المطر والبرد يعمّقان مأساة الغزيين النازحين

محدودية الملابس الشتوية وتمزق الخيام يضعان الأطفال في مواجهة الشتاء

أطفال نازحون فروا من شمال غزة بسبب القصف الإسرائيلي يسيرون على أرض موحلة ضربتها الأمطار في مستشفى ناصر الاثنين (أ.ف.ب)
أطفال نازحون فروا من شمال غزة بسبب القصف الإسرائيلي يسيرون على أرض موحلة ضربتها الأمطار في مستشفى ناصر الاثنين (أ.ف.ب)
TT

المطر والبرد يعمّقان مأساة الغزيين النازحين

أطفال نازحون فروا من شمال غزة بسبب القصف الإسرائيلي يسيرون على أرض موحلة ضربتها الأمطار في مستشفى ناصر الاثنين (أ.ف.ب)
أطفال نازحون فروا من شمال غزة بسبب القصف الإسرائيلي يسيرون على أرض موحلة ضربتها الأمطار في مستشفى ناصر الاثنين (أ.ف.ب)

اضطر بلال يوسف (39 عاماً)، للمغامرة بحياته عندما انتقل مشياً على الأقدام من حي الشيخ رضوان شمال مدينة غزة، إلى أقصى مخيم جباليا شمال القطاع، من أجل اقتناء بعض الملابس الشتوية لنفسه وزوجته و3 من أطفاله، بعدما داهم البرد والمطر سكان قطاع غزة، وعمق مأساتهم الإنسانية.

ويوسف الذي اضطر لمغادرة منزله في مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة، قسراً، تحت القصف المكثف، خرج وأسرته بما يرتدون من ملابس فقط، ولم يسعفهم الوقت ولا سمحت اللحظة بأن يحملوا معهم أي شيء.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «طلعنا تحت القصف والضرب. كنت أفكر بالأولاد، بحالي، بعائلتي، بأهلي، كنا نفكر كيف نعيش وبس. خرجنا بالملابس الصيفية الخفيفة التي كنا نرتديها وبعض الأوراق الثبوتية».

خيمة نزوح لأسرة في مخيم بخان يونس (رويترز)

اضطر بلال يوسف (39 عاماً)، للمغامرة بحياته عندما انتقل مشياً على الأقدام من حي الشيخ رضوان شمال مدينة غزة، إلى أقصى مخيم جباليا شمال القطاع، من أجل اقتناء بعض الملابس الشتوية لنفسه وزوجته و3 من أطفاله، بعدما داهم البرد والمطر سكان قطاع غزة، وعمق مأساتهم الإنسانية.

كان آخر همّ يوسف أن يشتري ملابس، لكن البرد الشديد الذي داهم غزة، وشكوى أطفاله المتكررة، دفعاه لقطع مسافة طويلة مشياً على الأقدام في ظل توقف المركبات والعربات في مدينة غزة، من أجل الوصول إلى سوق مخيم جباليا (السوق الوحيدة التي تعمل في المنطقة وتوفر بعض القطع من الملابس القديمة).

وتعمل سوق جباليا بنحو 30 في المائة من قدرته الاعتيادية مع بقاء أصحاب محلات في المخيم الذي تعرض مراراً لقصف شديد خلف مئات الضحايا والخسائر هناك، وهو وضع أسهم في رفع الأسعار إلى ضعفين أو 3.

فلسطينيون يلتقطون زجاجات مياه الشرب المقبلة عبر معبر رفح بعد ليلة عاصفة وممطرة الاثنين (أ.ف.ب)

وقال ناجي الحمارنة الذي يعيش وعائلته في إحدى مدارس حي الشيخ رضوان، بعد تدمير منزله، إنه خاطر بالوصول إلى منزله المدمر مع بدء الشتاء من أجل جمع بعض الملابس المتبقية. وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «كل شيء راح. البيت الفلوس الأشياء الذكريات. ما ظل اشي».

كان الحمارنة يعمل في أحد المطاعم الشعبية بمدينة غزة، لنحو 10 ساعات مقابل 20 شيقلاً فقط (ما يعادل نحو 6 دولارات). وقال: «فقر قبل الحرب، وقتل وتدمير وتجويع وتعطيش وموت بعد الحرب. والآن برد». وأضاف: «البرد قتل الأطفال. ما في ملابس ما في وسائل تدفئة والكل يتفرج على الكل».

