«مجزرة النصيرات»: شهود يروون «أهوال يوم القيامة» خلال العملية الإسرائيلية

دمار واسع في النصيرات جراء عملية تحرير الرهائن الإسرائيليين (أ.ف.ب)
دمار واسع في النصيرات جراء عملية تحرير الرهائن الإسرائيليين (أ.ف.ب)
TT

«مجزرة النصيرات»: شهود يروون «أهوال يوم القيامة» خلال العملية الإسرائيلية

دمار واسع في النصيرات جراء عملية تحرير الرهائن الإسرائيليين (أ.ف.ب)
دمار واسع في النصيرات جراء عملية تحرير الرهائن الإسرائيليين (أ.ف.ب)

اختارت إسرائيل أكثر لحظات مخيم النصيرات ازدحاماً يوم السبت، لتدفع بعشرات من جنودها تحت غطاء كثيف من نيران المدفعية والطيران، لتخليص 4 من أسراها بقوا بين أيدي أعضاء حركة «حماس» أكثر من 8 أشهر.

انتهت العملية باستعادة امرأة و3 رجال إسرائيليين ومقتل أكثر من 200 فلسطيني وإصابة مئات آخرين، في ثاني عملية من نوعها تنجح فيها إسرائيل بعد عملية مخيم الشابورة برفح في فبراير (شباط) الماضي. لكن الثمن هذه المرة كان دماء أكثر سالت في دقائق معدودات.

 

تقول صحافية فلسطينية كانت شاهدة على ما جرى في وسط قطاع غزة، إن القوة العسكرية التي قال الجيش الإسرائيلي إنها ضمت أيضاً عناصر من جهاز الأمن العام (الشاباك) والشرطة، بدأت بتطويق منطقة النصيرات بالكامل من مختلف الاتجاهات، قبل أن يخرج عشرات الجنود، مما يعتقد أنها شاحنات تحمل لوحات فلسطينية، ويبدأوا في إطلاق النار بكثافة.

 

وأضافت الصحافية التي تحفظت على ذكر اسمها لأسباب أمنية في مقطع صوتي أرسلته لوكالة «أنباء العالم العربي»: «أنا كنت على دوار النصيرات... ما رأينا إلا هذا القصف الرهيب. قصف كتير. صارت زي أهوال يوم القيامة أقسم بالله... الناس صارت تجري... تجري في كل مكان... صارت القناصة تقنص في كل مكان... في كل مكان... والطيران يقصف والمدفعية تقصف».

 

وتابعت في وصفها للعملية: «قالوا قوة خاصة... رأينا الدبابات تأتي من جهة النخيل... من شرق البريج... دخلوا على (شارع) صلاح الدين مباشرة... جاءوا من نتساريم... حوطوا محيط نتساريم ومنطقة العودة وجاءوا من شارع الطاقة. جاءوا من شارع البريج وحاوطوا النصيرات كلها... وأول ما القوة الخاصة جاءت... طبعاً عملية الإنزال شفناها كويس عند مستشفى العودة... كانوا يمكن ولا 30 جندياً... وصار اللي صار».

 

أعادت مروحيات إسرائيلية بعدها بقليل كلاً من نوعا أرغماني (25 عاماً) وألموع مئير (21 عاماً) وأندري كوزلوف (27 عاماً) وشلومي زيف (40 عاماً) إلى داخل إسرائيل. واحتفى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وساسة إسرائيل بالعملية التي جاءت بعد 3 أشهر من تخليص مسنين إسرائيليين من قبضة مسلحين برفح في فبراير الماضي، في عملية انتهت يومها بمقتل أكثر من 100 فلسطيني.

رمات غان: رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (اليمين) يصافح الرهينة الإسرائيلي شلومي زيف في مركز شيبا تل هاشومير الطبي (د.ب.أ)

 

من زاوية أكثر قرباً، يقول شاهد آخر إن القوة المتسللة نفذت حزاماً نارياً كاملاً حول المنطقة، استخدمت فيها أسلحة مختلفة من مقاتلات «إف - 16» إلى مسيّرات «كواد كابتر» المسلّحة.

