انتقادات حادة في الخارجية الأميركية لطريقة التعامل مع حرب غزة

واشنطن تخطط لتزويد إسرائيل بقنابل دقيقة التوجيه قيمتها 320 مليون دولار

خلال احتفال في وزارة الخارجية الأميركية (أ.ب)
خلال احتفال في وزارة الخارجية الأميركية (أ.ب)
TT

انتقادات حادة في الخارجية الأميركية لطريقة التعامل مع حرب غزة

خلال احتفال في وزارة الخارجية الأميركية (أ.ب)
خلال احتفال في وزارة الخارجية الأميركية (أ.ب)

شرعت إدارة الرئيس جو بايدن في خطط لنقل قنابل تُوجه بدقة إلى إسرائيل وتصل قيمتها إلى 320 مليون دولار، بموازاة ضغوط على المسؤولين الإسرائيليين لبذل جهود لحماية المدنيين في غزة، في سياسة أثارت انتقادات لاذعة من موظفين ودبلوماسيين لدى وزارة الخارجية الأميركية.

وكانت الوزارة قد أرسلت بلاغاً رسمياً إلى زعماء الكونغرس في 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بشأن نقل أسلحة دقيقة من فئة تسمى «سبايس فاميلي غلايدينغ بومب أسانبلي» التي تطلق من الطائرات الحربية.

إطفائيون فلسطينيون يخمدون النيران في مبنى داخل مخيم خان يونس بغزة بعد قصف القوات الإسرائيلية (أ.ب)

وطبقاً لمراسلات حصلت عليها صحيفة «وول ستريت جورنال»، فإن شركة «رافائيل» الأميركية لصناعة الأسلحة، ستنقل القنابل إلى الشركة الأم الإسرائيلية، مع «توفير الدعم والتجميع والاختبار والتكنولوجيا الأخرى المتعلقة باستخدام هذه الأسلحة» بعد تحويل أكثر من 400 مليون دولار حاولت الإدارة الحصول على موافقة الكونغرس عليها عام 2020.

وأضافت أن إسرائيل طلبت هذه الأسلحة قبل هجوم «حماس» على المستوطنات والكيبوتزات الإسرائيلية في 7 أكتوبر الماضي. لكن الحاجة إليها في الحرب جعلتها أكثر إلحاحاً.

ورفضت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، تحديد حجم الأسلحة والمعدات العسكرية والمساعدات الأخرى التي قدمتها لإسرائيل منذ هجوم «حماس».

هدنة ومساعدات عسكرية

وحضّ مسؤولون أميركيون قادة إسرائيل، في الأيام الأخيرة، على السماح بهدنة لتخفيف الأزمة الإنسانية. وقال الخبير في مبيعات الأسلحة لدى «مشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط» بواشنطن، سيث بايندر: «كانت إدارة بايدن تحضّ الحكومة الإسرائيلية على السماح بهدنة إنسانية، لكن هذا البيع والمساعدات العسكرية المماثلة الأخرى التي يتم نقلها إلى إسرائيل، يقوّضان تماماً هذه الجهود». وأضاف: «ربما تطلب الإدارة هدنة مؤقتة، لكن تصرفاتها تشير إلى أنها تدعم حملة القصف».

وأدت هذه التصرفات من مسؤولي الإدارة، إلى تململ بين موظفين ودبلوماسيين لدى وزارة الخارجية، من الذين كتبوا رسالة تشير إلى «فقدان متزايد للثقة بين الدبلوماسيين الأميركيين في نهج الرئيس جو بايدن تجاه أزمة الشرق الأوسط»، وفقاً لما نقله موقع «بوليتيكو»، الذي أضاف أن الرسالة تعكس مشاعر عديد من الدبلوماسيين الأميركيين، خصوصاً في الرتب المتوسطة والدنيا. وهي تحتوي على طلبين رئيسيين: أن تدعم الولايات المتحدة وقفاً لإطلاق النار، وأن توازن بين رسائلها الخاصة والعامة تجاه إسرائيل، بما في ذلك توجيه انتقادات علنية للتكتيكات العسكرية الإسرائيلية ومعاملة الفلسطينيين، علماً بأن الإدارة تفضّل الاحتفاظ بسرية هذه الانتقادات في حال وجودها.