يروي حمارنة كيف كان أطفاله ينتظرون المطر بفارغ الصبر في أجواء احتفالية، أما الآن فيكرهونه.

النازحون بسبب القصف الإسرائيلي لقطاع غزة يبحثون عن غطاء من أمطار الشتاء في مخيم تابع للأمم المتحدة في خان يونس جنوب قطاع غزة الأحد (أ.ب)

وضرب منخفض جوي الأراضي الفلسطينية، يوم الأحد، وقالت دائرة الأرصاد الجوية الفلسطينية، الاثنين، إن البلاد ستظل تحت تأثير المنخفض الجوي، حيث يطرأ انخفاض آخر على درجات الحرارة وتساقط الأمطار فوق معظم الضفة الغربية وقطاع غزة، يكون غزيراً ومصحوباً بعواصف رعدية أحياناً.

متروكون لمصيرهم

«شوف الخيمة. رقعناها ترقيع. كلها لزق»، قال علاء العربيد، أحد النازحين إلى مدرسة بمنطقة الصفطاوي شمال مدينة غزة، وهو يشير إلى خيمة وضعها في ساحة المدرسة.

تعرضت خيمة العربيد للغرق، ما دفعه إلى أن ينتقل مع زوجته و8 من أطفاله أصغرهم 10 أشهر، للمبيت في أحد الممرات العامة داخل المدرسة. ولم يجد كلمات يصف بها وضعه، وقال لنا: «لا توجد أماكن كافية، ولا خيم، لا ملابس شتوية ولا أي شيء. نعيش تحت السماء في الهواء الطلق، أنا وأطفالي، وننام في ممر. شو أقول؟ حسبي الله ونعم الوكيل بس». وأضاف: «ما في أي جهة تقدم إلنا شيء. ما في حد يسأل عنا».

تعرضت خيمة العربيد للغرق، ما دفعه إلى أن ينتقل مع زوجته و8 من أطفاله أصغرهم 10 أشهر، للمبيت في أحد الممرات العامة داخل المدرسة. ولم يجد كلمات يصف بها وضعه، وقال لنا: «لا توجد أماكن كافية، ولا خيم، لا ملابس شتوية ولا أي شيء. نعيش تحت السماء في الهواء الطلق، أنا وأطفالي، وننام في ممر. شو أقول؟ حسبي الله ونعم الوكيل بس». وأضاف: «ما في أي جهة تقدم إلنا شيء. ما في حد يسأل عنا».

نازحون من قطاع غزة بالقرب من خيامهم بعد الطقس الممطر في مخيم مؤقت قدمه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في خان يونس (إ.ب.أ)

مثل العربيد، يواجه باقي الغزيين مصيرهم بأنفسهم في ظل الحرب المدمرة التي تشنها إسرائيل وشلت الحكومة الفلسطينية في القطاع على تقديم أي خدمات، فيما تتهم الحكومة الجهات الإغاثية الدولية بما فيها «الأونروا»، بأنها تخلت عن مسؤولياتها في مدينة غزة وشمال القطاع، ولم تقدم اي مساعدة للنازحين والمتضررين.

أما في جنوب القطاع، حيث تعمل الوكالات الأممية، فالوضع ليس أفضل.

وأظهرت لقطات فيديو وصور كثيرة كيف مزق المنخفض الجوي خيام النازحين هناك، واضطروا إلى معالجتها بأنفسهم، وكيف غرقت المدارس وأواني الطعام، وعمل الناس على حماية أنفسهم بتثبيت إضافي للخيام ورفع ألواح «زينكو»، لحماية مطابخ الطعام في الهواء.

وإذا كان يمكن للأحياء فوق الأرض التعامل مع الوضع المعقد الذي خلفه المنخفض، فلا أحد يعرف ماذا يفعل المحاصرون تحت ركام منازلهم إذا كانوا ما زالوا أحياء.

وحذرت مؤسسات دولية من أزمات بيئية وصحية يمكن أن تسببها مياه الأمطار، ليس فقط للنازحين، وإنما بسبب وجود آلاف المفقودين أسفل الأنقاض، ما يسهم بانتشار الأوبئة.