فلسطينيون يتفقدون منزلاً تعرض لضربة إسرائيلية في النصيرات (رويترز)

والحزام الناري هو طوق نيران يستخدم لإبعاد الطرف الآخر عن منطقة بعينها. وفي حالة غزة، يستخدمه الجيش الإسرائيلي لإخلاء مناطق محددة من المسلحين أو المدنيين تمهيداً لدخولها.

 

أين المفر؟

على بعد لا يزيد على 400 متر، كان موقع منزلين هما هدف العملية في المخيم الذي يصفه مسؤول في قطاع غزة لوكالة «أنباء العالم العربي»، بأنه أكثر نقاط قطاع غزة ازدحاماً في الوقت الحالي، بعد دفع مئات الآلاف للرحيل عن رفح في أقصى الجنوب وانتفاء مظاهر الحياة تقريباً فوقها في خان يونس.

 

يقول شاهد العيان الذي طلب عدم التصريح باسمه: «بدأوا بغطاء ناري كثيف جداً ساعة العملية... ضربوا أحزمة نارية على بعد 300 أو 400 متر من المكان اللي فيه المحتجزين... ضربوا الحزام الناري وكان كل شيء لديهم يضرب النار. (مسيّرات) الكواد كابتر بتضرب والمدفعية بتضرب... والمروحية بتضرب والإف - 16 كمان... كل الدنيا كانت تضرب».

الفلسطينيون ينتقلون إلى مناطق أكثر أماناً بعد عمليات نفذتها القوات الخاصة الإسرائيلية في مخيم النصيرات (د.ب.أ)

وأضاف: «الشهداء كانوا على الأرض والناس مش لاحقة تشيل شهداء».

ولا يحدد الشهود مصير الذين كانوا يتولون مسؤولية حراسة الإسرائيليين الأربعة الذين تقول إسرائيل إنهم اقتيدوا من حفل موسيقي في مستوطنة قرب غزة صباح 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

لكن شاهد العيان القريب قال إن الجنود المتسللين أطلقوا قنابل دخان بشكل كثيف جعلت حركة الجميع، بمن فيهم المسلحون، بالغة الصعوبة.

فلسطينيون يحملون جثمان أحد قتلى العملية الإسرائيلية لتحرير 4 رهائن من مخيم النصيرات للاجئين (د.ب.أ)

وأضاف: «ضربوا قنابل دخان. غطوا على العملية بشكل رهيب. تعرف لما يصير القصف بهذه الطريقة الحركة بتكون صعبة جداً... على المقاومين... وعلى اللي بيحرسوا وعلى المواطنين... الكل بيشوف مكان يختبئ فيه من الضرب. الناس كانت بتهرب وهما (الإسرائيليين) بينفذوا العملية. علشان هيك كانت عمليتهم ناجحة... قتل منهم ضابط أثناء العملية. والله أعلم بيقولوا قتل بنيران صديقة».

فلسطينيون يتلقون العلاج في مستشفى شهداء الأقصى بعد الغارات الإسرائيلية على مخيم النصيرات للاجئين (د.ب.أ)

يرجع خبير رسم السياسات الأمنية محمد القاسم ما جرى، لما وصفها بأنها «زاوية ضعف» في حراسة الأسرى يعتقد أن وراءها «مبالغة (حماس) في الحفاظ على صحة الرهائن».

 

وأضاف لوكالة «أنباء العالم العربي» في رسالة نصية من عمّان: «هل هي نقطة ضعف أو خلل عسكري؟ بعد 8 أشهر من الحرب الإسرائيلية المدمرة لا بد في الحروب أن تكون هناك نقاط تفوق لأي طرف... هي كر وفر ونقاط خسارة للطرف المقابل».

وتابع الخبير الأردني: «نحن هنا لا نتحدث عن جيش، بل نتحدث عن قوة مقاومة. بالتالي هي زاوية ضعف أكيد... اخترقها الشاباك المدجج بكل هذه التكنولوجيا... لكن قد تكون المعلومات التي وصلت إلى الشاباك من خلال مبالغة (حماس) في الحفاظ على صحة الرهائن وتوفير المسكن لهم في ظروف معينة. وهذا يخدم (حماس) من زاوية إعلامية وما إلى ذلك... لكن في زاوية أخرى كان عليهم الانتباه لها، وهي أن كثرة المبالغة في هذا الأمر إن كانت مبالغة حقيقية... فقد تكون المعلومات التي قدمت للشاباك من خلال الملف الطبي».

 

هل لا تزال النصيرات منطقة آمنة؟

يروي الشاهد القريب كيف رصد السكان في مخيم النصيرات عدداً ليس بقليل من الشاحنات التي يستقلها مدنيون. ويقول فلسطينيون إن إسرائيل استخدمت هذه المرة شاحنات مساعدات مغلقة.

الفلسطينيون ينتقلون إلى مناطق أكثر أماناً بعد عمليات نفذتها القوات الخاصة الإسرائيلية في مخيم النصيرات (أ.ف.ب)

ورغم انتقادات الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش لما وصفها بأنها «العمليات العسكرية الإسرائيلية التي لا تزال تحصد العشرات من المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة»، وتصريح مقررة الأمم المتحدة الخاصة بالأراضي الفلسطينية المحتلة فرنشيسكا ألبانيز، بأن جنوداً إسرائيليين اختبأوا داخل شاحنة مساعدات لتنفيذ عملية لاستعادة 4 أسرى بوسط غزة، فإن الجيش الإسرائيلي نفى ذلك تماماً، وقال إن جنوده لم يستخدموا في النصيرات أي سيارة أو شاحنة مساعدات.

كما نفى أدرعي استخدام الجيش الإسرائيلي للرصيف البحري الأميركي على سواحل غزة، في الدخول إلى النصيرات «بأي شكل من الأشكال».

في الوقت نفسه، نفت القيادة المركزية الأميركية استخدام الرصيف البحري المؤقت في غزة، أو أي من المعدات أو العناصر الموجودة به في عملية تحرير محتجزين إسرائيليين بالقطاع أمس (السبت).

وأضافت في بيان: «الإسرائيليون استخدموا منطقة إلى الجنوب من الرصيف البحري في غزة لإعادة المحتجزين لإسرائيل سالمين»، مؤكدة أن «أي مزاعم مخالفة لذلك عارية عن الصحة».

لكن ألبانيز أشارت رغم ذلك إلى ضيقها من تخليص الأسرى الأربعة «على يد قوات إسرائيلية... اختبأت داخل شاحنة مساعدات».

واتهمت ألبانيز إسرائيل باستخدام الرهائن «لإضفاء الشرعية على قتل الفلسطينيين وتجويعهم» في غزة.

 

حدث هذا في النصيرات، وهي منطقة وإن أشبعتها إسرائيل قصفاً في الأسابيع الماضية، فإنها تبقى الوحيدة في القطاع التي لم تتوغل فيها قوة إسرائيلية قبل اليوم.

صبي مصاب يقف في مدرسة تابعة لـ«الأونروا» بمخيم النصيرات (أ.ف.ب)

وقال الشاهد القريب لوكالة «أنباء العالم العربي» إن نجاح إسرائيل في اختراق المنطقة يرجع لعمليات تمويه متنوعة نفذتها خلال الأيام الماضية في النصيرات ومحيطها.

وأضاف: «بدأوا الساعة 11 صباحاً... طلعوا شائعة إن فيه خيمة سيتم قصفها في مستشفى شهداء الأقصى... هذا المستشفى فيه كل الإعلاميين والصحافيين وفيه خيام للنازحين في المكان. طبعاً لما طلع الخبر إنه بده يصير قصف في المستشفى بدأت الناس تخلي وصارت الفوضى».

وصف الشاهد موقع مستشفى شهداء الأقصى قرب المخيم المزدحم، ورسم لنا مكانه على الخط ذاته مع المخيم.

 

قال: «هو مستشفى بعيد عن النصيرات بأقل من كيلومتر واحد. كلهم على نفس الخط الداخلي الطريق يعني... المستشفى على نفس الخط اللي بيجمع المستشفى مع الزوايدة مع النصيرات... وغير كدا الجيش الإسرائيلي توغل اليوم في منطقة دير البلح وصارت اشتباكات... كان الجيش يحاول يجذب المقاتلين اللي في الوسطى إلى دير البلح بحيث يخفف الضغط على المنطقة اللي عاوز يدخل عليها... هي منطقة فارغة اسمها أبو العجين، ولا أعتقد أن فيها أي شيء يخلي الجيش يتوغل فيها. وطلعوا شائعة بأن فيه الاشتباكات وصارت الدبابات تضرب... كانوا يضربون بحيث يجذبون انتباه المقاومة ويشتتوها».

يعتقد مصدر سياسي فلسطيني أن عجز أفراد الحراسة عن التصدي للهجوم وراءه الغارات الكثيفة التي تعرضوا لها، خصوصاً أن المنطقة كانت بين تلك التي تصنفها إسرائيل «مناطق آمنة».

وقال: «صار الاجتياح لمخيم 2 القريب من نتساريم... أما داخل النصيرات أو المنطقة التي يطلق عليها الهايبر مول اللي هي في المخيم وهي منطقة كتير واسعة ومكتظة جداً بالناس. طبعاً هما اختاروا توقيت وقت الذروة بالضبط وطلعوا الإشاعة الخاصة بدير البلح ومواضيع التصعيد وضرب القنابل من أيام في المناطق المحاذية».

فلسطيني يحمل طفلته المصابة من الاجتياح الإسرائيلي للمخيم (د.ب.أ)

وأضاف: «في ساعة الصفر كانوا مراقبين البيتين. فاجأوا الشباب اللي كانوا بيحرسوا واللي كانوا المفروض يفجروا نفسهم ودخلوا ثبتوهم أو قتلوهم... وأخذوا الأسرى. كانت عملية الإسناد كبيرة لأنه من الصعب جداً إنك تنزل مروحية في منطقة مثل هذه... لو أي حد شاف المروحية من فوق أي بيت كان ضربها بسلاحه وقعها وصارت ضربة كبيرة».

 

هل تكررها إسرائيل؟

بين تخليص المسنين فرناندو مرمان (60 عاماً) ولويس هر (70 عاماً) من مخيم الشابورة برفح في 9 فبراير والعودة بالشبان الأربعة من مخيم النصيرات أمس (السبت)، تفرغ الجيش الإسرائيلي للقصف الجوي والمدفعي ومحاولات السيطرة على مناطق من رفح في أقصى جنوبي القطاع.

لكن الضابط السابق في المخابرات الأردنية عمر الرداد، يعتقد أن الجيش سيعاود الكرة لمحاولة تخليص أكبر عدد ممكن من الأسرى من قبضة الفصائل الفلسطينية بعد العملية التي نفذتها قواته اليوم.

وأضاف الرداد لوكالة «أنباء العالم العربي» في رسالة نصية من عمّان: «من المرجح أن يفتح النجاح الإسرائيلي بهذه العملية شهية الجيش والأجهزة الأمنية لتكرارها، وربما بأساليب وتفاصيل جديدة مختلفة. ومن المؤكد أن أي نجاحات مقبلة ستعزز مقاربات إسرائيلية بأن تحرير الرهائن ممكن عبر العمل العسكري والأمني، وهو ما يعني تقليل فرص التفاوض، وبالتالي انتزاع اهم أوراق (حماس) بهذه الحرب».

لكن خبير رسم السياسات الأمنية محمد القاسم، يعتقد أن «حماس» ستكون أكثر حذراً في تعاملها مع الأسرى، خصوصاً في ظل ضيق المساحة التي تتحرك بها بعد توغل الجيش الإسرائيلي في رفح.

