مئات الآلاف يواجهون خطر الحرمان من الرعاية الصحية في إدلب

توقف التمويل يهدد عمل عشرات المنشآت الطبية في شمال غربي سوريا

TT

مئات الآلاف يواجهون خطر الحرمان من الرعاية الصحية في إدلب

مئات الآلاف يواجهون خطر الحرمان من الرعاية الصحية في إدلب

تقف امرأة في أشهر حملها الأخيرة أمام مشفى «السلام»، في مدينة حارم، بريف إدلب الشمالي، وتنظر إلى المبنى الطابقي الذي يبدو مهجوراً قبل أن تتابع مسيرها بعيداً، لم تغرها اللافتة التي توضح اختصاص المشفى بالصحة الإنجابية والأطفال، إذ أصبح تراجع العمل فيه معروفاً منذ شهور بسبب توقف الدعم، أي نقص التمويل، الذي يهدّد أيضاً عمل عشرات المراكز والمنشآت الطبية في المنطقة خلال الأشهر الآتية.

حواضن الأطفال الرضع لم تستخدم منذ أشهر في مشفى السلام (الشرق الأوسط)

القابلة حسناء عليكو تتطوع يومين في الأسبوع للعمل مجاناً داخل المشفى. «النساء لا يعلمن أين عليهن الذهاب منذ توقف الدعم»، كما قالت لـ«الشرق الأوسط».

في السابق كان المشفى يقدم جميع الخدمات من التوليد الطبيعي والجراحات القيصرية والعناية بالأطفال وتوفير الدواء والخدمة المجانية للسيدات ضمن المدينة وفي المخيمات المحيطة.

اليوم تقتصر الخدمة على الاطمئنان على الجنين وكتابة الوصفات الطبية، ولكن أغلب المراجعات «لا يملكن ثمن الدواء» كما قالت حسناء، التي أشارت إلى أن المنطقة بأكملها، التي تضم نحو 300 ألف شخص، لا تتوافر فيها عيادة نسائية ولا مشفى بديل، ما يعني اضطرار النساء لقطع مسافات بعيدة ودفع تكاليف باهظة في المشافي الخاصة للحصول على الخدمة، وهو ما يعرض النساء لـ«الخطر»، حسب وصف القابلة التي تملك خبرة 30 عاماً في المجال الطبي، وأعطت حسناء مثالاً: «أحياناً تأتي امرأة لتلد وهي معرضة للنزيف الحاد ولا نستطيع مساعدتها ولا تعرف أين عليها الذهاب لأنها لا تملك المال».

القابلة حسناء عليكو تعمل متطوعة في مشفى السلام (الشرق الأوسط)

مشافٍ مهجورة

لا تنقص المعدات في مشفى «السلام». غرف العمليات تُركت كما هي منذ توقف العمل في الشهر التاسع من العام الماضي، وحواضن الرضع وغرف الانتظار تشكلت فوقها طبقة كثيفة من الغبار، وبينما يعمل القائمون عليه للحصول على دعم جديد، لكن «لا وعود جدية لعودة التمويل» حسبما قال المدير الإداري للمشفى قدري عدلة.

يستمر بعض العاملين في المشفى بتأدية مهامهم بشكل تطوعي، لكنهم غير قادرين على تقديم سوى 10 في المائة من الخدمة السابقة. قال قدري لـ«الشرق الأوسط» إنه لا يوجد سبب لإيقاف الدعم سوى عدم وجود المنح، وهو السبب نفسه الذي أدى لتوقف عمل العديد من المشافي الأخرى في المنطقة. وأضاف: «توقف الدعم أثر بشكل سلبي على المستفيدين، معظم المشافي المجاورة توقف الدعم عنها ومشفى النسائية والأطفال هو الوحيد بالمنطقة ولا يوجد مركز صحي بالمدينة، ما أدى إلى لجوء المريضات للقطاع الخاص أو اللجوء للسفر 27 كيلومتراً باتجاه سرمدا أو 15 كيلومتراً باتجاه سلقين، والناس غير قادرين على تحمل التكاليف للتنقل ولا ثمن الأدوية».

المدير الإداري لمشفى السلام قدري عدلة (الشرق الأوسط)

مديرية الصحة في إدلب عقدت اجتماعاً في النصف الأول من شهر مايو (أيار)، ضم المنظمات الطبية العاملة في المنطقة، لمناقشة المخاطر التي تهدد القطاع الصحي. وقال مدير صحة إدلب، الدكتور زهير قراط، خلال الاجتماع، إن 77 منشأة طبية تعمل بلا دعم في المنطقة، بينها 17 مشفى مختصاً بالنسائية والأطفال، ومع نهاية يونيو (حزيران) سيرتفع هذا العدد إلى 112 منشأة تخدم نحو 1.5 مليون شخص.