وتنص أيضاً، على أن الفجوة بين الرسائل الخاصة والعامة الأميركية «تسهم في التصورات العامة الإقليمية، بأن الولايات المتحدة جهة فاعلة متحيزة وغير نزيهة، وفي أفضل الأحوال لا تعمل على تعزيز المصالح الأميركية في كل أنحاء العالم، وفي أسوأ الأحوال تضر بها».

الإفلات من العقاب

وكتب الدبلوماسيون أيضاً: «يجب أن ننتقد علناً انتهاكات إسرائيل للمعايير الدولية، مثل الفشل في اقتصار العمليات الهجومية على الأهداف العسكرية المشروعة». وأضافوا أنه «عندما تدعم حكومة إسرائيل عنف المستوطنين والاستيلاء غير القانوني على الأراضي، أو الاستخدام المفرط للقوة ضد الفلسطينيين، يجب علينا أن نصرح علناً أن هذا يتعارض مع قيمنا الأميركية حتى لا تتصرف إسرائيل دون عقاب».

وإذا اشتدت هذه الخلافات الداخلية التي تعكسها المذكرة المصنفة «حسّاسة، ولكنها غير سرية»، يمكن أن يزيد ذلك من صعوبة صياغة سياسة إدارة بايدن حيال المنطقة.

بلينكن يخرج من سيارته في رام الله للقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس (إ.ب.أ)

حجم الخسائر

ورفضت وزارة الخارجية الأميركية التعليق مباشرة على الرسالة. وأحالت الأمر إلى تصريحات سابقة للناطق باسم البيت الأبيض ماثيو ميلر، الذي قال إن وزير الخارجية أنتوني بلينكن، يرحّب بمثل هذه الحجج ويزنها بعناية، مضيفاً أن «إحدى نقاط القوة في هذا القسم أن ثمة أشخاصاً لديهم آراء مختلفة (...) نحن نشجعهم على الإدلاء بآرائهم».

ورغم أن الرسالة تقرّ بأن لإسرائيل «الحق والالتزام المشروعين» في السعي لتحقيق العدالة ضد مقاتلي «حماس»، فإنها تضيف أن «حجم الخسائر في الأرواح البشرية حتى الآن غير مقبول». وأكدت أن «تسامح» الولايات المتحدة مع مثل هذا العدد المرتفع من القتلى المدنيين «يولد الشك في النظام الدولي القائم على القواعد، الذي دافعنا عنه منذ فترة طويلة».


مقالات ذات صلة

إسرائيل تقتل عشرات في غزة... ومصر تستضيف قادة من «حماس» لمناقشة وقف النار

المشرق العربي فلسطينيون يسيرون بجوار مبانٍ مدمرة بهجمات إسرائيلية في النصيرات بوسط قطاع غزة (رويترز)

إسرائيل تقتل عشرات في غزة... ومصر تستضيف قادة من «حماس» لمناقشة وقف النار

قال مسعفون إن ما لا يقل عن 40 فلسطينياً لقوا حتفهم في ضربات للجيش الإسرائيلي في غزة، في حين تلقت جهود إحياء محادثات وقف إطلاق النار في غزة دفعة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي فلسطينيون يحملون أواني معدنية انتظاراً لتلقي الطعام من خان يونس (إ.ب.أ) play-circle 01:35

«أطباء بلا حدود»: المساعدات الإنسانية لقطاع غزة وصلت لأدنى مستوياتها منذ أشهر

حذرت منظمة «أطباء بلا حدود»، اليوم (الجمعة)، من تراجع وتيرة دخول المساعدات الإنسانية لقطاع غزة إلى أدنى مستوياتها منذ أشهر.

