سوريا تشكو الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة للأمم المتحدة

غداة عدوانين جديدين استهدفا مواقع في الجنوب وريف دمشق

خلال غارة إسرائيلية على محيط دمشق (أرشيفية: المرصد السوري لحقوق الإنسان)
خلال غارة إسرائيلية على محيط دمشق (أرشيفية: المرصد السوري لحقوق الإنسان)
TT

سوريا تشكو الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة للأمم المتحدة

خلال غارة إسرائيلية على محيط دمشق (أرشيفية: المرصد السوري لحقوق الإنسان)
خلال غارة إسرائيلية على محيط دمشق (أرشيفية: المرصد السوري لحقوق الإنسان)

غداة عدوانين إسرائيليين جديدين على مواقع في ريف دمشق والمنطقة الجنوبية، حذرت وزارة الخارجية السورية، الجمعة، من مغبة استمرار هذه الاعتداءات، مطالِبةً الأمم المتحدة ومجلس الأمن بالتدخل لوقفها وتحمل مسؤوليتهما وفقاً للقانون الدولي.

وفي رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن حول الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية، قالت وزارة الخارجية: «جددت سلطات الاحتلال الإسرائيلي تحدّيها للرأي العام العالمي وقرارات الأمم المتحدة ودعوات أغلب أعضاء مجلس الأمن إلى عدم توسيع العدوان القائم على الشعب الفلسطيني، وذلك بشنّها عدوانين جديدين نحو الساعة الحادية عشرة و5 دقائق من مساء الخميس 28 - 12 - 2023 من اتجاه الجولان السوري المحتل، مستهدفةً بعض النقاط في المنطقة الجنوبية، ونحو الساعة 1.20 من فجر يوم الجمعة 29 - 12 - 2023 نفذ العدو الإسرائيلي عدواناً جوياً من اتجاه الأراضي اللبنانية، مستهدفاً عدداً من النقاط في محيط دمشق».

جندي إسرائيلي يعاين رشاشاً في موقع بالجولان المحتل الخميس (أ.ف.ب)

وأكدت الوزارة «أن هذه الاعتداءات المتكررة على الجمهورية العربية السورية تعكس نزعةً متأصلةً لدى القيادات الصهيونية لمتابعة نهج القتل والتدمير الذي تمارسه دون هوادة بهدف قتل المزيد من الآلاف من أبناء الشعب الفلسطيني بما في ذلك ما يزيد على 7 آلاف طفل و6 آلاف امرأة، وتدمير أكثر من 80 في المائة من منازلهم في شمال ووسط قطاع غزّة، بهدف وحيد هو تهجير ما تبقى من الفلسطينيين إلى خارج بلادهم وبناء إسرائيل الكبرى».

وقالت: «من الواضح للولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وبريطانيا وآخرين من المتشددين من دول الغرب الجماعي أن إسرائيل لم تبقِ ولو كلمة من مواثيق القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني إلا وانتهكتها دون رحمة».

وشددت الوزارة على «أن الاعتداءات الجديدة المتكررة على أراضي الجمهورية العربية السورية والتهديدات التي لم تتوقف ضد لبنان وضد دول عربية أخرى في المنطقة تُظهر حقيقة أهداف الكيان الصهيوني الذي يريد التوسّع في المنطقة على حساب الحقوق العربية في فلسطين وغيرها من الأراضي المحتلة».

جنود إسرائيليون في مبنى مهجور بالجولان المحتل الخميس (أ.ف.ب)

وأضافت الوزارة: «تعرف الولايات المتحدة الأميركية وغيرها من الدول الغربية أن التوصل إلى السلام العادل والشامل والذي سعت إليه الأسرة الدولية كان يُواجه دائماً بافتعال إسرائيل لحروب ومعارك أظهرت أن هذا الكيان لا يريد السلام والاستقرار في المنطقة، وإنما يريد الأرض والسلام على حساب الحقوق العربية».

وتابعت: «لقد وضعت الجمهورية العربية السورية حقائق الاعتداءات الصهيونية على سوريا أمام مجلس الأمن بهدف وحيد، وهو أن سوريا قد حذّرت الكيان الصهيوني وما يُسمى بالمجتمع الدولي من مغبّة الاستمرار في الاعتداءات، كما حذّرت سوريا الولايات المتحدة من استمرار احتلالها للشرق السوري، ونهبها المستمر للثروات السورية وخاصّة النفط والغاز».

وكانت طائرات إسرائيلية نفذت غارة على مواقع الدفاع الجوي في محافظة ريف دمشق.

وسمع دوي انفجارات قوية في محيط العاصمة دمشق، قرب منطقتي الزاهرة وببيلا، حيث توجد نقاط للدفاع الجوي في قوات النظام، فيما حاولت الدفاعات الجوية السورية في جبل قاسيون التصدي للصواريخ.

وأشار «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إلى أنه قبل منتصف ليل الخميس - الجمعة، استهدفت صواريخ إسرائيلية منطقة مطار دمشق الدولي، بعد يوم على إعادته للعمل وإقلاع أول طائرة بعد توقف فعلي دام 65 يوماً، منذ تاريخ الاستهداف الإسرائيلي الأول في 22 أكتوبر (تشرين الأول) الفائت.

تصاعد الدخان فوق العاصمة دمشق بعد غارة إسرائيلية عام 2022 (أرشيفية - رويترز)

كما استهدفت صواريخ إسرائيلية نقطة ضمن كتيبة تابعة للدفاع الجوي في تل صحن شرقي قرية الهويا في الريف الجنوبي لمحافظة السويداء.

وأحصى «المرصد السوري لحقوق الإنسان» منذ مطلع العام الحالي، 73 مرة قامت خلالها إسرائيل باستهداف الأراضي السورية، 49 منها جوية و24 برية، أسفرت تلك الضربات عن إصابة وتدمير نحو 143 هدفاً، ما بين مستودعات للأسلحة والذخائر ومقرات ومراكز وآليات.

وتسببت تلك الضربات بمقتل 120 من العسكريين، بالإضافة لإصابة 136 آخرين منهم بجراح متفاوتة.


مقالات ذات صلة

إعفاء السعوديين من التأشيرة القصيرة إلى طاجيكستان وأذربيجان

الخليج وزيرا الخارجية السعودي والطاجيكستاني عقب توقيع على مذكرة التفاهم (واس)

إعفاء السعوديين من التأشيرة القصيرة إلى طاجيكستان وأذربيجان

واصل الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي في مدينة نيويورك الأميركية عقد مباحثات ثنائية مع مسؤولي عدد من الدول، ناقشت سبل تعزيز التعاون المشترك.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الخليج جانب من توقيع اتفاقيتي التعاون المشترك بين مركز الملك سلمان للإغاثة ومكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (واس)

اتفاقات دعم سعودي إنساني لمنظمات دولية في 3 دول

أبرمت السعودية، ممثلة في مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، اتفاقيات تعاون مشترك مع منظمات دولية لدعم العمل الإنساني في سوريا والسودان وأوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
شؤون إقليمية جانب من اجتماع وزراء خارجية تركيا وروسيا وإيران على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك (الخارجية التركية)

وزراء خارجية تركيا وروسيا وإيران حذروا من دوامة عنف جديدة في سوريا

ناقش وزراء خارجية تركيا وروسيا وإيران، وهي الدول الثلاث الضامة لمسار أستانا، الأوضاع في سوريا على هامش أعمال الدورة 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الخليج وزير الخارجية السعودي يتحدث خلال جلسة لمجلس الأمن بشأن غزة في نيويورك (الأمم المتحدة)

السعودية تدعو لشراكة جادة تحقق السلام في المنطقة

أكد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان أن بلاده تؤمن بأن تنفيذ حل الدولتين هو الأساس لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.

جبير الأنصاري (الرياض)
العالم العربي ممثل كوريا الجنوبية لدى الأمم المتحدة هوانغ جون-كوك يتحدث خلال جلسة مجلس الأمن (الأمم المتحدة)

كوريا الجنوبية تصف التصعيد في المنطقة بـ«غير المسبوق»

قال ممثل كوريا الجنوبية لدى الأمم المتحدة هوانغ جون-كوك، إن الضربة في الضاحية الجنوبية لبيروت «أدت إلى تعميق مشاغلنا»، واصفا التصعيد في المنطقة بـ«غير المسبوق».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

سوريا كانت «كعب أخيل»... كيف اخترقت إسرائيل «حزب الله»؟

مقاتلون من «حزب الله» خلال جنازة في ضاحية بيروت الجنوبية لثلاثة من رفاقهم قُتلوا في سوريا في ديسمبر 2023 (أ.ف.ب)
مقاتلون من «حزب الله» خلال جنازة في ضاحية بيروت الجنوبية لثلاثة من رفاقهم قُتلوا في سوريا في ديسمبر 2023 (أ.ف.ب)
TT

سوريا كانت «كعب أخيل»... كيف اخترقت إسرائيل «حزب الله»؟

مقاتلون من «حزب الله» خلال جنازة في ضاحية بيروت الجنوبية لثلاثة من رفاقهم قُتلوا في سوريا في ديسمبر 2023 (أ.ف.ب)
مقاتلون من «حزب الله» خلال جنازة في ضاحية بيروت الجنوبية لثلاثة من رفاقهم قُتلوا في سوريا في ديسمبر 2023 (أ.ف.ب)

كشف مسؤولون سابقون وحاليون في الاستخبارات الإسرائيلية، أن انخراط «حزب الله» في الحرب الأهلية السورية إلى جانب نظام الرئيس بشار الأسد، كان بمثابة «كعب أخيل» الذي سمح لتل أبيب بتحقيق طفرة في اختراق الحزب، بعدما ظلت بنيته السرية عصية على الاختراق لعقود.

فبعد أقل من عقدين على فشلها ثلاث مرات في اغتيال الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله، خلال حرب عام 2006، تمكنت إسرائيل من تحديد موقعه بدقة يوم الجمعة الماضي، وقتله مع نحو 20 من أبرز قادة الحزب، بعد أسابيع من الاغتيالات والتصفيات والهجمات غير التقليدية.

ما تغير، بحسب المسؤولين الحاليين والسابقين الذين تحدثوا في تقرير لصحيفة «فاينانشال تايمز» البريطانية، هو «عمق ونوعية المعلومات الاستخباراتية التي تمكنت إسرائيل من الاعتماد عليها في الشهرين الماضيين»، بدءاً باغتيال القائد العسكري للحزب فؤاد شكر نهاية يوليو (تموز) الماضي.

«صورة استخباراتية كثيفة»

هذا التغير النوعي استند، بحسب هؤلاء، إلى «الصورة الاستخباراتية الكثيفة» التي أتاحها نشر «حزب الله» عناصره في سوريا في 2012 للمساعدة في إخماد الاحتجاجات، وهو ما شكل انكشافاً أظهر «من كان مسؤولاً عن عمليات الحزب، ومن كان يحصل على ترقية، ومن كان فاسداً، ومن عاد للتو من رحلة غير مفسرة».

أرشيفية لتدريبات ميليشيات إيران في سوريا بينها مقاتلون لـ«حزب الله» اللبناني (المرصد السوري)

ولمواكبة الحرب الممتدة في سوريا، اضطر «حزب الله» إلى توسيع قاعدة تجنيد العناصر، ما جعله «أكثر عرضة للجواسيس الإسرائيليين الذين ينشرون عملاء أو يبحثون عن منشقين محتملين». وأوضحت رندا سليم، مديرة البرامج في معهد الشرق الأوسط في واشنطن، أن «التوسع في سوريا أضعف آليات الرقابة الداخلية، وفتح الباب للتسلل على مستوى كبير».

«نافورة من البيانات»

وإضافة إلى فرص الاختراق، وفرت الحرب في سوريا لجواسيس إسرائيل وخوارزمياتهم «نافورة من البيانات»، معظمها متاح للجمهور، مثل «ملصقات الشهداء» التي استخدمها «حزب الله» بانتظام لنعي قتلاه في سوريا، وهي كانت مليئة بمعلومات صغيرة، بما في ذلك البلدة التي ينتمي إليها المقاتل، والمكان الذي قُتل فيه، ودائرة أصدقائه الذين نشروا الأخبار على وسائل التواصل الاجتماعي. كانت الجنازات أكثر كشفاً، إذ أخرجت أحياناً كبار القادة من الظل، ولو لفترة وجيزة.

ونقل التقرير عن سياسي لبناني سابق رفيع المستوى قوله إن اختراق «حزب الله» من قبل المخابرات الإسرائيلية أو الأميركية كان «ثمن دعمهم للأسد». وأوضح: «كان عليهم الكشف عن أنفسهم في سوريا، واضطرت الجماعة السرية فجأة إلى البقاء على اتصال وتبادل المعلومات مع جهاز الاستخبارات السوري بكل فساده، أو مع أجهزة الاستخبارات الروسية التي كانت تخضع لمراقبة منتظمة من قبل الأميركيين».

مثلت «ملصقات الشهداء» التي كان الحزب يوزعها لقتلاه في سوريا وصور تشييعهم مصدراً مهماً للمعلومات

تحول الحزب من كونه «منضبطاً للغاية ومتشدداً إلى السماح بدخول عدد أكبر بكثير من الناس»، كما يقول يزيد صايغ، وهو زميل بارز في مركز كارنيغي للشرق الأوسط. «كان الرضا عن الذات والغطرسة مصحوبين بتحول في العضوية بداية الضعف».

حصار بتقنيات التجسس

بموازاة هذه الطفرة في جمع المعلومات من أقمار التجسس والمسيّرات المتطورة وقدرات القرصنة الإلكترونية التي تحول الهواتف المحمولة إلى أجهزة تنصت، أنشأت إسرائيل «الوحدة 9900» التي تكتب خوارزميات تغربل كميات هائلة من الصور المرئية للعثور على أدنى تغيرات، على أمل تحديد فتحة تهوية فوق نفق أو الإضافة المفاجئة لتعزيزات خرسانية، مما يشير إلى وجود مخبأ.

وشرح التقرير أنه «بمجرد تحديد هوية أحد عناصر (حزب الله)، يتم إدخال أنماط تحركاته اليومية في قاعدة بيانات ضخمة من المعلومات، يتم سحبها من أجهزة يمكن أن تشمل الهاتف المحمول لزوجته، أو عداد المسافات في سيارته الذكية، أو موقعه».

القيادي البارز في «حزب الله» هاشم صفي الدين خلال مشاركته في تشييع قيادي من الحزب قُتل في إدلب بسوريا (أ.ف.ب)

وهذه العمليات يمكن التعرف عليها من مصادر مختلفة مثل مسيّرة تحلق في السماء، أو من خلال بث كاميرا مراقبة مخترقة يمر بها، وحتى من خلال صوته المسجل على ميكروفون جهاز التحكم عن بعد في التلفزيون الحديث، وفقاً للعديد من المسؤولين الإسرائيليين.

يشرح أحد هؤلاء المسؤولين أن «أي انقطاع عن هذا الروتين يصبح بمثابة تنبيه لضابط الاستخبارات لفحصه، وهي التقنية التي سمحت لإسرائيل بتحديد القادة متوسطي المستوى لفرق مكافحة الدبابات المكونة من اثنين أو ثلاثة مقاتلين والتي ضايقت الجيش الإسرائيلي عبر الحدود. وفي مرحلة ما، راقبت إسرائيل جداول القادة الأفراد لمعرفة ما إذا كان قد تم استدعاؤهم فجأة تحسباً لهجوم».

تحديد مكان نصر الله

خلال الشهور الماضية، نجحت الاستخبارات الإسرائيلية تقريباً في إتقان تقنية سمحت لها، على الأقل بشكل متقطع، بتحديد مكان نصر الله الذي كان يعيش تحت الأرض في شبكة من الأنفاق والمخابئ.

وفي الأيام التي أعقبت السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أقلعت الطائرات الحربية الإسرائيلية حاملة تعليمات بقصف موقع لنصر الله كان قد تم تحديده من قبل مديرية الاستخبارات الإسرائيلية «أمان». ثم ألغيت الغارة بعد أن طالب البيت الأبيض رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بذلك، وفقاً لأحد المسؤولين الإسرائيليين.

موقع اغتيال نصر الله بالضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)

لكن يبدو أن هذا الاعتراض لم يتكرر يوم الجمعة الماضي حين حددت الاستخبارات الإسرائيلية مكان نصر الله مرة أخرى متوجهاً إلى «مخبأ القيادة والسيطرة»، على ما يبدو لحضور اجتماع ضم العديد من كبار قادة الحزب وقيادي كبير من «الحرس الثوري»، ونفذت ضربتها الصادمة.