الحلقة المفرغة للمرض

أوضح الدكتور حسام قرة محمد، معاون مدير صحة إدلب، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن نسب انخفاض الدعم خلال العام الحالي تتراوح بين 30 و40 في المائة من المنح العامة مقارنة بالعام الماضي، الذي كان قد شهد بالفعل انخفاضاً بنسبة 50 في المائة عن الأعوام السابقة.

معاون مدير صحة إدلب الدكتور حسام قرة محمد (الشرق الأوسط)

القطاع الصحي «عالي الاستهلاك» حسب وصف الدكتور حسام، ونقص الدعم ينعكس على الصحة العامة. وقال: «ستزداد الوفيات والأمراض وسندخل في حلقة مفرغة من الحاجة للمشافي والرعاية الصحية الأولية غير المتوفرة بسبب نقص الدعم».

يحتاج 4 ملايين شخص للرعاية الصحية في شمال غربي سوريا من أصل 5.06 مليون يقيمون فيها، وكما توضح أرقام الأمم المتحدة فإن القطاع يعاني أصلاً من ضغوط شديدة لتلبية الاحتياج، إذ إن أعداد الكوادر الصحية بالنسبة للسكان هي نصف المعدل العالمي، (11.2 عامل في مجال الصحة لكل 10 آلاف شخص في الشمال الغربي، بينما المعدل العالمي يبلغ 22)، وأعداد الأسرّة المتوفرة أقل من نصف المعدل العالمي (6.8 سرير لكل 10 آلاف شخص في الشمال الغربي، بينما يبلغ المعدل العالمي 18 لذات العدد).

غرف العمليات والمعدات الطبية قليلة في إدلب ولكن نقص الدعم يحول دون استخدام المتوافر منها (الشرق الأوسط)

راميش راجاسينغام، مدير قسم التنسيق في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، حذر في خطابه لمجلس الأمن في 25 أبريل (نيسان) الماضي من آثار نقص الدعم للقطاع الصحي في سوريا، وقال: «للأسف سيحرم على الأغلب الكثير من الناس من المساعدات الأساسية التي يحتاجونها في حال استمرار نسب نقص الدعم الحالية، مئات المنشآت الصحية وفرق الصحة المتنقلة يواجهون خطر الإغلاق خلال الأشهر المقبلة، ما يؤثر على الحصول على الرعاية المنقذة للحياة للملايين من الناس بما في ذلك خدمات رعاية الحضانة والصحة النسائية والإنجابية التي تحتاجها 4.1 مليون امرأة وفتاة بعمر الإنجاب».

نقص الدعم المستمر خلال الأعوام الماضية دفع الأمم المتحدة لطلب مبلغ أدنى من الأعوام السابقة، بقيمة 4.07 مليار دولار لمساعدة 10.8 مليون شخص من أصل 16.7 مليون بحاجة للمساعدة لعام 2024، إذ لم تحصل العام الماضي سوى على 37.8 في المائة من المبلغ المطلوب الذي كان بقيمة 5.4 مليار دولار، وفي حين تصل متطلبات قطاع الصحة إلى 598 مليون دولار لعام 2024، يواجه القطاع فجوة أساسية تبلغ 359 مليوناً.

المعدات الطبية في مشفى السلام متروكة بلا استخدام بعد توقف الدعم (الشرق الأوسط)

في إدلب، حسب البيان الذي نشرته مديرية الصحة في 14 من مايو (أيار)، لم تجد المنظمات ومديرية الصحة حلولاً لمواجهة خطر توقف الدعم، سوى التنسيق معاً للعمل على تخفيض النفقات والتكاليف على المراجعين والبحث عن مانحين جدد. وأوضح الدكتور حسام أن المديرية ستسعى لإشراك القطاع الخاص بالعمل الخيري لتخفيض قيمة الخدمة التي توفرها للسكان الذين يعاني 90 في المائة منهم من الفقر، ليتمكن المريض من دفع تكاليف الرعاية الصحية الخاصة عند الحاجة.