«الشرق الأوسط» (غزة)
العالم العربي طائرة تقلع من مطار بيروت يوم 7 أكتوبر 2024 (رويترز)

شركات طيران تعلق رحلاتها للشرق الأوسط مع تفاقم التوتر

دفعت المخاوف من اتساع رقعة الصراع في الشرق الأوسط شركات طيران عالمية إلى تعليق رحلاتها إلى المنطقة أو تجنب المجالات الجوية التي تنطوي على مخاطر.

المشرق العربي إخلاء سكان مخيمي النصيرات والبريج للاجئين خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة (إ.ب.أ)

مصر تحشد دولياً لمؤتمر «مساعدات غزة»

جددت القاهرة، الجمعة، تأكيدها ضرورة «وقف إطلاق النار في قطاع غزة، والنفاذ الكامل وغير المشروط للمساعدات الإنسانية».

أحمد إمبابي (القاهرة)
المشرق العربي فتى فلسطيني يقفز قرب صاروخ غير منفجر بعد انسحاب القوات الإسرائيلية من مخيم النصيرات الجمعة (إ.ب.أ)

دبابات إسرائيلية تنسحب من مخيم النصيرات مخلِّفة عشرات القتلى

قال الجيش الإسرائيلي إن قواته التي تنفذ عمليات منذ الخامس من أكتوبر تستهدف منع مسلحي «حماس» من معاودة تنظيم أنفسهم وشن عمليات.

«الشرق الأوسط» (غزة)

سوريا: نزوح جماعي يواكب تقدم فصائل مسلحة نحو حلب

عناصر من الفصائل المسلحة السورية يوم الجمعة على مشارف حلب الغربية في سوريا (أ.ب)
عناصر من الفصائل المسلحة السورية يوم الجمعة على مشارف حلب الغربية في سوريا (أ.ب)
TT

سوريا: نزوح جماعي يواكب تقدم فصائل مسلحة نحو حلب

عناصر من الفصائل المسلحة السورية يوم الجمعة على مشارف حلب الغربية في سوريا (أ.ب)
عناصر من الفصائل المسلحة السورية يوم الجمعة على مشارف حلب الغربية في سوريا (أ.ب)

دفعت التطورات العسكرية شمال غربي سوريا وتحديداً في مدينة حلب وريفها الغربي، الآلاف إلى حركة نزوح جماعية كبيرة، تعددت وجهاتها بين أحياء وسط مدينة حلب الواقعة تحت سيطرة القوات الحكومية بدمشق وشمال غربي إدلب على الحدود مع تركيا، ومناطق أخرى آمنة.

وبدأت معارك عنيفة حول حلب بعدما تحركت فصائل مسلحة أبرزها «هيئة تحرير الشام» ومجموعات أخرى متحالفة معها تحت شعار علمية سموها «رد العدوان» بهدف السيطرة على المدينة وردت عليها قوات حكومية. والتطورات العسكرية اللافتة تأتي بعد نحو 4 سنوات من التهدئة شمال غربي سوريا بموجب تفاهمات سورية – تركية.

ودفعت التعزيزات والغارات والمعارك، مدنيين إلى النزوح، وحذرت الأمم المتحدة، الجمعة، من أن الاشتباكات أجبرت أكثر من 14 ألف شخص على مغادرة من منازلهم. فيما قال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن القسم الغربي من مدينة حلب يشهد حركة نزوح كبيرة باتجاه المناطق الشرقية أو خارج المدينة.

وأفاد المرصد، مساء الجمعة، بأن «هيئة تحرير الشام» على مشارف حلب بعدما سيطرت على 55 قرية وبلدة وتلة استراتيجية تقع إما في أطراف حلب الغربية أو في ريف حلب الجنوبي على طريق دمشق – حلب الدولي، الذي انــقـطـع بشكل كامل منذ يوم الخميس.

وبالنسبة للنازحين، فقد بات الخروج مرتكزاً على طريق خناصر الواقع جنوب غربي حلب باتجاه البادية السورية.

ومع ازدياد تهديدات الفصائل المسلحة للقوات الحكومية والميليشيات الرديفة التابعة لإيران و«حزب الله»، أكدت مصادر «نزوح عشرات العائلات خلال اليومين الماضيين من ريف حلب نحو شمال غربي إدلب عند الحدود مع تركيا، حيث أقاموا في خيام مؤقتة في نزوح يعد الثالث لسكان تلك المناطق منذ اندلاع الحرب في سوريا».

وقالت مصادر أهلية في حلب لـ«الشرق الأوسط» إنه تم إخلاء السكن الجامعي في مدينة حلب بعد تعرضه للقصف ومقتل أربعة طلاب وإصابة طالبين آخرين، حيث توجه الطلاب كُل إلى محافظته.

وبثت وسائل إعلام رسمية سورية، صوراً للدمار الذي لحق بالسكن الجامعي، وقال التلفزيون الرسمي إن «أربعة مدنيين قتلوا من جراء قصف الفصائل المسلحة على المدينة الجامعية»، لكن الفصائل المسلحة نفت استهداف المدينة الجامعية، متهمة القوات الحكومية بذلك بهدف إخلائه وتحويله إلى ثكنه عسكرية».

وشهدت أحياء الحمدانية والفرقان وجمعية الزهراء وحلب الجديدة حركة نزوح كبيرة يوم الجمعة، باتجاه أحياء وسط المدينة مع تصاعد حدة الاشتباكات ووصول الجماعات المسلحة إلى مشارف المدينة.

وشرح مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن، أن «هيئة تحرير الشام» والفصائل المتحالفة معها تريد السيطرة على مدينة سراقب الحيوية، وكذلك طريق «حلب – دمشق»، وطريق «حلب – اللاذقية» الدوليين.

ويقدر عبد الرحمن أن «كل المكتسبات التي حققتها القوات الحكومية والميليشيات الرديفة التابعة لإيران و(حزب الله) خلال السنوات الخمس الماضية في مناطق سيطرتها في محافظة حلب (ستنتهي) وسيعود الوضع إلى ما كان عليه أواخر عام 2019». أي قبل التهدئة التركية – الروسية عام 2020.

وأعلنت الفصائل المسلحة المعارضة في الشمال دخولها أول أحياء مدينة حلب والسيطرة على مركز البحوث العلمية في حي حلب الجديدة، وقالت وسائل إعلام داعمة للفصائل المسلحة إنها «سيطرت على أحياء حلب الجديدة والحمدانية، و3000 شقة غرب مدينة حلب، وباتت على بعد 2 كم عن وسط مدينة حلب».

لكن صحيفة «الوطن» السورية المقربة من الحكومة بدمشق نقلت في وقت سابق عن مصادر أهلية في حلب نفيها سيطرة الفصائل المسلحة المعارضة على بلدة المنصورة ومركز البحوث العلمية غرب حلب الجديدة بريف حلب الغربي

وسجل «المرصد السوري» مقتل نحو 254 شخصاً خلال الأيام الثلاثة منذ بدء هجوم «رد العدوان» الذي أطلقته الفصائل المسلحة غرب حلب، بينهم 24 مدنياً و 144 من «هيئة تحرير الشام» والفصائل الحليفة لها، ونحو 86 من القوات الحكومية والميليشيات الرديفة. مشيراً إلى أن القوات الحكومية تتركز في مدينة حلب فيما يتوزع على الجبهات في الريف الميليشيات الرديفة التابعة لإيران وإلى حد ما «حزب الله» الذي تقلص دوره بشكل كبير في شمال سوريا خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة.