الرئاسة العراقية لـ«الشرق الأوسط»: إطلاق أكثر من 7 آلاف سجين في عام واحد

14 سجناً مكتظة بنحو 64 ألف سجين... وخطة حكومية لبناء المزيد

برج أمني لحراسة سجن «سوسة» في إقليم كردستان العراق (إكس)
برج أمني لحراسة سجن «سوسة» في إقليم كردستان العراق (إكس)
TT

الرئاسة العراقية لـ«الشرق الأوسط»: إطلاق أكثر من 7 آلاف سجين في عام واحد

برج أمني لحراسة سجن «سوسة» في إقليم كردستان العراق (إكس)
برج أمني لحراسة سجن «سوسة» في إقليم كردستان العراق (إكس)

قال مسؤول بارز في الرئاسة العراقية، الخميس، إن الرئيس عبد اللطيف رشيد «أسهم في إطلاق سراح 7894 سجيناً وموقوفاً خلال عام واحد».

وأطلق الرئيس العراقي في أكتوبر (تشرين الأول) 2022 مبادرة لمعالجة ملف تأخر الإفراج عن السجناء المطلق سراحهم، بالتعاون مع وزارتي العدل والداخلية ومستشارية الأمن الوطني وجهاز الإشراف القضائي.

وبحسب معلومات رسمية، فإن المبادرة أنجزت «منظومة إلكترونية» لتسهيل تبادل المعلومات بين مختلف المؤسسات والدوائر لمتابعة ملفات المحكومين قبل موعد إطلاق سراحهم للتثبت من عدم مطلوبيتهم لقضايا أخرى.

وقال رئيس هيئة المستشارين في رئاسة الجمهورية، علي الشكري، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الآلية الإلكترونية سرّعت الإفراج عن 7894 سجيناً وموقوفاً خلال عام واحد، في أول خطوة من نوعها على مستوى رئاسة الجمهورية منذ عام 2003».

وناقش الرئيس رشيد، الأسبوع الماضي، أوضاع السجناء والموقوفين في العراق مع سارة صنبر، مسؤولة ملف العراق في منظمة «هيومن رايتس ووتش»، وأكد أن بلاده «تلتزم بمعايير تطبيق حقوق الإنسان خصوصاً في السجون، وتحسين ظروف الموقوفين والنزلاء، وتوفير الإجراءات القانونية والإدارية لحسم قضاياهم، وأن الرئاسة تعمل بشكل وثيق مع وزارة العدل والجهات الأمنية ذات العلاقة من أجل حسم قضايا الموقوفين».

رئيس الجمهورية يستقبل باحثة العراق في منظمة «هيومن رايتس ووتش» (إعلام حكومي)

انتقادات دولية

وكانت «هيومن رايتس ووتش» وجّهت انتقادات شديدة للسلطات العراقية عام 2019، نتيجة حالة «الاكتظاظ الشديدة في السجون والأوضاع المهينة للسجناء».

ويعاني نزلاء السجون في العراق، منذ سنوات طويلة، من تأخر الإفراج عنهم حتى بعد انتهاء مدد أحكامهم، بسبب الإجراءات الإدارية، الأمر الذي أدى ويؤدي إلى ازدحام شديد في السجون ومراكز التوقيف بأعداد من النزلاء تفوق طاقتها الاستيعابية.

وغالبا ما كان التبرير السائد للسلطات بشأن التعطيل المرافق لعمليات الإفراج، هو «تدقيق سجلات السجناء»؛ للتأكد من عدم وجود قضايا أخرى تخصهم في المحاكم، وأنهم غير مطلوبين أو مشتبه بهم أمنياً».

وترتبط عمليات التأخير أيضاً بطريقة استخدام المخاطبات الورقية التقليدية «البدائية» بين الوزارات والمؤسسات ذات العلاقة، ما يؤدي إلى إطلاق سراح المنتهية محكومياتهم لفترات طويلة.

وثمة من يقول إن بعض عمليات تأخير إطلاق السراح مرتبطة بقصة «الابتزاز ومحاولة الحصول على الأموال» من قبل ضباط ونافذين، لدفع أهالي السجناء الذين أكملوا مدد محكوميتهم إلى دفع الأموال، قبل عملية إطلاق سراحهم الأخيرة. ويتعارض كل ذلك مع أحكام الدستور والقانون، ويؤدي إلى مشاكل اجتماعية إلى جانب انتقادات عديدة كانت توجه للسلطات العراقية من قبل المنظمات والهيئات الحقوقية المحلية والدولية.