مقالات ذات صلة

هجوم إسرائيلي يستهدف معبراً بريف حمص عند الحدود السورية - اللبنانية

المشرق العربي الدخان يتصاعد من المباني بعد قصف سابق على حمص (أرشيفية - رويترز)

هجوم إسرائيلي يستهدف معبراً بريف حمص عند الحدود السورية - اللبنانية

ذكرت «وكالة الأنباء السورية»، السبت، أن الطائرات الإسرائيلية شنّت هجوماً استهدف معبر جوسية بمنطقة القصير في ريف حمص عند الحدود السورية - اللبنانية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي عناصر الدفاع المدني يبحثون عن ضحايا بعد قصف إسرائيلي على مدينة بعلبك في 14 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

لبنان: مقتل 24 وإصابة 45 في غارات إسرائيلية على بعلبك الهرمل

أفادت وزارة الصحة اللبنانية اليوم (السبت)، بأن الغارات الإسرائيلية على بعلبك الهرمل اليوم، قتلت 24 وأصابت 45 آخرين في حصيلة غير نهائية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي تساؤلات حول نوع الضغوطات التي قد يمارسها ترمب على نتنياهو (أ.ف.ب)

تقرير: ترمب سيشرف شخصياً على المفاوضات بشأن أزمة غزة

قالت كارولين ليفيت، التي أعلن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب أنها ستكون متحدثةً باسم البيت الأبيض، لموقع «أكسيوس»، إن ترمب سيشرف شخصياً على المفاوضات

وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن (يمين) ونظيره الإسرائيلي يسرائيل كاتس (أ.ف.ب)

وزير الدفاع الأميركي يشدد على التزام بلاده «حلاً دبلوماسياً في لبنان»

أفادت وزارة الدفاع الأميركية، السبت، بأن الوزير لويد أوستن أكد لوزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس أهمية ضمان سلامة وأمن قوات الجيش اللبناني.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين (الخارجية العراقية)

بغداد: المنطقة تحت النار وهناك تهديدات واضحة من إسرائيل لنا

قال وزير خارجية العراق فؤاد حسين، الجمعة، إن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني وجّه القوات المسلحة باتخاذ إجراءات بحق كل من يشن هجمات باستخدام الأراضي العراقية.

«الشرق الأوسط» (بغداد)

لبنان: مقتل 24 وإصابة 45 في غارات إسرائيلية على بعلبك الهرمل

عناصر الدفاع المدني يبحثون عن ضحايا بعد قصف إسرائيلي على مدينة بعلبك في 14 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
عناصر الدفاع المدني يبحثون عن ضحايا بعد قصف إسرائيلي على مدينة بعلبك في 14 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
TT

لبنان: مقتل 24 وإصابة 45 في غارات إسرائيلية على بعلبك الهرمل

عناصر الدفاع المدني يبحثون عن ضحايا بعد قصف إسرائيلي على مدينة بعلبك في 14 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
عناصر الدفاع المدني يبحثون عن ضحايا بعد قصف إسرائيلي على مدينة بعلبك في 14 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

أفادت وزارة الصحة اللبنانية اليوم (السبت)، بأن الغارات الإسرائيلية على بعلبك الهرمل اليوم، قتلت 24 وأصابت 45 آخرين في حصيلة غير نهائية.

وأوضحت الوزارة أن 5 مدنيين قتلوا في بوداي و13 في شمسطار و4 في فلاوي وقتيلاً واحداً في كل من بلدة الفكهاني وبلدة بريتال.

واستيقظ سكان العاصمة اللبنانية على وقع 3 انفجارات ضخمة عند الفجر، وأدت الضربات إلى تدمير مبنى سكني بالكامل في منطقة البسطة المكتظة بقلب بيروت. ولم يعلق الجيش الإسرائيلي على هذه الضربات إلى الآن. كذلك استهدفت ضربات ضاحية بيروت الجنوبية، معقل «حزب الله»، غداة غارات عنيفة على هذه المنطقة وعلى جنوب لبنان وشرقه.

وفي الشياح أحد الاحياء المستهدفة، تحول مبنى إلى ركام من الحديد والحجارة، تحوطه واجهات مدمرة ونوافذ محطمة. وفي الحدث، التهمت النيران عدداً من المباني. كذلك، قصفت إسرائيل قرى وبلدات في جنوب لبنان، خصوصاً الخيام التي يسعى الجيش الإسرائيلي إلى السيطرة عليها لتسهيل تقدمه في المنطقة، بحسب الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية.