السوداني لحماية قواعد الاشتباك بعد انتهاء هدنة الفصائل

مصادر قالت إن اتصالات سياسية أجريت لاحتواء «تنسيقية المقاومة»

السوداني يتوسط رئيس «الحشد الشعبي» فالح الفياض ورئيس أركانه «أبو فدك» (إعلام حكومي)
السوداني يتوسط رئيس «الحشد الشعبي» فالح الفياض ورئيس أركانه «أبو فدك» (إعلام حكومي)
TT

السوداني لحماية قواعد الاشتباك بعد انتهاء هدنة الفصائل

السوداني يتوسط رئيس «الحشد الشعبي» فالح الفياض ورئيس أركانه «أبو فدك» (إعلام حكومي)
السوداني يتوسط رئيس «الحشد الشعبي» فالح الفياض ورئيس أركانه «أبو فدك» (إعلام حكومي)

قالت مصادر سياسية إن رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني يحاول احتواء قرار فصائل إنهاء الهدنة مع الأميركيين، والتلويح باستئناف العمليات ضد مصالحهم في البلاد.

وأعلنت «تنسيقية المقاومة العراقية»، الأربعاء، انتهاء مهلة الانسحاب الأميركي، مشيرة إلى أنها تسعى لإغلاق هذا الملف «باستعمال كل السبل المتاحة».

وأكدت المصادر، لـ«الشرق الأوسط»، أن اتصالات ومشاورات جرت بين قادة التحالف الحاكم (الإطار التنسيقي) لفهم التصعيد الجديد من الفصائل، وتأثير ذلك على الحكومة وتوازناتها الإقليمية والدولية.

وقال مصدر: «رئيس الحكومة لا يشعر بالارتياح من محاولات بعض الفصائل التجاوز على الحكومة في ملف الانسحاب الأميركي، التي تعمل على جدولته فنياً».

وأضاف المصدر أن «قادة أحزاب شيعية معتدلة تخشى من تزامن التصعيد مع توتر إقليمي بين إسرائيل وإيران في جنوب لبنان، الذي يخيم عليه شبح الحرب مجدداً».

وكان تحقيق لـ«الشرق الأوسط» نُشِر قبل الخطاب، كشف «استعداد فصائل عراقية للقتال في لبنان لو اندلعت حرب أوسع هناك»، ولو «وافق (حزب الله)».

وربط رئيس الوزراء الأسبق، عادل عبد المهدي، بيان «التنسيقية» بالتصعيد في لبنان، وكتب على منصة «إكس»، أنه «ينتظرنا طوفان ثالث أو رابع: طوفان نصر الله»، وتابع: «سيدخل الناس أفواجاً».

وكان الخبير العراقي عقيل عباس، تحدث مع «الشرق الأوسط»، عن أن «حكومة السوداني غاضبة من الفصائل، وتحاجج ضدها داخل الإطار التنسيقي، وتطالب بمواقف جدية ضدها، من ضمنها إدخال إيران نفسها بصفتها فاعلاً ضاغطاً يردع الفصائل».

وأثار إعلان «تنسيقية المقاومة» انتهاء الهدنة قلق سياسيين عراقيين من مواجهة محتملة مع السفيرة الأميركية الجديدة المرشحة لدى العراق، تريسي جاكوبسن.

قوى «الإطار التنسيقي» خلال أحد اجتماعاتها بحضور السوداني (واع)

احتواء تصريحات جاكوبسن

وكانت جاكوبسن، التي رشحها الرئيس الأميركي جو بايدن، قالت أمام مجلس الشيوخ، إن «إيران ممثل خبيث في العراق ومزعزع لاستقرار المنطقة، وندرك أن التهديد الرئيسي للعراق هو الميليشيات المتحالفة مع إيران».

وفي 26 يناير (كانون الثاني) الماضي، أعلن بايدن نيته ترشيح جاكوبسن، بخبرة تزيد على 30 عاماً في وزارة الخارجية، لمنصب سفيرة فوق العادة ومفوضة للولايات المتحدة الأميركية لدى العراق، خلفاً للسفيرة الحالية ألينا رومانسكي.

ورداً على جاكوبسن، قال خالد اليعقوبي، وهو أحد مستشاري رئيس الحكومة، إن تصريحاتها «تنم عن عدم فهم واضح للعراق الجديد وتدخل في شؤونه وإساءة لجيرانه».

وكتب اليعقوبي في منصة «إكس»: «على المرشحة أن تعي حقيقة واضحة؛ أن جملة مما تحدثت به لا تتناسب ومهام عملها الجديد، وأن مهمتها المرتقبة محددة بالاتفاقات والمعاهدات الدولية الواضحة، ونتطلع إلى أداء يعزز العلاقة الجيدة بين البلدين، خصوصاً أننا مقبلون على علاقات ثنائية تصون التضحيات العظيمة التي قدمت للانتصار على الإرهاب».

وفسر مراقبون الموقف الحكومي بأنه فعل سياسي للموازنة وامتصاص رد فعل الفصائل، ولكسب المبادرة للضغط على الحلفاء الشيعة وأذرعهم المسلحة.

وتريد بغداد ضبط إيقاع العلاقة مع الأحزاب الشيعية وفصائلها، للحفاظ على قواعد الاشتباك عند حدودها الحالية، لا سيما أن الموقف الرسمي العراقي يفصل بين ما تقوم به من استهدافات في الداخل؛ سواء للوجود الأميركي العسكري أو للمصالح الأميركية، والموقف من حرب غزة.


مقالات ذات صلة

العراق لمجلس الأمن: إسرائيل تخلق مزاعم وذرائع لتوسيع رقعة الصراع

المشرق العربي جانب من الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية في بيروت (رويترز)

العراق لمجلس الأمن: إسرائيل تخلق مزاعم وذرائع لتوسيع رقعة الصراع

قالت وزارة الخارجية العراقية إن بغداد وجهت رسائل لمجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة والجامعة العربية و«التعاون الإسلامي» بشأن «التهديدات» الإسرائيلية.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي الضابط الأميركي كيفين بيرغنير يعلن للصحافيين في بغداد اعتقال علي موسى دقدوق 2 يوليو (تموز) 2007 (أ.ف.ب - غيتي)

تقرير: مقتل القيادي بـ«حزب الله» علي موسى دقدوق بغارة إسرائيلية في سوريا

قال مسؤول دفاعي أميركي إن قائداً كبيراً بـ«حزب الله» اللبناني كان قد ساعد في التخطيط لإحدى أجرأ وأعقد الهجمات ضد القوات الأميركية خلال حرب العراق، قُتل بسوريا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين (الخارجية العراقية)

بغداد: المنطقة تحت النار وهناك تهديدات واضحة من إسرائيل لنا

قال وزير خارجية العراق فؤاد حسين، الجمعة، إن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني وجّه القوات المسلحة باتخاذ إجراءات بحق كل من يشن هجمات باستخدام الأراضي العراقية.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد متحدثاً أمام «منتدى السلام» في دهوك (شبكة روداو)

وزير الخارجية العراقي: تلقينا تهديدات إسرائيلية «واضحة»

قدّم مسؤولون عراقيون تصورات متشائمة عن مصير الحرب في منطقة الشرق الأوسط، لكنهم أكدوا أن الحكومة في بغداد لا تزال تشدّد على دعمها لإحلال الأمن والسلم.

«الشرق الأوسط» (أربيل)
المشرق العربي «تشاتام هاوس» البريطاني نظّم جلسات حول مصير العراق في ظل الحرب (الشرق الأوسط)

العراق بين حافتَي ترمب «المنتصر» و«إطار قوي»

في معهد «تشاتام هاوس» البريطاني، طُرحت أسئلة عن مصير العراق بعد العودة الدرامية لدونالد ترمب، في لحظة حرب متعددة الجبهات في الشرق الأوسط.

علي السراي (لندن)

ضربة إسرائيلية في قلب بيروت تخلّف 11 قتيلاً وعشرات الجرحى

TT

ضربة إسرائيلية في قلب بيروت تخلّف 11 قتيلاً وعشرات الجرحى

نقل جثمان أحد ضحايا القصف الإسرائيلي اليلي على منطقة البسطة في بيروت (أ.ف.ب)
نقل جثمان أحد ضحايا القصف الإسرائيلي اليلي على منطقة البسطة في بيروت (أ.ف.ب)

استهدفت سلسلة غارات إسرائيلية عنيفة مدينة بيروت في الرابعة فجر اليوم من دون إنذار مسبق، وتركّزت على مبنى مؤلف من 8 طوابق في منطقة فتح الله بحي البسطة الفوقا في قلب العاصمة اللبنانية، وهو حي شعبي مكتظ بالسكان، وسط تقارير عن استهداف قياديين بارزين في «حزب الله».

وأسفرت الغارات الإسرائيلية عن تدمير مبنى واحد على الأقل وتعرض مبان أخرى لأضرار جسيمة. ووفق «وكالة الأنباء المركزية» تم استخدام صواريخ خارقة للتحصينات سُمع دويها في مناطق مختلفة من لبنان ووصل صداها الى مدينة صيدا جنوبا. ووفق الوكالة، فإن الصواريخ شبيهة بتلك التي استخدمت في عمليتي اغتيال الأمين العام السابق لـ«حزب الله» حسن نصرالله ورئيس المجلس التنفيذي في الحزب هاشم صفي الدين.

واستهدفت الضربة الجوية فجر اليوم مبنى سكنياً في قلب بيروت ودمرته بالكامل وسط أنباء عن استهداف القيادي البارز في «حزب الله» طلال حمية، فيما تدخل الحرب المفتوحة بين إسرائيل و«حزب الله» شهرها الثالث.

وأوردت «الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام» الرسمية، أن بيروت «استفاقت على مجزرة مروّعة، حيث دمّر طيران العدوّ الإسرائيلي بالكامل مبنى سكنياً مؤلفاً من ثماني طبقات بخمسة صواريخ في شارع المأمون بمنطقة البسطة».

عمال إنقاذ وسكان يبحثون عن ضحايا في موقع غارة إسرائيلية في بيروت (أ.ب)

وقالت الوكالة إن «فرق الإنقاذ تعمل على رفع الأنقاض في شارع المأمون في البسطة، حيث استهدف طيران العدو مبنى سكنياً، مما أدى إلى سقوط عدد كبير من الشهداء والجرحى».

وأدت الضربة الإسرائيلية إلى مقتل 11 شخصا وإصابة 63 بجروح، وفق حصيلة جديدة أعلنتها وزارة الصحة اللبنانية.وأفادت الوزارة في بيان أن بين القتلى «أشلاء رفعت كمية كبيرة منها وسيتم تحديد هوية أصحابها والعدد النهائي للشهداء بعد إجراء فحوص الحمض النووي»، مشيرة إلى استمرار عمليات رفع الأنقاض.

وفي وقت سابق، نقلت الوكالة الرسمية عن مركز عمليات طوارئ الصحة العامة التابع لوزارة الصحة العامة بيانا أعلن أن الغارة أدت في حصيلة أولية إلى مقتل أربعة أشخاص.

إلى ذلك، ذكر مصدر أمني لهيئة البث الإسرائيلية أن إسرائيل استهدفت فجر اليوم، في بيروت مبنى كان يتواجد فيه رئيس دائرة العمـليات في «حزب الله» محمد حيدر.

ومحمد حيدر الملقب بـ«أبو علي» هو رئيس قسم العمليات في «حزب الله» وأحد كبار الشخصيات في التنظيم.

دمار واسع خلفته الضربة الإسرائيلية على مبنى سكني في منطقة البسطة بقلب بيروت (أ.ف.ب)

تجدد الغارات على الضاحية

بعد الضربة فجراً على بيروت، شنّ الجيش الإسرائيلي اليوم ضربات جديدة على الضاحية الجنوبية، حيث أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» عن غارة عنيفة على منطقة الحدث محيط الجامعة اللبنانية.

يأتي ذلك بعدما أصدر المتحدث بإسم الجيش الإسرائيلي الناطق بالعربية، أفيخاي أدرعي، إنذارات جديدة بالإخلاء لسكان الضاحية الجنوبية، عبر منصة «إكس».

وقال أدرعي « إلى جميع السكان المتواجدين في منطقة الضاحية الجنوبية وتحديدًا في المباني المحددة في الخرائط المرفقة والمباني المجاورة لها في الحدث وشويفات العمروسية، أنتم تتواجدون بالقرب من منشآت ومصالح تابعة لـ(حزب الله) حيث سيعمل ضدها جيش الدفاع على المدى الزمني القريب».

وتابع « من أجل سلامتكم وسلامة أبناء عائلتكم عليكم اخلاء هذه المباني وتلك المجاورة لها فورًا والابتعاد عنها لمسافة لا تقل عن 500 متر».

من هو طلال حمية؟

وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأن المستهدف في الضربة في قلب بيروت هو القيادي في «حزب الله»، طلال حمية، حيث تم استخدام صواريخ خارقة للتحصينات ما أدى الى سماع دوي كبير في مناطق مختلفة من لبنان، وهي شبيهة بتلك التي استخدمت في عمليتي اغتيال الأمين العام السابق لـ«حزب الله» حسن نصر الله ورئيس المجلس التنفيذي في الحزب السيد هاشم صفي الدين.

وذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن حمية يُعرف بـ«صاحب السيرة العسكرية اللامعة»، وأنه تولى قيادة الذراع العسكرية للحزب بعد اغتيال القيادي مصطفى بدر الدين.

وظل حمية بعيداً عن الأضواء حتى عاد إلى الواجهة مع إعلان برنامج المكافآت من أجل العدالة التابع للخارجية الأميركية، الذي عرض مكافأة تصل 7 ملايين دولار لمن يُدلي بمعلومات عنه.

ويعد حمية القائد التنفيذي للوحدة «910» وهي وحدة العمليات الخارجية التابعة لـ«حزب الله»، والمسؤولة عن تنفيذ عمليات الحزب خارج الأراضي اللبنانية.

أضرار جسيمة

وأظهر مقطع بثته قناة تلفزيونية محلية مبنى واحداً على الأقل منهاراً وعدداً من المباني الأخرى تعرضت لأضرار جسيمة.

وذكر شهود من «رويترز» أن الانفجارات هزت بيروت في نحو الساعة الرابعة صباحاً (02:00 بتوقيت غرينتش). وقالت مصادر أمنية إن أربع قنابل على الأقل أطلقت في الهجوم.

وهذا هو رابع هجوم جوي إسرائيلي خلال أيام يستهدف منطقة في وسط بيروت، فيما شنت إسرائيل معظم هجماتها على الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل «حزب الله». وأسفر هجوم جوي إسرائيلي يوم الأحد على حي رأس النبع عن مقتل مسؤول العلاقات الإعلامية في الحزب.

وشنت إسرائيل هجوماً كبيراً على «حزب الله» في سبتمبر (أيلول)، بعد عام تقريباً من اندلاع الأعمال القتالية عبر الحدود بسبب الحرب في قطاع غزة، ودكت مساحات واسعة من لبنان بضربات جوية وأرسلت قوات برية إلى الجنوب.

عناصر إنقاذ ومواطنون يبحثون عن ضحايا في موقع الغارة الإسرائيلية بوسط بيروت (أ.ب)

واندلع الصراع بعد أن فتح «حزب الله» النار تضامناً مع «حماس» التي شنت هجوماً على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وزار المبعوث الأميركي إلى لبنان آموس هوكستين لبنان وإسرائيل الأسبوع الماضي في محاولة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار. وتحدث هوكستين عن إحراز تقدم بعد اجتماعاته يومي الثلاثاء والأربعاء في بيروت قبل أن يتوجه إلى إسرائيل للاجتماع مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس.