خان يونس «محور المعارك»... وغالانت يمهِّد لـ«احتلال طويل» للقطاع

الجيش الإسرائيلي يتحول إلى عمليات محددة في شمال غزة

يساعد فلسطينية على كرسي متحرك في مدينة رفح اليوم (د.ب.أ)
يساعد فلسطينية على كرسي متحرك في مدينة رفح اليوم (د.ب.أ)
TT

خان يونس «محور المعارك»... وغالانت يمهِّد لـ«احتلال طويل» للقطاع

يساعد فلسطينية على كرسي متحرك في مدينة رفح اليوم (د.ب.أ)
يساعد فلسطينية على كرسي متحرك في مدينة رفح اليوم (د.ب.أ)

شهدت خان يونس في الساعات الماضية معارك ضارية، بعدما باتت «مركز الحرب» ضد قطاع غزة، وسط معلومات تفيد بأن إسرائيل حددت مكان اختباء زعيم «حماس» يحيى السنوار. وجاء ذلك بينما أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، أن قواته على وشك الانتقال إلى المرحلة التالية في شمال قطاع غزة، وهي مرحلة ستشهد خفضاً لمستوى العمليات المكثفة، والانتقال نحو العمليات المحددة؛ لكنها ستكون مرحلة طويلة.

وجاء تصريح غالانت قبل ساعات من وصول وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى إسرائيل، في زيارة يسعى من خلالها إلى دفع حكومتها نحو بداية المرحلة الثالثة؛ لكن في كل قطاع غزة، وليس الشمال فقط، وعلى نحو يسمح بعودة النازحين إلى بيوتهم، وهو ما ترفضه إسرائيل حتى الآن.

وقال غالانت لصحيفة «وول ستريت جورنال» إن التصرّف بقوة كافية في قطاع غزة لا يستهدف فقط القضاء على «حماس»؛ بل أيضاً ردع الخصوم المحتملين الآخرين المتحالفين مع إيران، بما في ذلك «حزب الله» اللبناني المنخرط في حرب استنزاف.

وأضاف غالانت: «وجهة نظري الأساسية هي أننا نقاتل محوراً، وليس عدواً واحداً».

صورة توضيحية للأوضاع الميدانية للحرب في غزة في اليوم ال94 (الشرق الأوسط)

 

واتهم وزير الدفاع الإسرائيلي إيران بأنها تبني قوة عسكرية حول إسرائيل، من أجل استخدامها في وقت لاحق. وأوضح: «لا يمكننا قبول احتمال أن تحدد (حماس) و(حزب الله) وإيران حياتنا. إنهم يرون ما حدث في غزة. وهم يعرفون أنه يمكننا القيام بنسخ ولصق في بيروت».

واعترف غالانت بأن حجم وشدة الهجوم الذي شنته «حماس» في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، هزّ بشدة إحساس الإسرائيليين بالأمن، وغيَّر بشكل عميق الطريقة التي ينظرون بها إلى العالم من حولهم.

وقال غالانت: «كان يوم 7 أكتوبر هو اليوم الأكثر دموية بالنسبة للشعب اليهودي منذ عام 1945. العالم بحاجة إلى أن يفهم. ذلك كان أمراً مختلفاً».

وأكد غالانت أن إسرائيل لن تتخلى عن أهدافها بتدمير «حماس»، وأن الفصل التالي الذي بدأ في غزة «سيستمر لفترة أطول».

ويتحدث غالانت عن مرحلة بدأت في الشمال ثم ستنتقل للجنوب، ثم تستمر لمدة نحو عام، حسب رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي هيرتسي هليفي، وهي المرحلة التي قال الجيش إنها ستشمل مداهمات واقتحامات مركزة ومحددة، وهو نهج اعتمده الجيش خلال الأيام الأخيرة في بيت لاهيا والشجاعية وحي التفاح، شمال القطاع.

وقال مسؤولون إسرائيليون إن التحول إلى عمليات أقل كثافة سيكون تدريجياً، وسيحدث في أوقات مختلفة في أجزاء مختلفة من غزة.

فلسطينيان يعملان في تحضير الفلافل بأحد مناطق رفح اليوم الاثنين (د.ب.أ)

ويدور الحديث عن انتقال جزئي، في الشمال فقط، في حين يتواصل القتال العنيف في وسط القطاع وجنوبه. ولم يتخذ حتى الآن أي قرار عن عملية برية في رفح. كما أن الانتقال الجزئي في الشمال لم يسمح للسكان الذين نزحوا إلى الجنوب بالعودة إلى بيوتهم.