وأضاف لوكالة «أنباء العالم العربي»: «هل ستكون هناك عمليات أخرى؟ هذا يعتمد على ما أرادت إسرائيل تحقيقه من هذه العملية. هل أرادت الحصول على صورة تعطيها النصر بحيث عندما تتم الموافقة على مقترح بايدن يكون نتنياهو قد قدم نفسه للمجتمع الإسرائيلي باعتباره منتصراً... أنا وقعت الاتفاقية بعد نصر كبير؟ هل تريد إسرائيل هذه الصورة؟».

وتابع: «إسرائيل قد تستخدم هذه العملية اليوم ورقة ضغط على (حماس) للحصول على مزيد من التنازلات أو لإشعار (حماس) والفلسطينيين بالهيبة المفقودة منذ 7 أكتوبر. وبالتالي تستطيع إسرائيل من خلال هذه العملية أن تفرض على أرض الواقع نقاطاً وشروطاً تفرضها هي».


مقالات ذات صلة

هجوم إسرائيلي يستهدف معبراً بريف حمص عند الحدود السورية - اللبنانية

المشرق العربي الدخان يتصاعد من المباني بعد قصف سابق على حمص (أرشيفية - رويترز)

هجوم إسرائيلي يستهدف معبراً بريف حمص عند الحدود السورية - اللبنانية

ذكرت «وكالة الأنباء السورية»، السبت، أن الطائرات الإسرائيلية شنّت هجوماً استهدف معبر جوسية بمنطقة القصير في ريف حمص عند الحدود السورية - اللبنانية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شؤون إقليمية جندي إسرائيلي في مدينة الخليل بالضفة الغربية المحتلة (أ.ف.ب)

أعمال شغب لعشرات المستوطنين ضد عسكريين إسرائيليين في الضفة... واعتقال 5 منهم

قال الجيش الإسرائيلي، اليوم (السبت)، إن عشرات المستوطنين قاموا بأعمال شغب في مستوطنة إيتمار بالضفة الغربية ضد عسكريين بالجيش الإسرائيلي.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي عناصر من الدفاع المدني يعملون في موقع غارة إسرائيلية استهدفت منطقة البسطا في بيروت (رويترز)

إسرائيل تطبق الحصار على مدينة الخيام تمهيداً لاقتحامها

قطعت القوات الإسرائيلية خطوط الإمداد إلى مدينة الخيام، وأحكمت طوقاً على المقاتلين الموجودين فيها، بعد تقدمها إلى بلدة ديرميماس المشرفة على مجرى نهر الليطاني

نذير رضا (بيروت)
المشرق العربي عمال إنقاذ يبحثون بين الركام عن ناجين في موقع استهداف إسرائيلي لمنطقة البسطة في وسط بيروت (أ.ب)

تضارب حول اغتيال رئيس «هيئة العمليات» بـ«حزب الله» في غارة وسط بيروت

تضاربت الأنباء حول هوية القيادي من «حزب الله» الذي استهدفته غارة إسرائيلية عنيفة في وسط العاصمة اللبنانية، أدت إلى مقتل 11 شخصاً وإصابة آخرين بجروح

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي مبنى مدمّر نتيجة القصف الإسرائيلي في جباليا بشمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

«القسام»: مقتل أسيرة في هجوم إسرائيلي على شمال قطاع غزة

أعلن المتحدث باسم «كتائب القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس» الفلسطينية، أبو عبيدة، اليوم (السبت)، مقتل أسيرة إسرائيلية في هجوم إسرائيلي على شمال قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

«جرس إنذار» في العراق من هجوم إسرائيلي واسع

أرشيفية لمُسيّرات تابعة لـ«المقاومة الإسلامية في العراق»
أرشيفية لمُسيّرات تابعة لـ«المقاومة الإسلامية في العراق»
TT

«جرس إنذار» في العراق من هجوم إسرائيلي واسع

أرشيفية لمُسيّرات تابعة لـ«المقاومة الإسلامية في العراق»
أرشيفية لمُسيّرات تابعة لـ«المقاومة الإسلامية في العراق»

ينشغل الفضاء السياسي والشعبي العراقي بصورة جدية هذه الأيام باحتمالات توسيع إسرائيل دائرة حربها، لتشمل أهدافاً كثيرة في عموم البلاد؛ رداً على الهجمات التي تشنها فصائل مسلحة، في حين أشار مصدر مقرب من «التحالف الحاكم» إلى أن جرس الإنذار السياسي يرن في مكاتب الأحزاب الرئيسة هذه الأيام.

وغالباً ما يرتبط الانشغال بمخاوف جدية من استهداف مواقع رسمية ربما تمتد لتشمل مقار حكومية وحقول نفط ومواقع استراتيجية، ولا تقتصر على مقار ومعسكرات الفصائل المتهمة بمهاجمة إسرائيل، حسب مصادر مقربة من قوى «الإطار التنسيقي». وتنقل مصادر صحافية «تقديرات حكومية» عن إمكانية تعرّض البلاد لـ«300 هجوم إسرائيلي».

توسيع دائرة الحرب

يبدو أن المخاوف العراقية السائدة، خصوصاً داخل الأوساط السياسية، إلى جانب الشكوى الإسرائيلية، الأسبوع الماضي، أمام مجلس الأمن الدولي ضد 7 فصائل مسلحة، وتحميل بغداد الهجمات التي تشنها الفصائل ضدها؛ دفعت الحكومة العراقية وعبر وزارة خارجيتها إلى توجيه رسائل رسمية إلى مجلس الأمن، والأمين العام للأمم المتحدة، والجامعة العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي؛ رداً على التهديدات الإسرائيلية ضد العراق.

وقالت وزارة الخارجية، السبت، إن «العراق يُعد ركيزة للاستقرار في محيطيه الإقليمي والدولي، ومن بين الدول الأكثر التزاماً بمبادئ ميثاق الأمم المتحدة».

وأضافت أن «رسالة الكيان الصهيوني إلى مجلس الأمن تمثّل جزءاً من سياسة ممنهجة؛ لخلق مزاعم وذرائع بهدف توسيع رقعة الصراع في المنطقة».

وشددت الوزارة على أن «لجوء العراق إلى مجلس الأمن يأتي انطلاقاً من حرصه على أداء المجلس لدوره في حفظ السلم والأمن الدوليين، وضرورة اتخاذ التدابير اللازمة لوقف العدوان الصهيوني في قطاع غزة ولبنان، وإلزام الكيان الصهيوني بوقف العنف المستمر في المنطقة والكف عن إطلاق التهديدات».

وتابعت أن «العراق كان حريصاً على ضبط النفس فيما يتعلق باستخدام أجوائه لاستهداف إحدى دول الجوار». وشدد على أهمية «تدخل المجتمع الدولي لوقف هذه السلوكيات العدوانية التي تشكّل انتهاكاً صارخاً لمبادئ القانون الدولي».

وأكدت «الخارجية» العراقية «الدعوة إلى تضافر الجهود الدولية لإيقاف التصعيد الإسرائيلي في المنطقة، وضمان احترام القوانين والمواثيق الدولية، بما يُسهم في تعزيز الأمن والاستقرار».

وقد طلب العراق تعميم الرسالة على الدول الأعضاء وإيداعها بوصفها وثيقة رسمية لدى المنظمات المعنية، حسب بيان «الخارجية».

السوداني خلال اجتماع طارئ لمجلس الأمن الوطني (رئاسة الوزراء العراقية)

أجواء ما قبل الضربة

يقول مصدر مقرّب من «الإطار التنسيقي»، إن «الأحزاب الشيعية الرئيسة تنظر بجدية بالغة إلى حجم التهديدات الإسرائيلية، وتحثّ حكومة السوداني على اتخاذ جميع الوسائل والإجراءات الكفيلة بتجنيب البلاد ضربة إسرائيلية محتملة».

ويؤكد المصدر «قيام جميع قادة الفصائل والقادة الشيعة البارزين باختيار مواقع بديلة، وتتحرك في أجواء من التكتم والسرية، وقد جرى بشكل مؤكد استبدال أماكن أخرى بمعظم المواقع العسكرية التابعة لها».

