لقاء متوتر في رام الله لبلينكن... طالب بـ«إصلاحات» وواجهته السلطة بـ«الأموال المحتجزة»

وزير الخارجية الأميركي أكد لعباس دعم واشنطن لمسار سياسي ودولة

شرطة مكافحة الشغب أمام متظاهرين في رام الله احتجاجاً على زيارة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الأربعاء (رويترز)
شرطة مكافحة الشغب أمام متظاهرين في رام الله احتجاجاً على زيارة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الأربعاء (رويترز)
TT

لقاء متوتر في رام الله لبلينكن... طالب بـ«إصلاحات» وواجهته السلطة بـ«الأموال المحتجزة»

شرطة مكافحة الشغب أمام متظاهرين في رام الله احتجاجاً على زيارة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الأربعاء (رويترز)
شرطة مكافحة الشغب أمام متظاهرين في رام الله احتجاجاً على زيارة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الأربعاء (رويترز)

أبلغ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي التقاه في رام الله، الأربعاء، أن إدارته تؤيد اتخاذ «تدابير ملموسة» لإقامة دولة فلسطينية، وترى أنه يجب إطلاق مسار شامل يضمن في النهاية إقامة الدولة الفلسطينية إلى جانب إسرائيل التي يجب أن تنخ)رط في محيطها، لكنه طالب السلطة بضرورة إجراء إصلاحات في الهياكل الحكومية والأمنية، (إدارية ومالية ضرورية)، حتى تكون قادرة على الحكم، سواء في الضفة أو قطاع غزة في المرحلة المقبلة.

وفيما لم تورد الرئاسة الفلسطينية أي تفاصيل متعلقة بمسألة إصلاح السلطة، قالت الخارجية الأميركية إن بلينكن وعباس «أجريا مناقشات مثمرة بشأن إصلاح السلطة الفلسطينية».

وأكدت مصادر فلسطينية لـ«الشرق الأوسط»، أن بلينكن ركز على مسألة الإصلاحات، لكنه قوبل بسيل من الأسئلة الصعبة حول الحرب في غزة، ودور واشنطن في إيقافها، وخطتها لليوم التالي للحرب، وحكم قطاع غزة، والحرب المفتوحة في الضفة الغربية، وعنف المستوطنين، والخطط الإسرائيلية لتهجير الفلسطينيين، ومصير الأموال التي تحتجزها الحكومة في تل أبيب.

لقاء وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بالرئيس الفلسطيني محمود عباس برام الله الأربعاء (إ.ب.أ)

وقالت المصادر إنه تم سؤال بلينكن عن الأموال المحتجزة، وكيف ستستطيع واشنطن فرض رؤيتها في المسائل الأصعب إذا كانت لا تستطيع تحرير الأموال.

وبحسب المصادر، فإن هذه النقطة حولت اللقاء إلى اجتماع متوتر؛ لأنها أظهرت عدم ثقة المسؤولين الفلسطينيين بقدرة واشنطن على تطبيق ما تقوله أو تسعى له في المستقبل.

العلاقة بين السلطة والإدارة الأميركية متوترة بسبب موقف واشنطن من الحرب، وخلافات حول ماهية إصلاح السلطة ولأي سبب، والتعامل مع اليوم التالي للحرب.

وطالب عباس بضرورة «الوقف الفوري لحرب الإبادة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، لنتمكن من تنفيذ الحل السياسي المستند للشرعية الدولية، بدءاً بنيل دولة فلسطين عضويتها الكاملة في الأمم المتحدة بقرار من مجلس الأمن، وعقد مؤتمر دولي للسلام ينهي الاحتلال الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين، وعاصمتها القدس الشرقية، الأمر الذي يحقق السلام والأمن للجميع».

وحذر الرئيس الفلسطيني من خطورة ما تقوم به سلطات الاحتلال الإسرائيلي من إجراءات تهدف لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، أو الضفة الغربية، بما فيها القدس، مؤكداً الرفض الكامل لتهجير أي مواطن فلسطيني سواء في قطاع غزة، أو الضفة الغربية، وقال إنه لن يسمح بحدوثه.

مبنى متضرر بعد غارة إسرائيلية في رفح جنوب قطاع غزة الأربعاء (أ. ب)

وجدد عباس التأكيد على أن قطاع غزة جزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية، ولا يمكن القبول أو التعامل مع مخططات سلطات الاحتلال في فصله، أو اقتطاع أي جزء منه. وأكد عباس ضرورة الإفراج عن أموال المقاصة الفلسطينية، فوراً.

