ضغوط أميركية - مصرية مكثفة لإنجاح «مباحثات الفرصة الأخيرة» قبل هجوم رفح

الصفقة المقترحة «إنسانية» وتقوم على فكرة تثبيت الهدوء ثم التدرج في اتفاق طويل

صور الأسرى الإسرائيليين على جدار في تل أبيب الجمعة (رويترز)
صور الأسرى الإسرائيليين على جدار في تل أبيب الجمعة (رويترز)
TT

ضغوط أميركية - مصرية مكثفة لإنجاح «مباحثات الفرصة الأخيرة» قبل هجوم رفح

صور الأسرى الإسرائيليين على جدار في تل أبيب الجمعة (رويترز)
صور الأسرى الإسرائيليين على جدار في تل أبيب الجمعة (رويترز)

زادت الولايات المتحدة الضغوط على إسرائيل، وزادت مصر الضغوط على حركة «حماس»، من أجل دفع صفقة تبادل بينهما، في محاولة لتجنب اجتياح إسرائيلي مخطط له لرفح، في أقصى جنوبي القطاع، حيث يتكدس أكثر من مليون و200 ألف فلسطيني معظمهم نازحون، ما ينذر بمعركة دامية.

وأكدت مصادر فلسطينية مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، أن جهود ربع الساعة الأخير قبل اجتياح رفح تكثفت، وخلف الكواليس تضغط الولايات المتحدة على إسرائيل من أجل إنجاح الصفقة، بينما تضغط مصر على «حماس».

وقالت المصادر: «تعارض واشنطن اجتياح رفح وتلوح بإجراءات، ويخبر المصريون (حماس) أنها فرصة لا يمكن تفويتها، وأن كل شيء سيتغير بعد اجتياح رفح». وتعمل مصر على دفع اتفاق «إنساني»، بحسب المصادر، يوقف اجتياح رفح ويقود في النهاية إلى اتفاق شامل. وأضافت المصادر: «الفكرة المصرية تقوم على أنه إذا تعذر عقد اتفاق شامل، فليكن متدرجاً يلبي طلبات الطرفين في المرحلة الأولى ويرجئ القضايا محل الخلاف إلى المراحل اللاحقة. المطلوب وقف اجتياح رفح والبدء بوقف نار فعلي قبل أن يتحول إلى وقف دائم ومستمر».

إسرائيلية تطالب بإطلاق الأسرى لدى «حماس» خلال احتجاج قرب وزارة الدفاع في تل أبيب الخميس الماضي (أ.ف.ب)

وناقش مسؤولون مصريون مع نظرائهم الإسرائيليين في مصر، الأربعاء، اتفاقاً محتملاً، ثم وصل وفد مصري إلى إسرائيل الجمعة، من أجل مواصلة المباحثات. وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن تل أبيب وافقت على الفكرة من حيث المبدأ، وقررت إعطاء مصر فرصة للتوصل إلى اتفاق قبل الهجوم على رفح. وقال مسؤولون إسرائيليون لنظرائهم المصريين يوم الجمعة، بحسب موقع «واللا» الإسرائيلي، إن إسرائيل مستعدة لمنح مفاوضات الرهائن «فرصة أخيرة»، ولكن إذا لم يتم إحراز تقدم قريباً فسوف تمضي قدماً في غزو بري لرفح. ويشعر المصريون بقلق مزداد بشأن عملية عسكرية إسرائيلية محتملة في مدينة رفح، ويبذلون جهداً في اللحظة الأخيرة من أجل التوصل إلى صفقة من شأنها أن تؤدي إلى وقف إطلاق النار في غزة ووقف غزو رفح.

ملصقات وصور للأسرى الإسرائيليين لدى «حماس» في تل أبيب السبت (رويترز)

وأثار المسؤولون المصريون مخاوف من أن تؤدي العملية الإسرائيلية في المدينة إلى دخول عشرات الآلاف من الفلسطينيين إلى أراضيهم، ما قد ينطوي على انتهاك للحدود ويعرض أمن مصر للخطر. وقال مسؤولون إسرائيليون لموقع «أكسيوس» الأميركي، إنه خلال المحادثات طرح المصريون أفكاراً جديدة حول كيفية التوصل إلى صفقة بين إسرائيل و«حماس»، وهي أفكار عدّها المسؤولون في إسرائيل «بناءة». وقال مسؤول إسرائيلي: «أبلغت إسرائيل مصر بأنها جادة بشأن الاستعدادات للعملية في رفح، وأنها لن تسمح لـ(حماس) بالتباطؤ... الرسالة الإسرائيلية كانت أن هناك موعداً نهائياً واضحاً لغزو رفح، وأن إسرائيل لن توافق على جولة أخرى من المحادثات بغرض التلاعب (كسب الوقت)».

وجاء التدخل المصري بعدما وصلت المحادثات في السابق إلى طريق مسدودة. وكان الاقتراح المطروح على الطاولة يتضمن إطلاق سراح 40 محتجزاً مقابل وقف إطلاق النار لمدة 6 أسابيع والإفراج عن نحو 900 أسير فلسطيني، لكن «حماس» قالت إن لديها نحو 20 محتجزاً فقط تنطبق عليهم هذه المعايير الإنسانية.

صور الأسرى الإسرائيليين على جدار في تل أبيب الجمعة (رويترز)

وقال مسؤولون إسرائيليون إن مجلس الوزراء الحربي الإسرائيلي سمح لفريق المفاوضات الإسرائيلي للمرة الأولى هذا الأسبوع، بمناقشة إطلاق سراح أقل من 40 رهينة. وقال مسؤول إسرائيلي مطلع: «هذا جزء مما ستركز عليه المفاوضات الآن. عدد أيام وقف إطلاق النار سيكون مرتبطاً بعدد الرهائن الذين سيتم إطلاق سراحهم. إذا كانت (حماس) تريد اتفاقاً إنسانياً فإن إسرائيل لن تكون العقبة». وأضاف: «إسرائيل مستعدة للتحلي بالمرونة بشأن معايير صفقة الرهائن وأعطت الوسطاء المصريين الضوء الأخضر للمضي قدماً».

وأكدت «القناة 12» الإسرائيلية أن الخطوط العريضة الجديدة للصفقة التي تتم مناقشتها تشمل إطلاق سراح 20 رهينة (من النساء وكبار السن وذوي الحالات الطبية الخطيرة)، وفي المقابل ستوافق إسرائيل على السماح للفلسطينيين بالعودة إلى شمال غزة، (انسحاب من محور نتساريم)، لكنها لن تعلن نهاية الحرب.

وعودة النازحين إلى الشمال واحد من المطالب الرئيسية المهمة لـ«حماس». وتتمتع مصر بعلاقات جيدة مع «حماس»، وتملك أدوات ضغط كثيرة عليها. وأعلنت «حماس» في بيان، أنها تسلمت الرد الإسرائيلي الرسمي على موقف الحركة الذي سلمته إلى الوسطاء المصريين والقطريين في 13 أبريل (نيسان) الحالي. وقال خليل الحية، نائب رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» في قطاع غزة، إن حركته ستدرس هذا المقترح، وفي حال الانتهاء منه سيتم تسليم الرد للوسطاء.

وتحتاج «حماس» إلى وقت للرد، لأنها يجب أن تناقش مع قيادة الحركة في قطاع غزة. ومقابل الضغط المصري على «حماس»، تضغط واشنطن على إسرائيل. وقال مسؤولون أميركيون لصحيفة «نيويورك تايمز»، إن الرئيس الأميركي جو بايدن سيدرس إمكانية فرض قيود على تسليح الجيش في حال تنفيذ عملية عسكرية كبيرة في رفح. وجاء موقف بايدن في وقت لا تزال فيه القيادة الإسرائيلية منقسمة بشأن مستقبل الحرب في قطاع غزة، لا سيما الهجوم المتوقع في رفح واحتمال عقد صفقة تبادل مع «حماس». وكانت قناة «كان» الإسرائيلية، نقلت عن عضو رفيع في «الكابينت» اتهامه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بأنه لا يرغب مطلقاً في عقد صفقة تبادل. وقال: «إن نتنياهو يضع عراقيل أمام ذلك، ويقسّم كل مرحلة في العملية التفاوضية إلى 3 أقسام ليتمكن من السيطرة على الوتيرة وفحص ردود فعل الوزيرين إيتمار بن غفير وبتسَلئيل سموتريتش».

وعدّ سموترتيش الاقتراح المصري نصراً لـ«حماس» وهزيمة لإسرائيل. وأكدت قناة «كان» أن «الأجهزة الأمنية وغالبية المستوى السياسي دعموا المقترح الجديد المقدم من جانب مصر». ورجح أحد المصادر أنه بالإمكان التوصل إلى اتفاق «خلال أيام قليلة». وقال مسؤول إسرائيلي: «نحن ندخل أياماً حاسمة ومصيرية».