وحول ما يتردد عن طيران إسرائيلي يجوب الأجواء العراقية، ذكر أن «لا شيء مؤكداً حتى الآن، لكنه غير مستبعد، خصوصاً أن الأجواء العراقية تسيطر عليها القوات الأميركية، وليست لدى العراق قدرة على إيقاف تلك الخروقات، ويفترض أن تقوم الجهات الأمنية بتبيان ذلك».

وتقدّم العراق رسمياً، نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بمذكرة احتجاج رسمية إلى الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة، وإلى مجلس الأمن الدولي، تضمّنت إدانة «الانتهاك الصارخ» الذي ارتكبته إسرائيل بخرق طائراتها أجواءَ العراق وسيادته، واستخدام مجاله الجوي لضرب إيران.

دبلوماسية وقائية

يقول المحلل والدبلوماسي السابق غازي فيصل، إن الرسائل التي وجّهتها الحكومة العراقية إلى مجلس الأمن وبقية المنظمات الدولية والإسلامية، بمثابة «دبلوماسية وقائية»، تريد من خلالها تجنيب البلاد ضربة إسرائيلية محتملة.

ويعتقد فيصل أن الهجوم الإسرائيلي إذا وقع فإنه «سيستهدف فصائل مسلحة سبق أن وجّهت أكثر من 200 طائرة وصاروخ، ومستمرة في تهديداتها».

ويؤكد أن «فصائل مسلحة عراقية موالية لطهران تحشد في منطقة قضاء سنجار التي تمثّل موقعاً استراتيجياً على الطريق بين إيران والأراضي السورية للدعم اللوجيستي وتسليح القواعد في سوريا والعراق، وشن هجمات نحو القوات الأميركية و(التحالف الدولي)، والجولان، وهي واحدة من القواعد الاستراتيجية المهمة لـ(الحرس الثوري) الإيراني في العراق».

ويضيف فيصل أن «الفصائل المسلحة تصر على الاستمرار في الحرب، وترفض موقف الحكومة الذي يدعو إلى التهدئة والحياد ورفض الاعتداءات الإسرائيلية، وضمان حق الشعب الفلسطيني ورفض الاعتداء على لبنان».

كما أن رسائل الحكومة تأتي في سياق أنها «ليست مسؤولة بشكل مباشر عن استراتيجية الفصائل التي هي استراتيجية ولاية الفقيه الإيرانية. الرسالة جزء من الدبلوماسية الوقائية لتجنيب العراق الحرب ونتائجها الكارثية».

وسبق أن كرّر العراق مراراً عدم سماحه باستخدام أراضيه لمهاجمة دول الجوار أو أي دولة أخرى؛ لكن بعض الآراء تميل إلى أنه قد يسمح لإيران بذلك في حال شنّت إسرائيل هجوماً عليه.

عناصر من «حركة النجباء» العراقية خلال تجمع في بغداد (أرشيفية - أ.ف.ب)

300 هجوم إسرائيلي

من جانبه، تحدّث عمر الشاهر -وهو صحافي عراقي مطلع على نقاشات النخبة السياسية حول التصعيد في المنطقة- أن «الحكومة لديها تقديرات مقلقة بشأن الأمن القومي العراقي، تشير إلى إمكانية تعرّض البلاد إلى قرابة 300 هجوم من طرف الكيان اللقيط المغتصب، في بحر 3 أيام».

وقال الشاهر، في تدوينة له عبر «فيسبوك»: «ليست هناك معلومات محددة عن طبيعة الأهداف ونوعيتها، ولكن فكرة تعرّض العراق إلى 100 هجوم يومياً على مدار 3 أيام جديرة بإثارة الهلع!».

وأضاف أن «جزءاً كبيراً من المعلومات التي استندت إليها حكومتنا في بناء تقديراتها، جاء من حلفاء دوليين كبار، تتقدمهم الولايات المتحدة، وأجزاء أخرى متفرقة جاءت من حلفاء ثانويين، ومن أطراف عراقية متداخلة في التطورات الإقليمية الراهنة».