مقابل ذلك، حاول بلينكن شرح الخطة الأميركية القائمة على إطلاق مسار سياسي بعد الحرب، يهدف إلى إقامة دول فلسطينية، والتطبيع مع المزيد من الدول العربية. وأبلغ عباس أنه حصل على تعهد من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أنه لن يكون هناك تهجير لأهالي قطاع غزة، «فيما تستمر المباحثات بشأن اليوم التالي للحرب مع الإسرائيليين وزعماء المنطقة»، وأن واشنطن تريد في النهاية «سلطة فلسطينية مؤهلة» من أجل حكم الضفة الغربية وقطاع غزة.

مبادرة السلام العربية

وأوردت القناة 12 الإسرائيلية، عن مصدر، قوله إن واشنطن تطرح مبادرة السلام العربية التي طرحتها المملكة العربية السعودية قبل أكثر من 20 عاماً، بوصفها إطاراً محتملاً لإنهاء الحرب ضد «حماس» في غزة.

وتعرض مبادرة عام 2002 على إسرائيل تطبيع العلاقات مع العالم العربي بأكمله، بمجرد توصلها إلى حل الدولتين.

وأفاد التقرير، بأن إدارة بايدن تقول إن مثل هذا الاتفاق سيكون في مصلحة الولايات المتحدة وإسرائيل ودول المنطقة. وأضاف أن بلينكن أبلغ الإسرائيليين أنهم يجب أن يذهبوا باتجاه «أفق دبلوماسي»، وأن الصور واللقطات الصادرة من الحرب في غزة تؤدي إلى «التطرف» في دول الشرق الأوسط، وطالبهم بالتوقف عن إيذاء المدنيين والانتقال كلياً للمرحلة الثالثة، والإفراج عن أموال الفلسطينيين، ووضع خطة لليوم التالي للحرب.

اجتماع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير المال سموتريتش بمقر وزارة الدفاع في تل أبيب الأحد (إ.ب.أ)

هذا، ويتوقع أن يعقد مجلس الحرب الإسرائيلي جلسة في وقت متأخر، الأربعاء، من أجل مناقشة اليوم التالي للحرب.

وترفض إسرائيل تسليم قطاع غزة للسلطة الفلسطينية، حتى الآن، وتسعى إلى تشكيل هيئات محلية هناك تدير الشؤون المدنية فيما تحتفظ هي المسؤولية الأمنية.

وقال وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، متحدثاً لوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن: «سنتصرف دائماً وفقاً للمصلحة الإسرائيلية، ولذلك سنواصل القتال بكل قوة لتدمير (حماس)». وأضاف متحدياً بلينكن: «سنعمل على تمكين الهجرة الطوعية من غزة، كما فعل المجتمع الدولي تجاه اللاجئين من سوريا وأوكرانيا».

سموتريتش يتحدى واشنطن

ورفض سموتريتش كذلك تحويل الأموال للسلطة الفلسطينية. وقالت الخارجية الفلسطينية إن رفض سموتريتش، مجدداً، الطلب الأميركي بتحويل أموال المقاصة للسلطة الوطنية الفلسطينية، يعد تحدياً سافراً للإدارة الأميركية لترجمة مواقفها إلى أفعال وضغوط حقيقية تجبر إسرائيل على تحويل المقاصة والانصياع لإرادة السلام الدولية.

وقالت: «إن المتطرف سموتريتش الذي يتفاخر بدعم الاستيطان، وبإرهاب المستعمرين وجرائمهم، مستخدماً الميزانيات والأموال، ويوفر لهم الحماية السياسية والقانونية، والذي لا يعترف بوجود الشعب الفلسطيني وحقوقه، ويتعامل معها وفق خياراته المشؤومة الثلاثة: الاستسلام أو القتل أو التهجير، ويدعي أيضاً أن هذه البلاد بلاده، والمعروف بأنه عدو لدود للسلام، لا يحق له ولا يمتلك أي صلاحية للتدخل بأموال الشعب الفلسطيني وأوجه صرفها، إلا من قبيل الإمعان في سرقتها، وقرصنتها، كما يسرق ويحتل أرض الشعب الفلسطيني، ويصادر كرامته وحقوقه ويختطف حياة أجياله ومستقبلهم».

وتساءلت الخارجية: «إذا كانت الإدارة الأميركية لا تستطيع، حتى الآن، إجبار إسرائيل على تحويل أموال الشعب الفلسطيني (المقاصة)، فكيف لها أن تجبرها على حماية المدنيين، وإحياء عملية السلام والاعتراف بدولة للشعب الفلسطيني؟».


مقالات ذات صلة

مقتل موظفة بمنظمة خيرية في غزة

المشرق العربي مدرسة مدمَّرة في خان يونس بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

مقتل موظفة بمنظمة خيرية في غزة

قتل مسلَّحون فلسطينيون في قطاع غزة عاملة إغاثة من منظمة خيرية مقرها الولايات المتحدة، بعدما أطلقوا النار على سيارتها «خطأ»، وفق ما قالت حركة «حماس».

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي جنود إسرائيليون خلال العملية البرية داخل قطاع غزة (رويترز)

الجيش الإسرائيلي: «حماس» هُزمت عسكرياً في كل قطاع غزة

قدّر الجيش الإسرائيلي أن حركة «حماس» الفلسطينية هُزمت عسكرياً في قطاع غزة بأكمله، وأنها الآن تُعد «جماعة إرهابية سيستغرق تفكيكها بعض الوقت».

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي فلسطينيون نازحون داخلياً يسيرون في أحد شوارع خان يونس جنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)

«حماس» تنفي الاتفاق مع «فتح» على قيام السلطة الفلسطينية بإدارة غزة «مدنياً»

نفى قيادي في حركة «حماس» الفلسطينية، اليوم (الخميس)، الأنباء التي ترددت عن توافق حركتي «حماس» و«فتح» على قيام السلطة الفلسطينية بإدارة قطاع غزة «مدنياً».

«الشرق الأوسط» (غزة)
الخليج وزراء خارجية الخليج وأميركا خلال الاجتماع الوزاري المشترك في نيويورك (واس)

دعم خليجي - أميركي لإقامة دولة فلسطينية مستقلة

أعرب وزراء خارجية الخليج وأميركا عن دعمهم لإقامة دولة فلسطينية مستقلة وقابلة للحياة تعيش جنباً إلى جنب في سلام وأمن مع إسرائيل على حدود 1967.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الولايات المتحدة​ تصاعد أعمدة الدخان من موقع غارة جوية إسرائيلية استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت 26 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)

 الإدارة الأميركية تتهم السنوار بالرغبة في حرب إقليمية

قال مسؤول رفيع المستوى بالإدارة الأميركية للصحافيين: «إن الرئيس بايدن ومستشارين كباراً يتواصلون مع أطراف الصراع على طول الخط الأزرق بين إسرائيل ولبنان.


شعبية نتنياهو ترتفع بفضل الحرب ضد «حزب الله»

دمار جرّاء الغارات الإسرائيلية على السكسكية بجنوب لبنان (رويترز)
دمار جرّاء الغارات الإسرائيلية على السكسكية بجنوب لبنان (رويترز)
TT

شعبية نتنياهو ترتفع بفضل الحرب ضد «حزب الله»

دمار جرّاء الغارات الإسرائيلية على السكسكية بجنوب لبنان (رويترز)
دمار جرّاء الغارات الإسرائيلية على السكسكية بجنوب لبنان (رويترز)

أظهر الاستطلاع الأسبوعي للرأي العام في إسرائيل، الذي تجريه صحيفة «معاريف» العبرية، واستطلاع آخر تجريه قناة «آي 24» (I 24)؛ أن حزب «الليكود»، برئاسة بنيامين نتنياهو، سيفوز بـ25 مقعداً في «الكنيست» إذا أُجريت الانتخابات اليوم. ويعني ذلك أن الحزب يحقّق تقدماً في نتائجه المتوقعة، وذلك بفضل النجاحات التي يراها الإسرائيليون في إدارته للحرب على لبنان.

لكن هذه النتائج تشير إلى أن «الليكود» ما زال بعيداً عن الأرقام التي تتيح له البقاء في الحكم وتشكيل حكومة. إذ إن الزيادة في عدد نوابه، مقارنة باستطلاعات الرأي السابقة، تأتي بالأساس على حساب حلفائه في اليمين. في المقابل، ما زال المعسكر المعارض له يحقّق نتائج أفضل. فقد أشار الاستطلاعان إلى أنه في حال تشكيل رئيس الوزراء السابق، نفتالي بينيت، حزباً جديداً وتحالفاً جديداً مع جهات أخرى فإنه سيكتسح المعركة ويحصل على ما يمكنه من هزم نتنياهو وتشكيل حكومة ذات أكثرية ساحقة.

ومع أن هذه النتائج تعبّر عن استمرار رغبة الإسرائيليين في التخلص من نتنياهو، إلا أن الارتفاع في شعبيته 4 مقاعد خلال الشهر الأخير تبثّ روح التفاؤل في صفوف حزبه ومعسكره. ويعتقد مناصرو نتنياهو أنه سيستطيع استعادة شعبيته ببطء، ولكن بثقة.

وحسب استطلاع «معاريف»، الذي أجراه معهد «لزار» للبحوث، وبمشاركة «Panel4All»، فإن المعسكر المؤيد لنتنياهو يهبط من 64 مقعداً حالياً إلى 53 مقعداً، فيما لو بقيت تركيبة الأحزاب كما هي.

بينما المعارضة ستحصل على 53 مقعداً، تُضاف إليها 10 مقاعد للأحزاب العربية (6 مقاعد لـ«تحالف الجبهة» بقيادة أيمن عودة و«الحركة العربية للتغيير» بقيادة أحمد الطيبي، و4 مقاعد لـ«الحركة الإسلامية» بقيادة منصور عباس). وفي هذه الحالة تستطيع المعارضة تشكيل حكومة، إذا غيّرت موقفها وقبلت تشكيل تحالف مع قائمة منصور عباس. وإذا لم تقبل، ولم تجد حليفاً لها من معسكر نتنياهو، فإن الانتخابات ستُعاد مرة أخرى، وسيبقى نتنياهو في الحكم لعدة شهور أخرى حتى تُجرى انتخابات جديدة.

وتشير نتائج استطلاع «آي 24» إلى نتائج شبيهة جداً.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يتحدث أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة اليوم الجمعة (رويترز)

وقد جاء لافتاً للنظر جواب المواطنين الإسرائيليين عن السؤال حول رأيهم في وقف إطلاق النار. فحسب استطلاع «آي 24»، قال 63 في المائة من المستطلعين إنهم يؤيّدون استمرار القتال، و28 في المائة فقط يؤيّدون وقف إطلاق النار الذي قد يؤدي إلى تسوية في الشمال (مع لبنان)، و9 في المائة لا يوجد لديهم أي موقف.

وحسب استطلاع «معاريف» جاءت النتائج أكثر حدة؛ فقد أعرب 57 في المائة عن اعتقادهم أن على إسرائيل مواصلة الحرب على لبنان من خلال الغارات الجوية فقط، في حين عدّ 24 في المائة أن على إسرائيل شن اجتياح بري في لبنان، وقال 19 في المائة إن لا موقف لديهم. ويتبيّن من الاستطلاع أن 69 في المائة من ناخبي أحزاب المعارضة يؤيدون استمرار الغارات الجوية فقط على لبنان، في حين يؤيّد ذلك 48 في المائة من ناخبي أحزاب الائتلاف، مقابل 38 في المائة من هؤلاء الناخبين الذين يؤيّدون اجتياحاً برياً.

ويؤيّد 48 في المائة من الجمهور في إسرائيل استمرار الحرب على غزة، في حين يؤيّد 42 في المائة وقف الحرب والتوصل إلى اتفاق تبادل أسرى مع حركة «حماس»، ولم يعبر 10 في المائة عن موقفهم.

وقال 86 في المائة من ناخبي أحزاب الائتلاف اليميني الحاكم، إنهم يؤيّدون استمرار الحرب على غزة، في حين يفضّل 66 في المائة من ناخبي أحزاب المعارضة وقف الحرب واتفاق تبادل أسرى.

وقال 66 في المائة من الإسرائيليين إنهم يرفضون المبادرة الأميركية - الفرنسية لوقف إطلاق النار في لبنان. وقد بلغت هذه النسبة بين المواطنين اليهود 74 في المائة، لكن تأييد غالبية المواطنين العرب لهذه المبادرة خفّف من حدة هذا الرفض.