على رغم الاعتراضات الأميركية التي حالت حتى الآن دون حصول فلسطين على العضوية الكاملة في «الأمم المتحدة»، يتوقع أن تصوّت «الجمعية العامة للمنظمة الدولية» غداً (الجمعة) على مشروع قرار يمنح الفلسطينيين امتيازات لا سابق لها، تحظى بها الدول الأخرى.
وتأتي هذه الخطوة في «الجمعية العامة» بعدما استخدمت الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) في 18 أبريل (نيسان) الماضي لإجهاض مشروع يوصي بالعضوية الكاملة لفلسطين في «الأمم المتحدة»، على رغم حصوله على غالبية 12 من الأصوات الـ15 في المجلس، وامتناع المملكة المتحدة وسويسرا عن التصويت. وقبل ذلك، عطلت الإدارات الأميركية المتعاقبة مثل هذه الجهود، من دون أن تضطر إلى استخدام «الفيتو».
وفيما لا تزال المفاوضات جارية على قدم وساق قبل التصويت المحدد، الجمعة، رجّح دبلوماسيون أن تصوّت غالبية أكبر من الثلثين على القرار الذي ينصّ على أن الجمعية العامة «تقرر أن دولة فلسطين، في تقديرها، دولة محبة للسلام بالمعنى المقصود في المادة الرابعة من الميثاق، وقادرة وراغبة في تنفيذ التزامات الميثاق. ولذلك، ينبغي قبولها في عضوية منظمة الأمم المتحدة»، وأنه «بناء على ذلك، توصي (الجمعية العامة) مجلس الأمن بإعادة النظر في هذه المسألة بشكل إيجابي، في ضوء هذا القرار والفتوى الصادرة عن محكمة العدل الدولية في 28 مايو (أيار) 1948، وبما يتفق تماماً مع المادة الرابعة من ميثاق (الأمم المتحدة)». ويدعو القرار إلى «منح دولة فلسطين الحقوق والامتيازات اللازمة لضمان مشاركتها الكاملة والفعالة في دورات وأعمال الجمعية العامة والمؤتمرات الدولية التي تعقد تحت رعاية الجمعية العامة أو الأجهزة الأخرى التابعة لـ(الأمم المتحدة)، وكذلك في مؤتمرات (الأمم المتحدة)، على قدم المساواة مع الدول الأعضاء»، طالباً من «المجلس الاقتصادي والاجتماعي وغيره من الأجهزة والوكالات المتخصصة والمنظمات والكيانات ذات الصلة داخل منظومة (الأمم المتحدة) أن تحذو حذوها».
وإذ يؤكد قرار الجمعية العامة من جديد «حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، بما في ذلك الحق في إقامة دولة فلسطين المستقلة»، يشدد على أن «الامتثال لميثاق (الأمم المتحدة) والقانون الدولي واحترامهما يشكلان حجر الزاوية في السلام والأمن» في منطقة الشرق الأوسط. ويدعو المجتمع الدولي إلى «بذل جهود متجددة ومنسقة تهدف إلى التوصل دون تأخير إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي الذي بدأ عام 1967 وإلى تسوية عادلة ودائمة وسلمية لقضية فلسطين والصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وفقاً لقرارات (الأمم المتحدة)، والقانون الدولي، وقرارات (الأمم المتحدة) ذات الصلة، بما في ذلك قرار مجلس الأمن 2334 ومرجعيات مدريد، بما في ذلك مبدأ الأرض مقابل السلام، ومبادرة السلام العربية، ويؤكد من جديد في هذا الصدد دعمه الثابت لحلّ الدولتين المتمثل في إسرائيل وفلسطين، تعيشان جنباً إلى جنب في سلام وأمن، ضمن حدود معترف بها، على أساس حدود ما قبل عام 1967».
غالبية كبرى
وأرفق مشروع القرار بملحق يحدد المنظمات والهيئات الأممية التي يمكن أن تتأثر بهذا القرار، الذي يتوقع إقراره بعدد أكبر من الأصوات الـ138 التي أيّدت قبل سنوات الاعتراف بالدولة الفلسطينية، إذ إن كثيراً من الدول الأوروبية والأميركية اللاتينية والجنوبية باتت أكثر تقبلاً من ذي قبل بضرورة الاعتراف بالدولة الفلسطينية كسبيل لا بد منها للتسوية على أساس حلّ الدولتين في الشرق الأوسط.
وكانت «الجمعية العامة» صوّتت في 29 نوفمبر (تشرين الثاني) 2012 بغالبية 138 دولة ومعارضة 9 وامتناع 41 عن التصويت، على قرار يعدّ «فلسطين دولة غير عضو لها صفة المراقب بـ(الأمم المتحدة)».
ومن شأن الملحق أن يمنح الفلسطينيين مزايا الحق في الترشح لعضوية لجان الجمعية العامة، وتقديم المقترحات والتعديلات، ورفع الاقتراحات الإجرائية، والمقاعد بين الدول الأعضاء حسب الترتيب الأبجدي، وكل الامتيازات الأخرى، باستثناء حق التصويت في «الجمعية العامة».
الاعتراض الأميركي
ومع ذلك، يسود القلق بعض الأوساط في «الأمم المتحدة»، لأن القانون الأميركي يوجب على الولايات المتحدة التوقف عن تمويل أي منظمة تابعة لـ«الأمم المتحدة» تمنح العضوية الكاملة لأي كيان يفتقر إلى «السمات المعترف بها دولياً» للدولة. واستخدم هذا القانون قبل سنوات لوقف تمويل «منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم» (اليونسكو) بعد منحها العضوية الكاملة لفلسطين عام 2011.
وقال المندوب الأميركي البديل لدى «الأمم المتحدة»، روبرت وود، إن «هناك عملية راسخة للحصول على العضوية الكاملة، ومخاوفنا هي أن هذا قد يكون محاولة للالتفاف على مجلس الأمن»، موضحاً ذلك «لأعضاء مجلس الأمن، وللفلسطينيين» الذين «سيكون الأمر متروكاً لهم لتقرير ما يريدون القيام به، لكننا قلقون للغاية بشأن السابقة التي سيشكلها هذا النوع من القرارات».
وفي العادة، يتطلب حصول فلسطين على العضوية الكاملة في «الأمم المتحدة» موافقة من مجلس الأمن وتوصيته للجمعية العامة بقبول العضوية. غير أن ذلك لم يحصل بسبب الفيتو الأميركي.
ولذلك، فإن الاتفاق بين الجمعية العامة ومجلس الأمن ضروري لقبول أي دولة عضوية كاملة جديدة.