«حماس» تغيّر تكتيكاتها القتالية بانتظار «اليوم التالي»

الحركة لا تعوّل على الضغط الأميركي وإنما على ورقة المحتجزين

أم تبكي ابنها خليل أبو شمالة بعدما قُتل في قصف إسرائيلي أمام مستشفى الأقصى بدير البلح اليوم الأربعاء (رويترز)
أم تبكي ابنها خليل أبو شمالة بعدما قُتل في قصف إسرائيلي أمام مستشفى الأقصى بدير البلح اليوم الأربعاء (رويترز)
TT

«حماس» تغيّر تكتيكاتها القتالية بانتظار «اليوم التالي»

أم تبكي ابنها خليل أبو شمالة بعدما قُتل في قصف إسرائيلي أمام مستشفى الأقصى بدير البلح اليوم الأربعاء (رويترز)
أم تبكي ابنها خليل أبو شمالة بعدما قُتل في قصف إسرائيلي أمام مستشفى الأقصى بدير البلح اليوم الأربعاء (رويترز)

غيّرت حركة «حماس» تكتيكاتها في إدارة الحرب في قطاع غزة، في محاولة للحفاظ على أكبر قدر ممكن من قواتها وعتادها، بانتظار انتهاء المعركة.

وقالت مصادر فلسطينية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن الحركة التي خسرت الكثير من مقاتليها ومقدراتها العسكرية، أصبحت تنتهج سياسة تقوم على شن هجمات محدودة ضرورية على الجيش الإسرائيلي، وعدم تعريض عناصرها للخطر، ومحاولة حماية أي مقدرات متبقية لحين انتهاء الحرب.

وأضافت المصادر: «لا تريد الحركة خسارة كل شيء. وتريد الاحتفاظ بجزء من قوتها لليوم التالي للمعركة. إسرائيل وأميركا والسلطة الفلسطينية ودول عربية لديها خططها لليوم التالي للحرب، وكذلك حماس لديها خطتها».

جنود إسرائيليون في قطاع غزة اليوم الأربعاء (الجيش الإسرائيلي - أ.ف.ب)

وغيّرت «حماس» تكتيكاتها مع تغيير الجيش الإسرائيلي خططه كذلك.

وقال مصدر ميداني لـ«الشرق الأوسط» إن تكرار العمليات الخاطفة التي نفذتها إسرائيل في مناطق في شمال قطاع غزة، وفي مستشفيات الشفاء والأمل وناصر بخان يونس، «يُظهر الطريقة التي قررت أن تعمل بها إسرائيل في القطاع، عبر استنساخ التجربة التي تنفذها في الضفة الغربية، وهي بسط السيطرة الأمنية بشكل كامل، وهذا يعني احتلالاً طويلاً وعمليات متكررة، وبالتالي كان يجب على الفصائل تغيير تكتيكاتها كذلك، والاستعداد لمعركة أطول مع خسائر أقل».

وعلى الرغم من أنه لا يوجد تقدير واضح لدى «حماس» لكيف ستنتهي الحرب ومتى، لكنها تراهن على أن ورقة المحتجزين لديها ستكون هي الورقة الرابحة.

وتقول المصادر إن «حماس» لا تنوي التفريط في هذه الورقة، فهي «تدرك أهميتها باعتبارها الأمل الأقوى».

وهذه الورقة الرابحة في يد «حماس» هي التي تجعل الحركة مصرة على الحصول على تعهد بإنهاء الحرب ولو في مرحلة لاحقة، قبل توقيع اتفاق جديد.

مبنى دمره قصف إسرائيلي في رفح اليوم الأربعاء (رويترز)

وأعلن رئيس حركة «حماس» في الخارج، خالد مشعل، اليوم الأربعاء، أن الحركة تتمسك بشروطها في المفاوضات الرامية إلى التوصل لاتفاق مع إسرائيل للتهدئة في غزة، بما في ذلك وقف الحرب، وانسحاب القوات الإسرائيلية من القطاع.

وقال مشعل: «نُصرّ في المفاوضات على وقف العدوان والانسحاب من غزة، وعودة المهجّرين إلى أماكنهم، خصوصاً في شمال غزة، وتقديم كل ما يلزم من الإغاثة والإيواء والإعمار وانتهاء الحصار».

وأكد أن حركته «تدير معركة تفاوضية لا تقل شراسة عن معركة الميدان» و«لن تفرج عن المحتجَزين الإسرائيليين إلا عندما تحقق هذه الأهداف».

وجاءت تصريحات مشعل في وقت عدّت فيه إسرائيل أن مطالب «حماس» هي مطالب «وهمية» و«متطرفة» وتظهر أن الحركة لا تكترث بالتوصل إلى اتفاق.

طائرة عسكرية تُسقط مساعدات فوق قطاع غزة اليوم الأربعاء (أ.ف.ب)

وتعهد مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بأن إسرائيل لن ترضخ لمطالب «حماس» وستواصل العمل من أجل تحقيق أهداف الحرب كاملة، وهي الإفراج عن جميع المختطفين وتدمير قدرات الحركة العسكرية والحكومية وضمان أن غزة لن تشكل أبداً أي تهديد على إسرائيل.

وتظهر مواقف «حماس» وإسرائيل مدى صعوبة الوصول إلى اتفاق، خصوصاً بعدما سحبت إسرائيل مفاوضيها من قطر، وألقت باللوم في عدم التوصل إلى صفقة مع «حماس» على قرار مجلس الأمن الذي دعا إلى وقف إطلاق النار خلال شهر رمضان في غزة.

واتهم نتنياهو الولايات المتحدة بالمسؤولية عن قرار «حماس» باعتباره جاء بتشجيع من قرار مجلس الأمن الداعي لوقف إطلاق النار.

وقال نتنياهو الأربعاء بعد لقائه السيناتور الأميركي ريك سكوت في مقر رئاسة الوزراء في القدس: «أعتقد أن القرار الأميركي في مجلس الأمن كان عبارة عن خطوة غير جيدة للغاية. والأسوأ فيه هو أنه شجع حماس على اتخاذ موقف صارم وعلى الاعتماد على الضغط الدولي اعتقادا بأنه سيمنع إسرائيل من الإفراج عن المخطوفين ومن تدمير حماس».

وفي غزة، قال مصدر في «حماس» لـ«الشرق الأوسط»: «لا نعوّل على الخلاف الأميركي الإسرائيلي، ونرى أن الولايات المتحدة شريكة في الحرب على القطاع، بفعل دعمها سياسياً وعسكرياً، وهي جزء من المشكلة التي تمنع التوصل إلى اتفاق تبادل».

ورفضت الولايات المتحدة الادعاء بأن قرار مجلس الأمن هو المسؤول عن إفشال الصفقة. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية مات ميلر إن موقف نتنياهو «غير دقيق في كل النواحي تقريباً، وغير عادل للرهائن وعائلاتهم».

مروحية إسرائيلية تغادر مهبط طائرات بعدما نقلت مريضاً إلى مستشفى بتل أبيب اليوم الأربعاء (رويترز)

ورداً على عدم استخدام الولايات المتحدة حق النقض ضد القرار، ألغى نتنياهو زيارة وفد إلى الولايات المتحدة كان من المفترض أن يناقش الخطط الإسرائيلية لمهاجمة رفح.

ويوجد لـ«حماس» لواء كامل يتشكل من 4 كتائب في رفح.

وتشير الأرقام التي تنشرها إسرائيل إلى أنها قتلت نحو 12 ألفاً من مقاتلي «كتائب القسام»، فيما تتحدث مصادر «حماس» عن 6000 قتيل. وبغض النظر عن أي من الرقمين أدق، فإنه حتى مع إضافة آلاف إلى العدد الذي أعلنته إسرائيل فإن هذا يعني أن نصف مقاتلي «القسام» على الأقل ما زالوا بخير.

وتمتلك «كتائب القسام» منظومة عسكرية متكاملة إدارياً وتنظيمياً، تتشكل من 5 ألوية هي: لواء الشمال، ولواء غزة، والوسطى، وخان يونس، ورفح.

وأكدت مصادر «الشرق الأوسط» أن «القسام» وفصائل أخرى فقدت معظم قوتها الصاروخية، لكن لا يزال لديها مخزون من الصواريخ قد تستخدمه في أي لحظة وخاصة في حال اقتربت الحرب من النهاية، في محاولة منها للحصول على صورة النصر، وهذا ما تشير إليه الرشقات الأخيرة في اتجاه أسدود وعسقلان وسديروت بعد كل هذه المدة من الحرب.

كذلك لا يزال لدى «حماس» الكثير من الصواريخ المضادة للأفراد والآليات وقذائف هاون وعبوات ناسفة وغيرها من الأسلحة والذخائر.


مقالات ذات صلة

7 قتلى بينهم 3 من «وورلد سنترال كيتشن» بقصف إسرائيلي على غزة

المشرق العربي فلسطينيون يتفقدون سيارة مدمرة في شارع صلاح الدين عقب غارة إسرائيلية في خان يونس اليوم (إ.ب.أ)

7 قتلى بينهم 3 من «وورلد سنترال كيتشن» بقصف إسرائيلي على غزة

أفادت إذاعة «الأقصى» الفلسطينية اليوم (السبت) بسقوط سبعة قتلى في قصف إسرائيلي لتجمع للمواطنين لتسلم المساعدات بجنوب قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي فلسطينيون يسيرون بجوار مبانٍ مدمرة بهجمات إسرائيلية في النصيرات بوسط قطاع غزة (رويترز)