مقالات ذات صلة

تركيا: استهداف إسرائيل لـ«حماس» و«حزب الله» غايته إجبار الفلسطينيين على الهجرة

شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (الخارجية التركية)

تركيا: استهداف إسرائيل لـ«حماس» و«حزب الله» غايته إجبار الفلسطينيين على الهجرة

أكدت تركيا أن هدف إسرائيل الرئيسي من ضرب حركة «حماس» في غزة و«حزب الله» في لبنان هو جعل الفلسطينيين غير قادرين على العيش في أرضهم وإجبارهم على الهجرة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي جندي من قوات «اليونيفيل» في برج مراقبة قرب قرية مارون الراس اللبنانية (إ.ب.أ)

إصابة 4 من جنود «اليونيفيل» الإيطاليين في لبنان وروما تُحمّل «حزب الله» المسؤولية

أصيب 4 جنود إيطاليين في هجوم على مقر قوة الأمم المتحدة المؤقتة بلبنان «اليونيفيل» ببلدة شمع جنوب لبنان، وفق ما أعلن مصدران حكوميان، الجمعة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الولايات المتحدة​ مسعفون من جمعية «الهلال الأحمر الفلسطيني» ومتطوعون في الفريق الوطني للاستجابة للكوارث (أ.ب)

الأمم المتحدة: عمال الإغاثة الذين قُتلوا في 2024 أعلى من أي عام آخر

أعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن عدد عمال الإغاثة والرعاية الصحية الذين قُتلوا في 2024 أعلى من أي عام آخر، بحسب «أسوشييتد برس».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي الدخان يتصاعد من موقع غارة جوية إسرائيلية استهدفت حياً في الضاحية الجنوبية لبيروت - 22 نوفمبر 2024 وسط الحرب المستمرة بين إسرائيل و«حزب الله» (أ.ف.ب)

الاتحاد الأوروبي يجدد الدعوة لوقف إطلاق نار فوري في لبنان والالتزام بالقرار «1701»

دعت بعثة الاتحاد الأوروبي إلى لبنان، اليوم (الجمعة)، مجدداً إلى التوصل لوقف فوري لإطلاق النار والالتزام بتنفيذ قرار مجلس الأمن «1701» بشكل كامل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي هاربون من الحرب بلبنان يعبرون منطقة المصنع التي استهدفتها إسرائيل (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة: الغارات على تدمر هي «على الأرجح» الأسوأ في سوريا

قالت نجاة رشدي، نائبة المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، أمام مجلس الأمن: «ازدادت الغارات الإسرائيلية في سوريا بشكل كبير، سواء من حيث الوتيرة أو النطاق».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

النزوح يضاعف معاناة المرضى اللبنانيين المصابين بالأمراض المزمنة

مرضى يخضعون لعلاج غسيل الكلى في مستشفى مرجعيون بجنوب لبنان (رويترز)
مرضى يخضعون لعلاج غسيل الكلى في مستشفى مرجعيون بجنوب لبنان (رويترز)
TT

النزوح يضاعف معاناة المرضى اللبنانيين المصابين بالأمراض المزمنة

مرضى يخضعون لعلاج غسيل الكلى في مستشفى مرجعيون بجنوب لبنان (رويترز)
مرضى يخضعون لعلاج غسيل الكلى في مستشفى مرجعيون بجنوب لبنان (رويترز)

خرج يوسف زريق (70 سنة) نازحاً من بلدته شقرا الجنوبية، منذ بدء الحرب الموسعة على لبنان في 23 سبتمبر (أيلول) الماضي، إلى إحدى قرى شرق صيدا، وبعد 16 يوماً من النزوح خضع لجلسة العلاج الكيميائي الأولى، في مستشفى سبلين الحكومي.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «دواء الوزارة متوفر، لكن الطبيب المتابع ارتأى، بسبب وضعي الصحي ونتائج الفحوص التي أجريت لي، استبدال دواء آخر به، لا تؤمّنه الوزارة، دفعت ثمنه 62 دولاراً، وهي كلفة مرتفعة عليّ، ونحن نازحون، نحاول تأمين احتياجاتنا الأساسيّة والضرورية جداً ليس أكثر»، خصوصاً أن غالبية الناس، ممن نزحوا من مناطقهم، توقفت مصالحهم وأشغالهم، ولا مصدر رزق لهم، ولا يعلمون متى ستنتهي الحرب، وإن كانت أرزاقهم وبيوتهم لا تزال صامدة أو دمرتها الغارات الإسرائيلية.

