مجلس الأمن من تأجيل إلى تأجيل خشية «الفيتو» الأميركي

تباينات في إدارة بايدن حول الدور الأممي وسط إصرار عربي على وقف القتال

المنسق الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط تور وينسلاند ورئيس بعثة الأمم المتحدة لمراقبة الهدنة الميجر جنرال باتريك غوشا خلال اجتماع مجلس الأمن (أ.ف.ب)
المنسق الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط تور وينسلاند ورئيس بعثة الأمم المتحدة لمراقبة الهدنة الميجر جنرال باتريك غوشا خلال اجتماع مجلس الأمن (أ.ف.ب)
TT

مجلس الأمن من تأجيل إلى تأجيل خشية «الفيتو» الأميركي

المنسق الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط تور وينسلاند ورئيس بعثة الأمم المتحدة لمراقبة الهدنة الميجر جنرال باتريك غوشا خلال اجتماع مجلس الأمن (أ.ف.ب)
المنسق الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط تور وينسلاند ورئيس بعثة الأمم المتحدة لمراقبة الهدنة الميجر جنرال باتريك غوشا خلال اجتماع مجلس الأمن (أ.ف.ب)

تأجيل جديد لتصويت مجلس الأمن على هدنة في غزة، إذ بدا أن الأعضاء يفرون من تأجيل إلى تأجيل لتفادي «الفيتو» الأميركي. وهذا ما شهدته جلسة الأربعاء، إذ لم تفلح المفاوضات المعقدة والطويلة بين الدبلوماسيين العرب من جهة، والأميركيين من الجهة الأخرى، لإدخال تعديلات على مشروع قرار أعدته الإمارات العربية المتحدة في مجلس الأمن لتوسيع إيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة، وإنشاء آلية أممية لهذه الغاية، في جعل المجلس يصوت على المشروع.

وقال رئيس مجلس الأمن خوسيه خافيير دول لا غاسكا لوبيز-دومينيغيز إن «مجلس الأمن اتفق على مواصلة المفاوضات لإتاحة وقت إضافي للدبلوماسية. ستحدد رئاسة المجلس موعدا جديداً لصباح الخميس».

وكان شبح التشاؤم هيمن في الأمم المتحدة بسبب تلويح الولايات المتحدة باستخدام حق النقض «الفيتو» مجدداً في حال عدم تلبية شروطها التي تركز على التنديد بـ«حماس» كمقدمة للمطالبة بوقف القتال المتواصل منذ أكثر من عشرة أسابيع.

وعلمت «الشرق الأوسط» من دبلوماسيين في الأمم المتحدة طلبوا عدم نشر أسمائهم؛ نظراً إلى حساسية الأمر، أن الإمارات العربية المتحدة «أبدت مرونة كافية أكثر من مرة»، سعياً إلى إصدار مشروع قرارها معدلاً قبل انتهاء ولايتها عضواً في مجلس الأمن مع نهاية السنة الجارية، أي بعد 10 أيام فقط.

وأرجئت عملية التصويت أكثر من مرة خلال الأيام القليلة الماضية، في محاولات متكررة لاسترضاء الجانب الأميركي والحيلولة دون استخدام «الفيتو».

المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد في جلسة لمجلس الأمن في نيويورك (رويترز)

تباينات أميركية

وكشف دبلوماسي غربي عن أن المندوبة الأميركية الدائمة لدى المنظمة الدولية ليندا توماس غرينفيلد، التي تحتل منصباً وزارياً في إدارة الرئيس جو بايدن، توجهت، الثلاثاء، إلى واشنطن العاصمة في إطار جهود للتوافق على مشروع القرار. واجتمعت مع الرئيس بايدن ومستشاريه للأمن القومي، ثم عادت إلى نيويورك لتنقل إلى نظرائها «المواقف المتعددة في واشنطن» حيال طريقة تعامل مجلس الأمن مع الحرب المتواصلة منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بين من يصر على «تضمين المشروع لغة تندد بحماس باعتبارها منظمة إرهابية يجب القضاء عليها»، ومن يرى «ضرورة لإعطاء الجهود الدبلوماسية الأميركية مزيداً من الوقت»، بينما يدعو جزء آخر إلى التحرك من أجل وقف القتال.

المنسق الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط تور وينسلاند ورئيس بعثة الأمم المتحدة لمراقبة الهدنة الميجر جنرال باتريك غوشا خلال اجتماع مجلس الأمن (أ.ف.ب)

إلى التصويت

وحيال ذلك، قرر السفراء العرب المضي في عملية التصويت بعدما أعطوا الجانب الأميركي «الوقت الكافي» في عملية التفاوض، مؤكدين أن الولايات المتحدة «تتحمل وحدها نتيجة هذا الفشل».

وفسر دبلوماسيون أمميون هذا التباين في المواقف داخل إدارة بايدن بأنه يشكل عائقاً أساسياً أمام المشروع الذي أعدته الإمارات، باعتبارها العضو العربي الوحيد في المجلس، بالتنسيق مع مصر وفلسطين، من أجل «المطالبة بأن تمتثل كل أطراف النزاع لالتزاماتها بموجب القانون الدولي»، لا سيما لجهة حماية المدنيين والمنشآت المدنية، وتوصيل المساعدات الإنسانية وحماية العاملين في المجال الإنساني، مذكراً بـ«واجب احترام المرافق المدنية والإنسانية، بما في ذلك المستشفيات والمرافق الطبية والمدارس ودور العبادة والمرافق التابعة للأمم المتحدة، وحمايتها». ويدعو أطراف النزاع إلى «السماح وتسهيل وتمكين توصيل المساعدة الإنسانية بشكل فوري وآمن، ومن دون عوائق، وعلى نطاق واسع مباشرة إلى السكان المدنيين الفلسطينيين في كل أنحاء قطاع غزة».

المراقب الدائم لدولة فلسطين رياض منصور في قاعة مجلس الأمن (أ.ف.ب)

اعتراضات أميركية

وخلال المفاوضات، عدل الإماراتيون مشروع القرار الذي كان يطالب في نصه الأول بـ«وقف عاجل ومستدام للأعمال القتالية للسماح بوصول المساعدات الإنسانية»، فاستبدلوا بعبارة «الوقف العاجل» عبارة «التعليق العاجل». لكن الولايات المتحدة أصرت أيضاً على تضمين النص «تنديداً واضحاً بحركة (حماس)». لكن أحد الدبلوماسيين كشف عن أن «هناك حاجة إلى التنديد أيضاً بإسرائيل التي تمارس سياسة العقاب الجماعي ضد الفلسطينيين».

وفشل مجلس الأمن مرات عدة في تمرير مشاريع قرارات مختلفة، إما بسبب استخدام «الفيتو»، من الدول الخمس الدائمة العضوية في المجلس، وهي: الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين، أو بسبب عدم حصولها على الأصوات الكافية لإقرارها. ويحتاج أي قرار إلى ما لا يقل عن تسعة أصوات مع عدم استخدام «الفيتو». وسقط المشروع الأخير في 8 ديسمبر (كانون الأول) الحالي بـ«الفيتو» الأميركي.

ويطالب مشروع القرار الجديد بـ«السماح وتسهيل استخدام كل الطرق البرية والبحرية والجوية المؤدية إلى قطاع غزة بأكمله، بما في ذلك المعابر الحدودية»، بما في ذلك معبر كرم أبو سالم، مع «ضمان وصول العاملين في المجال الإنساني والمساعدات الإنسانية، بما في ذلك الوقود والغذاء والإمدادات الطبية والمساعدة في مجال الإيواء في حالات الطوارئ، إلى الأشخاص المحتاجين في كل أنحاء قطاع غزة من خلال الطرق الأكثر مباشرة، فضلاً عن المواد والمعدات اللازمة لإصلاح وضمان تشغيل البنية التحتية الحيوية وتوفير الخدمات الأساسية، من دون المساس بالتزامات أطراف النزاع بموجب القانون الإنساني الدولي».

المندوب الأميركي البديل لدى الأمم المتحدة روبرت وود يخرج من قاعة جانبية (أ.ف.ب)

إطلاق الرهائن

ويطالب النص بـ«الإطلاق الفوري وغير المشروط لجميع الرهائن، فضلاً عن ضمان توصيل المساعدات الإنسانية»، على أن يوفر الوقود «بمستويات تلبي الحاجات الإنسانية المطلوبة». ويندد بشدة بـ«كل انتهاكات القانون الإنساني الدولي، بما فيها كل الهجمات العشوائية ضد المدنيين والأهداف المدنية، وكل أعمال العنف والأعمال العدائية ضد المدنيين، وكل أعمال الإرهاب»، مؤكداً أن «الأهداف المدنية، بما فيها أماكن اللجوء، ومنها ما هو داخل مرافق الأمم المتحدة والمناطق المحيطة بها، محمية بموجب القانون الإنساني الدولي». ويرفض «التهجير القسري للسكان المدنيين، بما في ذلك الأطفال، في انتهاك للقانون الدولي، بما في ذلك القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان».

ويكرر مجلس الأمن، بموجب هذا المشروع «التزامه الثابت برؤية الحل القائم على وجود دولتين» إسرائيل وفلسطين، «تعيشان جنباً إلى جنب بسلام داخل حدود آمنة ومعترف بها، بما يتوافق مع القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة»، مشدداً على «توحيد قطاع غزة مع الضفة الغربية في ظل السلطة الفلسطينية». ويطالب كل أطراف النزاع بـ«اتخاذ جميع الخطوات المناسبة لضمان سلامة وأمن موظفي الأمم المتحدة والأفراد المرتبطين بها، وموظفي وكالاتها المتخصصة، وجميع الموظفين الآخرين المشاركين في نشاطات الإغاثة الإنسانية بما يتفق مع القانون الإنساني الدولي». ويطالب بتنفيذ القرار 2712 «بالكامل»، طالباً من الأمين العام أن «يقدم تقريراً كتابياً إلى مجلس الأمن في غضون خمسة أيام عمل من اتخاذ هذا القرار بشأن تنفيذ القرار 2712 وكل 30 يوماً بعد ذلك».


مقالات ذات صلة

مقتل نصر الله يشعل المواجهات بين انقلابيي اليمن وتل أبيب

العالم العربي نيران وأدخنة أعقبت غارات إسرائيلية استهدفت مواقع حوثية في الحديدة يوم الأحد (إكس)

مقتل نصر الله يشعل المواجهات بين انقلابيي اليمن وتل أبيب

قتل 4 أشخاص على الأقل وأصيب 33 آخرون بجروح بعد قصف أعلن الجيش الإسرائيلي أنه نفّذه ضد الحوثيين في الحديدة غرب اليمن.

وضاح الجليل (عدن)
شمال افريقيا تصاعُد الدخان من موقع غارة جوية إسرائيلية استهدفت قرية الخيام في جنوب لبنان (أ.ف.ب)

الجهود العربية... إلى أي حدّ يُمكنها منع «الحرب الشاملة» بالمنطقة؟

عزّزت الدبلوماسية العربية على مدار نحو عام جهودها، سواء بإبرام هدنة بقطاع غزة في نوفمبر الماضي، ومساعٍ متواصلة لهدنة ثانية، ودعم مباحثات التهدئة بلبنان.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
العالم العربي حاويات شحن تمر عبر قناة السويس (رويترز)

هل تستطيع مصر تعويض خسائر قناة السويس مع ازدياد الاضطرابات الإقليمية؟

شكت مصر مجدداً من تراجع عائدات قناة السويس، إثر استمرار التوترات في منطقة البحر الأحمر، مما أثار تساؤلات بشأن قدرة القاهرة على تعويض نزيف الخسائر الدولارية.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
شمال افريقيا كيف ينظر الليبيون لما يجري في غزة ولبنان؟

كيف ينظر الليبيون لما يجري في غزة ولبنان؟

عَدّ محمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي الليبي، ما ترتكبه إسرائيل ضد الشعبين الفلسطيني واللبناني من «جرائم إبادة وتطهير عرقي انتهاكاً صارخاً للقوانين الدولية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

اغتيال نصر الله يعزز وضع نتنياهو المأزوم محلياً وخارجياً

يرى محللون أن مقتل الأمين العام لـ«حزب الله» يعطي دفعة قوية لرئيس الوزراء الإسرائيلي الذي واجه احتجاجات محلية واسعة وانتقادات خارجية كبيرة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

49 قتيلاً في غارات إسرائيلية على لبنان خلال 24 ساعة

غارة إسرائيلية استهدفت منطقة عين الدلب الواقعة شرق مدينة صيدا في جنوب لبنان (د.ب.أ)
غارة إسرائيلية استهدفت منطقة عين الدلب الواقعة شرق مدينة صيدا في جنوب لبنان (د.ب.أ)
TT

49 قتيلاً في غارات إسرائيلية على لبنان خلال 24 ساعة

غارة إسرائيلية استهدفت منطقة عين الدلب الواقعة شرق مدينة صيدا في جنوب لبنان (د.ب.أ)
غارة إسرائيلية استهدفت منطقة عين الدلب الواقعة شرق مدينة صيدا في جنوب لبنان (د.ب.أ)

أعلنت وزارة الصحة اللبنانية، اليوم (الأحد)، مقتل 49 شخصاً في غارات إسرائيلية استهدفت جنوب وشرق البلاد خلال 24 ساعة، 24 منهم في غارة واحدة، في وقت تكثّف إسرائيل منذ الاثنين ضرباتها التي تشمل أيضاً الضاحية الجنوبية لبيروت.

وقالت الوزارة في بيان إن «غارات العدو الإسرائيلي على بعلبك الهرمل» في شرق لبنان أدت «في حصيلة أولية إلى استشهاد 21 شخصاً وإصابة 47 آخرين بجروح».

وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» عن تعرض أحياء في مدينة بعلبك، إحدى أكبر مدن البقاع في شرق لبنان، والقرى المحيطة بها لنحو «15 غارة» اليوم.

وأوردت الوزارة في بيان آخر أن «اعتداء العدو الإسرائيلي على عين الدلب»، الواقعة شرق مدينة صيدا في جنوب لبنان، «أدى في حصيلة أولية إلى استشهاد 24 شخصاً وإصابة 29 شخصاً بجروح».

وأفادت الوزارة كذلك عن مقتل 4 أشخاص في غارة إسرائيلية استهدفت بلدة جب جنين في البقاع الغربي في شرق لبنان.

وأعلنت الوزارة في وقت سابق أن 14 مسعفاً قتلوا خلال يومين في القصف الإسرائيلي المتواصل، منددة باستهداف إسرائيل المراكز الصحية.