إسرائيل تقتل عشرات في غزة... ومصر تستضيف قادة من «حماس» لمناقشة وقف النار

قال مسعفون إن ما لا يقل عن 40 فلسطينياً لقوا حتفهم في ضربات للجيش الإسرائيلي في غزة، في حين تلقت جهود إحياء محادثات وقف إطلاق النار في غزة دفعة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي فلسطينيون يحملون أواني معدنية انتظاراً لتلقي الطعام من خان يونس (إ.ب.أ) play-circle 01:35

«أطباء بلا حدود»: المساعدات الإنسانية لقطاع غزة وصلت لأدنى مستوياتها منذ أشهر

حذرت منظمة «أطباء بلا حدود»، اليوم (الجمعة)، من تراجع وتيرة دخول المساعدات الإنسانية لقطاع غزة إلى أدنى مستوياتها منذ أشهر.

«الشرق الأوسط» (غزة)
العالم العربي طائرة تقلع من مطار بيروت يوم 7 أكتوبر 2024 (رويترز)

شركات طيران تعلق رحلاتها للشرق الأوسط مع تفاقم التوتر

دفعت المخاوف من اتساع رقعة الصراع في الشرق الأوسط شركات طيران عالمية إلى تعليق رحلاتها إلى المنطقة أو تجنب المجالات الجوية التي تنطوي على مخاطر.

المشرق العربي إخلاء سكان مخيمي النصيرات والبريج للاجئين خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة (إ.ب.أ)

مصر تحشد دولياً لمؤتمر «مساعدات غزة»

جددت القاهرة، الجمعة، تأكيدها ضرورة «وقف إطلاق النار في قطاع غزة، والنفاذ الكامل وغير المشروط للمساعدات الإنسانية».

أحمد إمبابي (القاهرة)

الجيش السوري يعترف بدخول الفصائل المسلحة حلب... ويعلن مقتل عشرات الجنود

دبابة مدمَّرة للجيش السوري في قرية عنجارة على مشارف حلب في 29 نوفمبر (أ.ب)
دبابة مدمَّرة للجيش السوري في قرية عنجارة على مشارف حلب في 29 نوفمبر (أ.ب)
TT

الجيش السوري يعترف بدخول الفصائل المسلحة حلب... ويعلن مقتل عشرات الجنود

دبابة مدمَّرة للجيش السوري في قرية عنجارة على مشارف حلب في 29 نوفمبر (أ.ب)
دبابة مدمَّرة للجيش السوري في قرية عنجارة على مشارف حلب في 29 نوفمبر (أ.ب)

أعلن الجيش السوري، اليوم (السبت) في بيان، أن العشرات من جنوده قُتلوا في هجوم للمعارضة بشمال غربي البلاد، وأن الفصائل السورية المسلحة تمكّنت من دخول أجزاء واسعة من أحياء مدينة حلب؛ ما اضطر الجيش إلى إعادة الانتشار.

ويشكِّل البيان أول اعتراف علني من الجيش بدخول الفصائل السورية بقيادة «هيئة تحرير الشام» مدينة حلب، التي تسيطر عليها الحكومة، في هجوم مباغت بدأ الأسبوع الماضي.

وقال الجيش في البيان: «إن الأعداد الكبيرة للإرهابيين، وتعدد جبهات الاشتباك، دفعا بقواتنا المسلحة إلى تنفيذ عملية إعادة انتشار هدفها تدعيم خطوط الدفاع؛ بغية امتصاص الهجوم، والمحافظة على أرواح المدنيين والجنود، والتحضير لهجوم مضاد».

ويمثل الهجوم الذي قادته «هيئة تحرير الشام» أكبر تحدٍ منذ سنوات للرئيس بشار الأسد، إذ يجدِّد المواجهات في الحرب الأهلية السورية التي توقفت إلى حد كبير منذ عام 2020.

وذكر بيان الجيش السوري أن قوات المعارضة لم تتمكَّن من «تثبيت نقاط تمركز... بفعل استمرار توجيه قواتنا المسلحة لضربات مركزة وقوية».

وقال مصدران عسكريان، في وقت سابق، إن طائرات حربية روسية وسورية استهدفت معارضين بمدينة حلب اليوم.

ونشرت روسيا قوات جوية في سوريا في 2015؛ لمساعدة الأسد في الحرب الأهلية السورية التي اندلعت في 2011.

وشنَّت فصائل المعارضة المسلحة هجوماً مفاجئاً عبر قرى وبلدات تسيطر عليها الحكومة قبل أيام، ووصلت إلى حلب بعد نحو 10 سنوات من إخراج القوات السورية، المدعومة من روسيا وإيران، الفصائل المسلحة من المدينة.

وقال ديمتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين أمس (الجمعة)، إن روسيا تعدّ الهجوم انتهاكاً لسيادة سوريا.

وأضاف: «نؤيد إعادة السلطات السورية النظام إلى المنطقة، والعودة إلى النظام الدستوري بأسرع ما يمكن».