وزريق، واحد من اللبنانيين المصابين بالأمراض المستعصية والمزمنة، الذين تضاعفت معاناتهم بفعل النزوح، بعدما انتقلوا للعيش في مراكز الإيواء ومساكن مستأجرة، وهم يحتاجون للعلاج والمتابعة المستمرة مثل مرضى السرطان وغسيل الكلى والقلب وغيرها.

ويشكو زريق من «عدم وجود جمعيات أو أيّ جهة تساعد في دفع تكاليف الدواء الخاص بجلسات أو بعلاج مرضى السرطان، على عكس أدوية الضغط والسكري والدهن، المتوفرة في كل مكان».

ويحتاج زريق راهناً إلى صورة أشعة لا تتوفر سوى في المستشفيات الخاصة، أو في المستشفى الحكومي في طرابلس (شمال لبنان) كما يقول، ومن الصعب عليه جداً أن يتنقل على الطرقات في لبنان بسبب تصاعد وتيرة الغارات والاستهدافات الإسرائيلية في غالبية المناطق، في حين كان يجريها سابقاً في أحد مشافي النبطية.

وقد تمّ تحويل مرضى السرطان الذين يخضعون للعلاج الكيميائي والإشعاعي إلى أقسام العلاج النهاري في المستشفيات القريبة لأماكن النزوح، لكن مشاكل عديدة واجهت كثيراً منهم.

مشكلة سابقة للحرب

وعن واقع المرضى والصعوبات والتحديات في ظل النزوح والحرب، يقول رئيس جمعية «بربارة نصّار»، هاني نصّار، لـ«الشرق الأوسط»: «من المعروف في لبنان أن مشكلة مرضى السرطان سابقة لوجود الحرب، رغم التحسن الكبير الذي طرأ في هذا الخصوص لدى وزارة الصحة، لا سيّما لجهة المكننة وتأمين الدواء إلى أقرب صيدلية لمكان السكن أو المشفى الذي يتلقى فيه المريض العلاج، وهذا سهّل تأمين العلاج للنازحين».

ولهذه الغاية، طلبت الوزارة من جميع مرضى السرطان النازحين الاتصال على الخط الساخن رقم 1214 لإعلامها بمكان السكن الجديد. وقد نزح منذ بداية الحرب، أكثر من ألفي شخص مصاب بالسرطان، تبدلت ملفاتهم، وتحولت أدويتهم من منطقة إلى أخرى، وتمّ ترتيب أمورهم، حسبما يؤكد نصّار.

لكن المشكلة المزمنة، والقديمة، تكمن في قدرة المرضى الشرائية، والتي تدنت كما غالبية اللبنانيين الذين يعيشون تبعات الأزمة الاقتصادية والنقدية في البلاد؛ إذ يقول نصّار: «الحرب ليس لها تأثير أكبر من تأثير الأزمة الاقتصادية بحد ذاتها على مرضى السرطان؛ إذ تؤمن الوزارة بعض العلاجات بشكل مجاني وليس جميعها، ويتحمل المريض تكاليف كبيرة جداً أحياناً، وتصل كلفة الجلسة الواحدة إلى الألف دولار تقريباً».

مشكلة أخرى يشير إليها نصّار، وهي الأدوية التي رُفع عنها الدعم وليست معتمدة من قبل وزارة الصحة حالياً، ولا تتكفل بإعطائها لمرضى السرطان، وتصل كلفتها إلى 6 و8 آلاف دولار، تؤمن الوزارة البديل عنها أحياناً، لكنه عادة يكون أقل فاعلية.

ووفق نصّار، «أحياناً كثيرة لا يتوافر البديل، كدواء مرضى سرطان المبيض الذي تبلغ تكلفته 6 آلاف دولار، وبالتالي تنجو الفتاة في حال كان لديها القدرة على تأمينه من لبنان أو خارجه، وتفقد حياتها في حال العكس، وللأسف الحالات المماثلة كثيرة». مع العلم أن هناك العديد من الأدوية المزورة التي تصل إلى أيدي مرضى السرطان.

عامل رعاية صحية يسير في مستشفى نبيه بري الحكومي في النبطية بجنوب لبنان (رويترز)

مرضى الفشل الكلوي

تتوسع المعاناة لتشمل معظم مرضى الأمراض المستعصية من النازحين. ويُعدّ علي عز الدين (56 سنة) واحداً من بين نازحين كثر يعانون من الفشل الكلويّ، ويحتاجون لإجراء غسيل كلى دورياً، بمعدل ثلاثة أيام أو أكثر في الأسبوع.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «كنت أبحث عن مستشفى ألجأ إليه لإجراء غسيل الكلى، ومن ثمّ أؤمن مسكني، لذا تنقلت بين منطقتين، قبل أن أستقر راهناً في منطقة الروشة على مقربة من مستشفى رفيق الحريري الحكومي».

مرّ أكثر من أسبوع على بدء الحرب الموسعة (23 سبتمبر)، حتّى تمكن عز الدين من الخروج من منزله في بلدة العباسية، قضاء صور، لكن «قبلها أرسلت عائلتي إلى مكان أكثر أماناً، وبقيت أنا لوحدي هناك، كي أجري جلسات غسيل الكلى في موعدها ومن دون انقطاع في مستشفى اللبناني - الإيطالي في صور، وإلّا ستتدهور حالتي الصحّية»، كما يقول، علماً بأن محيط المستشفى تعرض للغارات الإسرائيلية مرات كثيرة.

ويضيف: «بداية لم نتوقع أن الحرب ستطول والضربات ستكون متزايدة وكثيفة خلال مدة قصيرة جداً، إلى أن شعرت بأن المسألة خطيرة، وأن سقف المنزل سيقع على رأسي في أيّ لحظة. عشت تجربة القصف في صور، وخاصة حين كنت أتنقل بين المنزل والمشفى».

ويقول: «تمكنت من ترتيب أمور المستشفى الجديد، في قرنايل بالقرب من عاليه، حيث نزحت واستأجرت منزلاً في المرة الأولى للنزوح، أجريت 4 جلسات غسيل للكلى، لكن الطقس لم يلائمني هناك؛ برد قارس وضباب في المكان»، لينزح مرة أخرى إلى منطقة الروشة، حيث يوجد راهناً؛ كونها آمنة نسبياً حتّى الآن، وعلى مسافة قريبة من المستشفى.

يقارن عز الدين بين الأماكن التي تنقل بينها، وفي المستشفيان «لم يتغير عليّ شيء، سوى أن مدة الجلسة انخفضت من 4 إلى 3 ساعات، بسبب الضغط الهائل على المستشفيات التي نزح إليها المرضى. وللصراحة لم أعتد الأماكن الجديدة، فرغم أنني أعاني من الفشل الكلوي، فإنني كنت أعمل وأمارس حياتي بشكل طبيعي قبل بدء الحرب، والآن ننتظر أن تنتهي، ونعود إلى منازلنا وحياتنا وحتّى المستشفى الذي كنت فيه فقط».

وعن شعوره بالخوف في أثناء التنقل، قال: «بالطبع لدي مخاوف، خصوصاً أن لا شيء يردع إسرائيل؛ إذ إنها تقتل بلا رحمة وتدمر المقدسات، وبالتالي يسهل عليها قصفنا، ونحن على الطرقات وحتّى على أسرّة المستشفيات».

متطوعون يعدون وجبات الطعام للنازحين إلى مراكز إيواء مؤقتة في بعلبك بشرق لبنان (أ.ف.ب)

أمراض أخرى أيضاً

تقصد عبير، النازحة من بلدتها في بنت جبيل إلى الفوار، قضاء زغرتا، أحد المستوصفات التي تقدم خدماتها للنازحين، لتحصل على الأدوية الضرورية التي تحتاج إليها وعائلتها؛ كالسكري والضغط والغدة والقلب.

تقول لـ«الشرق الأوسط»: «منذ نزحنا إلى هنا، قبل نحو شهرين، قصدت المركز مرتين، وفي المرتين حصلت على ما يحتاج إليه والديّ، فهما يعانيان من أمراض مزمنة، ويحتاجان للدواء باستمرار، أو بالأحرى عند بداية كل شهر».

وتضيف: «يتوفر في المركز أيضاً أطباء باختصاصات مختلفة، وجميع هذه الخدمات كانت مجانية»، لافتة إلى أن الأدوية التي حصلت عليها كانت بديلاً متوفراً في المركز، وأن بعض الأدوية لم تتمكن من الحصول عليها في الزيارة الأولى، بسبب ازدياد طلب النازحين كما أخبروها.

وخصصت الوزارة الخط الساخن رقم 1787 للرد على أسئلة النازحين واستفساراتهم، وقد فاق عددهم أكثر من 1.5 مليون شخص أخرجوا من منازلهم في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية لبيروت، بفعل العدوان الإسرائيلي على لبنان.