مقالات ذات صلة

إسرائيل ليست عضواً في «الجنائية الدولية»... كيف تلاحق المحكمة نتنياهو وغالانت؟

شؤون إقليمية بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت (أ.ب)

إسرائيل ليست عضواً في «الجنائية الدولية»... كيف تلاحق المحكمة نتنياهو وغالانت؟

ما يجب أن نعرفه عن النطاق القانوني للمحكمة الجنائية الدولية، حيث تسعى إلى اعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو؛ ووزير دفاعه السابق، يوآف غالانت.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية صور للمحتجَزين لدى «حماس» (رويترز)

تقرير: إسرائيل لا ترى إمكانية التفاوض مع «حماس» إلا بعد الاتفاق مع «حزب الله»

التفاوض بشأن الرهائن الإسرائيليين تقلَّص منذ تعيين يسرائيل كاتس وزيراً للدفاع.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بهولندا (الموقع الرسمي للمحكمة) play-circle 02:06

ما حيثيات اتهامات «الجنائية الدولية» لنتنياهو وغالانت والضيف؟

مع إصدار الجنائية الدولية مذكرات اعتقال لرئيس وزراء إسرائيل نتنياهو ووزير دفاعه السابق غالانت والقيادي في «حماس» محمد الضيف، إليكم أبرز ما جاء في نص المذكرات.

«الشرق الأوسط» (لاهاي)
شؤون إقليمية عناصر من حركتي «حماس» و«الجهاد» يسلمون رهائن إسرائيليين للصليب الأحمر في نوفمبر 2023 (د.ب.أ)

انتقادات من الجيش لنتنياهو: عرقلة الاتفاق مع «حماس» سيقويها

حذر عسكريون إسرائيليون، في تسريبات لوسائل إعلام عبرية، من أن عرقلة نتنياهو لصفقة تبادل أسرى، تؤدي إلى تقوية حركة «حماس»، وتمنع الجيش من إتمام مهماته القتالية.

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي «كتائب القسام» تعلن أن مقاتليها تمكنوا من قتل 15 جندياً إسرائيلياً في اشتباك ببلدة بيت لاهيا (رويترز)

«كتائب القسام» تقول إنها قتلت 15 جندياً إسرائيلياً في اشتباك بشمال قطاع غزة

أعلنت «كتائب القسام»، الجناح العسكري لحركة «حماس»، الخميس، أن مقاتليها تمكّنوا من قتل 15 جندياً إسرائيلياً في اشتباك ببلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)

إسرائيل تملأ غياب هوكستين بالغارات والتوغلات

دبابة إسرائيلية على مثلث مرجعيون - ديرميماس - القليعة قرب نهر الليطاني بجنوب لبنان (متداول)
دبابة إسرائيلية على مثلث مرجعيون - ديرميماس - القليعة قرب نهر الليطاني بجنوب لبنان (متداول)
TT

إسرائيل تملأ غياب هوكستين بالغارات والتوغلات

دبابة إسرائيلية على مثلث مرجعيون - ديرميماس - القليعة قرب نهر الليطاني بجنوب لبنان (متداول)
دبابة إسرائيلية على مثلث مرجعيون - ديرميماس - القليعة قرب نهر الليطاني بجنوب لبنان (متداول)

تملأ إسرائيل غياب الموفد الرئاسي الاميركي آموس هوكستين الذي يحمل مبادرة أميركية لوقف إطلاق النار، بالغارات العنيفة، وتوسعة رقعة التوغل البري الذي وصل إلى مشارف مجرى نهر الليطاني، في محاولة لفصل النبطية عن قضاء مرجعيون.

وفيما انتقل هوكستين إلى واشنطن من دون الإدلاء بتصريحات حول زيارته إسرائيل، أكدت مصادر لبنانية لـ«الشرق الأوسط» أنَّ الموفد الأميركي «بقيَ على تواصل مع المفاوضين اللبنانيين»، مشيرة إلى أنَّ المحادثات لوقف النار «تتقدم ببطء، لكن بثبات في اتجاه إيجابي».

ميدانياً، وصلت القوات الإسرائيلية إلى بلدة ديرميماس، انطلاقاً من بلدة كفركلا، ما يعني أنَّها سارت على طريق لنحو 5 كيلومترات في العمق اللبناني، لتصل إلى مشارف الليطاني، بعد تمهيد ناري بالمدفعية وغارات جوية نفذتها طائرات حربية ومسيّرات. وقال «حزب الله»، في المقابل، إنَّه استهدف تلك القوات في النقاط التي وصلت إليها.

بالموازاة، كثفت إسرائيل غاراتها الجوية على ضاحية بيروت الجنوبية، واستهدفت الأحياء المسيحية المقابلة للضاحية في عين الرمانة والحدت، وهي خطوط التماس السابقة في الحرب اللبنانية، وذلك عقب إنذارات وجهها الجيش للسكان بإخلاء الأبنية.