سجون مكتظة

ويعترف مصدر مسؤول في وزارة العدل العراقية بتأخر حالات إطلاق السراح لأسباب مختلفة، إلى جانب حالة الاكتظاظ التي تعاني منها معظم السجون.

وقال المصدر لـ«الشرق الأوسط» إن «نحو 64 ألف سجين، عدا الموقوفين في سجون ومواقف وزارة الداخلية، حكموا في قضايا مختلفة تتراوح بين الإرهاب والمخدرات وبقية الجرائم، وهذا العدد لا يستوعبه نحو 14 سجناً موجودة في البصرة (جنوب)، وحتى سجن سوسة في محافظة السليمانية بإقليم كردستان».

ويتوقع المصدر أن تنتهي حالة الاكتظاظ في السجون نهاية 2025، في حال اكتمال مباني السجون الجديدة الموزعة على مناطق مختلفة في البلاد.

وأطلقت دائرة السجون في وزارة العدل مطلع مارس (آذار) الحالي 613 سجيناً، كانوا قد أنهوا مدة محكوميتهم.

وزير العدل يتحدث إلى سجين عراقي في أحد السجون ببغداد مطلع مارس (إعلام حكومي)

وأعلنت وزارة العدل مطلع فبراير (شباط) الماضي، تقدم العمل في بناء سجن جديد في محافظة الديوانية المركزي نحو 70 في المائة، والذي يشيد على مساحة 67 دونماً، ويحتوي على أكثر من 1000 قاعة، ويستوعب قرابة 3 آلاف نزيل، بحسب وزارة العدل.

وتقول الوزارة إنها تهدف من خلال تشييد سجون جديدة إلى «توفير البيئة المناسبة لتنفيذ البرامج الإصلاحية، وتخفيف الاكتظاظ داخل السجون، والقضاء على الأمراض الانتقالية بسبب الاكتظاظ وتطبيق معايير حقوق الإنسان بشكل مثالي».

وتشير إلى أن بناء السجون في المحافظات من شأنه أن «يخفف من عناء التنقل لعوائل النزلاء في المحافظات لزيارة أبنائهم المودعين».


مقالات ذات صلة

العراق: مساعٍ لتطوير المؤسسة العسكرية

المشرق العربي جنديان عراقيان مع آلية يقفان عند نقطة حراسة على الحدود العراقية - السورية 5 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

العراق: مساعٍ لتطوير المؤسسة العسكرية

كشفت لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي عن الحاجة لتطويع عشرات الآلاف بالجيش وسط تحديات أمنية إقليمية.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي تحذيرات عراقية من عودة «داعش»

تحذيرات عراقية من عودة «داعش»

تخشى بغداد أن يعيد «داعش» تنظيم صفوفه بعدما استولى على كميات من الأسلحة نتيجة انهيار الجيش السوري.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي رئيس وزراء العراقي محمد شياع السوداني (د.ب.أ)

السوداني يعلن استئناف عمل بعثة العراق الدبلوماسية في دمشق

أعلن رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني مساء الخميس أن البعثة الدبلوماسية العراقية «فتحت أبوابها وباشرت مهامها في دمشق».

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي صورة متداولة لحافلات سورية وصلت إلى الحدود العراقية لنقل الجنود

بغداد تعيد المئات من الجنود السوريين إلى بلادهم بالتنسيق مع دمشق

أعلنت السلطات العراقية، اليوم الخميس، أنها باشرت إعادة المئات من الجنود السوريين إلى بلادهم.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي اهتمام لافت باستقبال ولي العهد السعودي لرئيس الوزراء العراقي في الخيمة

بغداد تواصل مساعيها لتطويق تداعيات الأزمة السورية

يتحرك العراق داخلياً وخارجياً من أجل تطويق الأزمة السورية وتداعياتها.

حمزة مصطفى (بغداد)

مدنيون سوريون يتطوعون لتنظيم ازدحام السير في دمشق بعد سقوط النظام

متطوع سوري يساعد الشرطة في تنظيم حركة المرور بدمشق (أ.ف.ب)
متطوع سوري يساعد الشرطة في تنظيم حركة المرور بدمشق (أ.ف.ب)
TT

مدنيون سوريون يتطوعون لتنظيم ازدحام السير في دمشق بعد سقوط النظام

متطوع سوري يساعد الشرطة في تنظيم حركة المرور بدمشق (أ.ف.ب)
متطوع سوري يساعد الشرطة في تنظيم حركة المرور بدمشق (أ.ف.ب)

عند تقاطع مروري في منطقة أبو رمانة بدمشق، يبذل متطوعون شباب بلباس مدني كلّ ما في وسعهم؛ لتنظيم السير في مدينتهم التي تختنق بازدحام السيارات والفوضى المرورية منذ إسقاط بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول).

وفرّ أفراد شرطة السير وتنظيم المرور جميعهم من نقاط تمركزهم في المدينة قبيل ساعات من إعلان سقوط النظام. ونزع بعضهم ملابسه الرسمية ورماها في الشارع، وترك البعض الآخر دراجاتهم النارية المخصّصة لشرطة السير.

وتسبّب ذلك في اختناقات مرورية، لا سيما عند النقاط التي تعطّلت فيها إشارات السير، أو الساحات التي تحوَّلت إلى أماكن لتجمّع المتظاهرين المحتفلين بإسقاط النظام.

متطوعان سوريان يساعدان الشرطة في تنظيم حركة المرور بدمشق (أ.ف.ب)

وبعد أيام على تلك الفوضى، انتشر أكثر من 50 متطوعاً يرتدون سترات برتقالية مصنوعة محلياً، وكُتبت عليها كلمة «الشرطة»، عند الساحات العامة ومفارق الطرق الرئيسية بتنظيم من مؤسسة تطوعية محلية.

ويقول براء كردزلي (24 عاماً): »لدينا محبة لبلدنا، ورغبنا في التطوع لتنظيم السير. لقد أصبح البلد لنا جميعاً بعد أن كان لشخص واحد».

وخضع براء مع زملائه المتطوعين لدورة مكثفة في إدارة المرور بإشراف «هيئة تحرير الشام»، التي تقود السلطة الجديدة في دمشق. وزوّدتهم الهيئة بمعدّات بسيطة مثل صافرة، وعصا صغيرة؛ للتلويح للسيارات.

الطريق المؤدي إلى مدخل دوما بريف دمشق الشرقي من الأوتوستراد الدولي (الشرق الأوسط)

ويُضيف الشاب: «الناس لُطفاء للغاية، ويلتزمون معنا بالتعليمات بكل لطف، وليس لدينا أساساً أيّ سلطة سوى أن نبتسم للسائقين، ونطلب منهم الوقوف أو التحرك».

وفتحت مؤسسة «سند للشباب» التنموية باب التطوع للشباب، ونظَّمتهم في مجموعات متخصصة بين المساعدة الطبية للمشافي، والمساعدة التنظيمية للبلدية، ومساعدة شرطة السير.

ويقول عمر مرعي، المسؤول في المؤسسة: «ينتشر متطوعونا من التاسعة صباحاً وحتى السادسة مساءً، كل حسب وقته، واستطعنا خلال يومين حلّ أكثر من 50 في المائة من مشكلة السير في دمشق».

وفي محيط ساحة السبع بحرات وسط العاصمة، افترش عدد من الأطفال زاوية، ووضعوا عبوات بنزين ومازوت للبيع بشكل مباشر للسائقين، في حين ظهر أطفال آخرون باعةً للعلم السوري الجديد وساروا بين السيارات.

وقرب حديقة السبكي بدمشق، توقفت إشارة المرور عن العمل منذ أسبوع بعد انقطاع الكهرباء عنها. ويشير محمّد موفق العوا إلى أحد السائقين طالباً منه التريث قبل العبور، ويستجيب السائق مباشرة.

متطوع سوري يساعد الشرطة في تنظيم حركة المرور بدمشق (أ.ف.ب)

وبعد غياب لسنوات، شاهد سكان دمشق سيارات تحمل لوحات من إدلب وحلب ومناطق أخرى بقيت خارج سيطرة قوات النظام، وانقطعت حركة العبور منها وإليها.

وصار مألوفاً أن تشاهَد في دمشق سيارات جديدة، مقارنة مع السيارات المهترئة التي تنتشر في مناطق سيطرة النظام الذي كان يفرض ضرائب عالية للغاية على استيراد السيارات.

ويقول العوا (25 عاماً): «لم يحدث معنا أي موقف غير متوقع، وغالبية الناس تساعدنا بالاستجابة».

متطوع سوري يساعد الشرطة في تنظيم حركة المرور بدمشق (أ.ف.ب)

ولم يكن هذا الشاب، خريج كلية إدارة الأعمال، يتخيل يوماً أن يعمل في تنظيم السير، ومع ذلك فهو لا يخفي فرحته بهذا العمل التطوعي.

ويقول: «سعادتي اليوم لا توصف بأنني أسهم ولو بجزء صغير في مساعدة هذا البلد على النهوض مجدداً. علينا أن نتكاتف جميعاً مهما كان حجم العمل كبيراً أو صغيراً، وعلينا أن نقف مرة أخرى».