​تصعيد إسرائيل و«حزب الله» ينذر بجرّ المنطقة إلى «كارثة»

الراعي عدّ الضربات الإسرائيلية «خالية من الإنسانيّة»

TT

​تصعيد إسرائيل و«حزب الله» ينذر بجرّ المنطقة إلى «كارثة»

دبابات إسرائيلية في طريقها للمعركة مع «حزب الله» (رويترز)
دبابات إسرائيلية في طريقها للمعركة مع «حزب الله» (رويترز)

استأثرت العمليات العسكرية التي نفّذتها إسرائيل في لبنان الأسبوع الماضي، وأسفرت عن سقوط عشرات القتلى وآلاف الجرحى، بالمواقف الدبلوماسية والسياسية والدينية، التي نبّهت إلى خطورة المغامرات الإسرائيلية.

فقد حذرت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان جينين هينيس بلاسخارت، من أن المنطقة «تقترب من كارثة وشيكة، وسط ارتفاع منسوب التصعيد بين (حزب الله) وإسرائيل».

وأكدت في تغريدة لها عبر منصّة «إكس» أن «المنطقة تقترب من كارثة وشيكة، ولا يمكن التشديد بما يكفي على أنه لا يوجد حل عسكري من شأنه أن يوفر الأمان لأي طرف».

الراعي لإيقاف الحرب

وفي عظة الأحد التي ألقاها في الطرح البطريركي في بكركي، عبّر البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي عن ألمه للجرائم التي شهدها لبنان في الأيام القليلة الماضية، ورأى أن «لبنان في حزن شديد لما أوقعت إسرائيل من ضحايا لبنانيّة، مدنيّة وحزبيّة وقياديّة في صفوف (حزب الله)، أيّام الثلاثاء والأربعاء والجمعة، في ضربات غير مسبوقة خالية من الإنسانيّة، ومتعدّية كلّ حدود المشاعر البشريّة».

وقال الراعي: «لقد أوقعت عشرات القتلى وآلاف الجرحى، ومنهم حاملون إعاقة جسديّة دائمة»، وأثنى على «المستوى الطبي في المستشفيات التي فتحت أبوابها، وأوقفت كلّ إمكاناتها للمعالجة، هذا فضلًا عن ضحايا جنوب لبنان ودمار المنازل وتهجير المواطنين».

واستناداً إلى التداعيات التي ستنتج عن التصعيد إقليمياً ودولياً، ناشد البطريرك الراعي مجلس الأمن الدولي «لوضع حدّ لهذه الحرب بالسبل المتاحة». وقال: «إذا تُرك المتحاربون يفنون بعضهم بعضاً قتلاً وتدميراً وتهجيراً، فلا بدّ من فرض إيقاف الحرب والدعوة إلى مفاوضات السلام. فالسلام هو صنيع العدالة. ففي الحرب الجميع مغلوبون، والجميع خاسرون، أمّا الرابحون الوحيدون فهم تجّار الأسلحة».

ودعا الراعي القوى اللبنانية إلى «توحيد مكوّناتها، وطي صفحة الانقسامات التاريخيّة الداخليّة والحروب، وانتخاب رئيسٍ للجمهوريّة يعيد لمجلس النواب صلاحياته التشريعيّة والمحاسبة، ولمجلس الوزراء كامل صلاحياته الدستوريّة، ويعيد لسائر المجالس حيويّتها، رئيسٍ قادر على توحيد البلاد، رئيسٍ جدير بثقة اللبنانيين والدول الصديقة».

أبو فاعور: ضرورة التضامن

ورسمت حالة الالتفاف اللبناني حول ضحايا ومصابي المجازر الإسرائيلية، أفضل صورة تضامن يمكن البناء عليها مستقبلاً، وتمنّى عضو كتلة «اللقاء الديمقراطي»، النائب وائل أبو فاعور، أن «يتطور التضامن الإنساني الذي حصل في أعقاب الاعتداءات الإسرائيلية إلى تضامن سياسي، لأن إسرائيل لا تميز بين لبناني وآخر، وهي تستعدي الجميع». وقال في تصريح له: «نحن نحتاج إلى إعادة تشخيص وطني والنقاش بالقرار 1701 على أن يكون الهدف حماية لبنان وليس إسرائيل»، منبهاً إلى أن «نتنياهو متفلّت من أي حساب، وهو يريد أن يجرّ (حزب الله) إلى ردّ كبير لأنه يسعى إلى الحرب، وأمام هذا الواقع أصبحت الأمور مفتوحة على كل الاحتمالات السيئة».

وشدّد أبو فاعور على أن «لبنان ما عاد يملك القرار أو الإمكانية لمعالجة الأمور، لأنه في موقع المعتدى عليه، ويحتاج إلى مبادرة تأتي من الخارج، وتحديداً من الولايات المتحدة، المسؤولة عن ابتداع مخرج ما في شأن ما يحصل، لأنها تقدم نفسها بوصفها وسيطاً، وهي ملزمة سياسياً وأخلاقياً بذلك».

يزبك: تنفيذ الـ1701

ومع استمرار «حزب الله» بتشييع الضحايا الذين قضوا بتفجير أجهزة الاتصالات والغارة الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية، قال عضو كتلة «الجمهورية القوية» النائب غياث يزبك: «نحن لا نشمت بشهيد، ولا نشمت بآلام متألم، بل نحترم وننحني أمام كل من سقط من أجل قناعاته. ولكن يجب وضع حد ونقطة توقّف في مكان ما، وإجراء عملية تقييم لنتائج كل خطوة وكل قرار وكل عملية»، عادّاً أن «ما نعاني منه اليوم أننا انتهينا من تحرير لبنان وبدأنا بالبوسنة والهرسك، وذهبنا إلى المثلث الذهبي في أميركا الجنوبية، ودعمنا مادورو في فنزويلا، وها نحن نتابع الردة، وعدنا للمحاربة عند الحوثيين في اليمن والمشاركة في الحرب في سوريا، حيث يدعونا الواجب الفارسي للمشاركة في الحرب».

وأضاف النائب يزبك: «لهؤلاء نقول: نحن نحترم شهداءكم وتضحياتكم، لكن ليس هناك من تفويض لكم خارج إطار الدولة لأخذ لبنان إلى هذه المتاهات. لقد جربتم وخبرتم ولكم موقع وازن في السياسة منذ 2008 حتى عام 2023 من دون أن تقدموا لنا نموذجاً جيداً للحكم المدني ولا في الحكم العسكري في إطار دفاعكم عن لبنان، لا بل تأتونا بكل الويلات ونحن ندفع الثمن غالياً جداً جداً».

ودعا النائب يزبك أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله، من دون أن يسمّيه، إلى «اتخاذ قرار بوقف الحرب والعودة لاستظلال الدولة، ووضع قدراته وما بقي منها بتصرف الدولة اللبنانية، والذهاب لتنفيذ القرار 1701 رحمة بأهلي وأبنائهم وكراماتهم بعد أن اتشحت كل هذه المساحات والقلوب بالسواد على شهيد من هنا ومفقود من هناك».

علامة: جريمة إنسانية

أما رئيس اللجنة النيابية للشؤون الخارجية النائب فادي علامة، فتمنّى «لو لم يلغ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مشاركته في اجتماعات الهيئة العامة للأمم المتحدة»، عادّاً أن «التطورات المهمة التي يشهدها البلد تفرض على لبنان أن يكون حاضراً بقوة في المحافل الدولية». وأوضح علامة أنه «بينما يسعى لبنان من الأساس إلى تطبيق القرار 1701 كاملاً، يحاول رئيس الوزراء الإسرائيلي التفتيش عن انتصارات على مختلف الجبهات، ولكن هو يتوجه إلى نيويورك بعد ارتكابه جريمة إنسانية، واستخدام تقنيات لضرب المدنيين لا يمكن وصفه بأنه إنجاز».


مقالات ذات صلة

كيف سيتصرف «حزب الله» وهل يتفلّت نتنياهو من الضغط الأميركي؟

تحليل إخباري لدى نصر الله ونتنياهو حسابات معقدة تحول دون تراجعهما (أ.ف.ب - رويترز)

كيف سيتصرف «حزب الله» وهل يتفلّت نتنياهو من الضغط الأميركي؟

يتوقف بدء سريان المفاعيل السياسية للنداء الأميركي - الفرنسي، المدعوم أوروبياً وعربياً، على الضغط الذي تمارسه الولايات المتحدة على بنيامين نتنياهو.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي سوريون ولبنانيون على معبر المصنع بين لبنان وسوريا هرباً من القصف الإسرائيلي (الشرق الأوسط)

إسرائيل تقطع رحلة الهروب إلى سوريا بقصف المعابر الحدودية

قطعت الغارات الإسرائيلية طرق العبور من لبنان إلى سوريا، بقصف أربعة معابر حدودية في شمال شرقي البلاد، بعد أربعة أيام من حركة نزوح لافتة باتجاه سوريا.

حسين درويش (بعلبك (لبنان))
المشرق العربي سوريون ولبنانيون على معبر المصنع بين لبنان وسوريا هرباً من القصف الإسرائيلي (الشرق الأوسط) play-circle 02:57

النازحون السوريون يعانون جحيم حرب جديدة

أوضاع صعبة يعيشها آلاف السوريين الذين اضطروا مجدداً للهرب من مخيمات كانت تؤويهم في مناطق الجنوب اللبناني والبقاع بعد قرار إسرائيل توسعة الحرب على لبنان.

بولا أسطيح (بيروت)
أوروبا إحدى ضحايا انفجارات أجهزة البيجر على نقالة خارج المركز الطبي بالجامعة الأميركية في بيروت (رويترز)

النرويج تُصدر طلباً دولياً للبحث عن شخص على صلة بـ«أجهزة بيجر حزب الله»

قالت الشرطة النرويجية، الخميس، إنها أصدرت طلباً دولياً للبحث عن رجل نرويجي من أصل هندي، مرتبط ببيع أجهزة البيجر التي يستخدمها «حزب الله» وانفجرت الأسبوع الماضي.

«الشرق الأوسط» (أوسلو)
المشرق العربي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ف.ب)

الهدنة المؤقتة تلقى دعماً دولياً وعربياً… وتنتظر موافقة إسرائيل و«حزب الله»

وسط ضغوط عالمية لتنفيذ الاتفاق الأميركي - الفرنسي بشأن الهدنة بين إسرائيل و«حزب الله»، يسود ترقب لأقوال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وأفعاله.

علي بردى (نيويورك)

مع ارتفاع أعداد النازحين... مطعم خيري في بيروت يكافح لمواكبة زيادة الطلب

متطوعون في منظمة «نيشن ستيشن» غير الربحية يقومون بإعداد وجبات طعام لتوزيعها (رويترز)
متطوعون في منظمة «نيشن ستيشن» غير الربحية يقومون بإعداد وجبات طعام لتوزيعها (رويترز)
TT

مع ارتفاع أعداد النازحين... مطعم خيري في بيروت يكافح لمواكبة زيادة الطلب

متطوعون في منظمة «نيشن ستيشن» غير الربحية يقومون بإعداد وجبات طعام لتوزيعها (رويترز)
متطوعون في منظمة «نيشن ستيشن» غير الربحية يقومون بإعداد وجبات طعام لتوزيعها (رويترز)

في مطبخ خيري بالعاصمة اللبنانية بيروت، ينخرط متطوعون بلا كلل في ملء عبوات للوجبات بالأرز والخضراوات بينما يقلب آخرون قدوراً ضخمة لطهي الطعام في محاولة لمواكبة زيادة ضخمة في الطلب من نازحين يفرون من الضربات الإسرائيلية.

وتقول جوزفين أبو عبدو، وهي طاهية وأحد مؤسسي «نيشن ستيشن» أو «محطة البلد»، إن هذا المطبخ الخيري يقدم 700 وجبة في اليوم، ويعمل بأقصى طاقته، لكنها علمت بعد ذلك أن هناك حاجة إلى ألف وجبة، بحسب «رويترز».

متطوعون يقطّعون الخضار لإعداد وجبات طعام في المطبخ الخيري في بيروت (رويترز)

تصف ما يمرون به بينما يسارع فريق المتطوعين من مختلف الأعمار ومن شتى أنحاء لبنان من حولها، في تعبئة الغذاء، وتضيف: «الصعوبات هي أننا لا نلحق، ونحس كأننا نقطة ببحر».

وتأسست «محطة البلد» لمساعدة المتضررين من انفجار مرفأ بيروت المروع الذي وقع في 2020، والفريق الذي كان مؤلفاً من خمسة أفراد فحسب، نما سريعاً ليصبح مكوناً من مائة بمرور الوقت.

يقدم المطعم بعض الأطباق اللبنانية التقليدية مثل الكوسة المحشوة بالأرز واللحم والبرغل والطماطم، بالإضافة إلى حساء الخضار وسلطة الملفوف.

جوزفين أبو عبدو من مؤسسي المطبخ الخيري تعد وجبات مع المتطوعين لتوزيعها على النازحين (رويترز)

وعندما اشتدت الضربات الإسرائيلية على لبنان يوم الاثنين مما اضطر نحو 40 ألفاً للنزوح إلى ملاجئ في غضون أيام، بدأ المتطوعون في طهي وتوزيع كميات إضافية من الطعام، دون أي تمويل إضافي، على الأماكن التي تؤوي نازحين، في استجابة طارئة للتطورات الأحدث.

وأوضحت جوزفين أننا «أول ما بدأنا، لم يكن لدينا تمويل. لبّينا فقط من العوائد التي نحصل عليها بالعادة؛ لأننا لسنا فقط مطبخاً اجتماعياً، بل نبيع أكلاً للناس المحتاجة. عملنا من المدخرات الصغيرة التي كانت لدينا أول 3 أيام، ولاحقاً كثير من الناس قدموا التبرعات».

وأضافت: «الآن التبرعات تغطينا يومين أو ثلاثة، ولنرى كل يوم بيومه».

وقتلت الهجمات الإسرائيلية أكثر من 600 شخص في لبنان منذ يوم الاثنين، مع تفاقم الصراع بين إسرائيل و«حزب الله» المدعوم من إيران، إلى أسوأ مراحله منذ أكثر من 18 عاماً.

ويطلق «حزب الله» صواريخ على إسرائيل منذ ما يقرب من عام لدعم حليفته حركة «حماس» التي تقاتل إسرائيل في قطاع غزة.

متطوعون في منظمة «نيشن ستيشن» غير الربحية يرتبون وجبات الطعام التي سيتم توزيعها على للنازحين (رويترز)

ونزح عشرات الآلاف على جانبي الحدود بين إسرائيل ولبنان من منازلهم، وأعلنت إسرائيل أن عودة سكان المناطق الشمالية إلى ديارهم هي أحد أهدافها من الحرب.

وقالت مي عياش، وهي طاهية محترفة متطوعة في المطعم الخيري: «كلنا نحاول بأقصى طاقتنا لنشكل فارقاً ولو ضئيلاً للمساعدة. هذا أقل ما يمكن أن نقدمه، وللأسف اعتدنا على تلك الأوضاع».