وأكدت وسائل إعلام إسرائيلية أن القيادة السياسية أمرت «الفرقة 99» المسؤولة عن تقسيم قطاع غزة لقسمين، بمنع عودة المواطنين الفلسطينيين من جنوب غزة إلى شمالها.

وخُطط إسرائيل لاحتلال قطاع غزة لمدة عام كامل في المرحلة الثالثة، قضية محل خلاف مع الأميركيين الذي يريدون الانتقال إلى المرحلة الثالثة في كل قطاع غزة، والسماح للفلسطينيين الذين يريدون العودة إلى بيوتهم في شمال غزة بالعودة فوراً، ووضع موعد لنهاية العملية برمتها، وخطة لليوم التالي للحرب، لا تشمل بقاء أي قوات إسرائيلية في قطاع غزة، ولا تقليص مساحته.

ويفترض أن يناقش بلينكن مع المسؤولين الإسرائيليين، كل ذلك.

صور رهائن إسرائيليين لدى «حماس» في أكاديمية الرقص والموسيقى في القدس (أ.ف.ب)

وقالت مصادر للقناة «12» الإسرائيلية، إن بلينكن سيطلب من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الانتقال للمرحلة الثالثة من الحرب، وإتاحة الفرصة لعودة النازحين لمناطقهم شمال قطاع غزة، كما سيطالب بتحريك المفاوضات لإنجاز صفقة لتبادل الأسرى ومضاعفة إدخال المساعدات إلى غزة، وتحويل مستحقات الضرائب إلى السلطة الفلسطينية، وتجنب انفجار حرب على الحدود مع لبنان.

وحسب موقع «واللا» العبري، فإن مجلس الحرب الإسرائيلي يفترض أن يكون قد اجتمع في وقت متأخر، الاثنين، لوضع تصورات قبل مناقشتها مع بلينكن يوم الثلاثاء.

وبانتظار تسويات سياسية، يتواصل القتال الشرس في وسط وجنوب قطاع غزة.

تقرير إسرائيلي يقول إن يحيى السنوار يحيط نفسه برهائن تحتجزهم «حماس» في خان يونس (د.ب.أ)

وقالت مصادر في الفصائل الفلسطينية لـ«الشرق الأوسط» إن قتالاً ضارياً يستمر في خان يونس التي أصبحت مركز المعارك في قطاع غزة.

وأعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين، أن مجموعة القتال التابعة لـ«اللواء 7» تعمل خلال الأيام الأخيرة على توسيع رقعة المناورة البرية في جنوب خان يونس. وقال الجيش إنه قتل مسلحين، وداهم بنى تحتية، ودمر أنفاقاً، وعثر على وثائق استخباراتية وأسلحة مختلفة.

مقابل ذلك، أكدت «كتائب القسام» (حماس) و«سرايا القدس» (الجهاد الإسلامي) أنهما تخوضان اشتباكات ضارية مع قوات الاحتلال، بالأسلحة الرشاشة والقذائف المضادة للدروع، في محاور التوغل بخان يونس جنوبي قطاع غزة.

وتركز إسرائيل على خان يونس؛ لأنها تعتقد أن قيادة «حماس» انتقلت إلى هناك مع المحتجزين الإسرائيليين مع بداية الحرب، كما اكتشفت إسرائيل أن حجم الأنفاق والقوات التابعة للفصائل الفلسطينية أكبر بكثير مما توقعت.

وتقول إسرائيل إن زعيم «حماس» يحيى السنوار موجود في خان يونس.

وذكرت صحيفة «يسرائيل هيوم»، الاثنين، أن مكان السنوار معروف بالنسبة لإسرائيل بشكل دقيق؛ لكن القوات تمتنع عن مهاجمته كونه محاطاً بعدد كبير من الرهائن الإسرائيليين الأحياء، علماً بأن حركة «الجهاد الإسلامي» نشرت اليوم فيديو، يظهر فيه أحد الرهائن في قطاع غزة وهو على قيد الحياة.

وقبل أسابيع قال غالانت إن السنوار سيقابل قريباً فوهات بنادق الجيش الإسرائيلي.

ومع استمرار القتال على الأرض، واصل الطيران الإسرائيلي في اليوم الـ94 للحرب قصف مواقع واسعة في غزة. وقالت وزارة الصحة في غزة، في بيان، الاثنين، إن الاحتلال ارتكب 17 مجزرة جديدة ضد العائلات في قطاع غزة «راح ضحيتها 249 شهيداً، و510 مصابين، خلال الـ24 ساعة الماضية». وأكدت وزارة الصحة «ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي إلى 23084 شهيداً، و58926 مصاباً، منذ السابع من أكتوبر الماضي».


مقالات ذات صلة

صرخة جندي عائد من غزة: متى سيستيقظ الإسرائيليون؟

شؤون إقليمية جنود في مقبرة بالقدس خلال تشييع رقيب قُتل في غزة يوم 20 نوفمبر (أ.ب)

صرخة جندي عائد من غزة: متى سيستيقظ الإسرائيليون؟

نشرت صحيفة «هآرتس» مقالاً بقلم «مقاتل في جيش الاحتياط»، خدم في كل من لبنان وقطاع غزة. جاء المقال بمثابة صرخة مدوية تدعو إلى وقف الحرب.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شمال افريقيا جانب من محادثات وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي مع نظيره الإيراني في القاهرة الشهر الماضي (الخارجية المصرية)

مصر تطالب بخفض التوترات في المنطقة و«ضبط النفس»

أعرب وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، خلال اتصال هاتفي تلقاه من نظيره الإيراني، عباس عراقجي، مساء الخميس، عن قلق بلاده «من استمرار التصعيد في المنطقة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شؤون إقليمية وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير (رويترز)

ماذا نعرف عن «الخلية الفلسطينية» المتهمة بمحاولة اغتيال بن غفير؟

للمرة الثانية خلال ستة شهور، كشفت المخابرات الإسرائيلية عن محاولة لاغتيال وزير الأمن القومي الإسرائيلي، المتطرف إيتمار بن غفير، الذي يعيش في مستوطنة بمدينة…

نظير مجلي (تل ابيب)
تحليل إخباري فلسطينيون يبحثون عن ضحايا عقب غارة إسرائيلية وسط مدينة غزة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري حديث إسرائيلي عن «إدارة عسكرية» لغزة يعقّد جهود «الهدنة»

الحديث الإسرائيلي عن خطط لإدارة غزة يراه خبراء، تحدثوا مع «الشرق الأوسط»، بمثابة «تعقيد خطير لجهود التهدئة المتواصلة بالمنطقة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
المشرق العربي المندوب الأميركي البديل لدى الأمم المتحدة روبرت وود يرفع يده لنقض مشروع قرار يدعو إلى وقف إطلاق النار في غزة خلال اجتماع لمجلس الأمن (أ.ف.ب)

أميركا تحبط الإجماع الدولي على المطالبة بوقف إطلاق النار فوراً في غزة

خرجت الولايات المتحدة عن إجماع بقية أعضاء مجلس الأمن لتعطيل مشروع قرار للمطالبة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة، وإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين.

علي بردى (واشنطن)

تقرير: ترمب قد يفرض عقوبات على مدعي «الجنائية الدولية» رداً على مذكرة اعتقال نتنياهو

مقر المحكمة الجنائية في لاهاي (أ.ف.ب)
مقر المحكمة الجنائية في لاهاي (أ.ف.ب)
TT

تقرير: ترمب قد يفرض عقوبات على مدعي «الجنائية الدولية» رداً على مذكرة اعتقال نتنياهو

مقر المحكمة الجنائية في لاهاي (أ.ف.ب)
مقر المحكمة الجنائية في لاهاي (أ.ف.ب)

قالت صحيفة «تليغراف» البريطانية، إن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يفكر في فرض عقوبات على المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية البريطاني، كريم خان، بسبب مذكرة الاعتقال التي أصدرتها المحكمة بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

وذكرت الصحيفة أن مايك والتز، الذي سيشغل منصب مستشار الأمن القومي لترمب، قال إن المحكمة الجنائية الدولية «ليست لديها مصداقية»، ووعد «برد قوي على التحيز المعادي للسامية للمحكمة» عندما تتولى إدارة ترمب منصبها في 20 يناير (كانون الثاني).

وأضافت الصحيفة أن كريم خان قد يكون من بين المسؤولين المستهدفين بعقوبات من قبل ترمب.

ومثل إسرائيل، لا تعترف الولايات المتحدة بسلطة المحكمة التي تتخذ من لاهاي مقراً لها، ودعا كبار الجمهوريين إلى فرض عقوبات على كبار المسؤولين في المحكمة الجنائية الدولية رداً على مذكرات الاعتقال.

ويجري التحقيق مع خان بشأن مزاعم سوء السلوك الجنسي وهو ينفي هذه الاتهامات.

وخلال فترة ولايته الأولى في منصبه، فرض ترمب عقوبات على المدعي العام السابق للمحكمة بسبب تحقيق في جرائم حرب مزعومة ارتكبتها القوات الأميركية في أفغانستان.

وفي ذلك الوقت، وصف مايك بومبيو، وزير الخارجية آنذاك، المحكمة بأنها «مؤسسة فاسدة تماماً».

في النهاية، ألغى الرئيس الأميركي جو بايدن العقوبات المفروضة على المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودا، التي تضمنت حظراً للسفر، عندما تولى منصبه في عام 2021، لكن هناك توقع بأن ترمب قد يعيد تنفيذ الاستراتيجية نفسها رداً على معاملة المحكمة الجنائية الدولية لإسرائيل.

دونالد ترمب (رويترز)

ويمكنه أيضاً سحب مشاركة الولايات المتحدة ومواردها من التحقيقات التي تقودها المحكمة الجنائية الدولية في جرائم الحرب الروسية في أوكرانيا.

وأي عقوبات تُفرض على خان وموظفيه قد تهدد العلاقة بين بريطانيا وترمب إذا اختار رئيس الوزراء البريطاني الجديد، كير ستارمر، الامتثال لأوامر الاعتقال.

وتقود الولايات المتحدة ردود فعل دولية عنيفة ضد المحكمة التي تتخذ من لاهاي مقراً لها، حتى مع تردد المملكة المتحدة بشأن ما إذا كانت ستحتجز رئيس الوزراء الإسرائيلي، وقالت بريطانيا إنها تحترم المحكمة ورفضت الإفصاح عما إذا كان سيتم اعتقال نتنياهو إذا جاء إلى المملكة المتحدة.

ودعت سفيرة إسرائيل لدى المملكة المتحدة، تسيبي هوتوفلي، جميع الدول إلى رفض الأمر «الهزلي» للمحكمة الجنائية الدولية باعتقال نتنياهو.

وفي مقال لها في صحيفة «تليغراف»، اتهمت هوتوفلي المحكمة بـ«إيجاد أرضية مشتركة مع حماس»، وقالت: «نشكر الولايات المتحدة والدول الحليفة الأخرى التي رفضت القرار الهزلي للمحكمة وندعو الدول الأخرى إلى أن تحذو حذوها في رفض هذا الظلم. لقد أظهرت المحكمة الجنائية الدولية أن كل زعيم ديمقراطي يسعى إلى الدفاع عن شعبه قد يصبح هدفاً للمحكمة».

وأشارت ألمانيا إلى أنها لن تحتجز نتنياهو بسبب ماضيها النازي وعلاقتها الخاصة بالدولة اليهودية، على الرغم من كونها عضواً في المحكمة الجنائية الدولية.

وتعهد فيكتور أوربان رئيس وزراء المجر العضو في الاتحاد الأوروبي، بتحدي اعتقال نتنياهو، وبدلاً من ذلك دعاه لزيارة بلاده.

وتمثل مذكرة الاعتقال المرة الأولى في تاريخ المحكمة الجنائية الدولية الممتد 22 عاماً التي يسعى فيها قضاتها إلى اعتقال زعيم دولة مدعومة من الغرب.

والدول الأعضاء في المحكمة البالغ عددها 124 دولة، بما في ذلك بريطانيا، مسؤولة عن تنفيذ مذكرات الاعتقال التي تصدرها.

وفي إشارة إلى الانقسامات بين الدول الأوروبية، وعدت آيرلندا وإيطاليا وهولندا باعتقال نتنياهو، إذا وصل إلى أراضيها، وأكدت فرنسا موقف المحكمة لكنها لم تقل ما إذا كان نتنياهو سيواجه الاعتقال إذا عبر حدودها.

وأكد مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، أن الدول الأعضاء البالغ عددها 27 دولة، بما في ذلك ألمانيا والمجر، ستكون ملزمة بتنفيذ مذكرات الاعتقال.