كردستان يحدد موعداً لإجراء الانتخابات ويطوي عامين من الصراعات

بغداد تضغط لإبعاد المعارضين الإيرانيين عن الحدود المشتركة

أعلام كردية خلال احتفال عسكري بأربيل عاصمة إقليم كردستان (أرشيفية - أ.ف.ب)
أعلام كردية خلال احتفال عسكري بأربيل عاصمة إقليم كردستان (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

كردستان يحدد موعداً لإجراء الانتخابات ويطوي عامين من الصراعات

أعلام كردية خلال احتفال عسكري بأربيل عاصمة إقليم كردستان (أرشيفية - أ.ف.ب)
أعلام كردية خلال احتفال عسكري بأربيل عاصمة إقليم كردستان (أرشيفية - أ.ف.ب)

أخيراً، تمكن إقليم كردستان العراق من تجاوز التعقيدات والعقبات التي ارتبطت بانتخاب برلمان جديد وامتدت لنحو عامين، بعدما أصدر رئيسه نيجيرفان بارزاني، الأربعاء، مرسوماً إقليمياً حدد موعداً جديداً لإجراء الانتخابات.

وتلا بيان تحديد الموعد الجديد المتحدث باسم رئاسة الإقليم دلشاد شهاب، في مؤتمر صحافي عقده في أربيل، وحدد المرسوم «يوم 20 أكتوبر (تشرين الأول) 2024 موعداً لإجراء الانتخابات العامة لبرلمان إقليم كردستان العراق لدورته السادسة».

ودعا الجهات ذات العلاقة إلى «التعاون والتنسيق مع المفوضية العليا المستقلة للانتخابات لتنفيذ المرسوم».

وقال شهاب إن «هذا المرسوم الخامس الذي يصدره الرئيس نيجيرفان بارزاني لتحديد موعد انتخابات كردستان بدورته السادسة»، في إشارة إلى التعقيدات التي ارتبطت بهذا الملف منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2022، حين انتهت ولاية برلمان الإقليم، وقام «الحزب الديمقراطي الكردستاني»، صاحب الأغلبية العددية، بتمديد فترة ولايته، قبل أن تصدر المحكمة الاتحادية في بغداد حكماً ببطلان التمديد، بناءً على شكوى تقدم بها ممثل في البرلمان عن حركة «التغيير» الكردية.

صورة نشرها موقع رئاسة إقليم كردستان لبارزاني ملقياً كلمته في ملتقى بحثي بأربيل

وتواصل «الفراغ التشريعي» منذ ذلك التاريخ، وجاء قرار المحكمة الاتحادية القاضي بإلغاء «كوتة» الأقليات في برلمان الإقليم في فبراير (شباط) الماضي، ليزيد الأمور تعقيداً بالنظر للاعتراض الشديد الذي أبداه الحزب الديمقراطي بزعامة مسعود بارزاني، وإعلانه تعليق مشاركته في الانتخابات عقب صدور القرار، ثم أعلن لاحقاً عودته للمشاركة بعد تراجع المحكمة عن قرارها مطلع مايو (أيار) الماضي.

ولم يكن التعقيد الذي لازم قضية انتخابات الإقليم مرتبطاً بقرارات المحكمة الاتحادية وحسب، بل كانت للصراعات والتنافس القائم بين الأحزاب الكردية، وخاصة الحزبين الرئيسيين: «الاتحاد الوطني» و«الديمقراطي الكردستاني»، دخلٌ في قضية التأخير، حيث كان الاتحاديون يعترضون على الدوام على اعتبار إقليم كردستان منطقة انتخابية واحدة طبقاً لرغبة «الحزب الديمقراطي»، وكذلك اعترضوا على طريقة توزيع «كوتة» الأقليات في مناطق الإقليم، وتمكنوا من الحصول على حكم من المحكمة الاتحادية يقسم الإقليم إلى 4 دوائر انتخابية، ويوزع الكوتة على ثلاث محافظات (أربيل، السليمانية، دهوك).

وسبق أن حدد رئيس الإقليم شهر يونيو (حزيران) الحالي موعداً لإجراء الانتخابات، ثم اقترح مفوضية الانتخابات الاتحادية التي يقع على عاتقها إجراء الانتخابات بعد انتهاء ولاية مفوضية الإقليم عقب حل البرلمان الكردي، أن تجرى الانتخابات مطلع سبتمبر (أيلول) المقبل، قبل أن يأتي المرسوم الإقليمي ليحسم الجدل حول هذه القضية.

وغالباً ما تفضل القوى السياسية، في بغداد وكردستان، إجراء الانتخابات في الأشهر ذات المناخ المعتدل، ولا تفضل إجراءها في فصل الصيف شديد الحرارة الذي تتراجع فيه الخدمات بشكل عام، ما يولد شعوراً شعبياً بالغضب والاستياء ضد السلطات وقواها السياسية.

وأعربت رئاسة مجلس الوزراء في إقليم كردستان عن ترحيبها بإصدار رئيس الإقليم المرسوم الجديد المتعلق بالانتخابات.

وقال المتحدث باسم حكومة الإقليم بيشوا هوراماني في بيان: «بصفتنا حكومة إقليم كردستان، فنحن مستعدون للتعاون لدعم إجراء الانتخابات وإنجاحها».

مواطنون في ساحة أربيل عاصمة إقليم كردستان (أ.ف.ب)

معارضو طهران في كردستان

من ناحية أخرى، وفي تطور جديد يتعلق بملف الأحزاب والجماعات الكردية المعارضة لطهران والتي تتخذ من المناطق الحدودية بين العراق وإيران في كردستان منطلقاً لنشاطاتها السياسية والعسكرية، قالت مصادر كردية لـ«الشرق الأوسط» هناك مشاعر استياء وغضب كردي من مساعي بغداد لنقل مقار الأحزاب الإيرانية المعارضة إلى مناطق بعيدة عن الحدود المشتركة بين البلدين.

وتقول المصادر إن «الأفكار الشائعة حول هذه القصة تشير بأصابع الاتهام لتدخلات إيرانية سافرة في الشأن الكردستاني والعراقي بشكل عام، بذريعة وجود معارضين لنظامها في محافظات الإقليم (السليمانية وأربيل) المحاذية لحدودها».

وتؤكد المصادر أن عشرات المثقفين والصحافيين الكرد في معرض إصدار بيان استنكار للضغوط التي تمارسها بغداد وطهران ضد ما تبقى من عوائل المعارضين الإيرانيين في بعض القرى الحدودية وخاصة قرية «زركويز» قرب السليمانية.

وكانت اللجنة الأمنية المشتركة بين العراق وإيران أعلنت في 19 سبتمبر 2023، عن توقيع اتفاقية أمنية بين الجانبين، يتم بموجبها إخلاء مقرات الأحزاب الكردية المعارضة للسلطات الإيرانية، كما تقضي بنزع السلاح من مسلحي تلك الأحزاب وإبعادهم من المناطق الحدودية مع إيران.

وتشير المصادر إلى عدم وجود ممانعة كردية في مسألة «نزع أسلحة الأحزاب وإبعاد مقارها ونقاطها العسكرية، لكن الاعتراض على نقل السكان المدنيين من عوائل المعارضين إلى مناطق أخرى لا تتوفر فيها أبسط شروط العيش الكريم، مع أن وجودهم في العراق يعود لسنوات وبإشراف الأمم المتحدة».

وشنت طهران خلال السنوات الماضية هجمات عديدة بالصواريخ ومدافع الهاون على مناطق واسعة بإقليم كردستان، بذريعة ردع الجماعات المعارضة لها، ووجود «أوكار تجسس» إسرائيلي هناك، والأخير تنفيه حكومتا الإقليم وبغداد على حد سواء.


مقالات ذات صلة

تركيا تحذر من «تغيير ديموغرافي» في كركوك

شؤون إقليمية موظف عراقي يتصفح جهازاً لوحياً لإجراء التعداد السكاني (أ.ف.ب)

تركيا تحذر من «تغيير ديموغرافي» في كركوك

حذرت تركيا من عمليات «تخل بالتركيبة الديموغرافية» لمحافظة كركوك العراقية، داعية إلى حماية حقوق التركمان بسبب «تطورات مقلقة» في نطاق التعداد السكاني.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال اجتماع لجنة التخطيط بالبرلمان التركي (الخارجية التركية)

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

حذرت تركيا من جرّ العراق إلى «دوامة العنف» في منطقة الشرق الأوسط، في حين رجحت «انفراجة قريبة» في ملف تصدير النفط من إقليم كردستان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي قوة عسكرية مشتركة بين «البيشمركة» والجيش العراقي (موقع باس الكردي)

تفجير يودي بضباط وجنود من الجيش العراقي و«قوات البيشمركة» الكردية

أعلنت وزارة «البيشمركة» في حكومة إقليم كردستان، مقتل عدد من الضباط وجرح جنود، جراء انفجار أكثر من عبوة مزروعة في المكان نفسه، محدثة انفجاراً سُمع لمسافات بعيدة.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي بارزاني خلال مراسم حفل التخرج (الشرق الأوسط)

نيجرفان بارزاني: «البيشمركة» جزء رئيسي من منظومة الدفاع العراقية

جدد رئيس إقليم كردستان العراق نيجرفان بارزاني، السبت، دعواته المتكررة لتوحيد صفوف قوات الأمن الكردية (البيشمركة) وعدها جزءاً مهماً من منظومة الدفاع العراقية.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي مركب سياحي في البصرة (أ.ف.ب)

بغداد ترفض طلباً كردياً بتأجيل التعداد السكاني في المناطق «المتنازع عليها»

رفضت الحكومة المركزية في بغداد طلباً لحكومة إقليم كردستان بتأجيل إجراء التعداد السكاني في المناطق «المتنازع عليها» إلى موعد لاحق.

حمزة مصطفى (بغداد)

مقتل 3 فلسطينيات بسبب «ربطة خبز» في غزة

فتاة فلسطينية نازحة تأكل كسرة خبز في مخيم برفح جنوب قطاع غزة (د.ب.أ)
فتاة فلسطينية نازحة تأكل كسرة خبز في مخيم برفح جنوب قطاع غزة (د.ب.أ)
TT

مقتل 3 فلسطينيات بسبب «ربطة خبز» في غزة

فتاة فلسطينية نازحة تأكل كسرة خبز في مخيم برفح جنوب قطاع غزة (د.ب.أ)
فتاة فلسطينية نازحة تأكل كسرة خبز في مخيم برفح جنوب قطاع غزة (د.ب.أ)

قُتلت 3 سيدات فلسطينيات، صباح السبت، بعد إطلاق نار أمام أحد المخابز العاملة في مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، في مشهد جديد يكشف عن حجم المأساة التي وصل إليها سكان القطاع في ظل تفاقم الظروف الإنسانية والحياتية. ووقع الحادث أمام مخبز «زادنا 2» في شارع البركة بدير البلح، حينما تم إطلاق نار في المكان، وسط تضارب للروايات حول ظروف إطلاق النار، وإذا ما كان مباشراً أو نتيجة خطأ.

فلسطينيون في دير البلح ينتظرون الحصول على خبز (أرشيفية - رويترز)

وتقف يومياً ولساعات، طوابير طويلة من الفلسطينيين أمام المخابز للحصول على «ربطة» خبز واحدة تتكون من نحو 22 رغيفاً، ومن بينها المخبز الذي وقعت أمامه الحادثة، وهو يعد من أشهر المخابز، كما أنه الوحيد الذي لم يتوقف تقريباً عن العمل، قبل أن يضطر لإغلاق أبوابه بعد الحادثة المؤلمة. وبينما قال أصحاب المخبز، إن النساء قُتلن بعد إطلاق نار من خارج المخبز، بعد تدافع وقع خارجه، وإن مصدره ليس من الحراس الذين يقفون للتنظيم ولحماية المخبز من السرقة، بل كان نتيجة إشكالية خارجه بين أفراد من عائلتين، قال شهود عيان إن إطلاق النار تمّ من قبل أحد الحراس، لكنه لم يكن مباشراً، بل كان نتيجة انفلات سلاحه منه بعد إطلاقه النار في الهواء.

فلسطينيون أمام مخبز مقفل وسط غزة (أرشيفية - أ.ب)

وقال مصدر صحافي من دير البلح لـ«الشرق الأوسط»، إن عائلة المتهم بإطلاق النار اضطرت لترك منزلها خوفاً من عملية انتقامية ضدها، مشيراً إلى أن النساء اللواتي قتلن هن نازحات من مدينة غزة. وأوضح المصدر أن مُطلِق النار كان يقف أمام المخبز للمشاركة والمساهمة في حمايته، ضمن اتفاق جرى بين أصحاب المخبز وعوائل دير البلح؛ لتمكين المواطنين من الحصول على الخبز في ظل المجاعة الكبيرة التي باتت تزداد صعوبةً في مناطق وسط وجنوب القطاع. ويوجد في دير البلح نحو 850 ألف نازح، يضاف إليهم أكثر من 300 ألف نسمة من سكان المدينة.

فلسطيني يلوح بيده بعد الحصول على ربطة خبز في مدينة غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)

ودفع الحادث مخاتير ووجهاء المدينة للتدخل لمحاولة منع تفاقم الأوضاع فيها، وأن تكون هناك ردة فعل انتقامية تخرج عن سيطرة الجميع. وحمَّل بعض المواطنين عبر شبكات التواصل الاجتماعي، المخاتير والوجهاء والشخصيات المختصة المسؤولية عن الحادث، بعد أن قرروا تخصيص كميات الطحين التي تدخل إلى دير البلح، لصالح المخابز، وبيع «ربطة واحدة» فقط لكل عائلة، لإتاحة الفرصة أمام العوائل الأخرى للحصول على حصة مماثلة. ورأى البعض أنه كان من الممكن أن يتم توزيع كيس طحين واحد على كل عائلة بدلاً من زيادة الازدحام على المخابز، وتحميل المواطنين فوق طاقاتهم بالانتظار لساعات طويلة جداً، من أجل الحصول على ربطة واحدة لا تكفي لوجبة طعام واحدة فقط.

فلسطيني يعبِّر عن فرحته بعد حصوله على أرغفة الخبز من مخبر في غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)

ويصل سعر «ربطة الخبز» الواحدة داخل المخبز بعد اصطفاف طابور لساعات طويلة إلى 3 شواقل (أقل من دولار واحد بقليل)، بينما يصل السعر خارجه إلى 30 أو 40 شيقلاً (ما يعادل نحو 11 دولاراً)، في حين وصل سعر كيس الطحين الواحد في وسط وجنوب القطاع، إلى 1000 شيقل أو أكثر (أي ما يعادل نحو 255 دولاراً). ويعاني وسط وجنوب قطاع غزة، من نقص حاد في توفر كميات الطحين بفعل الإجراءات الإسرائيلية وسرقة المساعدات من قبل بعض عصابات اللصوص، إلا أن الأوضاع في الشمال بالنسبة لتوفر الطحين أفضل حالاً بعد أشهر من المجاعة التي عانى منها سكان تلك المناطق، واضطروا حينها لطحن أكل الحيوانات من أجل سد رمق جوعهم. وبدأت هذه المعاناة في وسط وجنوب القطاع منذ نحو شهر فقط، مع توقف إمدادات المساعدات الغذائية، وسرقة غالبية ما كان يتم السماح بدخوله، الأمر الذي أدى لمفاقمة الوضع الإنساني. وأفاد المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، بأن القوات الإسرائيلية منعت ثلثي عمليات المساعدات الإنسانية المختلفة، البالغ عددها 129، من الوصول إلى قطاع غزة، الأسبوع الماضي. وأجبر الواقع الحالي، أصحاب المخابز لنشر مسلحين لحماية الطحين المتوفر لديها، ومنع سرقته من قبل عصابات اللصوص المنتشرة بشكل كبير. ولجأت بعض المخابز لاستئجار أولئك المسلحين على هيئة حراس أمنيين، في حين اتفق وجهاء ومخاتير وجهات مختصة مع مسلحين من عوائل لحماية المخابز في مناطقهم التي يعيشون فيها. ويتخوف السكان من استمرار إسرائيل في التلاعب بإدخال كميات مساعدات كافية، الأمر الذي سيفاقم من حالة المجاعة التي تزداد حالياً في مناطق وسط وجنوب القطاع بشكل أكبر من الشمال الذي عاش هذه الظروف بشكل أقسى لأشهر عدة.