم الوضع في الشرق الأوسط الآن.

جبير الأنصاري (الرياض)
المشرق العربي صواريخ القبة الحديدية الدفاعية تتجه لاعتراض صواريخ أطلقت من جنوب لبنان (أ.ف.ب)

«حزب الله» يقصف صفد في أول هجوم بعد استهداف معقله ببيروت

أعلن «حزب الله»، الجمعة، قصفه مدينة صفد في شمال إسرائيل بـ«صلية صاروخية»، في أول هجوم إثر تعرض معقله في ضاحية بيروت الجنوبية لسلسلة غارات.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

نتنياهو يرفض جهود التهدئة بخطاب أممي وعمليات ميدانية

نتنياهو متحدثاً في الأمم المتحدة (رويترز)
نتنياهو متحدثاً في الأمم المتحدة (رويترز)
TT

نتنياهو يرفض جهود التهدئة بخطاب أممي وعمليات ميدانية

نتنياهو متحدثاً في الأمم المتحدة (رويترز)
نتنياهو متحدثاً في الأمم المتحدة (رويترز)

تعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مواصلة الحرب على «حزب الله» حتى تحقيق أهدافه عبر الحدود اللبنانية - الإسرائيلية، في رفض صريح للجهود الأميركية والفرنسية المدعومة دولياً وعربياً لوقف العمليات العسكرية مؤقتاً، وما تحمله من الانزلاق إلى حرب إقليمية، موجهاً تحذيراً مباشراً لإيران التي «لا يوجد فيها مكان لا تطوله صواريخ» إسرائيل. وقال نتنياهو إنه «ما دام (حزب الله) اختار طريق الحرب، فلن يكون أمام إسرائيل خيار آخر، وإسرائيل لها كل الحق في التخلص من هذا التهديد، وإعادة مواطنينا إلى منازلهم بأمان». وأضاف أن «إسرائيل تحملت ذلك الوضع الذي لا يطاق لما يقرب من عام. ولقد أتيت إلى هنا اليوم لأقول طفح الكيل». وزاد: «بلادي في حالة حرب، وتقاتل من أجل البقاء». وأضاف أن «لإسرائيل كل الحق في إزالة هذا التهديد، وإعادة مواطنينا إلى ديارهم بأمان. وهذا بالضبط ما نفعله (...) سنستمر في إذلال (حزب الله) حتى تحقيق كل أهدافنا». وأضاف: «تخيلوا لو أن الإرهابيين حوَّلوا إل باسو وسان دييغو إلى بلدات أشباح... إلى متى ستتسامح الحكومة الأميركية مع ذلك؟»، وهو كان يشير إلى مدينتين حدوديتين للولايات المتحدة مع المكسيك، ليضيف أنه «مع ذلك، كانت إسرائيل تتسامح مع هذا الوضع الذي لا يطاق منذ ما يقرب من عام. حسناً، أتيت إلى هنا اليوم لأقول: كفى». وكذلك تكلم نتنياهو عن رد إسرائيل على هجمات «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، التي أدت إلى عملية عسكرية إسرائيلية دمرت غزة. وقال إنه سافر إلى الأمم المتحدة لدحض الأكاذيب التي سمعها من زعماء آخرين على نفس المنصة في وقت سابق من الأسبوع. وقال: «لم أكن أنوي المجيء إلى هنا هذا العام. بلدي في حالة حرب... يقاتل من أجل حياته. ولكن بعد أن سمعت الأكاذيب والافتراءات التي وجهها كثير من المتحدثين على هذا المنبر إلى بلدي، قررت المجيء إلى هنا لتصحيح الأمور». وأصر على أن إسرائيل تريد السلام. لكنه أشار إلى إيران، قائلاً: «إذا ضربتمونا، فسنضربكم». وإذ رأى أن إيران مسؤولة عن مشكلات المنطقة، قال: «استرضى العالم إيران فترة طويلة جداً. يجب أن ينتهي هذا الاسترضاء». وأكد أنه «لا يوجد مكان في إيران لا تستطيع الذراع الطويلة لإسرائيل الوصول إليه. والأمر ينطبق على الشرق الأوسط بأكمله. الجنود الإسرائيليون ليسوا حملاناً تُقاد إلى مذبحة، وقد قاوموا بشجاعة مبهرة». وكذلك قال: «لديَّ رسالة أخرى لهذه الجمعية وللعالم خارج هذه القاعة، نحن ننتصر». ودعا رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى اتخاذ إجراءات أكثر صرامة تجاه البرنامج النووي الإيراني، تشمل إعادة توقيع عقوبات كانت قد فرضتها الأمم المتحدة قبل رفعها في 2015 بموجب اتفاق نووي مع القوى العالمية، وقال: «أدعو مجلس الأمن إلى إعادة فرض عقوباته على إيران، لأننا جميعاً يجب أن نفعل كل ما بوسعنا لضمان عدم امتلاك إيران أسلحة نووية». وكرر تعهداته السابقة بأن تمنع إسرائيل إيران من امتلاك سلاح نووي. وقال: «تسعى إيران حالياً إلى استخدام برنامجها النووي سلاحاً في مواجهة السلام والأمن في جميع بلدانكم، وأؤكد لكم أن إسرائيل ستفعل كل ما بوسعها للتأكد من عدم حدوث ذلك». وبينما كان يتحدث، كانت المقاعد في وفد إيران فارغة. وفي الخارج، تظاهر المتظاهرون ضد نتنياهو وسياسات إسرائيل خلف حواجز الشرطة.

استسلام «حماس»

وقال نتنياهو أيضاً: «يمكن لهذه الحرب أن تنتهي الآن (...) كل ما يجب أن يحدث هو أن تستسلم (حماس)، وتضع سلاحها، وتطلق سراح جميع الرهائن، ولكن إذا لم يفعلوا ذلك - إذا لم يفعلوا - فسوف نقاتل حتى نحقق النصر الكامل. النصر الكامل. لا يوجد بديل عنه». وقال إن القوات الإسرائيلية دمرت 90 في المائة من صواريخ (حماس)، وقتلت أو أسرت نصف قواتها. لكنه أصر مع ذلك على أنه يسعى إلى السلام. وقال: «لقد صنعت إسرائيل السلام، وستصنعه مرة أخرى». وأضاف: «سنقاتل حتى نحقق النصر، النصر الكامل، ولا بديل عنه». وأشار في كلمته إلى حضور عائلات لرهائن ممن احتجزتهم «حماس».